لجريدة عمان:
2025-05-09@08:24:43 GMT

ماجد الندابي بين «خيول من الرمل» و«الراعي»

تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT

أعود مرة أخرى لنصوص الملتقيات الأدبية التي تنظمها وزارة الثقافة والرياضة والشباب، وهذه المرة أقف مع شاعر شارك في أكثر من ملتقى أدبي، هو الشاعر ماجد الندابي الذي يُعد واحدا من الشعراء الشباب، الذين انطلقوا بحيوية الشباب في كتابة القصيدة العمودية، مازجين بين تقليدية الشكل وبين ثورة التجديد اللغوي، حتى صار واحدا من الشعراء الذين اتجهوا بالقصيدة جهة الجمال الشعري وأوديته السحيقة، مازجا بين دلالات الكلمة الشعرية، وبين نغمة الموسيقى الشعرية وإيقاعاتها.

استمعت إلى نصوص ماجد الندابي في غير موضع ولعلني هنا أقف على نصين شارك بهما في ملتقيين متتاليين؛ النص الأول بعنوان (خيول من الرمل) حاز به على المركز الثالث في مسابقة الملتقى الأدبي الثالث عشر عام 2007م بولاية خصب، والنص الثاني بعنوان (الراعي) الحاصل على المركز الرابع في المسابقة نفسها عام 2008م بصلالة. وكلا النصين يختلفان في كتابتهما الشكلية ورؤيتهما الداخلية والاشتغال المتطور، لذا كان من الجيد تسليط الضوء على شاعر انطلق بصورة جيدة لكن وعلى ما يبدو فإن الحياة الصحفية قد أخذته إلى دهاليزها حتى لم نعد نقرأ أشعاره، وكأن التجربة الإعلامية قد أخذت جل وقته وأبعدته عن مسارات الشعر.

تبدأ قصيدة (خيولٌ من الرمل) وهي من شعر التفعيلة اشتغالها بالحديث عن البعثرة والتشظي؛ فاللغة على امتدادها الزمني متشبّثة بخيوط العنكبوت. يتقدّم النص في دلالاته كونه بوابةً مُشرعة على الزمن القاتم والمرعب دون وجود دلالات موحية يتمسك بها النص. والنقطة الهلامية التي يبدأ منها الشاعر حروفه مسكونة بالخوف من المجهول، ولعلها كانت بداية يقتنصها النص ليعبر منها إلى مسارات مختلفة في تأويل لغته وفكرته.

لكن النص يأخذ القارئ معه في مقطعه الثاني إلى دلالات: التشرد والسراب التي يعيد اقترانهما بالزمن، فماذا يمكن أن نصف الزمن وهو مشبعٌ بالخوف والقلق والتشرد والتشظي؟

ينبني نص (خيول من الرمل) على الحركة الزمنية القائمة على الحركة العشوائية من الماضي إلى الحاضر وإلى الماضي وهكذا، لذا فإنّ بعثرة المقاطع الأولى، وتشظي الزمن ودلالاتهما نابعة من فكرة الحركة الزمنية التي يقصدها الشاعر، محاولا الولوج من خلالها إلى عوالم التأويل الشعرية محتميا باللغة التي هي الأخرى تتكئ على دلالات الغربة والانكسار والهزيمة كما في المقاطع الأولى:

ينسج العنكبوتُ الخيوط

على لغتي

كالزمنْ

وأنا واقف أتشظى

لكي أنجز الحرف

فليت الحروف

تموتُ

ولا تمتهنْ

وخيول من الرمل

تسبح ملء الجهات التي شردتنا

كي تعيد السراب

إلى خشبات المسارح

عند اجتماع الحروف بمعتقها

في رصيف الزمنْ

نعم عابرون..

