هل يتسع صراع الشرق الأوسط أم يتقلص؟
تاريخ النشر: 23rd, January 2024 GMT
هناك ما يشبه فوضى التصريحات حول مستقبل الشرق الأوسط بعد حرب الطوفان، وقد صدرت تصريحات متناقضة من جهات كثيرة بما يكشف العجز عن اتخاذ قرار واضح بخصوص المستقبل القريب والحرب لا تزال تدور رحاها على الفلسطيني المنتصر رغم الألم. هل يملك طرف واحد القدرة على إنهاء الصراع؟ أم أن أطرافا كثيرة تود له أن يتسع ليحقق مكاسب لا تبدو لمن يراقب الوضع غير واضحة بحيث يجزم برأي نهائي حول المستقبل؟ والسؤال الخفي من خلف كل الأسئلة: هل من مصلحة المقاومة أن يتسع الصراع؟
الأمريكي والصهيوني حائران
لا يخفي الأمريكي سعيه إلى إنهاء الصراع بشروطه، أي أن يخرج منتصرا ويحفظ وجود حليفه المحلي من اندثار بات وشيكا أو ممكنا، لكن المعطيات على الأرض لا تخدم رغبته، لذلك يقدم إعلانات سلمية للمنطقة ولحلفاء ثانويين هم بلدان خط التطبيع العربي (ولم يبق نظام عربي خارج هذا الخط في الواقع)، في ذات الوقت يرفد حليفه بذخيرة كافية لحرب طويلة، وقد دعمته في ذلك دون حساب بلدان غربية.
إدارة بايدن ذاهبة إلى خسارة انتخابية قريبة، والخسارة الأكبر من خسارة حزبية (داخلية) هي أن خط التطبيع العربي الذي أُنفقت فيه جهود وأموال كثيرة وعلى فترة طويلة جدا (مكسب استراتيجي) يوشك أن ينكسر انكسارا غير قابل للجبر، والحلفاء الذين تم اصطناعهم بالوعد والوعيد يرون الحريق يقترب من غرف نومهم ولا أحد قادر فعلا على توقع شرارة أولى تنطلق من مكان ما، وكل يوم في غزة المجاهدة يقرب هذه الشرارة من جلابيب الجميع.
حيرة الأمريكي تزداد حدة عندما يجد حليفه يخسر على الأرض ويغرق، وكيانه يتمزق من الداخل ولا يمكنه أن يفرض عليه حلولا تنقذه من نفسه. كيف ينتصر الأمريكي وينهي الصراع على كيفه؟ الأكيد البيّن أن هذه الحرب مما لم يعتد عليها ولم يفلح في قراءة مآلاتها، ولا نظنه إلا يتذكر انسحابه مدحورا من أفغانستان بعد طول عناء ومكابدة.
حزام التطبيع انهزم مرتين
أعني بحزام التطبيع كل الأنظمة العربية حتى التي فصلتها الجغرافيا عن فلسطين المحتلة مثل المغرب. وهم مطبعون بدرجات في انتظار التطبيع الكامل الذي يراودهم عليه الكيان ليحفظ عروشهم، أو يهددهم بألف مؤامرة من داخل قصورهم وهم أدرى بهوانهم وضعفهم.
هذا الحزام كان يمنّي النفس بسلام دائم مع الكيان على حساب الحق الفلسطيني لينتقل إلى مرحلة التمتع بالسلطة، لكن حرب الطوفان أفسدت عليهم أمرهم فانقطع ما كانوا يؤمّلون وهذه الهزيمة الأولى، وهم يستيقنون مع كل يوم من أيام غزة أنهم يبتعدون عن أحلامهم وهذه الهزيمة الثانية.
هذا الحزام يرغب قبل غيره في إيقاف الحرب وحفظ كيان العدو، وهو يرى تردد الأمريكي وينصح له بالاستعجال لكنه لا يتنبه إلى أنه لم يكن أبدا فاعلا بل مفعولا به. لكن الفاعل هذه المرة هو المقاوم الفلسطيني، إذ يضرب العدو في مقتل فينهزم حزام التطبيع وإن لم يطلق رصاصة.
