لماذا تعارض طالبان تعيين ممثل أممي للسلام في أفغانستان؟
تاريخ النشر: 12th, February 2024 GMT
كابل – تستضيف العاصمة القطرية الدوحة الأسبوع المقبل الجولة الثانية من اجتماع الأمم المتحدة بشأن مراجعة الوضع في الأراضي الأفغانية، والإعلان عن تعيين مبعوث خاص للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون السلام والمصالحة في أفغانستان لبدء حوار وطني لتشكيل حكومة شاملة.
ويُعد الحوار الجزء الأساسي في مهمة الممثل الخاص، ويأتي قرار تعيينه بعد أن قدّم فريدون سينيرلي أوغلو منسق الأمين العام للأمم المتحدة تقريرا إلى أنطونيو غوتيريش إثر دراسة للوضع في أفغانستان استمرت 7 أشهر.
وأرسل غوتيريش التقرير إلى مجلس الأمن لاتخاذ القرار بشأنه، وبعد الاجتماع الذي عُقد في الثامن من يناير/كانون الثاني الماضي لمناقشته، وافق المجلس على قرار تعيين ممثل خاص لأفغانستان على أن يكون خبيرا في مجال حقوق الإنسان ويتمتع بالخبرة اللازمة في القضايا الدولية وشؤون السلام وحل الصراعات.
يرى أفغان كُثر أن خارطة الطريق التي أعلنتها الأمم المتحدة قبل أسابيع تؤكد أن المجتمع الدولي ما زال يهتم بالملف الأفغاني في ظل وجود أزمة أوكرانيا والهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة والتوتر في البحر الأحمر، وهي فرصة كبيرة يجب على الحكومة الحالية والذين يعارضونها استغلالها لصالح أفغانستان.
كما يرون أن حركة طالبان تحتاج إلى الاعتراف الدولي بحكومتها، ورفع العقوبات الدولية عن البنوك الأفغانية، والسماح بالسفر لمسؤوليها، وأن الشعب الأفغاني يحتاج إلى دستور ينظم حياته السياسية والاجتماعية وأن يشعر بأمان في بلده وألا يفكر في الهجرة، موضحين أن تطبيق الخارطة يوفر الحل المناسب للأزمة الأفغانية.
في السياق، يقول عبد الكريم خرم مدير مكتب الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزاي، للجزيرة نت، إن مجلس الأمن أصدر خلال عامين ماضيين 4 قرارات مصيرية بشأن أفغانستان.
ويرى أنها دليل على أن المجتمع الدولي يهتم بالملف الأفغاني، وأن الأمم المتحدة رسمت خارطة الطريق للخروج من الأزمة الحالية وأقرها مجلس الأمن، وأن مهمة ممثل الأمين العام للأمم المتحدة تختلف هذه المرة عن سابقاتها، "والآن الكرة في ملعب الأفغان ليقرروا كيف يستفيدون منها".
وأعلنت الحكومة الأفغانية على لسان وزير خارجيتها أمير خان متقي رفضها تعيين ممثل خاص للأمم المتحدة، وأنها لن تتعامل معه لأن التعيين "خطوة غير ضرورية".
وقال متقي للجزيرة نت "نرحب بالنقاط الإيجابية في تقرير المنسق العام للأمين العام للأمم المتحدة في ظل وجود بعثتها، ولا حاجة لتعيين ممثل آخر، ويمكن للأمم المتحدة مواصلة أنشطتها في أفغانستان عبر مكتب بعثتها في البلاد".
ويمكن تفهّم قلق حركة طالبان من تعيين هذا المبعوث الخاص، الذي تتمثل مهمته الأساسية في بدء حوار وطني بين طالبان ومعارضيها وتشكيل حكومة شاملة تمثل كافة أطياف الشعب الأفغاني، رغم تأكيد الحركة أنها شكلت حكومة تشمل كافة الأعراق الموجودة في البلاد، وأنها تسيطر على كل الأراضي الأفغانية ووضعت حدا للحرب التي استمرت أكثر من أربعة عقود.
شأن داخلي
ويقول ذاكر جلالي، وهو مسؤول في الخارجية الأفغانية، للجزيرة نت "السؤال الأساسي هو ما الحاجة لتعيين ممثل خاص آخر؟ وما ستكون مهمته؟ جميع الأسباب التي ذُكرت لتبرير تعيينه هي نفسها التي تتولى البعثة الحالية مهمتها، والحكومة الأفغانية مستعدة لمناقشة جميع القضايا العالقة مع المجتمع الدولي عبر القنوات الثنائية، وإذا أراد الممثل مناقشة القضايا الداخلية، فلسنا مستعدين لأنها شأن داخلي ولا يتعلق بالأجانب".
وإذا تمكن معارضو الحكومة الأفغانية من توحيد صفوفهم ضد طالبان، فإن تعيين الممثل الخاص سيكون تحديا حقيقيا أمام الحركة لأنها منذ وصولها إلى السلطة عام 2021 تتجاهل المعارضين.
