ما تداعيات قرار واشنطن إعادة إدراج "الحوثيين" على قائمة الإرهاب؟
تاريخ النشر: 19th, January 2024 GMT
أعلنت إدارة الرئيس جو بايدن عن إعادة تصنيف جماعة "أنصار الله" الحوثية في اليمن كمنظمة إرهابية عالمية، وهو تصنيف خاص يأتي بعد إلغائه عام 2021.
وسبق أن وضعت الإدارة السابقة بقيادة الرئيس السابق دونالد ترامب الحوثيين على تلك القائمة خلال الأسابيع الأخيرة من ولايتها أواخر العام 2020.
ويعكس القرار الصادر في 17 يناير الجاري، تصاعد التوتر في الشرق الأوسط، واعتبار واشنطن المنظمة الحوثية "تهديداً دولياً".
وبحسب مستشار الأمن القومي الأمريكي جاك سوليفان، فإن هذا التصنيف سيسري خلال 30 يوماً، مما يتيح الوقت لتقليل آثاره السلبية على الشعب اليمني.
وأوضح أنه في حال توقف الحوثيين عن هجماتهم في البحر الأحمر، ستقوم الولايات المتحدة بمراجعة هذا التصنيف بهدف رفعه.
تداعيات القرار
وبحسب وزارة الخارجية الأمريكية، فإنه خلال فترة الأيام الثلاثين المقبلة وقبل دخول قرار إعادة تصنيف جماعة الحوثيين حيز التنفيذ، ستقوم الحكومة الأمريكية بتنظيم حملة واسعة النطاق للتواصل مع مقدمي المساعدات بهدف تيسير تقديم المساعدة الإنسانية وتسهيل عمليات الاستيراد التجاري للسلع الأساسية في اليمن، وذلك في سياق محاولة تقليل الآثار السلبية المحتملة على السكان اليمنيين نتيجة لهذا التصنيف الجديد.
من جانبه، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: إن "الحوثيين شنوا هجمات غير مسبوقة على السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وعلى القوات المتمركزة في المنطقة"، مضيفاً أن "واشنطن تريد أن يجبر هذا التصنيف الحوثيين على الابتعاد عن إيران".
وفي هذا السياق يقول رئيس مركز المخا للدراسات الاستراتيجية، عاتق جار الله، إن "واشنطن ضربت سمعتها ومصداقيتها في مسألة تصنيف الجماعات الإرهابية، وأثبتت أنها لا تمتلك أي معايير حقيقية وقانونية في هذه التصنيفات، بل الأمور تعود إلى المصالح الأمريكية والأهداف الخاصة التي تصنف من أجلها".
ويضيف لـموقع"الخليج أونلاين"، أن ذلك "لا يعني أن كل جماعة وضعتها الولايات المتحدة على قائمة الإرهاب إرهابية، لأن المعايير مختلة لدى الإدارة الأمريكية".
كما يبيّن جار الله أن "هناك كثيراً من التداعيات للقرار الذي فيه رغبة في التراجع، أي إن واشنطن وضعت احتمالية أنه في حال توقف الحوثيين عن استهداف الناقلات، فقد يتم رفعهم من التصنيف، لأن تصنيف الجماعة رُبط باستهدافها للسفن وليس بممارستها في اليمن".
ويعتقد أيضاً، أن "القرار ستكون له تداعيات أيضاً على مباحثات السلام بين الأطراف اليمنية، وعلى المحادثات بين الحوثيين والسعودية، كما أن الحوار سيتوقف في حال وضع الجماعة بقائمة الإرهاب، وهذا يعني أن الصراع في اليمن قد يمتد فترة أطول".
كما يلفت جار الله إلى أن "هناك آثاراً وتداعيات ستكون على المستوى الشعبي والحياة المعيشية لليمنيين، تتمثل في آثار اقتصادية سلبية، سواء بسبب التصنيف أو بسبب عمليات الحوثيين في البحر الأحمر أو الضربات الأمريكية على اليمن".
