لجريدة عمان:
2025-07-01@04:09:44 GMT

أحداث غزة.. تعيد فهمي هويدي للكتابة

تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT

بعد غياب طويل عن الكتابة والظهور الإعلامي، استمر سبع سنوات، عاد الكاتب المصري فهمي هويدي إلى الكتابة من جديد، في مقال لموقع «الجزيرة - نت»، تحت عنوان «ما جرى في 7 أكتوبر»، نشره في التاسع والعشرين من يناير الماضي، تناول فيه طوفان الأقصى ومقدماته ومآلاته المتوقعة، ولم يخل المقال من التحليلات التي برع فيها هويدي، اعتمادًا على علاقاته المتعددة التي يستمد منها معلوماته.

يعود آخر مقال كتبه هويدي، إلى الأول من يوليو 2017 في صحيفة «الشروق» المصرية، وقيل حينها إنّ التوقف بسبب حصوله على إجازة صيفية، ويبدو أنّ الإجازة الصيفية امتدت حتى نهاية يناير 2024، وهي إجازة طويلة مملة لكاتب مهموم بالشأنين العربي والإسلامي. وطوال فترة الغياب لم يصدر عن هويدي أيُّ تصريح لوسائل الإعلام، ولم ينشر أيَّ مقال عبرها؛ ممّا أثار تكهنات بوجود ضغوط لمنعه من الكتابة، خاصة بعد أن نشر مقالًا أثار حملة هجوم شرسة ضده نُشر في صحيفة «الشروق» المصرية، بتاريخ 18 يوليو 2015، حيث صرح بعدها هويدي لموقع «هاف بوست»، في أغسطس التالي، أنه «يتلقى رسائل غير مباشرة قد تمثل ضغوطًا أو إشارات إلى شيء ما»، وكشف، آنذاك، عن منعه من السفر «لكن الأمر تمت معالجته من خلال اتصال جرى بين رئيس الوزراء (المصري) ووزير الداخلية، وتم رفع هذا الحظر».

وإذا كانت هناك ضغوطات مورست على الكاتب، وعلى صحيفة «الشروق» لإيقاف نشر مقالاته، إلا أنّ فهمي هويدي يؤمن - حسب تصريحه - «أنّ على الصحفيّ أن يتوقف عن الكتابة، حتى لا يخون قضيته الأساسية، عندما يعجز عن التعبير عن نفسه كمنبر وكضمير للمجتمع»، وهو بذلك يوجِّه رسالة هامة لكلّ الكتّاب والإعلاميين؛ فالكاتب قبل وبعد كلِّ شيء يجب أن يكون صاحب رسالة، وأن يمثّل ضمير المجتمع، ومتى ما عجز عن التعبير عن ضميره وضمير مجتمعه فالأولى له السكوت. وأظن أنّ هذا ما فعله هويدي، الذي دار حوله الجدل بسبب ما اعتبره كثيرون، أنه دائمًا يتجاوز «الخطوط الحمراء» في كتاباته، وبالتأكيد أنا أختلف معهم في هذا الرأي، لأني أؤمن أنّ من يقول الحق هو خير ناصح للوطن والمجتمع، وأنّ الضرر لا يأتي إلا من المطبِّلين، الذين يغيّرون مواقفهم حسب الظروف، وعندما تقرأ مقالاتهم لا تجد لها لونًا ولا رائحة ولا طعمًا؛ إذ هي مقالات تفتقد إلى الروح. ولم ينجح أيُّ مجتمع إلا إذا كانت حرية التعبير فيه مرتفعة، بحيث يُسمع ويُسمح فيه للرأي والرأي الآخر، والخطر غالبًا يأتي من الذي لا يملك رأيًا.

والكاتب فهمي هويدي متخصص في شؤون العالم العربي والإسلامي، ومن أبرز المفكرين المعاصرين، وتخصص في معالجة الشؤون الإسلامية بمشاركته في كثير من ندوات ومؤتمرات الحوار الإسلامي، وقام بزيارات عمل ميدانية إلى مختلف بلدان العالم الإسلامي في آسيا وأفريقيا، وتولى التعريف بها في سلسلة استطلاعات مجلة «العربي» الكويتية، في فترة نهاية السبعينيات، لكنه - رغم كتاباته الإسلامية الكثيرة - يتحفظ على حصره في إطار «الكاتب الإسلامي»، وتساءل في عدد من الحوارات التي أجريت معه عن معنى هذا «الختم» في حقيقته، وهو يعتد بكونه صحفيًّا أولا وأخيرًا، وتأثره في مشواره بالصحفيين الراحلين أحمد بهاء الدين، ومحمد حسنين هيكل.