ويرى الباحث في العلاقات الدولية نجيب كريمي أن طالبان تتجاهل معارضيها ولا تسمح لهم بممارسة دورهم السياسي في أفغانستان، وأن تعيين ممثل خاص للأمم المتحدة سيوفر منصة دولية لهؤلاء المعارضين، وسيتعامل معهم كجهة شرعية في الملف الأفغاني، وهذا ما لا تريده طالبان.
ويقول للجزيرة نت إن ما يميز مهمة الممثل الجديد أنه سيتنقل بين العواصم الدولية لبحث عملية السلام الأفغانية، وأما بعثة الأمم المتحدة فمهمتها متابعة الأمور الداخلية في أفغانستان.
أما الكاتب والباحث السياسي رمضان شريفي فيقول للجزيرة نت "سواء قبلت طالبان أم لا، فإن الأمم المتحدة ستعين ممثلا خاصا لأفغانستان، وفي اجتماع الدوحة سيوافق المجتمع الدولي على خارطة الطريق التي تؤدي إلى حل الصراع في البلاد".
وصرح مصدر في الأمم المتحدة -فضل عدم الكشف عن هويته- للجزيرة نت بأنه إلى جانب المنسق الخاص للأمم المتحدة فريدون سينيرلي أوغلو، هناك أسماء أخرى من تركيا والإمارات والأردن واليابان والنرويج يتم ترشيحهم مبعوثين خاصين إلى أفغانستان. وكشف أن سينيرلي أوغلو ومندوبة الإمارات الحالية لدى الأمم المتحدة لانا زكي نسيبة من المرشحين.
سيتم تشكيل مجموعة اتصال من ست دول إقليمية في اجتماع الدوحة، وستكون مهمتها الاتصال بحركة طالبان والمجتمع الدولي، ويشارك ممثلو الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن وممثلو النرويج وكندا وباكستان وإيران والمجتمع المدني في الاجتماع.
ودعت الأمم المتحدة وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي إلى الاجتماع، ولكن مصدر الخارجية يقول للجزيرة نت "إن الحكومة الأفغانية ترغب في التعامل مع المجتمع الدولي ودول الجوار، ولكن مشاركة الوزير ليست مؤكدة حتى الآن".
إن مهمة اجتماع الدوحة الأساسية هي استكمال ووضع اللمسات النهائية على الجزءين الثالث والرابع من اتفاق الدوحة بين حركة طالبان والولايات المتحدة، الذي أكد بدء الحوار الأفغاني وإنهاء الصراع، والموافقة على خارطة الطريق السياسية لمستقبل أفغانستان.
يفيد مصدر في المكتب السياسي لحركة طالبان بالدوحة -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت بأن جدول أعمال الاجتماع يتضمن أربع قضايا أساسية، وهي:
تعيين ممثل خاص للأمم المتحدة. تشكيل مجموعة اتصال مكونة من دول مختلفة. إنشاء آلية التعامل بين طالبان والمعارضة. ترتيب الحوافز في مختلف المجالات لتقديمها لطالبان إذا رافقت هذه العملية.ويضيف أن تعيين ممثل خاص لن يحقق شيئا دون دعم طالبان، و"حتى الآن، لم تعط قندهار الضوء الأخضر للمشاركة في الاجتماع".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: العام للأمم المتحدة الحکومة الأفغانیة المجتمع الدولی الأمم المتحدة فی أفغانستان خارطة الطریق مجلس الأمن للجزیرة نت
إقرأ أيضاً:
وزير الخارجية يلتقي المنسق المقيم للأمم المتحدة ويسلمه رسالتين لقيادة الأمم المتحدة
الثورة نت /..
التقى وزير الخارجية والمغتربين جمال عامر، اليوم المنسق المقيم للأمم المتحدة جوليان هارنيس.
وخلال اللقاء استمع الوزير عامر إلى تقرير من المنسق المقيم عن الخطوات العملية لتنفيذ مشروع تزويد مدينة تعز بالمياه، مؤكدا أهمية المشاريع التنموية التي تخدم المواطن.
وناقش اللقاء تداعيات العدوان الصهيوني على مطار صنعاء واستهداف طائرات الخطوط الجوية اليمنية، وأبرزها مشكلة العالقين من المواطنين الذين لم يتمكنوا مع العودة إلى أرض الوطن، وكذا العديد من المغتربين والطلاب الذين لم يتمكن من المغادرة عبر مطار صنعاء.
وتطرق اللقاء إلى مشكلة نقل الأدوية والمستلزمات الطبية والعلاجية التي يحتاج نقلها عبر الجو، خاصة أدوية زارعي الكلى والأمراض المزمنة ومرضى الكلى.