ويوضح أن ازدواجية المعايير لها أسباب عدة، منها "توغل اللوبي الصهيوني في أروقة القرارات الأمريكية والأممية، وكذلك سعي واشنطن إلى مصالحها دون مصالح الآخرين، فضلاً عن أن النظام العالمي يسمح بازدواجية المعايير، سواء مجلس الأمن أو القرارات في المنظمات الدولية".
ويعد تصنيف الحوثيين "منظمة إرهابية عالمية"، أقل حدة من التصنيف السابق الذي كان "منظمة إرهابية أجنبية"، إذ ينص التصنيف الجديد على تجميد جميع الأصول التابعة للأفراد أو الكيانات المدرجة في الولايات المتحدة، ويمنع الأمريكيين من المشاركة في أي معاملات مالية أو تجارية مع جماعة الحوثي.
في حين يعني تصنيف "منظمة إرهابية أجنبية" فرض حظر جنائي على تقديم الدعم المادي للجماعة، ودعمها بأي شكل مادي يعتبر جريمة، ويعاقب عليها بغرامات كبيرة والسجن داخل أمريكا.
الرد الحوثي
وفي المقابل ردت جماعة مليشيات الحوثي عبر المتحدث الرسمي باسمها، محمد عبد السلام، بأن القرار الأمريكي يأتي لأسباب سياسية، لكنه لن يثنيهم عن "دعمهم لفلسطين، بل زادهم تمسكاً بموقفهم من القضية".
وأشار عبد السلام خلال حديثه مع "الجزيرة نت" في 17 يناير الجاري، إلى أن العمليات "ستستمر لمنع السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل من المرور عبر البحر الأحمر والبحر العربي وباب المندب".
واعتبر المكتب السياسي لـ الحوثيين أن "التصنيف تضليل أمريكي ومحاولة فاشلة لتشويه سمعتنا وسمعة الشعب اليمني"، مشدداً على أن لا قيمة عملية للتصنيف الأمريكي، خاصةً أن واشنطن هي من تقف وراء معاناة اليمن.
لكن في المقابل اعتبرت الحكومة اليمنية، أن جماعة الحوثي المسلحة في اليمن لن تتراجع عن سلوكها إلا بضغط دولي، مشيرة إلى أن تصنيفهم من قبل واشنطن "جماعة إرهابية" يعد إحدى أدوات الضغط المناسبة.
وفي تصريح لموقع "العربية نت"، قال وزير الخارجية اليمني، أحمد عوض بن مبارك: إن تصنيف واشنطن للحوثيين "كياناً إرهابياً عالمياً يمثل أداة ضغط مناسبة تفرض عليهم إعادة النظر في سلوكها الإرهابي، ونبذ العنف، فضلاً عن القبول بالحلول السياسية لإحلال السلام في اليمن".
وأردف أن "الجماعة لن تقبل بحلول سلمية إلا حين تتعرض لضغوطات متزايدة تحجّم قوتها العسكرية، وتحد تمويلها الذي تتلقاه من النظام الإيراني".
كما اعتبر القرار الأمريكي الأخير "خطوة جادة لمساءلة مقاتلي الحوثي عن جرائمهم وانتهاكاتهم التي ما تزال تُرتكب بحق اليمنيين"، مضيفاً أنه "يُعرّف العالم بخطورة وتهديد المليشيات على أمن اليمن والمنطقة، والعالم".
ولفت إلى أن بلاده تدرك أهمية العمل بشكل وثيق مع واشنطن والمجتمع الدولي لضمان عدم تأثر الشعب اليمني بتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية.
ورأى أن "استمرار ارتهان الحوثيين لطهران، وتنفيذ عمليات تزعزع الأمن والاستقرار العالمي، وتهديد الملاحة في ممر دولي مهم مثل البحر الأحمر، فرضت تغيير الأولويات الدولية للتعامل مع هذه المليشيات المنفلتة"، حسب وصفه.