وهل لحذاء عباراتنا

من رنين سيبقى

يردده العازفون على وتر

من شجنْ

ألنا شارع

لا يؤدي إلى بيتنا

فالشوارع كالإخطبوط

تمد أذارعها كي تكون دليل المتاهة

إثر انهزام الخرائط في لغتي

وأنا ألتوي ألتوي ألتوي

كي أكون انحناء بسيطا

بهذا الوجودْ

إنّ القصيدة قائمة على الوجع ودلالاته وانكساراته، هكذا تنفح معاني النص، وهكذا يكرّر الشاعر مفرداته مرة إثر أخرى، فلا نكاد نلمح المغايرة رغم اتساع النص، فتظهر الكلمة المفتاحية في كل مقطع معبّرة عن الخوف من السقوط، والانكسار الذي يؤدي إلى انكسار المرايا التي هي وجوه متعددة في أصل الحياة التي نعيشها.

يقوم النص على مشاهد مقتنصة من الحياة، ويعبر عنها الندابي بلغة الوجع لأنها أكثر رسوخا وثباتا في الذاكرة، فإنه حين يقول:

لماذا طردت العنادلَ

من جنةٍ لن تكونَ

وألبستهمْ

أكاليل غارٍ

وصفَّقتِ الريحُ من خلفهمْ.

فإنه يقدّم صورة حيّة لما يمكن أن يشاهده ويعبّر عنه، إنه يحاول الخروج من اللغة الوصفية التي تصف فقط، إلى اشتغاله الواضح على دلالات التخيل والاكتناز اللغوي. هذا التعبير نجده في مقطع آخر إذ يقول:

حياتك قلقلة في فم الريح

فاطوِ خيامك وارحل بها

فليس لك اليوم أن لا تكون

وكن واقعا ليس إلا

لا تكلف فؤادك ما لا يطيقْ

فالمضيئون يحترقونْ

إن الخطيئة قد تكون في كونك شاعرا، فالخيول المتحركة قد ارتدت عباءة الشعر والكلمات هي من رمل، هكذا يتلبّس الشاعر بالحركة الشعورية والشعرية، وهكذا يتحدث عندما تهجره الكلمات:

طردتك يا شعر

فاستجدني كي أقولك

العق جراحي

فإن لم تكن

كأبابيل هذا المساء

فلن يصطفيك المساء.

في قصيدته (الراعي) المشاركة في الملتقى الأدبي الرابع عشر بصلالة، ينطلق الندابي من كونه راعيا يهيم في الملكوت والصحاري، ويحاول أن يحرر اللغة من قيودها العتيقة مانحا إياها دلالات الحركة المكانية، واتساعا في التعبير الشعري.

يعود بي هذا النص إلى القصيدة التائية لأبي مسلم البهلاني:

طنّبتُ في الوادي المقدس خيمتي ورعيتُ بين شعوبه أغنامي

حين منح أبو مسلم كلماته الحرية الكبيرة في أخذ القارئ إلى مواطن التخيّل الشعري، لذا فإن مهمة الراعي هنا هي رعي الأفكار والسير بها إلى مواطن الشعور والإحساس، لذا يُقدم الشاعر نفسه بالكيفية ذاتها التي قدّم البهلاني نفسه بها وصولا إلى المعارج السماوية التي يسبح فيها العارفون:

قدرٌ هي الصحراءُ أنْ تثبا

ومهمتي أن أحلب السُحُــبا

راعٍ أنـا أرعى بلا غـنــمٍ

هذي النجوم وأوقدُ الشـهبـا

تجترّني كالصـبح أغـنيـةٌ

وأنـا أجــرُّ الغــيمَ مُنسكـبـا

وحدود مملكتي يُسـيّجهـا

هذا الضبابُ الضاربُ الحُجُبا

أطلقتُ في الصحراء قافلتي

ومضيتُ لا أبغي لها طلبـا

فلقـد تمــــــرُّ بأيّ زاويـةٍ

والله يُرجعـهــا إذا رغـبــا

هذا الصدى صوتٌ به انكسرت

كلُّ الجهات فعاد منتحبا

الراعي هو عارف آخر، ربما يكون الشعر ميدانه، أو السحر فنه، أو العرفان روضته. إن اللغة التي كتب بها الندابي نصه منفتحة على الرؤى الساحرة لمكنونات النفس البشرية، بها شيء من تصوف أبي مسلم وعرفانيته، تقوم الدلالات بالولوج إلى المخيلة الشعرية مشكّلة انكسارا في توالد الصورة واتساعها على معاني أخرى في النص، يقول:

