التصنيف الائتماني الدولية توقع «الاقتصاد الإسرائيلي» في مستنقع التخفيض.. والسبب؟
تاريخ النشر: 11th, February 2024 GMT
مع بلوغ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة يومها الـثامن والعشرين بعد المئة، وتخطي حصيلة الشهداء الفلسطينيين حاجز الـ28 ألف شهيد، وكانت أعداد الضحايا من المصابين في صفوف المدنيين قد اقتربت من الـ 68 ألف مصاب غالبيتهم من النساء والأطفال.
ورغم هذه الأوضاع الإنسانية الخطيرة تأبى القوة القائمة بالاحتلال أن تتخلى عن استمرار عملياتها العسكرية التي تتنتهج فيها سياسة الأرض المحروقة، وكأنها عازمة على القضاء على كافة مظاهر الحياة في قطاع غزة المكلوم من البشر والحجر والشجر.
وأمام تخاذل المجتمع الدولي وسط هذه الغطرسة الصهيونية، تدرس الحكومة اليمينية المتطرفة بقيادة «بنيامين نتنياهو» خطة تقوم فيها بإجلاء سكان رفح الفلسطينية إلى ناحية الشمال، وذلك قبل القيام بعملية عسكرية إسرائيلية جديدة محتملة على مدينة رفح، بحسب مصادر صحفية إسرائيلية، فيما تواردت أنباء عن أن مثل هذا الهجوم لن يكون قبل شهر مارس المقبل.
في الوقت نفسه حذرت مصر إسرائيل من الإقدام على هذه الخطوة ووجهت للأخيرة رسائل قوية مفادها، أن هذا الإجراء من شأنه أن يعرض اتفاق السلام بين الجانين للخطر، والسبب في ذلك هو قيام إسرائيل بالضغط على النازحين الفلسطينين الذين تقدر أعدادهم بمئات الآلاف من قطاع غزة للتوجه نحو الشمال ومن ثم العبور إلى سيناء، وهذا ما لا يقبله الجانب المصري لاعتبارات الأمن القومي.
وكانت مصر من جهتها أوضحت لإسرائيل أنها تعارض وبشدة خطة إسرائيل لتوسيع القتال في رفح، فيما قدرت خسائر جيش الاحتلال الإسرائيلي بنحو يزيد عن نصف مليار دولار أمريكي، وبما يقارب الـ270 مليون دولار يوميًا من جراء المواجهات الدامية بينها وبين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وذلك وفق تقديرات مراقبين.
ودفهت هذه الفاتورة الاقتصادية الثقيلة الناجمة عن الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، «البنك المركزى الإسرائيلي» للبحث عن حلول لإنقاذ البلاد من الغرق في مشكلات اقتصادية وخيمة، التي من شأنها جعل اقتصاد إسرائيل على وشك الإنهيار، حيث باع البنك المركزي ماقيمته 8.2 مليار دولار من النقد الأجنبي فى أكتوبرالماضي، الأمر الذي أدى إلى تراجع الاحتياطي إلى 191.235 مليار دولار، فيما تعد هذه المرة الأولى على الإطلاق التي يلجأ فيها البنك المركزي الإسرائيلي لبيع النقد الأجنبي.
وتعد هذه الفاتورة الاقتصادية الباهظة الناتجة عن حرب الإبادة الجماعية التي تقوم بها إسرائيل ضد مواطني قطاع غزة جعلت وكالة موديز للتصنيف الإئتماني إلى تخفيض تصنيف إسرائيل الائتماني، ما جعل وزير المالية الإسرائيلي "بتسلئيل سموتريتش" يوجه انتقادات الى قرار "موديز"قائلًا: إن هذا القرار المرتبط بحرب غزة لم يستند إلى منطق اقتصادي سليم.
وواصل وزير المالية الإسرائيلي انتقاده للقرارواصفًا إياه بـ«المتشائم» قائلا، إن الاقتصاد الإسرائيلي قوي بكل المقاييس ونحن قادرون على مواصلة تحمل المجهود الحربي كاملًا سواء على الجبهة الخارجية أو الداخلية حتى تحقيق النصر.
وكانت وكالة «موديز» الأميركية أعلنت يوم الجمعة الماضي عن تخفيضها التصنيف الائتماني لإسرائيل بدرجة واحدة، من A1 إلى A2، بسبب تأثير الحرب التي تشنها على قطاع غز عقب انطلاق عملية "طوفان الأقصى" التي بدأتها حركة حماس في السابع من أكتوبر المنصرم.
