هل يصنع تاريخ جديد في امريكا ؟!
تاريخ النشر: 30th, January 2024 GMT
اتابع منذ تفجّر الأزمة الجديدة بين وواشنطن وولاية تكساس تطورات المشهد ، وللأمانة تواصل معي العديد من المهتمين بالشأن الأمريكي من السودانيين وغيرهم ، للسؤال عن التوقعات حول الأمر خاصة بعد مقالة نائب رئيس مجلس الامن القومي الروسي ، ورئيس الوزراء السابق والرئيس الأسبق لروسيا دميتري ميدفيديف ، التي أثارت التساؤلات حول حقيقة هذه الأزمة واحتمالية تطورها ،
وبصدق كنت ردي عليهم ان ما كتبه السياسي الروسي هو تعبير عن رغائب الساخطين على امريكا حول العالم وأظنهم غالبية !! ، وان الاستابلِشمنت الأمريكية ستحتوي الأمر بسرعة ، كما حدث عدة مرات مع تكساس في محاولاتها المتعددة للانفصال !! فلطالما اعتبرتها دعوات سياسية تستخدمها النخبة في صراعاتها مع المركز ،
لكن وبعد مقالات لكتاب ومحللين سياسين حول العالم نشرت خلال امس واليوم ، إضافة إلى محتوى التايم لاين الأمريكي اليوم على منصات التواصل الاجتماعي ،خاصة تويتر ، وضح لي جليّاً ان التعقيدات الداخلية الأمريكية اكبر مما تصورنا ، وان هناك حالة انقسام عميق متعدد الابعاد فهو ثقافي واجتماعي وسياسي وان مسالة انفجاره مسألة وقت وهذا ما قاله المستشرف والمفكر الأمريكي الراحل الفن توفلر في ثمانينات القرن الماضي وقاله بعده المستشرف والمفكر النرويجي يوهان غالتونغ .
كان المحتوى الأمريكي على تويتر يعبر عن حالة غضب شعبي وصدمة ، كانت هناك تغريدات عديدة لكتاب وفاعلين مؤثرين من الإعلامين البارزين تتحدث عن احتمال قيام حرب أهلية، وحديث جدي من ” البعض ” عن ان هذه الحرب ربما يكون مخطط لها من الدولة العميقة في امريكا للحيلولة دون قيام الانتخابات القادمة في ظل فشلهم في منع ترامب من خوضها !!
هوليود ليست مجرد موسسة لصناعة الترفيه ، لكنها ظلت منصة لصناعة التغيير الاجتماعي والسلوكي والأخلاقي ، وما زالت وسيلة مهمة للتمهيد او التبشير بالتحولات والتغيرات المتوقعة ، فكم من اختراع او تحولٍ ما كانت بدايته فيلم او مسلسل في هوليود . وهوليود هذه انتج فيها فيلم ضخم سيعرض بعد شهرين الفيلم اسمه Civil War ..الحرب الاهلية، يتناول اندلاع حرب اهلية بعد تمرد 12 ولاية أمريكية على الحكومة الفيدرالية بقيادة تكساس!! الهاشتاق الترند اليوم في تكساس هو . Texit#
ويدعو لانفصال تكساس
ان ما يجري في الولايات المتحدة مهم للعالم كله ، فإذا عطست امريكا اصيب العالم بالزكام !!
سناء حمد
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
الفأرة التي في أيدينا.. كيف كانت وكيف أصبحت؟
#سواليف
يصعب اليوم تخيل عالم #الحواسيب دون ذلك الرفيق الصامت الذي يلازم أيدينا، ينقل نوايانا إلى الشاشة بنقرة أو سحبة بسيطة في دقة متناهية.
إنها #الفأرة، ذلك الجهاز المتواضع الذي حول التفاعل مع الآلة من مهمة معقدة محصورة بالمختصين إلى حركة بسيطة في متناول الجميع. لم تكن رحلتها من فكرة ثورية في رأس مخترع إلى قطعة أساسية على ملايين المكاتب مضمونة أو مباشرة، بل هي قصة إبداع ورؤية مستقبلية وصبر طويل.
في أوائل ستينيات القرن الماضي، كان الحاسوب عملاقا غامضا يتواصل معه المستخدمون عبر لغة غريبة من الأوامر النصية. كان على الشخص أن يكون مبرمجا ليأمر الآلة بتنفيذ ما يريد.
مقالات ذات صلةفي هذا الجو، تخيل المهندس الأمريكي #دوغلاس_إنجلبارت مستقبلا مختلفا تماما، يتعاون فيه البشر والحواسيب بطريقة طبيعية، بصرية، وبديهية. سعى إلى كسر الحاجز بين الإنسان والآلة، وولدت من هذا الحلم فكرة جهاز تتبع حركة اليد.
