غزة.. بين صمت العالم ووهن الأمة
تاريخ النشر: 10th, February 2024 GMT
راشد بن حميد الراشدي **
ربما لن يبوح التاريخ بأسوأ من مثل هذه الأيام؛ إذ فقد الكثيرون أخلاقهم وسلوكهم وفطرتهم السوية ليموجوا في بحر الظلمات والضلالات والفتن التي عصفت بالعالم أجمع وينحط الإنسان إلى أسوأ الدرجات في بشريته ليصبح كالأنعام؛ بل هم أضل وينعكس الأمر على محبته لشهواته وملذاته حتى تلتهمه الضباع.
الأمة في كثير من أفرادها لم يعودوا يفقهون إلا القليل في دينهم وعروبتهم وأخلاقهم وتاريخهم، يعيشون على هامش التاريخ منقادين إلى حتفهم لمحتوم، وقد مزقتهم حبائل الشيطان وجنده؛ فاستسلموا لعدو ماكر جائر بغي في الأرض فسادًا، ومارس القتل دون تفرقة بين رجل وامرأة ولا بين شاب وكهل ولا بين طفل أو ضعيف وهذا طبع الظالمين الماكرين لعنهم الله.
اليوم يطبق الصمت على العالم بأسره، الأخ القريب قبل البعيد وهم يشاهدون ظلم عدو فاجر وطغيانه على ضعفاء لا حول لهم ولا قوة إلا بالله، وهو يدكهم بأفظع وأقوى ما اخترعه الإنسان من آلات الحروب المقيتة.
غزة اليوم بين صمت عالمي وعربي وإسلامي تُركت لينهش اليهود جسد أبنائها الشرفاء، وها هم اليهود والمتصهينون من بني جلدتهم يسرحون دون حساب ولا عقاب لذلك العدو ولمناصريه ومؤزريه من الأنظمة الحاقدة.
ومع ما نشاهده اليوم من خذلان عالمي، نجد- ولله الحمد- إشراقة أمل وشرارة نصر قادم لا محالة من وسط هذا الركام ومن وسط هذه الليالي حالكة الظلام لفئة مؤمنة اختصها الله بنصره وتأييده، لأنها آمنت بالله وبرسوله الكريم وثبتت على إيمانها ليتحقق النصر من خلالها قريبًا بإذن الله.
بوارق الأمل تلوح ولله الحمد في أفق الحرب التي يقودها فئة من البشر ملعونين من فوق سبع سنوات وأن الله على سحقهم لقادر، وأن الله مع المتقين؛ فبوارق الفوز والنصر حملتها بشارات كثيرة وأبرزها صمود غزة لأربعة أشهر وخذلان العدو وخسائره المتتالية وتفككه وفضحه وسط العالم لجرائمه المتكررة، وإبادته لشعب مدني أعزل وظهور رجال يقاتلونه في البحر والجو والبر حتى تمُكنوا منه حيث يعاني اليوم الأمرين الهزيمة والفشل وعدم تحقيق أهدافه المجنونة.
اليوم تنعقد المؤتمرات والمباحثات والاجتماعات للخروج من هذا المأزق وإيجاد حلول تحفظ ماء الوجه، لكن لا مجال إلّا بالرضوخ لشروط الأبطال العظماء المرابطين على الثغور، وهو ذل وخذلان لليهود ومن شايعهم سيذوقون ويتجرعون مرارته ولو بعد حين.
أكثر من 27 ألف شهيد زفتهم الملائكة في يوم عيد لهم ارتقوا إلى الجنة بإذن الله، ولا صرخة في وجه بني صهيون أطلقتها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وكأنهم قد قيدتهم يد العدو وأطبقت على أفواههم.
ستعود غزة وستعود فلسطين وسيعود الأقصى وستعود القدس بإذن الله، وستنتصر أمة الإسلام والجهاد في وجه كل عدو غاشم، ولكن ما يحيرني ذلك الصمت المطبق على العالم بأسره وعلى الأمة العربية والإسلامية، فإلى أين ستمضي بهم الحياة؟!
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم انصر عبادك المؤمنين المجاهدين في سبيلك المجاهدين لإعلاء دينك برحمتك يا أرحم الراحمين.
** عضو مجلس إدارة جمعية الصحفيين العمانية
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
في رحاب الهجرة النبوية.. فعاليات ثقافية في ذمار ومأرب وحجة تُحيي ذكرى التحول الإسلامي
يمانيون | تقرير
في سياقٍ من الإحياء الإيماني والتأمل في المحطات المفصلية من التاريخ الإسلامي، شهدت محافظات ذمار ومأرب وحجة ، اليوم الأحد، فعاليات ثقافية بمناسبة ذكرى الهجرة النبوية الشريفة، استعرضت الدروس العظيمة من ذلك الحدث الاستثنائي في مسار الأمة، وسلّطت الضوء على رمزيته العميقة في مواجهة الظلم وبناء الدولة على أسس إيمانية.