ومن جانبها أعلنت «موديز» في بيان لها إن قرارها جاء بعد تقييمها الذي كشف عن أن النزاع العسكري القائم مع حماس وتداعياته وعواقبه الأوسع نطاقًا يزيد بشكل ملموس من المخاطر السياسية لإسرائيل، كما وأن تداعياته تضعف من قدرات مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والمالية في المستقبل القريب، كما خفضت الوكالة توقعاتها لديون إسرائيل إلى “سلبية” بسبب خطر التصعيد مع حزب الله اللبناني على طول حدودها الشمالية.
فيما قلل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من أهمية قرار وكالة موديزللتصنيف الإئتماني الذي أقر بتخفيض التصنيف الإئتماني لإسرائيل، مشيرًا إلى أن الاقتصاد الإسرائيلي قوي، مشيرا إلى أن خفض التصنيف ليس مرتبطًا بالاقتصاد، بل يرجع بالكامل إلى حقيقة أنهم في حرب، كما توقع أن التصنيف سوف يرتفع مرة أخرى في اللحظة التي ننتصر فيها في الحرب، قائلا «سوف ننتصر في الحرب».
وفيما أرفقت «موديز» تصنيفها المخفض للإئتمان الإسرائيلي بنظرة مستقبلية سلبية، ما يشير إلى توقعاتها بمزيد من الإنخفاضات على المدى القريب، مشيرة أن خطر حصول تصعيد يشمل حزب الله في شمال إسرائيل لا يزال قائما، وهو ما يُحتمل أن يكون له تأثير سلبي أكثر بكثير على الاقتصاد.
جدير بالذكر أن هذه هي المرة الأولى التي تشهد فيها إسرائيل تخفيضًا في تصنيفها على المدى الطويل، وفقا لإحدى تقارير وكالة «بلومبرج».
نظرات سلبية لاقتصاد إسرائيلومن جهتها خفضت وكالة «ستاندرد آند بورز» للتصنيفات الائتمانية التوقعات الائتمانية لإسرائيل من مستقرة إلى سلبية بسبب المخاطر المتنامية في الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس.
ووضعت وكالة «فيتش» التي تعد أحد وكالات التصنيف الثلاث الكبرى في الولايات المتحدة إسرائيل تحت المراقبة السلبية بسبب المخاطر الناجمة عن حبها في "قطاع غزة"، حيث وضعت تصنيف إسرائيل الائتماني تحت المراقبة في 19 أكتوبرالماضي، وذلك بعد مرور 12 يومًا على انطلاق عملية طوفان الأقصى واندلاع عمليات إسرائيل العسكرية مع حركة "حماس".
فيما أوضحت الوكالة في بيانها: أنه في حين أن القتال في غزّة قد ينخفض في حدّته أو يتوقف، فإنه لا يوجد حاليا أي اتفاق على وضع حد للأعمال العدائية بطريقة دائمة أو اتفاق على خطة طويلة الأجل من شأنها استعادة أمن إسرائيل بالكامل وتعزيزه في نهاية المطاف.
كما كشفت «فيتش» عن ضعف البيئة الأمنية في إسرائيل، ما تسبب في فرار عدد كبير من المستوطنين الإسرائيليين إلى الخارج، وهو ما يترتب عليه مخاطر اجتماعيّة كبرى، إضافة إلى ضعف المؤسسات التنفيذية والتشريعية. موضحة أن الصراع الدائر حاليًا له تأثيرات وتداعيات مالية جسيمة على اقتصاد إسرائيل.
وتأتي هذه النظرة السلبية للاقتصاد الإسرائيلي في ظل تكلفة الحرب مع فصائل المقاومة الفلسطينية ما لا يقل عن مليار شيكل يوميًا.
اقرأ أيضاًتحليل بالجارديان: إسرائيل تنتهك قرارات محكمة العدل الدولية بشأن الحرب في غزة
إندونيسيا ترفض بشدة معارضة نتنياهو لإقامة دولة فلسطينية عقب انتهاء الحرب في غزة
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: قطاع غزة بنيامين نتنياهو عملية طوفان الأقصى حصيلة شهداء غزة خسائر إسرائيل خسائر الحرب الاسرائيلية اتفاقية السلام مع إسرائيل آخر تطورات العدوان الإسرائيلي محور فلادلفيا الإبادة الجماعية في غزة الوضع في رفح قطاع غزة
إقرأ أيضاً:
بين التكتيك والاستراتيجية... أين تقف إسرائيل بعد الضربات التي تلقتها إيران؟
هل ما تحقق كان نصرًا استراتيجيًا يعيد رسم قواعد اللعبة؟ أم مجرد إنجاز آني قد تتجاوزه المواجهة المقبلة؟ اعلان
منذ اللحظة الأولى لانطلاق الهجوم الإسرائيلي المباغت على أهداف داخل العمق الإيراني، بدا أن تل أبيب تسعى لتغيير قواعد الاشتباك في الصراع مع طهران، مستندة إلى دعم سياسي وعسكري ضمني من الولايات المتحدة وبعض القوى الغربية. ومع اتساع رقعة الضربات وتطورها لاحقًا إلى تدخل أميركي مباشر استهدف منشآت نووية بالغة التحصين، أثير تساؤل جوهري في الأوساط السياسية والعسكرية: هل حققت إسرائيل نصرًا حقيقيًا؟ وإن كان كذلك، فهل هو نصر آني تكتيكي أم تحول استراتيجي في المواجهة الطويلة مع إيران؟
الهجوم الإسرائيليبدأت إسرائيل عملياتها العسكرية داخل إيران بضربات جوية دقيقة استهدفت منشآت عسكرية ومراكز قيادة وسيطرة، فضلًا عن مواقع لصناعة وتطوير الصواريخ والطائرات المسيّرة. وتميزت هذه الضربات بسرعتها واعتمادها على معلومات استخباراتية عالية الدقة، مما أربك الدفاعات الإيرانية وشكّل صدمة أولى للنظام في طهران.