في اليوم التاسع من ديسمبر عام 1964، تحول الحلم إلى قطعة خشب ملموسة. جنبا إلى جنب مع زميله بيل إنجلش، أنتج إنجلبارت أول نموذج عامل لما نسميه اليوم الفأرة. لم تكن أنيقة، بل كانت صندوقا خشبيا مستطيلا متواضعا، به عجلتان متعامدتان في أسفله، واحدة لتتبع الحركة الأفقية، والأخرى للرأسية.
في أعلى الصندوق، زر واحد فقط. كان كابلها المتدلي هو ما أوحى فيما بعد بتسميتها “فأرة” بشكل غير رسمي، إذ ذكر العاملون في المختبر بأنها تشبه هذا القارض بجسمه وذيله الطويل.
لم يكن الصندوق الخشبي مجرد جهاز غريب، بل كان نافذة على فلسفة جديدة. أراد إنجلبارت واجهة رسومية، وطريقة للإشارة والنقر بدل الكتابة. وجاءت لحظة الانطلاق الكبرى في عرضه الشهير عام 1968، الذي أطلق عليه لاحقا “أم كل العروض التوضيحية”.
أمام جمهور مذهول، استخدم إنجلبارت فأرته لتقديم مفاهيم ستبدو مستقبلية لعقود، نافذة رسومية، تحرير نصوص بالنقر والسحب، روابط تشعبية تنقل المستخدم بين النصوص، وحتى مكالمة فيديو مشاركة مع زميل بعيد.
كان هذا العرض أول ظهور علني لوعد الحوسبة الشخصية الحديثة، وكانت الفأرة هي العصا السحرية التي قادت هذه العملية الثورية. مع ذلك، وبعد كل هذا البريق، سقط الاختراع في صمت طويل.
العالم لم يكن جاهزا بعد. ظلت الحواسيب كبيرة وباهظة، وافتقرت إلى الواجهات الرسومية التي تجعل للفأرة معنى. لقد سبق إنجلبارت عصره بعقدين كاملين. بقي اختراعه حبيس مراكز الأبحاث والمختبرات المتطورة، حتى جاءت الثمانينيات ومعهما ثورة الحواسيب الشخصية.
عندما أطلقت شركة أبل جهازها الشهير “ماكنتوش” في عام 1984، مزودا بواجهة مستخدم رسومية بديهية، كانت الفأرة هي مفتاح الدخول إلى هذا العالم الجديد. عندها فقط، انتقلت الفأرة من كونها اختراعا عبقريا إلى ظاهرة ثقافية وتجارية. أصبحت فجأة في كل مكان، وبدأت رحلة تطورها السريع، تحولت العجلتان الميكانيكيتان إلى كرة، ثم اختفت الكرة تماما لتحل محلها أدوات بصرية قادرة على العمل على أي سطح. تقلص الحجم، تعددت الأزرار، ظهرت العجلة الوسيطة التي سهّلت التصفح، ثم قطعت الأسلاك لتتحرر لاسلكيا. تحسنت الدقة والراحة والشكل، لكن المبدأ الرئيس الذي وضعه ذلك الصندوق الخشبي، تحويل حركة اليد في الفضاء ثنائي الأبعاد إلى حركة للمؤشر على الشاشة، بقي على حاله.
الآن، بينما نمسك بأيدينا فأرات ملساء مصنوعة من البلاستيك أو المعدن، تكمن مفارقة عظيمة. الفأرة التي نشأت من رغبة في استكشاف الفضاء، حيث مولت وكالة ناسا أبحاثها المبكرة، وجدت نفسها غير مناسبة لانعدام الجاذبية في المركبات الفضائية. بدلا من أن تسافر إلى الفضاء البعيد، تمسكت بالأرض وربطت البشر بعضهم ببعض عبر الشبكة العنكبوتية العالمية.
مخترعها الرائد، دوغلاس إنجلبارت، لم يجنِ ثروة منها، إذ أن حقوق براءة الاختراع كانت ملكا لمعهد ستانفورد البحثي الذي عمل فيه. لكن إرثه لا يقدر بثمن. الفأرة لم تكن مجرد أداة، بل كانت حجر الزاوية في فلسفة جعلت التكنولوجيا في متناول الجميع، وساهمت في تقريب الحوسبة من أي شخص بغض النظر عن خبرته التقنية.
إنها قصة ذلك الصندوق الخشبي البسيط الذي لم ينعزل في متحف التاريخ فحسب، بل تحول إلى امتداد حيوي لأيدينا وعقولنا، يترجم أفكارنا إلى فعل على الشاشة، ويذكرنا بأن أعظم الابتكارات هي تلك التي تختفي في بساطتها لتصبح جزءا لا يتجزأ من تفاصيل حياتنا اليومية.