في ذكرى ميلاده.. يسري الجندي.. رائد المسرح المصري المُلهم بالتراث الشعبي
تاريخ النشر: 5th, February 2024 GMT
في ذكرى ميلاده، نستذكر الكاتب المسرحي الكبير يسري الجندي، ابن محافظة دمياط، الذي تميز بأسلوبه الفريد في دمج التراث الشعبي مع المسرح الحديث.
آمن الجندي بأن التراث هو تعبير عن هوية الأمة، وأن لكل أمة سمات خاصة تُعكس في تراثها، ولذلك سعى جاهدًا لاستلهام هذا التراث في معظم أعماله.
جاء اهتمام الجندي بالتراث من إيمانه بأهميته في تأكيد هوية الأمة، خاصة في ظل التحديات التي تواجهها الدول العربية، ولذلك ربط هذا الاهتمام بيقظة الوعي القومي، لأن قضية الهوية تُصبح مُلحة في مثل هذه الظروف.
نجح الجندي في توظيف التراث الشعبي في مسرحياته بشكل إبداعي، حيث استخدم الشخصيات والحكايات والقصص الشعبية لخلق عروض مسرحية مُمتعة ومُلهمة.
بدأ حياته العملية في وزارة الثقافة 1970وفي الخامس من فبراير عام 1942 ولد الكاتب يسري الجندي في محافظة دمياط، وبدأ حياته العملية في وزارة الثقافة عام 1970، وعين مديرا لمسرح السامر عام 1974، ومديرا للفرقة المركزية للثقافة الجماهيرية عام 1976، ومستشارا ثقافيا لرئيس جهاز الثقافة الجماهيرية عام 1982، ومديرا عاما للمسرح بالهيئة العامة لقصور الثقافة حتى عام 1996، ومستشارا لرئيس الهيئة للشئون الفنية والثقافية حتى أحيل للمعاش في 5 فبراير 2002م.
عبّر يسري الجندي عن القضية الفلسطينية في أعماله المسرحية التي قدمت على خشبة المسرح، فكتب مسرحية "واقدساه" وقدمها اتحاد المسرحيين العرب، وشارك بطولتها كوكبة من مختلف الأقطار العربية، ومن إخراج المنصف السويسي، بالإضافة إلى مسرحيته الشهيرة عن تلك القضية والمعروفة بـ"اليهودي التائه" وقدمت بعنوان "قضية 88 ما الفرق بين".
ويشير الدكتور حفناوي بعلي في دراسته النقدية "فلسطين والقدس في المسرح العربي المعاصر" الصادرة عن دار اليازوري، أن المسرحية الأولى ليسري الجندي "واقدساه" تغطي فترة النكسة، أما "اليهودي التائه" فتغطي كل مراحل التاريخ العربي الحديث بخيباته وإجهاضاته، وصولا إلى انفجار الأمل مع الانتفاضة.
فقد كتب "الجندي" " هذه المسرحية في أعقاب النكسة عام ٦٧، وبعد الصدع الذي أحدثته النكسة في الوعي العربي، وبنى الأنظمة القائمة، فقد كان من المهم بالنسبة له ولكثير من المسرحيين والكتاب العرب، طرح المسائل من جديد بعيدا عن أي ديماغوجيا، وتخلصا من الأوهام، ومن هنا محاولة التعرف على القضية الفلسطينية أكثر، وعلى المسألة اليهودية أكثر فأكثر، وبمعنى آخر وضعها في مواجهة موضوعية، وقد اقتربت مسرحية "اليهود التائه" من المسرح التسجيلي بغية الاكتشاف بأكبر قدر من الشمول الحقيقة الصراع.
أما مسرحية "واقدساه"، فالحقيقة أن لها علاقة بنقطتين: اليهودي التائه برغم محاولتها الإحاطة بأكبر قدر من الشمول بالقضية على المستويين التاريخي والعصري، إلا أن ما يتعلق بموقف الأنظمة العربية من القضية الفلسطينية، لم ينل القدر الكافي من الإحاطة بالرغم من أهمية هذه النقطة في القضية الفلسطينية، وبالتالي عندما جاءت فرصة التعامل مع نفس القضية في المرحلة الأخيرة.
كتب يسري الجندي للمسرح العديد من الأعمال التي اهتمت بالتراث الشعبي، وحققت نجاحا كبيرا، كما أسهم في تدعيم وتطوير مسرح الثقافة الجماهيرية لما يمثله هذا المسرح من أهمية للجماهير العريضة على امتداد مصر، فمن بين هذه العروض "بغل البلدية، وحكاية جحا مع الواد قلة، وعلي الزيبق، وحكاوي زمان، والمحاكمة، وعنتر زمانه، وعاشق المداحين، والهلالية، ورابعة العدوية، والإسكافي ملكا"، وغيرها من الأعمال، فقد مثلت مسرحياته مصر في العديد من المهرجانات العربية، ونالت العديد من الجوائز، حيث توجت اجتهاداته عام 1981م بحصوله على جائزة الدولة التشجيعية في المسرح، ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى، ثم جائزة الدولة للتفوق عام 2005م للفنون.