وإذا كانت أحداث غزة قد أعادت هويدي إلى الكتابة، فإنّ ذلك ليس مستغربًا عليه، فقد كرس خلال الأعوام الأخيرة جزءًا كبيرًا من كتابته حول القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي، إذ اعتبر أنّ القضية الفلسطينية هي القضية الأساسية للأمة العربية، وأنها تتعرض لمخاطر، منها محاولات تصفيتها، مدافعًا عن ثوابت الأمة، وحق الفلسطينيين في المقاومة، رافضًا سياسة ما أسماه «السلام الاستسلامي والتفريط في الحقوق العربية سواء في فلسطين أو غيرها».

في مقال العودة دعا هويدي إلى قراءة متأنية لخلفيّات وتداعيات الزلزال الذي حدث في غزة صبيحة السابع من أكتوبر الماضي، وبدأ بملاحظة شخصية، خلاصتها أنّ الحدث الجلل استدعاه للكتابة بعد انقطاع تجاوز سبع سنوات «بعدما عانيتُ من شعورٍ بالخجل، لازمني جنبًا إلى جنب مع شعوري بالبهجة والتفاؤل حينًا، والحزن والخزي في أحيان أخرى». وعزا سبب الخجل أنّ انقطاعه عن الكتابة ضمَّه تلقائيًا إلى مربع المتفرجين والصامتين، وهو ما نفر منه طوال ستين عامًا. ويقول إنه لم يجد حلًا للخروج من تلك الحالة إلا بالعودة المؤقتة للكتابة أيًا كان مدى تواضعها؛ اقتناعًا منه بأنّ الجهر بالتضامن والمساندة في هذه اللحظة التاريخية بات فرضَ عين على كلِّ من انتسب إلى حِرفة الكتابة، حتى وإن كان كذلك يومًا ما.

يتناول هويدي في مقاله إنجازات المقاومة الفلسطينية التي أصبحت فوق الإعجاز، بأنه رغم الحصار المُحكم على القطاع منذ ثمانية عشر عامًا، إلا أنّ المقاومة لم تستسلم لذلك الواقع القاسي، وكانت الأنفاق هي أبرز الحلول التي لجأت إليها، حتى يمكن القول إنّ قوات الاحتلال إذا كانت قد تحكمت في كلّ ما فوق الأرض، فإنّ المقاومة أقامت عالمًا آخر لا سلطانَ لإسرائيل عليه تحت الأرض، وأنّ عالم الأنفاق - التي يقدر طولها بحدود 500 كيلومتر - كان ولا يزال المصدر الأساسي للقوة العسكرية التي توفرت للمقاومة، وفيه كلّ مستلزماتها من ورش تصنيع السلاح بمختلف أنواعه، إلى شبكات الاتصال ومراكز التوجيه والسيطرة ومعامل التجارب الفنية والدقيقة. كما أنّ حشدًا غير قليل من خبراء بمختلف التخصصات اكتسبوا خبراتهم من الدراسة والعمل في العديد من دول العالم المتقدم والنامي، خصوصًا أنّ الفلسطينيين أدركوا أنهم يقفون وحدهم تمامًا أمام الاحتلال الصهيوني، وإلى جانب استعانتهم بالخبرات المكتسبة الدقيقة التي مكنتهم من صنع «المُسَيَّرات»، فإنهم استعانوا أيضًا بما توفر لهم من «خردة» في تصنيع السلاح، تولت عدة مخارط تهذيبها وتشكيلها لتتحول إلى أجزاء فعّالة في عملية التصنيع.

يذكر فهمي هويدي أنّ ثمة فرقًا بين كسب معركة وبين الفوز في الحرب. والأول إنجاز يتم أثناء جولات القتال، أما الفوز فهو لا يعلن إلا بعد وقف إطلاق النار وتوقف القتال، «لذلك فإنّ حفاوتنا بما حققته المقاومة في غزة يجب ألا تصرف انتباهنا عن ضرورة الاحتشاد لكسب الحرب ضد إسرائيل يومًا ما، حتى إذا كان بعيدًا. وتلك ليست مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، ولكنها مسؤوليتنا جميعًا ليس من باب التضحية والنخوة، ولكن دفاعًا عن أمننا القومي والمصلحة الوطنية لكل قُطر عربي».

ويختم مقاله بعبارة مؤلمة ومؤسفة، ولكنها حقيقة إذ يقول: «من المؤسف أنني لا أكاد أجد أحدًا مشغولًا بالقضية الفلسطينية في الوقت الحالي، وأشهد بأنّ الفلسطينيين سبقونا بتقديم حصتهم فيها، وكتبوا صفحتهم ببسالة رجالهم ودماء شعبهم».

إنّ القضية الفلسطينية هي قضية أمة؛ وهذا يُلزم الكلَّ أن يقوم بدوره كلّ في مجال اختصاصه. وقد تابعنا الكاتب فهمي هويدي طوال سنوات طويلة وهو يصدح بالحق، مناصرًا القضية، ولم يكن ضمن مربع المتفرجين والصامتين، وهو المربع الذي لا يليق بفكره وقلمه وقامته. وإذا كان يقول إنه لم يجد حلًا للخروج من تلك الحالة إلا بالعودة «المؤقتة» للكتابة؛ فإنّ الواجب يحتّم عليه أن يواصل، وأن يجهر بتضامنه ومساندته للقضية التي آمن بها، وعليه أن يقطع إجازته سواء كانت اضطرارية أو جبرية، وألا تكون عودته مؤقتة.

زاهر المحروقي كاتب عماني مهتم بالشأن العربي ومؤلف كتاب «الطريق إلى القدس»

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: القضیة الفلسطینیة

إقرأ أيضاً:

مخاوف إسرائيلية من صفقة مع حماس تعيد الوضع إلى ما قبل الطوفان

يشتد النقاش الاسرائيلي حول إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس، وما يعنيه من اتخاذ قرارات صعبة ودراماتيكية، وما تسميه تنازلات، وسط معارضة لا يخفيها تيار الفاشيين داخل الحكومة، بزعم أن الصفقة ستعيد الاحتلال لنقطة البداية الإشكالية قبل طوفان الأقصى.

البروفيسور عيزرا غات، أستاذ الأمن القومي بجامعة تل أبيب، ومستشار معهد دراسات الأمن القومي، وحائز على جائزة معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا في العلوم السياسية والاستراتيجية، ذكر أنه "بعد انتهاء الحملة على إيران بإنجازات كبيرة، عادت مسألة استمرار الحرب في غزة لمركز الجدل العام، وارتبطت ارتباطاً وثيقاً بمسألة الرهائن المتبقين لدى حماس، ويرى كثيرون أن انتهاء حرب إيران يشكل فرصة مناسبة لإنهاء نظيرتها ضد حماس في غزة أيضاً".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أن "اختلافات الرأي والتقييمات بشأن المستقبل بعد إبرام هذه الصفقة في غزة، تظل مفتوحة دائما، على الأقل جزئيا، وهي اختلافات مشروعة، ومن الضروري ألا نخدع أنفسنا في تقييماتنا للخيارات المتاحة على الطاولة فيما يتصل بالصفقات المقترحة لإنهاء حرب غزة، لأن الخطاب الذي انتشر من هوامش الحكومة الحالية إلى مركزها تسبب في أضرار جسيمة للدولة في الرأي العام العالمي، بما في ذلك بين أصدقاء الاحتلال، وحتى على الساحة الداخلية".

وأوضح إن "التحالف اليميني والشكوك المبررة بشأن دوافعه الأيديولوجية والشخصية الانتهازية تسبب أضرارا جسيمة، وهو ما يترتب عليه آثار على النقاش حول الحرب، وشروط نهايتها".

وشرح قائلا إن "سقوط إيران، واستمرار الضغوط العسكرية الإسرائيلية في غزة، يزيدان من فرصة إنهاء الحرب، رغم القناعة السائدة بأنه لا أمل في استمرار الحرب حتى قتل آخر حمساوي، هذا الهدف يستحيل تحقيقه، ولذلك فإن الهدف هو إضعاف حماس أكثر، والتخلص من أكبر قدر من هيكلها القيادي، وتفكيكها بشكل أكبر، إلى المستوى الذي يسمح لها بكسر سيطرتها الفعلية على القطاع، رغم الافتراض بأنه إذا انسحب الاحتلال من غزة، فيتوقع أن تستعيد الحركة سيطرتها بسرعة".



