مع دخول الإجرام الصهيوني والحلف الصليبي الشهر الرابع في شن حرب الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، على إخواننا المستضعفين في أرض غزة وفلسطين، يتساءل الإنسان وهو تساؤل مشروع، لماذا كل هذا الصمت المخزي والمذل من قبل الشعوب العربية الإسلامية وأيضاً الزعامات والأنظمة السياسية؟ وهنا نجد مفارقات عجيبة وظواهر تستحق التأمل والتفكير، فمن المفارقات العجيبة أن الشعوب في مختلف دول العالم خرجت مؤيدة لمظلومية أبناء فلسطين، مطالبة بإنهاء الحرب الإجرامية، وداعية إلى احترام حقوق الإنسان خاصة مع استمرار إجرام الحلف الصهيوني الصليبي في إبادة النساء والأطفال والعزل الذين لا شأن لهم بالحرب ولا بالمقاومة أو دعمها، لكن الإجرام الصهيوني جعلهم أهدافاً عسكرية وسلط عليهم أنواع الإجرام بأفتك الأسلحة وأشدها ضرراً وإجراماً .
أما الشعوب العربية واستثناء من ذلك الشعب اليمني الذي هب لمناصرة مظلومية إخواننا أبناء فلسطين فلا نكاد نشاهد سوى مظاهرات محدودة في بعض البلدان العربية والإسلامية، ولعل الجواب الصحيح هو أن اتجاه الأنظمة المدجنة والخاضعة للسياسات الأمريكية طوعاً وكرهاً، عمالة وخيانة، هو السبب في منع المظاهرات والمسيرات المؤيدة والداعمة للقضية الفلسطينية، فمثلاً النظام السعودي سيسمح لكل أنواع المظاهرات والمسيرات حتى للكلاب والحفلات الماجنة ونوادي القمار وغيرها، لكنه لن يسمح بأي مظهر من مظاهرات التأييد لفلسطين، فقد اعتبر حركة حماس محظورة وشن الحملات لاعتقال المنتمين لها، حتى أن اليمن لعبت دوراً في اطلاق الأسرى من خلال التبادل مع أسراها، ومثل ذلك الإمارات التي عملت جاهدة على دعم الصهاينة دعماً سخياً، وأبدت استعدادها المشاركة في جرائم الإبادة لأهل فلسطين، ومثل ذلك مواقف بقية الأنظمة الخليجية باستثناء الموقف المشرف لدولة الكويت حكومة وشعباً، ولا يخرج الموقف المصري عن المواقف السابقة إلا من حيث المشاركة في بناء (ممر فلاديفيا) لمنع عبور الفلسطينيين وأيضا منع دخول المواد الإغاثية من طعام ودواء، وعدم السماح للمرضى بالدخول للعلاج في أراضيها.
لقد انقسم العرب شعوبا وحكومات إلى ثلاث طوائف، الأولى ناصرت الحق ودعمت المستضعفين في أرض فلسطين ماديا ومعنويا وبكل ما تستطيع وهذا الموقف اختاره الفئة القليلة من الأنظمة والشعوب العربية والإسلامية، والثاني: موقف الخزي والعار الذي أخذت به الأغلبية الحاكمة فأصمت أسماعها وأسماع شعوبها عن أحداث الإجرام الذي يرتكبه الصهاينة على أرض غزة وفلسطين، والثالث: الموقف المساند للإجرام والداعم للصهاينة سرا وعلانية وهو موقف يفوق في الخزي والعار السابق له.
تحركت شعوب العالم شرقا وغربا وغيَّرت مواقف أنظمتها الداعمة للصهاينة والحلف الصليبي المجرم ولازال في المواقف العربية من يلوم حماس ويدعم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية، تحركت الملايين منددة ببشاعة أعمال اليهود التي شهدوا عليها ولم توقظ تلك المجازر نخوة وشهامة الأنظمة العميلة والمتصهينة، لو حدثت تلك الفظائع على شعب آخر لأظهروا إنسانيتهم وبعثوا بالمساعدات والمعونات السخية، لكن المجاهدين والمستضعفين على أرض الرباط لا يستحقون في نظرهم أي دعم أو مساندة، بل على العكس من ذلك يدعمون الإجرام ويؤيدون المجرمين.