سقط مشروع صفقة القرن الذي كان سيضمن لدول الطوق أولا ثم بقية مكونات الحزام فترة سلام طويلة، وسقط طريق الحرير الثاني أو طريق قناة بن غريون، وظهر احتمال غزة المستقلة كلقمة في زورهم ولن يفلحوا في بلعها ولو شربوا عليها خمور الأرض. ماذا سيبقي لهم وهم يعرضون التطبيع مع كيان لم يعد يملك ركبتين للوقوف عليهما؟ إنهم يرون شعوبهم تتربص بهم ولو لم يُسمع صوتها لفرط القمع، إننا نرى اليقين الأقرب إلى قلوبهم الواجفة بأنهم منهزمون في غزة التي يحاصرون ويشنون عليها حرب الجوع والعطش، وهذه وحدها كافية لتنتقم منهم شعوبهم المغلولة. يخاف الأمريكي على وجودهم، فهم استثمار سابق وغير مكلف، لكنهم لم يعودوا أولوية وستترفع كلفتهم على حاميهم، ووحده القمع العاري لشعوبهم هو ما بقي لهم، وهذا سلاح يرتد على مطلقه ولو بعد حين.
جبهة الممانعة تخفى خطتها
وهذا من حسن ظننا بها ولكننا لا نظفر بيقين حول مشروعها، فالتوجه إلى مناوشة في باكستان ظهر لنا بمثابة ضربة في الماء، فغزة والأرض المحتلة (الجولان خاصة) في الاتجاه المعاكس جغرافيا، وستظل تلك المناورة غير مفهومة حتى نعثر على مفسرين أعلم من ابن سيرين وسيجموند فرويد.
يحقق اليمني مكاسب للفلسطيني المقاوم، إنه يزعج العدو لكنه لا يعطل مشروعه الحربي. وظهر لنا حزب الله أعقل مما كنا نأمل أو نتوقع، بما يكشف أن له أجندته الخاصة التي وإن أعانت الفلسطيني إلا أنها لم تقلب المعركة لصالحه، لذلك نجد جبهة الممانعة متحفظة (وهو تعبير نفضله على القول إنها تستثمر لغير صالح الفلسطيني)، وهذه الأجندة هي أجندة إيرانية خالصة وإن تخفت وراء فلسطين.
هل ترغب إيران في إدامة الحرب لتجر الأمريكي بطريقتها "الشطرنجية" لاستنزاف طويل؟ هذا محتمل، ولكن هل يملك الفلسطيني رفاه إدامة الحرب ليكون في حرب استنزاف غير معلومة النهاية وقد قطع عنه المدد؟ قرأنا لكثيرين مما يرون أنفسهم في الممانعة أن كل ما يجري مرتب مع المقاومة في الداخل، لكننا لم نسلم بذلك ربما لأننا لا نفهم في الشطرنج، وسنظل ننظر بعين فاحصة لاختلاف الأجندات فقد كثرت فيها عبارة "الرد في الوقت والمكان المناسبين".
الثمن البشري قاس جدا في غزة، والمقاومة رغم الضربات الموجعة التي تُكبدها للعدو في حاجة إلى مناورة عبقرية تكمل النصر العسكري ولا تكون فيها هزيمة، لكنها في وضع الجالس على صدر عدوه إذا قام عنه غدر به وهي طبيعته، لذلك لم يبق لها الا إدامة المعركة وانتظار صريخ العدو. هي الآن في أمسِّ الحاجة إلى وحدة الساحات وهذا أمر لا تحكمه.
يبقى لنا توقع أن من صمد أربعة أشهر يمكنه انتظار صرخة العدو الأخيرة، ونظنها باتت قريبة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المقاومة غزة إسرائيل امريكا غزة المقاومة الاستبداد مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
الشرق الأوسط يترقب قرار “أبو صهيب” .. من هو؟
#سواليف
ذكرت صحيفة نيويورك تايمز نقلا عن مصادر استخباراتية في #الشرق_الأوسط ومسؤولين إسرائيليين أن #عزالدين_الحداد ( #أبو_صهيب ) يتولى حاليا قيادة ” #كتائب_القسام” في قطاع #غزة.