الرسالة الإسرائيلية كانت واضحة: لم تعد الجغرافيا تحمي الجمهورية الإسلامية من الضربات، والمواجهة لم تعد مقتصرة على ساحات الوكلاء، سواء في سوريا أو لبنان أو العراق. ومع ذلك، فإن هذه الضربات لم تسفر بعد عن انهيار عسكري أو أمني داخل إيران.
التحول الأكبر جاء عندما تدخلت الولايات المتحدة بضربات نوعية استهدفت منشآت نووية رئيسية في فوردو وأصفهان ونطنز، مستخدمة طائرات B-2 الشبحية وصواريخ خارقة للتحصينات من طراز GBU-57. هذه الضربات شكّلت ذروة التصعيد ضد البرنامج النووي الإيراني.
وبحسب تقرير قدمه المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمام مجلس الأمن، فإن الأضرار التي لحقت بهذه المنشآت كانت كبيرة، إلا أن الوكالة لم تتمكن من تقييم مدى الدمار داخل المرافق تحت الأرض.
Related"تخطى دوره الرقابي وساهم بإشعال الحرب".. غروسي في دائرة الاتهامات الإيرانيةضربة واشنطن النوعية: هل نجحت "مطرقة منتصف الليل" في شل البرنامج النووي الإيراني؟كم عدد القنابل والصواريخ التي استخدمتها واشنطن في هجماتها ضد إيران؟إيران: لا تراجعرغم الضربات القاسية، لم تُبدِ إيران مؤشرات على التراجع، بل كثّفت من خطابها التعبوي وهددت بالرد على الولايات المتحدة الأميركية، فيما واصلت قصفها لإسرائيل.
تقييم المكاسب: آنية أم استراتيجية؟استطاعت إسرائيل، بلا شك، تسجيل نقاط مهمة في المدى القصير، سواء عبر إظهار قدرتها على اختراق العمق الإيراني، أو من خلال توجيه ضربات مباشرة. كما نجحت في إعادة تسليط الضوء الدولي على البرنامج النووي الإيراني، وحشد دعم ضمني لاحتواء طموحات طهران.
لكن في المقابل، لم تنجح الضربات حتى الآن في تغيير المسار الاستراتيجي للسياسة الإيرانية، إذ لم تُجبر طهران الى الآن على العودة إلى طاولة التفاوض بشروط جديدة. بل يبدو أن الصراع دخل مرحلة أخرى من التوترات المستمرة والضربات المتبادلة التي قد تطول.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إيهود أولمرت قد أطلق أمس تصريحات غاية في الأهمية. إذ رأى أن الغارات الأمريكية تحيّد البرنامج النووي الإيراني محذرا من تداعيات أكبر حجما. حيث قال إنه النظام لن ينهار رغم قوة الضربات ودعا للأخذ في عين الاعتبار ترسانة طهران الصاروخية. وقد أخذ أولمرت مسافة من التهليل الإسرائيلي بما جرى. فقال من الغطرسة ومن غير الواقعي اعتبار أن الغارات الاستباقية ستركّع دولة تعداد سكانها 90 مليونا وذات تراث عمره آلاف السنين.
وبناء على ما تقدم، يرى مراقبون أن ما حققته إسرائيل حتى الآن يمكن وصفه بنصر آني محدود التأثير من الناحية الاستراتيجية. فقد وجهت ضربة قوية للهيبة الإيرانية، لكنها لم تُنهِ المشروع النووي، بحسب ما صرّح به مسؤولون إيرانيون. ومع دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة، ارتفعت الكلفة، لكن أيضاً ارتفعت معها المخاطر. فهل ستتمكن إسرائيل من ترجمة هذا التقدم التكتيكي إلى تغيير دائم في المعادلة الإقليمية، أم أنها فتحت أبواب صراع طويل قد يتجاوز قدرتها على التحكم بمساره؟
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة