تفاعلا مع خرجة وزير العدل عبد اللطيف وهبي، التي اعتبرها خرجة في غير محلها، كان لابد من توضيح وتذكير بماهية مهنة التوثيق العدلي وبعد ذلك لابد من خلاصة هي رسالة موجهة للوزير، و هذا نص مداخلتي لهذا المسؤول الحكومي:
تُعتبر مهنة العدول “التوثيق العدلي” دعامة في استقرار الأمن التعاقدي و الأسري ومساهمة في التنمية بشكلها العام، فهي مهنة ضاربة الجذور في التاريخ عمرها يزيد عن قرن وعشر سنوات مهنة مجاهدة و مقاومة ومناضلة ومجددة ومسايرة لكل تطورات الحياة المعيشية للمواطن المغربي ومعه المواطن الأجنبي الذي يبرم تعاقدات مع مواطنين مغاربة.


لقد عاشت مهنة العدول وستعيش حاملة لمشعل التطور وما تحمله من أصول تحتوي على حل للقضايا المستجدة المطروحة بفضل ممارسيها الذين تتنوع مشاربهم العلمية الأكاديمية من شعب جامعية تمنح الحيوية لهذه المهنة الشريفة.
إن السادة العدول يسدون النصح ويقدمون الاستشارات القانونية بالمجان، ويساهمون في تماسك الأسرة من خلال الانصات الجيد والوساطة والصلح بين الأزواج تفاديا لأي تفكك أسري وتبعاته المجتمعية، كما يساهم العدول في جباية أموال خزينة الدولة ويساهمون أيضا في استقرار الأمن التعاقدي و الأسري وفي تسهيل التجمع العائلي بما ينجزونه من وثائق وما ينتج عن ذلك من استقرار لمغاربة العالم الذين يضخون في ميزانية الدولة مبالغ مالية مهمة من العملة الصعبة ويسهمون في الاستثمار داخل الوطن الأم وتنمية مشاريع اجتماعية عن طريق المساعدات العينية والمالية التي تحصل عليها الجمعيات داخل الوطن.
للأسف لم تعرف مهنة التوثيق العدلي انصافا وعدلا وإنما عاشت “حكرة” وتهميشا وتقزيما ممنهجا لمهام السادة العدول الذين يناضلون من أجل تحقيق مطالب مشروعة يخولها لهم القانون.
ومن أبرز هذه المطالب عدم التمييز في حقهم وهو ما يمنعه دستور المملكة وكل المواثيق الدولية، كما يطالب السادة العدول لإيقاف الريع الممنوح لغيرهم ويلفتون نظر المشرع لأخطاء وجب تصحيحها ومن ذلك الحرمان من حقهم في ايداع ودائع المتعاقدين بصندوق الإيداع والتدبير الذي يعتبر آلية فقط لا تتطلب سوى التنصيص عليه في قانون المهنة المرتقب تعديله بإذن الله.
لقد ضجر السادة العدول من التسويف ومن اللقاءات التي يبدو أنها كانت مجرد مسرحيات يسعى مخرجوها إلى تقديم صورة بأنهم يفتحون حوارات جدية و مسؤولة مع المهنيين ويحترمون ما تم الاتفاق عليه من خلال محاضر مكتوبة و رسمية.
لقد تم ضرب عرض الحائط بكل الاتفاقات بالتصريحات الأخيرة للوزير المذكور، وهو ما كان وراء اعلان السادة العدول رجالا ونساء شن اضراب وطني لمدة أسبوع سيتم فيه الامتناع عن تلقي الشهادات.
وفي حالة عدم الاستجابة لمطالب العدول وفتح باب الحوار معهم فقد يتطور الأمر إلى اعلان خوض اضراب مفتوح مرفق بتنظيم أشكالا نضالية أخرى من قبيل الوقفات والندوات والاحتجاجات وفق ما يسمح به القانون.
السيد الوزير عبد اللطيف وهبي وأنت المحام وحامل حقيبة العدل وأنت الذي تدافع عن حقوق الانسان والوطن في المنتديات العالمية والتي كان آخرها بسويسرا جنيف، دعني أطرح عليك هذا السؤال : هل إذا تدخل أحد خصوم وحدتنا الترابية أمامك فيما أنت لديك الحج الدامغة على مغربية الصحراء، فهل سيكون جوابك على غرار ما أجبت به في الجلسة الأسئلة الشفوية الثلاثاء الماضي بمجلس المستشارين، في معرض جوابك على سؤال حول مشروع قانون مهنة العدول أم أنك ستزبد و ترغي وتدافع عن القضية بما لديك من أدلة قاطعة وحجج دامغة؟
السيد الوزير، إن السادة العدول يذكرونك باستمرارية المرفق العمومي ويذكرونك بواجب احترام الوثيقة الدستورية واحترام محاضر الاتفاق والدفاع عن حقوقهم المضمونة بنص المادة 19 من دستور المملكة.
السيد الوزير وبلادنا تحتفل بمرور عشرين سنة على احداث هيئة الانصاف والمصالحة والتي شكلت محطة لتصحيح الأخطاء، أتمنى أن يتم تصحيح الأخطاء في حق مهنة العدول. وأتمنى التقاط هذه الإشارة لأن الوضعية الحالية التي يمر منها المغرب لاتحتمل المزيد من الاحتقان، فعُدْ إلى الصواب وساهم في خلق مجتمع متماسك و متضامن الجميع في مسيس الحاجة لذلك .
ومن نافلة القول تذكيركم وتذكير ممثلي الأمة في البرمان بكون السادة العدول مواطنين يعشقون وطنهم وساهموا وما زالوا يساهمون في تماسكه واستقراره وكل مطالبهم أن ينعموا بأمن قانوني عبر سن قانون منصف يحفظ لهم كرامتهم ويضمن لهم عيشا يليق بوضعهم الاعتباري داخل وطنهم الذي يريدونه وطنا آمنا مستقرا تسود فيه قيم الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية.
رئيس سابق للمجلس الجهوي لعدول استئنافية الرباط وكاتب عام سابق للنقابة الوطنية لعدول المغرب