هذا إلى جانب أعماله الفنية الأخرى للدراما التي جعلته يتوّج بالعديد من الجوائز في مهرجان التليفزيون بدوراته المختلفة منها أحسن تأليف عن مسلسلات "السيرة الهلالية، وجمهورية زفتي، والزائرون غاضبون، وسامحوني ماكانش قصدي، وحروف النصب، وجحا المصري، والطارق" وغيرها من المسلسلات.
كما نال أيضا العديد من التكريمات عن مجمل أعماله منها: تكريمه من وزارة الثقافة في يوم المسرح المصري عام 1994م، وتكريمه من المركز القومي للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية في لقاء الرواد عام 1999م.
وفي التاسع من مارس عام 2022 رحل الكاتب يسري الجندي تاركا إرثا أدبيا ومسرحيا كبيرا يظل حاضرا في أذهان الكثير من محبيه.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: ذكرى ميلاد محافظة دمياط التراث الشعبي القضية الفلسطينية المسرح القضیة الفلسطینیة التراث الشعبی العدید من
إقرأ أيضاً:
وزارة الثقافة تحتفي بالجراح المصري العالمي الدكتور مجدي يعقوب وتعلن عن تفاصيل تمثاله
احتفت وزارة الثقافة بالجراح المصري العالمي السير الدكتور مجدي يعقوب، وأعلنت عن تفاصيل مشروع إقامة تمثال يخلّد مسيرته الإنسانية والعلمية، في احتفالية أقيمت بالمسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، بحضور المهندس عادل النجار محافظ الجيزة، والنحات الدكتور عصام درويش، المصمم المُنفذ للتمثال، والمهندس محمد أبو سعدة رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، والمهندس حمدي السطوحي رئيس قطاع صندوق التنمية الثقافية، إلى جانب لفيف من الشخصيات العامة والرموز الوطنية.
وقال السير الدكتور مجدي يعقوب: «أحب مصر كما أحب عملي، وأحب كذلك الفن والثقافة، وأرى أن الطب والثقافة هما من يصنعان قيمة للحياة»، معربًا عن بالغ امتنانه لهذا التقدير الوطني، قائلاً: «إنني ممتن لبلدي الحبيبة مصر، ولكل من ساهم في هذا المشروع، الذي لا أراه تكريمًا لشخصي فحسب، بل اعترافًا بقيمة العلم والعمل الإنساني بوجه عام».
وأضاف: «إن حضارة الشعوب ونموها يعتمدان بشكل أساسي على الثقافة، التي تشمل تكريم خدمة المجتمع والعلم والبحث العلمي، وكذلك الفن، لأن العلم والصحة لا يكتملان دون الفن. فالثقافة بكل عناصرها هي ما يمنح الحياة معناها الحقيقي»، مؤكدًا إيمانه العميق بقيمة الثقافة والفنون كأحد أعمدة بناء الإنسان، شأنها في ذلك شأن العلم والصحة كأساس للارتقاء بالمجتمعات.
وتمنى أن يكون هذا التكريم مصدر إلهام لكل شاب مصري يطمح لأن يضع بصمة في خدمة الإنسانية
وفي كلمته خلال الاحتفالية، قال الدكتور أحمد فؤاد هَنو، وزير الثقافة: «من أعظم النِّعَم التي أنعم الله بها على مصر أنها أنجبت رجالًا أفنوا حياتهم في خدمة الإنسان، لا بعلمهم فقط، بل بقلوبهم، وبما زرعوه من أمل في حياة الآخرين. وفي مقدمة هؤلاء يأتي السير مجدي يعقوب، ابن مصر المخلص، الذي لم يكن مجرد طبيب موهوب وجراح عالمي، بل إنسانًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى. آمن أن الطب ليس مهنة فحسب، بل رسالة رحمة ومحبة، وأن الشفاء لا يأتي من العلم وحده، بل من القلب أيضًا».
وأضاف: «يسعدنا أن نعلن عن مشروع إقامة تمثال يُجسد هذه المسيرة الملهمة، ليكون رمزًا للقيم التي يمثلها «ملك القلوب»، ورسالة إلهام متجددة للأجيال، ينفذه النحات المصري المتميز الدكتور عصام درويش، ويُعد جزءًا من مشروع أوسع تتبناه وزارة الثقافة لتكريم رموز مصر الذين تركوا أثرًا عميقًا في قلوب الناس وساهموا في بناء الوطن. فالثقافة لا تقتصر على الإبداع الفني، بل تشمل أيضًا الاحتفاء بمن أضاءوا طريق الآخرين بإنسانيتهم وعطائهم».
