استنكر النائب عادل اللمعي عضو مجلس الشيوخ، استمرار حالة الفوضى التسعيرية للسلع الاستراتيجية والمهمة التي تمس أمن وحياة المواطن وفشل الحكومة في السيطرة على الأسعار التي لا تتوقف عن الارتفاع وتكاد تصل لزيادة شبه يومية، مبديا تخوفه من موجة الغلاء الحالية ونقص بعض السلع الأساسية مع قرب حلول شهر رمضان الكريم، لا سيما في ظل غياب الرقابة وترك المواطن فريسة لجشع واحتكار التجار.

‏‎وتساءل "اللمعي"، عن مصير مبادرة خفض أسعار السلع التي أعلنت عنها الحكومة في منتصف أكتوبر الماضي، وشملت تحديد سبع سلع رئيسية، تطرح بأسعار مخفضة بنسب تتراوح بين 15 و25 %، بينما يوجد على أرض الواقع ارتفاع بالأسعار يتزايد عن تلك النسبة ذاتها والتي كان من المستهدف خفضها، وفي المقابل تقف الحكومة وكأنها مكبلة اليدين أمام مهمة ضبط الأسواق ومنع المضاربة والاحتكار وتخزين السلع.
‏‎وطالب عضو مجلس الشيوخ، بإنهاء تلك الفوضى في أسرع وقت والتدخل للقضاء على تلك الأزمة قبل حلول شهر رمضان وإحكام قبضتها على الأسواق بمحاسبة من تسبب في تلك الموجة وأن تقوم الأجهزة المعنية في وزارة التموين بمختلف محافظات الجمهورية بدورها في ضبط الأسواق ومواجهة هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار، وإحداث أكبر قدرا من التنسيق والمتابعة من جانب الحكومة مع كل المنتجين والمصنعين، مؤكدا على أهمية تفعيل مهام اللجنة الفنية المشكلة من الوزارات المعنية وجهاتها بالمحافظات لمراقبة وضبط الأسعار في الأسواق.

‏‎وأضاف: في الوقت الذي يلزم فيه تخفيف معاناة المواطن وسط الظروف الاقتصادية الصعبة نتيجة تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية، في المقابل نرى زيادة المعاناة اليومية عليه إذ لا نجد الحكومة تستشعر الحرج في ظل غياب وجود سلع في الأسواق بسعر عادل تمكن المواطن من الوفاء باحتياجات أسرته المعيشية.

وشدد "اللمعي" على ضرورة تفعيل دور مفتشي التموين بالمحافظات والمجمعات الاستهلاكية للمساهمة في ضبط السوق، محذرا من استمرار تلك الأوضاع السيئة وغير المستقرة التي تنذر بكارثة كبيرة على الحياة المجتمعية للأسرة المصرية بمختلف شرائحها.

المصدر: البوابة نيوز

إقرأ أيضاً:

بين الجَغِم والبلّ: خرائط الموت التي ترسمها الجبهة الإسلامية على أجسادنا

إبراهيم برسي

في بلادٍ تكسّرت فيها البوصلات، ولم يتبقَّ للناس سوى البكاء على ما لا يُبكى عليه، وجدنا أنفسنا في زمنٍ تُحكمه مفردتان فقط: “الجَغِم والبلّ”. ليستا مجازًا، بل تقنية للقتل الشعبي، تُمارَس في وضح النهار، ويباركها العقل المغسول تحت إيقاع أناشيد الحرب.

“الجَغِم” لم يعد فعلاً بدائيًا لشخص يبتلع ما ليس له، بل تحوّل إلى ماكينة مؤسسية تلتهم الذهب، والنفط، والموتى، وتُنتج بلاغات وفتاوى.
أما “البلّ”، فقد صار طقسًا شعبيًا لإضفاء الشرعية على هذا الجشع. كلمة تُقال بصوت خافت، لكنها تحمل في طيّاتها استسلامًا جماعيًا. كأنك تقول: دع الأمر للقدر، فالعدو دائمًا هو الآخر، والحرب دائمًا هي الحل.

تقول عالمة النفس الفرنسية ماري فرانس هيريجوين:
“الأنظمة السلطوية لا تحتاج لإقناعك، بل فقط لإرباكك، لتخلق مساحة ذهنية تُمكِّنها من غرس أفكارها كحقائق.”

وهذا بالضبط ما فعلته الجبهة الإسلامية حين تسلّلت إلى المؤسسة العسكرية، لا كضيف، بل كمضيفٍ أعاد تعريف معنى الوطن، والعدو، والموت.

في بورتسودان، تُدار الدولة من ثكنة عسكرية، ويُحكم البلد عبر فتاوى القهاوي.
في نيالا، يُدفن الموتى دون أسماء.
في الفاشر، صارت المقابر أكبر من المدارس.
في أم درمان، تُخفي العائلات أبناءها لا من العدو، بل من الجيش.

ولفهم ما نحن فيه، لا بد أن نتذكّر ما حدث في رواندا عام 1994.
حينها، لم يكن السلاح هو المشكلة، بل الكلمة. في راديو “ميل كولين”، كانت الأغاني الشعبية تُغنّى، ثم تتبعها دعوة صريحة:
“اقطعوا التوتسي كالأنشاب.”