دمر اليهود كل شيء على أرض غزة، المباني والمستشفيات والطرقات والأحياء السكنية دمروها على رؤوس أهلها وقتلوا الآلاف من الأطفال والنساء والعزل ولم يتركوا فعلا قذرا من جرائم الحرب إلا وفعلوه، والصهاينة العرب لم يتراجعوا عن دعمهم وتأييدهم، إن هذه الأفعال الإجرامية لن تذهب هدرا، فقد كشفت حقيقة الإجرام الصهيوني للعالم أجمع وأصبحت برهانا على مكنون الإجرام لديهم ضد الآخرين وليسوا أهل فلسطين وحدهم وسيأتي اليوم الذي تتحرك فيه تلك الشعوب للاقتصاص منهم، طال الزمن أم قصر.
وطالما أن الشعب الفلسطيني مضطهد ومهان وموصوف بالإجرام إن طالب بحقوقه، فإن المحتلين لن يستمروا على أرض الرباط، بل سيغادون إما بالمقاومة وبالمقاومة فقط، أما مشاريع الاستسلام والخيانة فهي لا تفيد سوى العملاء والخونة من قادة الأنظمة وغيرهم.
إن الخيانة والعمالة لن تطيل أمد الاحتلال والاستيطان على أرض فلسطين، لكنها ستقصر من أعمار الخونة والمجرمين والعملاء، ذلك لأن الحق باق ولا يحتاج إلا إلى أن ينهض أهله من سباتهم ويعتمدون على ربهم، لأنه الحق، وكم انهارت إمبراطوريات الإجرام تحت ضربات المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، ولو تحالف كل العالم على إبادة أهل فلسطين وخذلهم الأقربون، فإن وعد الله باق وبشارة المصطفى ستتحقق، فقد بدأت بشائرها اليوم وأكد ذلك حديث الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي –رحمه الله- (يصبح فخرا لنا أن تكون عدوتنا أمريكا وأن تكون عدوتنا إسرائيل، من خلالها سنكتشف من نحن متى عرفنا من هم)، وهي نظرة ثاقبة تعيدنا إلى مصدر الهداية “القرآن الكريم” الذي كشف حقيقة اليهود دينا وأخلاقا وبيَّن عقائدهم الزائفة وإجرامهم المتواصل ضد الإنسانية والذين كانوا يقتلون الأنبياء ويحرفون الرسالات السماوية وأساءوا الأدب مع الله، فالكيان الصهيوني قائم على جهود الخونة والعملاء وقد أكدت ذلك رئيسة الكيان الصهيوني (جولدامائير) حينما صرحت قائلة: إنه سيأتي يوم يكتشف العرب أننا من نحكمهم” ولا يكون ذلك إلا من خلال أولئك العملاء الذين زرعوا في قلب الأمة العربية والإسلامية واستولوا على مقاليد الحكم والسلطة بمساعدة القوى الأجنبية الاستعمارية التي أوكلت إليهم تحطيم عرى الوحدة العربية والإسلامية وتبديد الثروات، وخدمة المصالح الصهيونية والتحالف الصليبي، وحين يتحقق ذلك سنتذكر وعد الله ووعيده ” وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ».
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الانتكاسة العميقة في ظل التخبط الصهيوني
خالد بن أحمد الأغبري
إن الانتكاسة العميقة التي وصلت إليها بعض الأنظمة، وهي تساند وتناصر الكيان الصهيوني الغاشم بشتى الطرق وتقف بجانبه ضد الشعب الفلسطيني ومجاهديه، من أجل دعم ذلك الكيان المتطرف وخروجه عن جادة الصواب، واتباعه الأساليب العشوائية المارقة، بما يؤدي إلى تفاقمات واضحة بعيدة كل البعد عن الإطار الأخلاقي والسلمي، في صورة تفتقر إلى السلوك الإيماني المطلق، والحكمة، والعقلانية، والرؤى السديدة، وذلك في إشارة واضحة تجسد ذلك الواقع التاريخي المرير والمؤلم الذي يعبر عن تلكم الأحداث المهينة، والأوضاع المخيفة والمشينة التي لا تُحتمل ولا تُطاق، بما تشكله من مخاطر مزعجة وكبيرة، وهزيمة للبشرية جمعاء.