ذمار.. الهجرة تجلٍّ لمعاني التمكين بعد الصبر
في محافظة ذمار، نظّم فرعا هيئتي الموارد والمنشآت المائية ومياه الريف، فعالية ثقافية بهذه المناسبة، أكّد خلالها وكيل المحافظة محمود الجبين على أن الهجرة النبوية لم تكن مجرد حدث تاريخي، بل تحوُّل استراتيجي في مسار الدعوة، نقل الأمة من الاستضعاف إلى التمكين، ومن الاضطهاد إلى بناء الدولة.
ولفت الجبين إلى أن معاناة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مكة، وما رافق الهجرة من تضحيات ومخاطر، يجب أن تكون حاضرة في وعي الأمة اليوم، لا سيما في ظل المعركة المفتوحة مع قوى الهيمنة والاستكبار، مشيرًا إلى رمزية مشهد نوم الإمام علي عليه السلام في فراش الرسول، كأعلى تجليات الإيمان والفداء.
من جانبه، استعرض المهندس هيثم الأشرم، مدير فرع الهيئة العامة للموارد والمنشآت المائية، التحديات التي واجهها المسلمون قبل وبعد الهجرة، مؤكدًا أن التمكين جاء ثمرة لصبر وصمود وتضحيات جسيمة، داعيًا إلى غرس هذه المعاني في وعي الأجيال الناشئة.
كما أشار مدير مكتب الشباب والرياضة، علي العوش، إلى أهمية الثقة بالله في مواجهة التحديات، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وآله: “إن الله معنا”. مؤكدًا أن انتصار الحق حتمي مهما بلغت التحديات، تمامًا كما حصل في الهجرة.
مأرب.. بدبدة تحيي ذكرى التحول وتربط بين الهجرة ومعركة الأمة المعاصرة
وفي مديرية بدبدة بمحافظة مأرب، نظّمت التعبئة العامة ندوة ثقافية موسعة أكدت على مركزية الهجرة النبوية في بناء الدولة الإسلامية، واستلهام الدروس منها في مواجهة الهيمنة الصهيوأمريكية المعاصرة.
وأوضح مسؤول قطاع الإرشاد علي حميد أن الهجرة جاءت لتؤسس لمجتمع قرآني يحكمه العدل، وتُخرج الناس من عبادة الطاغوت إلى عبادة الله، لافتًا إلى ضرورة الربط بين ذكرى الهجرة والواقع الذي تخوض فيه شعوب الأمة معارك الاستقلال والسيادة.
كما قدّم مسؤولا القطاعين التربوي والإرشادي، علي سراج وعلي المنيري، رؤى توعوية حول الهجرة كحدث استراتيجي أعاد رسم خطوط المواجهة بين الحق والباطل، مشددين على دور الهجرة في استنهاض الوعي الجمعي وتعزيز الصمود.
حجة.. إحياء الهجرة واستذكار ثورة الإمام الحسين
وفي محافظة حجة، أقامت الهيئة النسائية الثقافية عددًا من الندوات والفعاليات في مناطق متفرقة بالمحافظة، استعرضت خلالها محاور تربوية وتاريخية من الهجرة النبوية، والتضحيات العظيمة التي واجهها النبي وأصحابه من قريش، ومواقف الأنصار البطولية في نصرة الإسلام.
كما تضمنت الفعاليات فقرات خُصصت لاستذكار استشهاد الإمام الحسين عليه السلام، وربط ثورته الخالدة بروح الهجرة ومعاني التضحية، حيث أكدت الكلمات أن الحسين عليه السلام كان امتدادًا لمسار النبوة في رفض الظلم، وتحقيق العدل.
وفي عدد من الكلمات، شدّدت المشارِكات على أن ذكرى الهجرة تمثل منارة للسير على درب الحق ومواجهة قوى الطغيان، وأن ثورة الإمام الحسين تُعلّم الأجيال أن الوقوف بوجه الباطل واجب إيماني لا يسقط بالتقادم.
الهجرة النبوية بوابة الوعي والثبات في معركة التحرر
وتعكس هذه الفعاليات، مجتمعة، حرص أبناء الشعب اليمني في مختلف المحافظات على استلهام ذكرى الهجرة النبوية كرافعة وعي وتربية وجهاد.. فالهجرة لم تكن انسحابًا بل انطلاقة لبناء مجتمع مؤمن، والهجرة اليوم لا تعني ترك الأرض، بل تعني مغادرة الخنوع والسكوت إلى ساحة المواجهة الواعية.
في ظل الحصار والحرب التي يشنها تحالف العدوان الأمريكي الصهيوني على اليمن وفلسطين وعموم الأمة، تتجدد الحاجة للعودة إلى تلك المحطة التاريخية الكبرى، التي أخرجت الحق من مخبئه وأعلت رايته رغم كل الظروف.
إن روح الهجرة هي ما يحتاجه أبناء الأمة وهم يواجهون الظلم العالمي، وهي ما يمنح الشعوب المستضعفة القدرة على الثبات والانتصار، مهما بلغت التضحيات، ومهما تعاظمت المؤامرات.