عبرتْ بوادي الجن أحصنتي

والصخرُ يقدح تحتها اللهبا

وأنا على سرج الرياح ترى

طيفي من الأشجار منسربا

فأنــا مع الأشــياء متحــدٌ

هل تفصلون النار والحطبا

والجن حولي خلف أخيلتي

وسهامهم تصطاد ما هربا

وعصاي في كفي أهش بها

سربَ الرؤى مِن بعد ما شربا

إن لغة أبي مسلم البهلاني في تائيته حاضرة هنا، يستفيد الشاعر من معانيها الداخلية مقدّما نصا يمزج فيه بين رؤية الشاعر ورؤيا المتصوف. لقد استفاد ماجد الندابي من شاعريته كما استفاد من اتساع اللغة في تقديم نصوص شعرية تمزج بين التجربة التقليدية والتجربة الإبداعية الحديثة، فكان الندابي واحدا من الشعراء الذين شقوا الطريق إلى ذرى الشعر قبل أن يختفي تاركا وراءه أثرا يدل على شاعريته.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لماذا تسابق أميركا وإيران الزمن للوصول لاتفاق؟

قطع الطرفان؛ الأميركي والإيراني في ثلاث جولات من التفاوض بالوساطة، وذلك في نصف شهر، ما تطلّب قطعه أشهرًا في المفاوضات المنتهية بتوقيع اتفاق عام 2015. فقد اتفقا بعد جولتين فقط على بدء التفاوض الفني. والبادي توفُّر الإرادة السياسية لدى الجانبين للتوصّل لتفاهم يفضي إلى اتفاق. ولم يأتِ ذلك من فراغ.

فها هو الرئيس الأميركي المفتقر للصبر في تعاطيه مع القضايا الدولية، يُبرز نزوعًا جمًّا لإبرام اتفاق وبعاجلة. فللرجل حساباته الداخلية التي تتطلب، كما يبدو، إنجازًا في السياسة الخارجية يمكّنه من بيعه في الداخل وهو مقبلٌ على الانتخابات النصفية للكونغرس. كما أن وضع سقف على تقدم إيران النووي ووضعه تحت رقابة صارمة يمثّل هدفًا عابرًا للأحزاب في واشنطن.

وأمام ذلك، تُبدي إيران المضغوطة اقتصاديًا بعقوبات متشعّبة، استعدادًا للتفاهم. ورغم إبرازها شيئًا من التمنّع أمام تسرّع إدارة ترامب، فإن لإدارة الرئيس بزشكيان أجندة اقتصادية توجّه سياسته وتدفعه للتسرّع في إبرام اتفاقٍ يلغي العقوبات.

وإن لم يكن ذلك، لما أقدمت إيران على التفاوض مع رئيسٍ جمع كل الصفات التي لا تحبذها طهران. ورغم جنوح الطرفين للتفاوض بغية الحل، فإن المخرجات المرجوّة لدى الجانبين قد تأتي على العملية التفاوضية برمتها إن لم يتراضَ الطرفان على حلول وسط.

إعلان

ويوحي تأجيل الجولة الرابعة للتفاوض "لأسباب لوجيستية" بصعوبة تخطي التفاصيل المختلف عليها. وتراجعت – ولو إلى حين – الإيجابية في فعل وحديث الجانبين في الجولات السابقة.

فها هي واشنطن تفرض عقوبات جديدة على إيران ومواطنيها، وهي تتوعّد المتعاملين اقتصاديًا مع طهران بعقوبات ثانوية. ويبدو وزير الخارجية الإيراني أكثر دقة في طرح المختلف عليه، حين أكّد في مهاتفته الأمين العام للأمم المتحدة، إصرارَ طهران على استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية، وما يتطلبه ذلك من تخصيب لليورانيوم.