وهو فشل استراتيجي معني بالكثير من الإخفاقات، الأمر الذي يدعو إلى مراجعة حقيقية ودقيقة لتلكم المعطيات السلبية التي فقدت كل التوازنات الدولية والإقليمية، والمعايير الإنسانية والأخلاقية، فيما أدت به من فشل ذريع أمام قوى الظلم والاستبداد، التي تعمل على إثارة هذه الغرائز الشيطانية المدمّرة، عبر مسارات متعددة وسلوكيات متنوعة تستهدف قطاعات كثيرة، من بينها قطاع الشباب، الذي يشكل رمز هذه الحياة الفتية، وقواعدها الأساسية، وحصنها المنيع في مواجهة تلك التحديات المثيرة للجدل، وعدوانيتها التي تتمدد عبر منظومتها وقدراتها للدخول في صراع مروع ومستمر من أجل إفشال الوحدة الفلسطينية، وتوظيفها بطريقة أو بأخرى فيما يهدد موازين العدالة، ويهمّش تلك الضوابط والضمانات الرصينة من أجل تقييدها، ومحاصرة العقول المتفتحة التي من شأنها الإبداع والابتكار وتطوير الذات، في مقابل السعي المتواصل بما يسهم في تفكيك القدرات المعادية، واستبدالها بقوى فاعلة ومؤثرة تلبي تطلعات وطموحات المجتمعات الواعية، التي تدرك ماهية التكتلات العنصرية التي تُصاغ أهدافها داخل الغرف المظلمة، والتي من شأنها التحكم في مصير هذه المجتمعات، ومحاصرتها من خلال نشر الفساد، وتضييق الخناق عليها، رغبة في استسلامها، والخضوع لإرادة تلك الكيانات المارقة التي تستعبد الناس من أجل عرقلة مسيرتهم الإيمانية، والتي تسعى من خلال ذلك إلى نشر الوعي الثقافي اللازم، والمتجرد من أساليب الخيانات والنفاق، واستخدام تلك الوسائل والأدوات المصاحبة لها في ضوء التطورات والأحداث التي تشهدها المنطقة، ومآلات تلكم الحروب والعنجهية التي تنمي فلسفة الحقد والكراهية، والعمل على تنشيطها وإبرازها بشكل مخيف ومدمّر.
وعندما يتحدث الوسطاء عن تسوية بين الكيان الصهيوني وحماس، فهذه التسوية مصيرها الفشل، مثلما فشلت مثيلاتها من قبل، والهدف منها إتاحة الفرصة لهذا الكيان من أجل ترتيب أولوياته وأوراقه، وإعادة حساباته، وتمكين قواته لتكثيف استعداداته، بالكيفية التي يرون فيها تحقيقًا لأهدافهم ومصالحهم. فالصهاينة وأعوانهم بطبيعتهم لا يمكن أن يكونوا صادقين، ولا أن يكونوا ملتزمين بمواثيق أو معاهدات، وقد دأبوا بوضوح تام على المراوغة، والخداع، والكذب، الذي تتشكل ملامحه من خلال نواياهم واستراتيجياتهم، على نحو يمكنهم من القضاء على عناصر المقاومة، والاستيلاء على حقوقهم، واحتلال أراضيهم وممتلكاتهم، وممارسة أبشع صنوف الجريمة والفساد، من أجل تحقيق طموحاتهم وتطلعاتهم المبنية على حلم إقامة دولة إسرائيل الكبرى، والتي من بينها قطاع غزة، لاستغلال ثرواته، وتهجير أصحابه، وبسط سلطتهم عليه. وهو مشروع قائم على الخيانة والتخطيط السلبي، الذي تُدار هيكلته ونظامه على خلفية تلك الممارسات العدوانية التي من شأنها احتلال قطاع غزة، وتحجيم دور الفلسطينيين، وتركيعهم من أجل تحقيق تطلعات الكيان الصهيوني، وتهجير أصحاب الأرض.