وأوضح أن "التسوية المقترحة في غزة تشبه التسوية التي توصلنا إليها مع حزب الله في لبنان، رغم أن ما فشلنا في تحقيقه عسكرياً خلال عام ونصف لم يعد ممكنا تحقيقه على الأرجح، رغم أن نتائج عملية "عربا غدعون" قد تمهد الطريق بالفعل لدخول حكومة غير حماس للقطاع، ستضطر حتماً للحصول على دعم "الحِراب" الإسرائيلية، كما هو الحال في الضفة الغربية، رغم أن أي نهاية أخرى للحرب ستؤدي لتعافي حماس، وعودتها للسيطرة على القطاع".

وأوضح أنه "بالنسبة للصفقة، فلا يمكن دفع "أي ثمن" لاستعادة المختطفين، لأنهم أعظم رصيد لدى حماس، وضمانة وجودها حالياً، وهي تنوي استغلال هذه الميزة على أكمل وجه، وجمع أقصى ما يمكن لهم، رغم أن مقابل استعادتهم يتمثل بإطلاق سراح آلاف الأسرى الفلسطينيين جماعياً، ولا يخفى على أحد مشاهد خروجهم في مئات الحافلات المحتفلة على الرأي العام الفلسطيني والعربي في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، الذي "ثَمِلَ" بنجاح السابع من أكتوبر، ونيران الجهاديين، مما سيعزز صفوف حماس في غزة بشكل كبير".

وزعم أنه "كما لعب أسرى صفقة أحمد جبريل 1985 في دورا في اندلاع انتفاضة الحجارة، فقد مارس أسرى صفقة شاليط 2011، الذين زادوا عن ألف أسير ذات الدور في العمليات المسلحة، صحيح أن الجيش سيقتل مئات الأسرى المحررين، لكن بعد أن يقتلوا مئات وآلاف الاسرائيليين، ولذلك فإن أغلب أنصار الصفقة "بأي ثمن" يتجاهلون هذا الأثر، وتداعياته، بل يعتقدون، بكامل وعيهم، أنه حتى لو كان هذا حساباً دموياً بالفعل، فإن قبوله التزام أخلاقي، رغم المخاوف من أن حماس ستحتفظ بعدد من المختطفين كاحتياطي للمستقبل".

وحذر أنه "إذا عادت حماس، نتيجة للاتفاق، لموقع السيطرة في غزة، وأعادت بناء صفوفها، وجددّت ردعها الصاروخي، وليس بالضرورة التهديد بهجوم واسع النطاق، فهذا يعني أننا عدنا لنفس النقطة، ولذلك لا يجب السماح بعودتها للسيطرة على غزة، واستعادة نفوذها، وإلا ستجد إسرائيل نفسها أمام معضلات صعبة، سياسية وعسكرية، لا يجوز التغاضي عنها، ومن غير الواضح لأي مدى سيسمح لنا النظام الدولي بحرية العمل العسكري في غزة".

وأشار إلى أن "الخلاف السياسي العسكري في الدولة له تأثير قاتل على القدرة على خوض الحرب، لكن انسحاب الجيش من القطاع في هذه المرحلة سيؤدي لعودة حماس، ويتسبب في أضرار جسيمة داخل المجتمع الإسرائيلي أو خارجه، رغم أن نتنياهو ذكي بما يكفي لفهم أنه لن يكون هناك تهجير ولا مستوطنات في غزة، لكنه واصل إصدار هذه التصريحات لإرضاء شركائه المتطرفين في الائتلاف".

مقالات مشابهة

  • حادثة تطوان تعيد إلى الواجهة معاناة عمال الإنعاش
  • مخاوف إسرائيلية من صفقة مع حماس تعيد الوضع إلى ما قبل الطوفان
  • فريدة فهمي.. سيدة الرقص الاستعراضي التي منحت جسدها للتراث وأفكارها للأكاديمية في عيد ميلادها الـ85
  • ابنة حسين فهمي تخطف الأنظار بفستان لافت.. شاهد
  • في عيد ميلادها.. فريدة فهمي رقصت رغم وفاة شقيقتها في عز شبابها
  • فريدة فهمي.. فراشة فرقة رضا التي سحرت الجمهور بالفن والجمال والعلم
  • تيسير فهمي تكشف لـ صدى البلد حقيقة اعتزالها الفن
  • إيران تعيد فتح أجوائها أمام الرحلات الدولية
  • أحمد السقا يشوق الجمهور لفيلمه الجديد مع أحمد فهمي "أحمد وأحمد"
  • بهذه الطريقة.. أحمد فهمي يروج لفيلمه الجديد "أحمد وأحمد" مع السقا