وإن وُضع ذلك إلى جانب كلام وزير الخارجية الأميركي حول عدم حاجة إيران إلى التخصيب على أراضيها للاستفادة من الطاقة النووية، يتّضح وجه الخلاف الرئيسي. بذلك يصبح التخصيب أو عدمه حجر العثرة الأولى في المفاوضات.

وبما أن القانون الدولي يعطي أعضاء معاهدة عدم الانتشار NPT (معاهدة عدم الانتشار النووي) الحق في التخصيب للأغراض السلمية، لا تبدو طهران في طور التراجع أمام المطلب الأميركي. وكانت المناكفات قد استغرقت عشرة أعوام من 2003 حتى 2013، لتتوج بمفاوضات جادة أفضت إلى اتفاق أتى بعد قبول واشنطن وحلفائها الأوروبيين بالتخصيب على الأراضي الإيرانية كحق مكفول قانونيًا.

وإلى جانب التخصيب في إيران، ثمة قضايا شائكة ستعقّد المفاوضات وقد تأتي عليها، تشمل الضمانات وسبل إلغاء العقوبات ونسبة التخصيب، وسبل استعادة الثقة بسلمية البرنامج النووي وغيرها.

وكان متوقعًا منذ بدء المفاوضات مرورها بمطبّات وضغوط متبادلة. فالمختلف عليه كبيرٌ متعدد الأبعاد وبين أطراف تتعاطى دبلوماسيًا دون ثقة متبادلة.

وغني عن القول بأن أي اتفاق سيمرّ بتعديلات في الموقفين والبحث عن أرضية مشتركة بينهما، وذلك فيما يخص الضمانات المطلوبة إيرانيًا من جهة، وقبول إيران تقييد برنامجها النووي ووضعه تحت رقابة "استثنائية" من جهة أخرى.

إعلان

وتدرك طهران ضرورة عدم الاكتفاء بالتفاهم مع واشنطن مستقبلًا، ولذلك تفتح أبواب أسرار مفاوضتها واشنطن على جاراتها العربيات وشركائها الدوليين – روسيا والصين.

وتنطلق بذلك من واقع الاتفاق السابق وعمل الآخرين ضده. فهي تحاول الطمأنة حول سلوك طهران بعد أي اتفاق مع واشنطن من جهة، واستخدام علاقاتها الإقليمية والدولية لموازنة الضغوط الغربية من جهة أخرى.

والواضح أن المنطقة – إن قيست بالعام 2015 – أكثر انفتاحًا على تفاهم إيراني- أميركي باستثناء إسرائيل ورئيس وزرائها بشكل محدد، وهو الذي كان وما زال يدفع باتجاه صدام بين طهران وواشنطن. وها هو يطرح النموذج الليبي لتفكيك البرنامج النووي، وهو يعلم استحالة قبول طهران به، ويضغط في ذات الوقت لحل عسكري يبحث عمن يبتاعه في واشنطن كحل أمثل للحد من "طموح إيران النووي".

وبينما لنتنياهو مصلحة في الصدام، لا تبدو الدولة العميقة في إسرائيل معارضة لفكرة لجم ومراقبة برنامج إيران النووي عبر اتفاق مع واشنطن.

ومن الواضح أيضًا، أن العبور من حقل ألغام التفاصيل يشمل لجم العدو الرئيس للتفاهم الإيراني- الأميركي: رئيس الوزراء الإسرائيلي. وإن صحّ ما تردد عن سبب عزل مستشار الأمن القومي الأميركي والتز، أنه كان بسبب استمراره في محادثة نتنياهو حول توجيه ضربة لمنشآت إيران النووية، فإن حظوظ الأخير باتت ضئيلة في التأثير السلبي على الموقف الأميركي في المفاوضات. بيدَ أن أطروحة النموذج الليبي ومنع التخصيب في إيران قد أسعفت داعمي إسرائيل في إدارة ترامب في وقف العملية التفاوضية – ولو إلى حين.