المصدر: اليوم 24

إقرأ أيضاً:

«سماحة الأديان وتقبل الآخر» في ندوة توعوية بطب أسنان طنطا

شاركت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر الشريف بالغربية، برئاسة الدكتور سيف رجب قزامل، رئيس فرع المنظمة بالغربية فعاليات الندوة التوعوية التي اقامتها كلية طب الأسنان بجامعة طنطا بعنوان "سماحة الأديان وتقبل الآخر".

وذلك في إطار الحملات التوعوية لجامعة طنطا بإشراف الدكتور محمود ذكى، رئيس جامعة طنطا، والدكتور محمود سليم نائب رئيس الجامعة لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، و الدكتورة فاتن أبوطالب عميدة كلية طب الأسنان، الدكتورة كريمان السوداني وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة.

حاضر بالندوة الدكتورة بديعة الطملاوي، أستاذ الفقه المقارن والعميد الأسبق لكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات بالإسكندرية، والدكتور حسن عيد مدرس الفقه المقارن بشريعة طنطا عضو خريجى الأزهر فرع الغربية.

وأشارت الدكتورة بديعه الطملاوي، إلي أن أن التعايش السلمي ضرورة حياتية لايستغني عنها الناس في أي زمان ومكان، فقد شاء الله أن تكون التعددية من السنن الثابته، وقد أراد الله تعالى أن تتعدد الأديان وأن يتعايش الناس بالأمن والاستقرار بعيدًا عن ثقافة الكراهية والتعصب والتطرف، التي قد تؤدي إلى جرائم الاعتداء على النفس بلاجريرة اوذنب ارتكبته سوي نهج الوحشية.

وسوءالفهم والعنصرية البغيضة، ولقد تميز الإسلام برفضه فلسفة الصراع والبقاء الأقوى حتى لايصرع القوي الضعيف وتسود حياة الغابة، ولايتحقق الاختلاف الذي هو سنة كونية قال تعالى"لاتَستَوِي الحَسَنةُ ولاَ السّيِئةُ ادفَعْ بِالَّتىِ هِىَ أَحْسَنُ فَإِذَا الذي بَيْنَكَ وبَيَنَهُ عَدَاوَةُ كَأَنهُ وَليُّ حَمِيم"، والإسلام لايريد الصراع الذي ينفى الآخر أوينفي وجوده وإنما تدعيم التعايش والأخوة واحترام الآخر ونشر الرحمة والمحبة بما يخدم رسالة الإنسان في التمكين في الأرض وإعمارها على أسس إيمانية وتوحيدية، واستخدام أدوات الحضارة والعلم من أجل تحقيق هذه الرسالة النبيلة.