وفي اللقاء أكد وزير الخارجية أهمية وجود معالجات عاجلة لنقل الأدوية والمستلزمات الطبية والعلاجية، باعتبارها قضايا إنسانية ملحة.
وسلم الوزير عامر المنسق المقيم للأمم المتحدة رسالتين موجهتين إلى قيادة الأمم المتحدة، ممثلة برئيس الجمعية العامة، ورئيس مجلس الأمن والأمين العام.
حملت الرسالتان مطالب بتصحيح مسار تمثيل اليمن في المنظمة الأممية ووضع حد لممارسات الطرف الآخر التي تهدّد وحدة البلاد وسيادتها وتقوض جهود السلام.
وتطرق الوزير عامر في الرسالة الأولى إلى الوضع الراهن لتمثيل اليمن في الأمم المتحدة، مشدداً على ضرورة تصحيح المسار لضمان تمثيل شرعي وفاعل.
وأكد أن صنعاء تحترم ميثاق الأمم المتحدة، داعيا إلى تطبيق مبادئه وروحه، خاصة ما يتعلق بالسيادة الوطنية وحق تقرير المصير والتمثيل الشرعي، معتبرًا استمرار إسناد مقعد اليمن لكيان لا يمتلك أي صفة دستورية أو واقعية أو شعبية، مفارقة قانونية وسياسية، تقوض حقوق الشعب اليمني، وتمس بمصداقية الأمم المتحدة، وتعرقل أي فرصة لسلام حقيقي.
وأكدت الرسالة أن السلطة الفعلية والوحيدة التي تمارس سيادة حقيقية على الأرض هي سلطة المجلس السياسي الأعلى، وحكومة التغيير والبناء المتواجدة في العاصمة صنعاء وتدير مصالح أغلبية الشعب اليمني، وتشرف على المؤسسات الحيوية، وتستمد شرعيتها من إرادة شعبية صلبة.
ووصف الوزير عامر في رسالته ما يسمى بـ “مجلس القيادة الرئاسي” بأنه “صنيعة إرادة خارجية”، يفتقر لأي شرعية دستورية أو شعبية أو جغرافية، وقراراته تملى من قبل صانعيه ومموليه، مؤكدًا أن استمرار منح هذا الكيان حق التحدث باسم اليمن يعد إقرارًا بأن الإرادات الخارجية تعلو على الإرادة الوطنية، وهو ما يتناقض بشكل صارخ مع المادة 2، الفقرة 7 من ميثاق الأمم المتحدة.
وتطرقت الرسالة إلى الفوضى العارمة والانهيار الممنهج في المناطق التي تقع شكليًا تحت سلطة ما يسمى بـ “مجلس القيادة الرئاسي”، مع خروج شعبي واسع ومظاهرات متكررة رفضًا لسلطة هذا الكيان.
وأعرب وزير الخارجية في الرسالة الثانية عن القلق البالغ إزاء التصعيد الممنهج والخطير الذي يقوده الطرف الآخر، موضحًا أن هذه الإجراءات الأحادية، التي تتعارض مع قرارات مجلس الأمن والقانون الدولي الإنساني، وأصبحت “حرباً ممنهجة”، تستهدف المواطن في أبسط حقوقه الأساسية وتهدف إلى تكريس واقع انفصالي بالقوة.
وتطرقت الرسالة لعدد من الإجراءات الأحادية ومنها: حرمان الطلاب والكفاءات من مستقبلهم عبر اشتراط المصادقة على الوثائق التعليمية والمهنية في مكاتب الطرف الآخر في محافظة عدن المحتلة، ما يعد “عقاباً جماعياً وحصاراً معرفياً”، واستخدام الاقتصاد كسلاح باستمرار حجز رمز “السويفت” الخاص بكاك بنك في صنعاء، ما يعرقل التحويلات المالية الحيوية ويشل وصول المساعدات الإنسانية.
وتضمنت الرسالة أيضًا الإجراءات الأحادية المتمثلة في تهديد مؤسسات الدولة السيادية عبر تدشين مركز البيانات الدولية التابع لهيئة المساحة الجيولوجية في عدن في تجاوز للمؤسسات الوطنية وتقويض لمركز رصد الزلازل والبراكين في ذمار، وأخيراً استهداف حرية تنقل المواطنين باتخاذ إجراءات مهددة لفصل الخطوط الجوية اليمنية، بما في ذلك محاولات تغيير أنظمة الحجز العالمية وعدم الاعتراف بالحجوزات الصادرة عن مكاتب صنعاء.
وطالب الوزير عامر الأمين العام للأمم المتحدة بالتدخل للضغط على الطرف الآخر من أجل الإلغاء الفوري للإجراءات الأحادية المتعلقة بالمصادقة على الوثائق؛ والمعالجة العاجلة لقضية السويفت الخاص بكاك بنك؛ ووضع حد فوري للإجراءات التشطيرية التي تستهدف مؤسسات الدولة السيادية.