وفي ظل المتغيّرات المتعددة التي تؤثر على الموقفين الإيراني والأميركي، تُعتبر خبرة الاتفاق النووي لعام 2015 ومخرجاته أحد المتغيّرات المعقّدة التي تأتي بمطالب جديدة لطاولة التفاوض.

ولأنها لُدغت مرّة بتنصّل واشنطن من اتفاق 2015، تعود طهران للتفاوض بهواجس ترتبط بالضمانات لا الاتفاق نفسه. تفاوض إيران للتوصّل إلى اتفاق مضمون المخرجات يصعب على واشنطن التملّص من استحقاقاته بعد وفاء إيران به. فقد انتهى المطاف باتفاق 2015 بخروج أميركيٍ توّجَ بعقوباتٍ وُسمت بـ"القصوى"، أتت على الاقتصاد الإيراني بأثقال غير معهودة.

إعلان

ترى طهران في التسرّع غير المحسوب خطرًا قد يأتي على حساب ضمانة مستقبل أي اتفاق مقبل. ويُطرح إطاران لضمان امتثال واشنطن بمستقبل الاتفاق العتيد: الأول مرحلي، والثاني مستقبلي.

ففي الإطار المرحلي، ترى إيران في ابتناء أي اتفاق على التدرّج بدل العمل به دفعة واحدة، آلية ضامنة لحصول إيران على المخرجات المرجوّة منه.

ويكون ذلك بعودة إيران ببرنامجها النووي للوراء خطوة بخطوة، إزاء خطوات موازية تخطوها واشنطن في إلغاء العقوبات، ما يمكّن الطرفين من التحقّق من وفاء الآخر بالتزاماته قبل البدء بالخطوة التالية.

بذلك، تضمن إيران عمل واشنطن بمخرجات الاتفاق أثناء مراحله المتدرّجة، لا بعد وضعها هي سقفًا على تقدمها النووي على أمل وفاء واشنطن بالتزاماتها.

ويأتي الإطار المستقبلي في جانبين: قانوني وفني. الإطار الأول يرتبط بالعملية القانونية الحاكمة للمعاهدات الدولية داخل الولايات المتحدة. يطالب البعض بضرورة تمرير الاتفاق – إن كُتب له أن يكون – كمعاهدة في الولايات المتحدة عبر مصادقة الكونغرس الأميركي عليه.

هذا، بينما يرى أصحاب رؤية الضمان الفني أن العملية القانونية غير مجدية، وللرئيس الأميركي الحالي أو المقبل المقدرة على إلغاء معاهدةِ مصادقِ عليها من قبل الكونغرس إن هو أراد ذلك.

بذلك، يفضّل هؤلاء تضمين أي اتفاق ضمانات فنية. أهم تلك الضمانات: الإبقاء على اليورانيوم عالي التخصيب على الأراضي الإيرانية، وإن تحت تصرف ورقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

سيدفع ذلك الإدارات الأميركية على الوفاء بالتزاماتها نتيجة مقدرة إيران على استعادة ذلك المخزون بسرعة حال تنصُّل واشنطن. كما تُطرح فكرة بقاء أجهزة الطرد المركزي المتطورة كـ IR6 في المنشآت الإيرانية؛ لضمان عودة إيران إلى التخصيب عالي النسبة حال تراجع واشنطن عن الاتفاق المقبل.

إعلان

على الجانب الآخر، تأتي واشنطن للتفاوض للحد من تطور طهران النووي ووضعه تحت رقابة دولية تراجعت بعد عام 2019. وهي تأتي للمفاوضات برئيس سيئ السمعة في طهران، يرى في حل الملف النووي الإيراني مصلحة شخصية له.