هكذا تبدأ المجازر: بمصطلحات تبدو عفوية، بعبارات يُردّدها الناس دون إدراك، ثم ينفجر العنف.

“بلّ بس”، اليوم، تُشبه تمامًا تلك العبارات. تُفتح بها أبواب الجحيم، وتُشرعن بها مجازر لا تُشبه المجازر، بل تُشبه النشيد الوطني بصيغة جنائزية.

يقول أنطونيو غرامشي:
“الهيمنة لا تتحقق بالعنف وحده، بل بالموافقة الصامتة للمقهورين.”

وهذه الموافقة هي ما تفعله الجبهة الإسلامية كل يوم، حين تحوّل المواطن إلى “متلقٍ”، ثم إلى “مُبرِّر”، ثم إلى “جلّاد”، باسم الدولة أو الدين أو القبيلة.

أما الذين يجغمون بالفعل، فهم ليسوا على الجبهات، بل في البنوك، في دبي، في أنقرة، في الدوحة، وفي القاهرة.
يجغمون العقود، والشركات، والذهب، والمستقبل.
يحرقون البلاد، ثم يتهمون المواطن بأنه لم “يبلّ بما فيه الكفاية”.

هل هذا وطنٌ أم مسرح عمليات؟
هل هذه حربٌ أم إعادة تموضع للجبهة تحت رايات جديدة؟
هل ما زلنا بشرًا، أم مجرّد وقود بين “الجَغِم والبلّ”؟

لكننا نعرف.
نعرف أن الجبهة لا تحارب لتنتصر، بل لتحكم.
وأن المواطن لا يموت فقط، بل يُعاد إنتاجه كأداة للقتل.
نعرف أن “الجَغِم” صار مصيرًا، و ”البلّ” صار عقيدة.
لكننا، رغم كل شيء، نعرف.
ومن يعرف، لا ينجو بالمعرفة… بل يُساق بها إلى النفي.

أشد أنواع الغسيل دموية، ليس ذاك الذي يُبيّض القميص، بل الذي يُغطّي الجريمة بلون الراية.
وحين تتدفق الأكاذيب من الشاشات إلى الدماغ، يتحوّل المواطن إلى جندي دون أن يرتدي الزي العسكري.
يضحّي بابنه، ويصفّق لمن نهب راتبه، ويقولها دون تفكير:
“بلّ بس… نحنا في معركة وجود وكرامة.”

تستعيد ذاكرتنا نموذج سيراليون، حيث تحوّل الأطفال إلى قتلة باسم “الوطن”.
تقول الباحثة الكندية نومي كلاين:
“حين يُعاد تعريف العنف كضرورة أخلاقية، تنهار البنية النفسية للإنسان، ويصبح القتل فعلَ طمأنينة.”

وهذا ما نراه:
مواطنون يتعاملون مع الحرب كأنها زواج مقدّس، ومع الموت كأنه استثمار مضمون في سوق الوطنية.

في “الخوي والنهود”، لم يعد الناس يتساءلون عمّن هو على حق، بل عمّن لا يزال على قيد الحياة.
في “دنقلا وكسلا”، لا يُسأل الأب عن حلم ابنه، بل عن موقعه على الخارطة:
في الجيش؟ في الدعم؟ أم في المقابر؟

السودان اليوم ليس بلدًا، بل سجن مفتوح يدور فيه الحارس والضحية في حلقة “بلّ وجَغِم”، بين رصاصتين، ورايتين، وبيانين.

نحن الذين كُتب علينا أن نعيش بين “الجَغِم والبلّ”، لا نملك حتى ترف الصمت.
لأن الصمت نفسه صار مشاركة في الجريمة.
لأن “البلّ” اليوم يعني أنك قبلت أن تُمحى،
و ”الجَغِم” يعني أنك صرت جزءًا من ماكينة المحو.

وحدهم الذين لا يبلّون ولا يجغمون، من يكتبون بأجسادهم معنى الوطن.
أما الباقون، فقد اختاروا شكلهم في الجنازة: بين قاتلٍ يبتسم، ومبرّرٍ يبرّر، وجثةٍ تصفّق في الغياب.

الوسومإبراهيم برسي

مقالات مشابهة

  • أسعار الخضر والفاكهة في أسواق الوادي الجديد
  • بين الجَغِم والبلّ: خرائط الموت التي ترسمها الجبهة الإسلامية على أجسادنا
  • محافظ الجيزة: إقامة 19 سوقًا للسلع الأساسية والخضروات واللحوم تغطي أحياء ومراكز المحافظة
  • إقامة 19 سوقًا للسلع الأساسية والخضروات والفواكه واللحوم والدواجن بالجيزة
  • إقامة 19سوقًا للسلع الأساسية بأحياء ومراكز الجيزة
  • وفرة في كميات الأسماك بالأسواق مع استمرار انخفاض الأسعار
  • نائب بالشيوخ يطالب بزيادة حجم الاستثمارات الزراعية في خطة التنمية الاقتصادية 2025-2026
  • رئيس برلمانية مستقبل وطن بالشيوخ: خطة الحكومة للتنمية الاقتصادية واضحة وواقعية
  • 10 أجوبة عن التضخم وحركة الأسعار عليك معرفتها لمراقبة تكلفة معيشتك
  • عباس يطالب بإنهاء سيطرة حماس على غزة