وأكد المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، العميد إيفي ديفرين، أن الحداد يشغل حاليا موقع القيادة الفعلية لـ”القسام” وحركة حماس بشكل عام في غزة.
وبحسب مصادر أمنية، شارك الحداد، وهو في منتصف الخمسينيات من عمره، في التخطيط لهجوم ” #طوفان_الأقصى ” في السابع من أكتوبر 2023، والذي أسفر عن مقتل نحو 1200 إسرائيلي، وأسر قرابة 250 آخرين بينهم جنود. فيما قتل أكثر من 883 جنديا إسرائيليا منذ بدء الهجوم على القطاع. وتشير التقديرات إلى أن الحداد يعارض أي اتفاق يتضمن الإفراج الكامل عن الأسرى الإسرائيليين دون وقف شامل للحرب وانسحاب القوات الإسرائيلية من القطاع.
مقالات ذات صلةكما يشير صعود عز الدين الحداد في هرم القيادة داخل حركة حماس إلى أن الحركة ستتشبث بموقفها الرافض لإطلاق سراح جميع الأسرى دون وقف كامل للحرب. فالعقبة الأساسية أمام التوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل، كانت ولا تزال، مسألة ديمومة وقف إطلاق النار.
وبينما تضغط الولايات المتحدة من أجل التوصل إلى اتفاق تهدئة، فإن القرار النهائي بيد عز الدين الحداد، ويعتقد أن الحداد يعارض بشدة جهود إزاحة حماس من السلطة، ما يشير إلى أنه قد يعرقل أي محاولة للإفراج عن جميع #الأسرى المتبقين ما لم يتوقف القتال بالكامل ويتم سحب القوات الإسرائيلية من غزة.
وقال ميخائيل ميلشتاين، ضابط استخبارات إسرائيلي سابق مختص بالشأن الفلسطيني: “لديه نفس الخطوط الحمراء التي كانت لدى من سبقوه”. ويعتقد أن الحداد يتخذ من غزة مقرا لقيادته، وقد صرح في الأسابيع الأخيرة أنه لن يقبل إلا بـ”اتفاق مشرف” لإنهاء الحرب، وإلا فإنها ستتحول إلى “حرب تحرير أو حرب استشهاد”.
الحداد، المعروف بلقب “أبو صهيب”، يعد من القادة البارزين في الحركة، وكان يشغل منصب قائد منطقة غزة في الجناح العسكري. وهو واحد من آخر من تبقى من أعضاء المجلس العسكري الأعلى لحماس الذي أشرف على الهجوم في 7 أكتوبر.
وذكرت وزارة الصحة في غزة أن نجل الحداد الأكبر، صهيب، قتل خلال الحرب، كما أعلن جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) في أبريل مقتل محمود أبو حسيرة، الذي وصف بأنه من أقرب مساعدي الحداد.
وفي مقابلة نادرة بثتها قناة “الجزيرة”، ظهر الحداد متحدثا باسم الحركة، مشيرا إلى أن حماس لن تقبل بأي تسوية لا تشمل وقف الحرب، وسحب القوات الإسرائيلية، والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين، ورفع الحصار المفروض على غزة، والسماح ببدء عملية إعادة الإعمار.
وبحسب المسؤولين، يتحدث الحداد العبرية بطلاقة، ويعتقد أنه قضى بعض الوقت مع الإسرى المحتجزين في شمال غزة.
وفي ظل تفاقم الأزمة الإنسانية في القطاع، حيث تجاوز عدد القتلى 56 ألفا بحسب وزارة الصحة في غزة، وتدهورت الأوضاع المعيشية بشكل كبير، كثفت الولايات المتحدة في الأيام الأخيرة جهودها لدفع الأطراف إلى قبول مقترح هدنة مبدئية لمدة 60 يوما، تستأنف خلالها المفاوضات بشأن تسوية دائمة. ولم تعلن حماس حتى الآن موقفا نهائيا من المقترح، فيما يواصل الوسطاء مساعيهم لتقريب وجهات النظر بين الطرفين.