وتُبدي واشنطن، كما يؤشر الراشح من جولات التفاوض، تفهّمًا مع مطلب التدرّج في العمل بالاتفاق كضمان لامتثال واشنطن له. وهي ترى الفرصة سانحة لضمان مستقبل الاتفاق بمصادقة الكونغرس، نظرًا لاستيلاء الجمهوريين على المجلسين. بيدَ أنها، وكما يبدو من النقاشات في واشنطن، تعارض الضمانات الفنية، وترى فيها خطرًا داهمًا حال ارتطام مركب الاتفاق المقبل، لأي سبب من الأسباب، بصخور قد تأتي عليه كسلفه.
ولا تقف التفاصيل لدى واشنطن عند ضمان مستقبل الاتفاق، وهي التي شهدت التزام طهران بالاتفاق السابق ما دام التزام واشنطن قائمًا. فهي تطرح بين الحين والآخر، نقاطًا لا ترتبط مباشرة بالبرنامج النووي، بل بقدرات إيران الدفاعية وسياستها الإقليمية.

ولا تأتي تلك من رؤى مُجمع عليها في واشنطن. فالمستشف اختلاف أطراف إدارة ترامب حول الطريقة المثلى للتعاطي مع إيران وملفها النووي. فمنهم المرجّح لربط كل تلك الملفات، ومنهم الراغب بمعالجة الملف النووي كنقطة انطلاق لتفاهم أوسع.

ولأن البادي يُظهر الرئيس ترامب في المعسكر الثاني، تحاول طهران دغدغة مشاعره بالتحدّث بلغته الاقتصادية، عند وضعها أرقام الاستثمار والمصالح الاقتصادية التي ستنبع من أي اتفاق يُلغي العقوبات، كما تُبدي ميلها للعمل الاقتصادي والتجاري مع واشنطن.

ويذهب وزير خارجيتها أبعد من ذلك بالقول إن واشنطن يمكن أن تكون صانعة سلام، وهو يعلم مدى تحبيذ ترامب الحصول على جائزة نوبل للسلام.

بشكل عام، خرجت العملية التفاوضية من حاجة متبادلة لتفاهم يحد من المجابهة؛ نوويًا واقتصاديًا. وتلك حاجة كفيلة بتزويد الجانبين بدوافع الاستمرار، إلا أنها أيضًا كفيلة بتعقيد تفاصيل التفاهم بينهما.

إعلان

وإن عبرنا بتفاصيل تلك القضايا كمطبّات قد تعقّد التفاوض مستقبلًا، تبقى الإرادة السياسية، خاصة لدى الجانب الأميركي المنقسم كما يبدو على أعلى المستويات حول الطريقة المثلى للتعاطي مع طهران، أهم من كل تلك التفاصيل. فهي إرادة بمقدورها لجم أعداء الاتفاق – ونتنياهو بشكل محدد – من جهة، أو استخدام تفاصيل الخلاف لتمرير اتفاق وسطي يرضي الطرفين من جهة أخرى.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • بين حائك السجاد والتاجر.. منهج إيران والأميركيين في التفاوض
  • النص الكامل لمقابلة رئيس الوفد الوطني محمد عبد السلام بخصوص الاتفاق مع أمريكا
  • النص الكامل لرسالة الرئيس تبون بمناسبة الذكرى الـ80 لمجازر 8 ماي 1945
  • بحضور ممثل الراعي وقائد الجيش.. الرابطة المارونية تقيم احتفالها السنوي في كازينو لبنان
  • " في حب مصر" فى ندوة بمدرسة النهضة بأسيوط الجديدة
  • 6 دول أفريقية على قائمة مؤشر الإرهاب العالمي.. ما دلالات ذلك؟
  • الرق في الرواية السودانية- من التاريخ المؤلم إلى التمثيل الأدبي الناقد
  • تعرف على دلالات حلم شخص يعطيك ملابس
  • محمد الغزالي.. الداعية الشاعر
  • لماذا تسابق أميركا وإيران الزمن للوصول لاتفاق؟