وأكد وزير الثقافة: «الشباب بحاجة إلى قدوات حقيقية تُلهمهم وتوجّههم نحو القيم التي تُبنى بها الأوطان، ومن هنا نحرص على تجسيد هذه الشخصيات في مياديننا ومؤسساتنا الثقافية، لتظل حاضرة في ذاكرة المجتمع وشاهدًا حيًّا على ما يمكن أن يصنعه الإخلاص والعمل».
وفي ختام كلمته، وجّه وزير الثقافة الشكر والتقدير للدكتور خالد عبد الغفار، والدكتورة منال عوض وزيرة التنمية المحلية، والمهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، على دعمهم وتعاونهم الصادق حتى يرى هذا المشروع النور، كما خص بالشكر الدكتور مجدي يعقوب على ما قدمه - ولا يزال- من علم وخير للناس.
من جانبه، قال الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان: «هذا المشروع يُجسّد منهجية الدولة المصرية في تكريم أبنائها الذين يرفعون رايتها بإسهامات بنّاءة. والسير مجدي يعقوب قيمة مصرية عالمية ورمزٌ للتفاني والإنسانية. ما يقدمه من مشروعات وخدمات، خاصة في صعيد مصر، يعكس حبًا حقيقيًا لوطنه وشعبه. كما أنه يبذل جهدًا كبيرًا في دعم شباب الأطباء وتأهيلهم، بما يضمن استمرار مسيرته النبيلة».
وأضاف: «إقامة هذا التمثال خطوة مستنيرة، ورسالة تقدير للأجيال القادمة، بأن القدوة الحقيقية هي في من يخدمون الإنسانية بإخلاص».
استهلّت فعاليات المؤتمر، التي قدمتها الإعلامية جاسمين طه زكي، بعزف السلام الوطني، تلاه عرض تقديمي قدّمه المهندس محمد أبو سعدة تحت شعار «معًا لإعلاء قيم الجمال في مصر»، استعرض خلاله تفاصيل المشروع، وموقع التمثال، ودلالاته الرمزية.
وأوضح أن التمثال سيُقام في ميدان الكيت كات بحي إمبابة، بالقرب من معهد القلب، حيث يتردّد يوميًا آلاف المرضى، ما يمنح التمثال دلالة رمزية مرتبطة بمسيرة الدكتور يعقوب.
كما أعرب الفنان والنحات الدكتور عصام درويش عن فخره بالمشاركة في تخليد هذه القامة الوطنية، موضحًا أن التمثال سيُنفذ من خامة البرونز بارتفاع 6 أمتار، على قاعدة يبلغ ارتفاعها 8 أمتار، وسيجسد الروح الإنسانية للدكتور يعقوب وعلاقته بتلاميذه. ومن المقرر الانتهاء من تنفيذه خلال نحو 8 أشهر، ليأخذ مكانه في قلب ميدان الكيت كات كعلامة فنية وإنسانية مميزة.
وأكد المهندس عادل النجار، محافظ الجيزة، أن المشروع يهدف لتوثيق اسم الدكتور مجدي يعقوب كرمز إنساني وعلمي ملهم، مؤكدًا أن اختيار ميدان الكيت كات جاء لكونه مركزًا حيويًا وملاصقًا لمعهد القلب، مما يضفي بعدًا بصريًا وإنسانيًا على التمثال.
وأوضح أن المحافظة ستنفذ خطة تطوير شاملة للمنطقة، تشمل الأرصفة والحركة المرورية والمظهر الحضاري، بالتعاون مع الجهاز القومي للتنسيق الحضاري.
كما أشار إلى أن تنفيذ التمثال سيتم من خلال بروتوكول تعاون مشترك بين وزارة الثقافة ومحافظة الجيزة، تتولى بموجبه وزارة الثقافة - ممثلة في صندوق التنمية الثقافية- الجانب الفني والإشراف الكامل على التنفيذ، فيما توفر المحافظة التمويل اللازم وتُهيّئ الموقع لاستقبال العمل الفني.
واختتم المحافظ كلمته بالتأكيد على أن «هذا المشروع يجسّد روح الوفاء والتقدير، ويبعث برسالة واضحة بأن مصر لا تنسى أبناءها الذين أفنوا حياتهم في خدمة الوطن والإنسانية».
اقرأ أيضاًالجيزة تكرم «جراح القلوب»: تمثال للدكتور مجدي يعقوب بميدان الكيت كات بالتعاون مع وزارة الثقافة
وزارة الثقافة تحتفي بعيد وفاء النيل بسلسلة من الفعاليات الثقافية والفنية
وزير الثقافة: عودة العرض المسرحي "الملك لير" للمسرح القومي نهاية الشهر الجاري