كما إن الصهاينة باتت ولايتهم تتمدد على أوسع نطاق، بدعم أمريكي وأوروبي وعربي، حيث إنهم أضحوا يهاجمون من يشاؤون، ويقتلون من يشاؤون، ويدمرون ما يشاؤون، وفسادهم عمّ وانتشر في الكثير من بقاع الأرض، في سلسلة من الهجمات البربرية النازية، دون أي حراك من قبل المجتمع الدولي، ولله الأمر.
إن ديمومة هذا الكيان، ومنحه الثقة لممارسة الحياة بشكل طبيعي، تجعل منه أداة فاعلة لقتل الأبرياء، وتدمير المجتمعات الإسلامية، والعمل على تطوير آلة الحرب وأدواتها بما يضمن لهم استمرارية الإبادة الجماعية، وانتهاك حقوق الآخرين، وبث الفوضى، وملاحقة الآمنين، مما يثير في النفوس امتعاضًا وشعورًا سيئًا، إزاء ما يقوم به البعض من تدخلات وتصرفات وتجاوزات، لا تتسم بالعقلانية، ولا بالسلوكيات الحسنة المطلوبة لممارسة الحياة بشكل إيجابي ونموذجي، يحمي المجتمعات من التورط والدخول في أمور ليس لها فيها علاقة ولا دخل، بقدر ما تشكله من عبء على الآخرين، لتعبث بمصالحهم، وتدعو إلى إثارة الفتن والخلافات بين الناس، وصولًا بهم إلى الاقتتال، وسفك الدماء، والاحتقان، وتدمير ممتلكات الغير، وظهور الفساد، وأكل أموال الناس بالباطل.
وهذا هو أسلوب طغاة العالم، الذين يقفون دائمًا وراء هذه الأحداث والحروب، على مدار الأيام والسنوات.
وما يُحزِن في نفس المؤمن، ويُقلق راحة الناس، ويُثير الذعر والتوتر، هي تلك المشاهد المتكررة في عالم الإنسان البسيط، الذي أصبح طُعمة سائغة لأولئك الصهاينة المجرمين، وأعوانهم الظالمين، الذين عاثوا في الأرض فسادًا، وقتلًا، وإجرامًا، ودمارًا، بعدما فقدوا إنسانيتهم، وعقولهم، وماتت ضمائرهم، وأصبحوا بولائهم لشيطانهم، يمارسون ما يحلو لهم من جرائم، وانتهاكات، وقتل، ودمار، دون حسيب ولا رقيب، في عالم اضمحلّت فيه المبادئ الإنسانية، وتبخّرت فيه القيم الأخلاقية، وتلاشت فيه النخوة العربية.
وهم يتعاملون مع هؤلاء البشر كأنهم سلعة كاسدة ورخيصة، ليست لها أي قيمة معنوية ولا مادية، حيث إنهم ما فتئوا يتنازلون عنهم بطيب خاطر، وبنفس متعالية، لبني صهيون وأعوانهم. وبذلك أصبحت غزة وأهلها مسرحًا للجريمة والعنجهية والهمجية والمهانة والذل والقتل والدمار، وذلك خارج تغطية القيم الأخلاقية والمبادئ الإنسانية.
وليس على الله بعزيز، ولا ببعيد، أن يرى العالم هذه المشاهد تنتقل تلقائيًا من غزة العزة إلى تلكم الأراضي الصهيونية، فكما تدين تُدان، فالعمل المضاد ومعطياته يأتي بالمفاجآت، وينقلب السحر على الساحر، وبذلك تكون عواقب الاستهتار والظلم أشد قسوة من الفعل ذاته.
كما إن عاقبة البغي والتكبر لا شك أنها مدمرة، وموازين القيم والمبادئ الإنسانية التفاعلية ستفتح أبوابها لتحقيق العدالة وفق شريعة الله تعالى ومنهجه الكريم.
اللهم عليك بالصهاينة ومن شايعهم، اللهم دمر قواتهم، وشلّ حركاتهم، وجمّد دماءهم في عروقهم، ولا تجعل لهم من باقية، إنك على كل شيء قدير.
اللهم اجعل كيدهم في نحورهم، واجعل تدبيرهم تدميرًا لهم، وضيق عليهم معيشتهم، ولا تجعل لهم من باقية، إنك على كل شيء قدير.