يقول الصحفي اليمني أحمد فوزي، إن "قرار تصنيف الحوثيين لم يكن مفاجئاً، خاصةً أن الولايات المتحدة استخدمت سياسة العصا والجزرة بعد أن أوصلت رسائل عن طريق سلطنة عمان بأنها على استعداد لحلحلة الملفات اليمنية العالقة بعملية السلام".
وفي حديثه ، يرى فوزي أن "القرار الأمريكي لن يؤثر على استمرار الحوثيين في عملياتهم ضد المصالح الصهيونية في البحر الأحمر، خاصة مع التأييد الكبير للعمليات، سواء داخل اليمن أو عربياً أو عالمياً، والذي يأتي بسبب التخاذل الرسمي والدولي والأممي عن وقف الحرب والعدوان على غزة".
وحول انعكاسات القرار والتوتر الحالي على المنطقة، يبيّن أن "كل السيناريوهات أصبحت حالياً مفتوحة لتوسع الحرب داخلياً وإقليمياً ودولياً، وستؤثر بشكل مباشر على عملية السلام بين الأطراف اليمنية".
كما يرى أن "ازدواجية الموقف تجاه التعامل مع الاحتلال الإسرائيلي من جهة ومع جماعة الحوثي من جهة أخرى، ليست أمراً غريباً"، لافتاً إلى "ازدواجية الموقف الأمريكي تجاه القضايا العربية والقضية الفلسطينية بالتحديد".
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
ابتزاز دولي في البحر الأحمر وتوسع نفوذ على وقع الصراع في غزة.. تحليل سفير بريطانيا السابق لدى اليمن لسلوك الحوثيين
يمن مونيتور/ مأرب/ خاص:
قال إدموند فيتون-براون، السفير البريطاني السابق لدى اليمن، إن الحرس الثوري الإيراني هو الجهة الأجنبية الأكثر نفوذاً في اليمن. من خلال علاقة التنظيم الإيراني مع جماعة الحوثي المسلحة.
وقال براون في لقاء مع برنامج بودكاست على مركز أبحاث ( BICOM) إن “شنّ الحوثيين حملتهم في البحر الأحمر ضد الملاحة فيه أواخر عام ٢٠٢٣ وبداية عام ٢٠٢٤، كان مبادرة حوثية. لم يفعلوا ذلك بناءً على تعليمات إيرانية، بل كانوا يفعلون شيئًا اعتبروه مفيدًا لهم، ولسمعتهم”.
وأضاف أن الحوثيين يستعرضون عضلاتهم ويُظهرون قدرتهم على ابتزاز المجتمع الدولي باستخدام منفذهم إلى البحر الأحمر. لافتاً إلى أن سلوك الحوثيين هذا جاء قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول. ويبدو أن الهجوم الإسرائيلي على غزة منحه القدرة على توسيع الابتزاز.
وبراون هو دبلوماسي بريطاني مخضرم وكان سفيراً للمملكة المتحدة لدى اليمن بين 2015-2017م.
وأضاف براون: سبق ان استخدم الحوثيون الهجمات في البحر الأحمر لتحقيق مكاسب وكان ذلك 07 أكتوبر. وبالتالي، لا يمكن القول إنه مرتبط مباشرةً بتضامن الحوثيين مع الفلسطينيين. على أي حال، مع مرور الوقت، ونشر إدارة بايدن، بدعم من الحكومة البريطانية، قوة بحرية في البحر الأحمر، تكبد الحوثيون خسائر فادحة، ليست كبيرة، بل دمار كبير في منشآتهم العسكرية.
وتابع: “ورغم أن الناس انتقدوا الرد الأمريكي الأولي باعتباره مُفرطًا في الحذر، وأعتقد أنه كان كذلك بالفعل، إلا أنه كان له بعض التأثير، وكان بيانًا قويًا جدًا للنوايا. وأعتقد أن الحوثيين حينها أدركوا ذلك، لكنهم استمروا ليُثبتوا مصداقيتهم في قولهم إنهم حقًا، كما تعلمون، أبطال القضية الفلسطينية ضد إسرائيل.”