لافتة إلى أن الإسلام قرر الحرية الدينية التي تحترم إنسانية الإنسان وعقله الذي ميزة الله به قال تعالي"لآإِكْرَاه فىِ الدّينِ"، وعن النبي صلى الله عليه وسلم "من قتل معاهدًا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها تُوجد من مسيرة أربعين عامًا"، وفي عهد الفتوحات الإسلامية لم يُمنع يهوديًا أونصرانيًا من أداء شعائر دينه اواكره على تركه، وهذه ليست سماحة فحسب بل هي تعاليم الدين الحنيف وثقافة التعددية والإنسانية القويمة التي تبني المجتمعات على أساس من الحرية والعدالة والمساواة وعبادة الله وتقواه والإرتقاء بالإنسانية جمعاء، والإسلام كرم الإنسان لإنسانيته وليس لدينه اومذهبه أولونه.

وذلك لأنه مسؤول في نظر الإسلام وله دور حيوي في أسرته مجتمعه ووطنه، وتعد عملية تربية الضمير والوعي المسؤوليات هي أساس الإصلاح في الحياة وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في قولة"قل آمنت بالله، ثم استقم" فقد جمع النبي بين الاعتقاد القلبي والسلوك العملي في فهم الدين والتعامل مع الناس بحيث يعيش المرء حالة من الرقابة الذاتية التي تقوده الي معاني الإحسان.

وفي كلمته أشارالدكتور حسن عيد، إلى أن تعاليم الإسلام السمحة ترسخ ثقافة التعايش السلمي في ظل تعددية دينية، ولقد اتسه المجتمع الإسلامي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده على مر العصور الإسلامية لجميع الأديان، وكفل عمليًا حرية الإنسان غير المسلم في ممارسة شعائر دينه.

مُؤكدًا على عمق الصلات الاجتماعية والثقافية والفكرية وغيرها بين المسلمين وغيرهم من أرباب الملل ليتعايش الناس في سلام وأمان واستقرار وتعاون وتعارف وإشاعة الخير وترسيخ السلام حتى أنه لم يجعل المخالفة في الدين سببًا من أسباب العدوان والبغى ونرى ذلك جليًا في قولة"لَّايَنهاكُمُ الَّلهُ عَن الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلوكُم في الدّيِن ولَمّ يُخْرِجُوكُم مّن دِياَركُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُواْ إِليِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ"، ولم يكن الإسلام سبيلًا لقتل الناس أيا كان دينهم اومذهبهم، أوفكرهم، أوترويعهم واستحلال ودمائهم أموالهم وأعراضهم.

مقالات مشابهة

  • وزير الدفاع الفرنسي: التواصل مع روسيا حول "كروكوس" يعتبر مثالا للشراكة رغم الخلافات
  • الدفاع الأمريكية تكشف تفاصيل إصلاح رصيف غزة العائم.. متى يعود للعمل؟
  • دراسة: عمل الأم في المنزل يعادل وظيفة بدوام كامل
  • الصرخة سلاح المرحلة الفعال في وجه المستكبرين
  • البنتاغون: إصلاح رصيف غزة المؤقت سيستغرق نحو أسبوع
  • الدلال.. مهنة يمنية قديمة تقاوم الانقراض في ريف تعز!
  • مؤتمر تقدم وتساؤلات مشروعة
  • تحليل: ضعيف ومجزأ ومطارَد.. إصلاح اليمن يتشبث بأحلام الخلافة من تركيا
  • «سماحة الأديان وتقبل الآخر» في ندوة توعوية بطب أسنان طنطا
  • كل ما لا تعرفه| لائحة مزاولة مهنة الهندسة.. الأساس الذي يضمن الجودة والاحترافية