ربما لم يشهد تاريخ مصر الطويل مثل هذا الاهتمام الموجود اليوم لدى عامة الناس بأمور الاقتصاد، وسعر الصرف، ومعدلات التضخم، والسياسات المالية والنقدية المختلفة، وغيرها من المصطلحات التي لم يألفها العامة كثيرًا قبل عقود أو حتى سنوات. اليوم يتحدث الجميع في أمور الاقتصاد ويتابعون أسعار العملات الأجنبية والذهب لحظة بلحظة، وهو ما يعكس إحساس هؤلاء بالقلق على المستقبل وأن الأزمة قد طالت ولابد لها من حلول ناجزة.
من هنا جاءت دعوة الرئيس منذ أيام لعقد حوار وطني اقتصادي يرتكز على سبل الخروج من أزمتنا الحالية والمتمثلة أولًا في نقص شديد للعملات الأجنبية بفعل عوامل اقتصادية وسياسية عديدة تراكمت معًا في توقيت واحد لتزيد من حجم الأزمة وتجعل الكل أمام مسئولية عظيمة اليوم وهي إنقاذ الاقتصاد المصري والتفكير في حلول خارج الصندوق لتوفير العملات اللازمة للاستيراد وسداد الدين الخارجي. يبدو أننا امام لحظة فارقة بالفعل وعلى الجميع اليوم إخلاص العمل، وسرعة التفكير في حلول عاجلة، ووضع خطط قصيرة الأجل تمنح الاقتصاد المصري بعضَ القوة، وتُشعر المواطن بأن هناك تحسنًا ولو بطيئًا قادمًا قريبًا خاصة مع وصول أسعار السلع والخدمات التي تُقدَّم له إلى مستويات مرتفعة بسبب مستوى سعر الصرف المبالَغ فيه وزيادة معدلات التضخم. على الحكومة الحالية أو مَن تخلفها مستقبلًا أن يكون اهتمامها الأول هو الاقتصاد ولا شىء سواه، فهذا هو المقوِّم الأساسي لحياة الناس ثم تأتي خطط التنمية طويلة ومتوسطة المدى في المقام التالي لتستمر الدولة المصرية في طريقها نحو البناء والبقاء. على الحكومة اليوم تقع مسئولية مراقبة الأسواق بشكل صارم، حتى لا يقعَ الناس فريسةً لجشع بعض التجار وتختفي أو تقل عمليات المضاربة والاحتكار وإخفاء السلع، وتلك الفوضى التي عمَّت بعضَ أسواقنا لغياب الرقابة والعقاب. على رجال أعمال مصر أيضًا أن يمدوا يدَ العون بمشروعات وأفكار سريعة الأثر تعمل على توفير السلع بشكل مخفض أو بهامش ربح بسيط، فطالما أثرى هؤلاء من السوق المصري وقت الرخاء وجاء أوان رد بعض الجميل لهذا الشعب وذاك الوطن. على الناس أيضًا أن يقتصدوا في إنفاقهم قدر الإمكان، وأن تُوجَّه كل ميزانيات البيت المصري حاليًّا نحو الأساسيات الضرورية فقط لحين عبور تلك الأزمة والوصول إلى مرحلة تسمح ببعض الرفاهيات والإنفاق الزائد.كما يجب أن تلتزم الحكومة بكل وزاراتها ومؤسساتها بدرجة عالية من ترشيد الإنفاق ووقف أي أعمال أو فعاليات يمكن تأجيلها ولو مؤقتًا، حتى تمر تلك الأيام ويتعافى الاقتصاد الوطني. ويبقى على أهل مصر الطيبين المقيمين خارج الحدود أن يدعموا الوطن كما كان عهدنا بهم طويلًا بتحويل جزء من مدخراتهم للداخل، حتى يتسنى لنا أن نستمر في الوفاء بالالتزامات الداخلية والخارجية.. لا صوت يعلو فوق صوت الاقتصاد، فلنُحسنِ العمل لعلنا ننجو جميعًا وترسو سفينتُنا على بر الأمان.
المصدر: الأسبوع
إقرأ أيضاً:
الأتربي: إلغاء بعض الشهادات الدولارية يعكس تعافي الاقتصاد المصري
أكد محمد الأتربي، الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري، أن قرار إلغاء بعض الشهادات الدولارية جاء نتيجة مباشرة لانخفاض أسعار الفائدة على المستوى العالمي، وهو ما يعكس تحسناً ملحوظاً في الثقة بالاقتصاد المصري وتراجع الحاجة إلى أدوات استثنائية لجذب العملة الأجنبية.

رسميا الآن| مفاجأة في سعر الدولار بعد قرار البنك المركزي

البنك المركزي المصري يخفض الفائدة.. خطوة لإنعاش
الاقتصاد وكسب ثقة المستثمرين
وأوضح الأتربي، في تصريحات تلفزيونية، أن التحسن الأخير في سعر صرف الجنيه أمام الدولار مدفوع بارتفاع إيرادات قطاع السياحة وزيادة تحويلات المصريين في الخارج، ما أسهم في تعزيز الموارد الدولارية للدولة واستقرار سوق الصرف.
وأضاف أن السياسة المالية للدولة تسير في المسار الصحيح، مشيراً إلى أن البنك المركزي يواصل ضبط أسعار الفائدة بما يتماشى مع مؤشرات الاقتصاد الكلي الإيجابية.
ولفت إلى أن التراجع في أسعار الفائدة يصب في مصلحة المستثمرين والمقترضين على حد سواء، في ظل انخفاض معدلات التضخم واستقرار التوجهات النقدية.

طباعة شارك الشهادات الدولارية الاقتصاد المصري العملة الأجنبية أسعار الفائدة