مع ذلك يقول براون: كان عليهم بذل المزيد من الجهود لمهاجمة إسرائيل مباشرةً. وهكذا، بدأوا، مع مرور الوقت، يستخدمون الطائرات المسيرة والصواريخ لمحاولة اختراق الدفاعات الإسرائيلية وتوجيه ضربة إلى الأراضي الإسرائيلية. وقد فعلوا ذلك بالفعل في الماضي فلديهم خبرة في القيام بذلك ضد المملكة العربية السعودية خلال الحرب الأهلية، ولديهم خبرة في القيام بذلك ضد الإمارات العربية المتحدة.
لذلك يرى براون إن الحوثيين قالوا “لنرَ إن كنا نستطيع ضرب إسرائيل”. مضيفاً: من الواضح أن إسرائيل تتمتع بدفاع قوي جدًا، وقليل جدًا من هذه الهجمات ينجح. ولكن عندما ينجح، فمن الواضح أنه يُحدث اضطرابًا كبيرًا. وعندما يُكبد الإسرائيليون أي خسائر أو يُسببون اضطرابًا خطيرًا، فإنهم يشعرون حينها بالحاجة إلى الرد.
ولفت إلى دورة القصف التي تمت منذ منتصف مارس/آذار حتى مطلع مايو/أيار خلال ولاية ترامب الثانية. وقال: ثم جاء دونالد ترامب ليقول إن قواعد الاشتباك السابقة كانت غير كافية، وإن الولايات المتحدة لا ينبغي الاستهانة بها، وإن الحوثيين سيُدمرون إن لم يتوقفوا عن تهديد الملاحة الدولية في المياه الدولية. كما قال صراحةً إنه سيُحمّل إيران مسؤولية كل ما فعله الحوثيون، حتى يتوقع الإيرانيون أيضًا التعرض لهجوم عسكري إن استمروا في تسهيل ودعم هجمات الحوثيين على المجتمع الدولي.
منع الحوثيين من حشد القوات
وقال الدبلوماسي البريطاني السابق في اليمن “أعتقد أن أهم شيء حققته الحملة الأمريكية، والذي لم يتحدث عنه الناس كثيرًا، هو حقيقة أنها منعت الحوثيين من حشد القوات لإحراز تقدم في الحرب الأهلية، لأن الحرب الأهلية مستمرة في اليمن والهدف الحالي للحوثيين هو السيطرة على مدينة مأرب، ومدينة مأرب مهمة استراتيجيًا للغاية”.
وأضاف: مأرب مدينة كبيرة جدًا، وستفتح أيضًا الطريق أمام الحوثيين للتقدم شرقًا نحو حقول النفط اليمنية، وجنوبًا نحو خليج عدن أو ساحل المحيط الهندي. لذا، من المهم جدًا منع الحوثيين من الفوز في الحرب الأهلية. من المهم جدًا ألا ينجحوا في الاستيلاء على مأرب”.
وتابع: “وبالطبع، عندما شنّ الأمريكيون هذه الحملة الجوية الواسعة والعدوانية، أدرك الحوثيون أن قواتهم التي كانت تحشد للسيطرة على مأرب كانت في غاية الضعف، وأنهم قد يُسحقون تمامًا من الجو. لذا، اضطروا إلى التخلي عن حصار مأرب والتخلي عن الأعمال الهندسية التي كانوا يقومون بها لدعم هذا الحصار”.
لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *
التعليق *
الاسم *
البريد الإلكتروني *
الموقع الإلكتروني
احفظ اسمي، بريدي الإلكتروني، والموقع الإلكتروني في هذا المتصفح لاستخدامها المرة المقبلة في تعليقي.
Δ
شاهد أيضاً إغلاق أخبار محليةنحن اقوياء لاننا مع الحق وانتم مع الباطل...
محمد عبدالخالق سعيد محمد الوريد مدير بنك ترنس اتلنتيك فليوري...
قيق يا مسؤولي تعز تمخض الجمل فولد فأرة تبا لكم...
المتحاربة عفوًا...
من جهته، يُحمِّل الصحفي بلال المريري أطراف الحرب مسؤولية است...