منتدى تبادل الخبرات الحكومية يدعو إلى تعزيز الشراكات والارتقاء بالأداء الحكومي المتميز بين دول العالم
تاريخ النشر: 14th, February 2024 GMT
ناقش منتدى تبادل الخبرات الحكومية ضمن أعمال القمة العالمية للحكومات 2024، في 10 جلسات حوارية بحضور 23 متحدثاً، عددا من المحاور الرئيسية، أبرزها مشاركة أفضل الممارسات في مجال التبادل المعرفي والتميز، وتوسيع فرص تعزيز التبادل المعرفي الحكومي.
حضر المنتدى فخامة إيميرسون منانغاغوا رئيس جمهورية زيمبابوي، ومعالي الدكتور عبد الرحمن بن عبدالمنان العور وزير الموارد البشرية والتوطين، ومعالي عبدالله سلطان بن عواد النعيمي وزير العدل، ومعالي مريم الحمادي وزير دولة والأمين العام لمجلس الوزراء، ومعالي الدكتورة هالة السعيد وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية في جمهورية مصر العربية، وسعادة سعيد محمد العطر الظنحاني رئيس المكتب الإعلامي لحكومة دولة الإمارات.
وخلال الجلسة الرئيسية بعنوان “المستقبل يبدأ اليوم، ولكن هل نحن مستعدون لذلك؟”، قال فخامة إيميرسون منانغاغوا رئيس جمهورية زيمبابوي، إن بناء المستقبل يبدأ بما نصنعه اليوم، فإذا لم تسع دول العالم لمستقبل أفضل فلن يأت ذلك اليوم، لذلك يجب تطوير وتصميم مشاريع ومبادرات من شأنها تطوير حلول استباقية وابتكار أدوات ووسائل كفيلة بجعل المستقبل يبدأ اليوم.
وأضاف منانغاغوا “إن التطورات الجيوسياسية تفرض على عالمنا اليوم تحديات غير مسبوقة، تستوجب تكثيف الجهود الدولية وتنسيق العمل المشترك بين الدول لمواجهة تلك التحديات وتشكيل مستقبل التعاون الدولي”.
(مريم الحمادي: يجب أن تكون الحكومات أسرع ولابد أن تمتلك الجرأة)
وأكدت معالي مريم الحمادي أن التعاون بين الحكومات هو أحد مسرعات التنمية والتطوير الذي يعود بالخير على البشرية، مستعرضة بعض التجارب المتميزة في حكومات ناجحة ورائدة.
وقالت معاليها إن طبيعة العمل الحكومي يجب أن يكون أسرع، ولابد أن تمتلك الحكومات الجرأة، وأن تحاول مواكبة ومسابقة القطاع الخاص.
وأضافت معاليها: “ندرك اليوم أن هناك فرقا بين الحكومات الناجحة وغير الناجحة، ونعبر عن ذلك في كلمتين هما السرعة والجرأة.. بحيث تكون هناك سرعة في مواكبة كافة المتغيرات والاستجابة لمختلف التحديات.. أما الجرأة فتكمن في اتخاذ قرارات صعبة وبشجاعة لمحاولة إحداث تغيير حقيقي وإيجابي في المجتمعات”.
وعن التجارب الإماراتية فيما يتعلق بالسرعة والجرأة، قالت معالي مريم الحمادي : “عندما تولى صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، رئاسة مجلس الوزراء اتخذ قرارا غير متوقع، حيث كانت الحكومة بها عشرات اللجان الحكومية في مختلف القطاعات، وكانت من أولى قرارات سموه أنه ألغى كافة اللجان في الحكومة لأنه كان يريد تغيير ثقافة الحكومة لمعرفته بأن كثرة اللجان قد تؤدي إلى بطئ في العمل، وأحال سموه هذه الملفات الى الوزراء ليقوم كل منهم بدوره في متابعة هذه الملفات واتخاذ القرارات، وكان ذلك قرارا جريئا، ولكنه أحدث تغيير في ثقافة العمل الحكومي آنذاك”.
وأشارت معالي مريم الحمادي إلى أن الموقف الثاني كان في عام 2007 عندما أعلن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، عن استراتيجية الحكومة لأول مرة، لافتة إلى أن “الحكومة في ذلك الوقت كانت تحتل مراتب غير متقدمة في عدد من المؤشرات الدولية، وكان قرار سموه أننا نريد للإمارات أن تكون الأولى عالمياً في عام 2021”.
وأضافت “الكثيرون لم يكونوا يتخيلون إمكانية حدوث ذلك، وفي عام 2021 أصبحت الإمارات الأولى عالمياً في أكثر من 250 مؤشراً على مستوى العالم، واستمرت في تحقيق مراتب متقدمة، وهو قرار جريء رفع السقف وجعل كل مسؤول حكومي يغير نظرته في العمل الحكومي ويرفع من طموحاته وتنافسيته ليكون الأول عالميا”.
وتطرقت معاليها إلى الموقف الثالث، منوهة بأنه حدث في عام 2014 عندما جمع صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كل المسؤولين ووقف على المنصة وأخرج هاتفه وأشار إليه قائلا: “أريد جميع الخدمات الحكومية أن تكون على هذا الهاتف”، وأخبر سموه المسؤولين بأن “القادرين على تحقيق هذا التحول سيكونون معنا والباقين سنحيلهم في حفل وداع”.
وأوضحت معالي مريم الحمادي أن “اليوم لدينا أكثر من 1400 خدمة حكومية تقدم عبر التطبيقات الذكية وهذا قرار جريء، ولكن آثاره إلى اليوم يستفيد منها ملايين البشر في دولتنا”.
وفي ختام كلمتها، أكدت معاليها أن “العديد من الحكومات لديها قرارات جريئة ومسؤولين جريئين، واليوم هذا المنتدى هدفه تبادل هذه التجارب والخبرات لنعود إلى مواقعنا في حكومات تستطيع تغيير حياة البشر إلى الأفضل”.
( كفاءة الحكومات )
من جهتها، أكدت معالي الدكتورة هالة السعيد “أن الأزمات الاقتصادية والجيوسياسية المتتالية والمتداخلة خلال الفترة الأخيرة وما تفرضه من تحديات اقتصادية واجتماعية تقتضي دعم التعاون الدولي بهدف تعظيم كفاءة الحكومات وزيادة قدرة الاقتصادات على الصمود في مواجهة الأزمات خاصة وأن العالم اليوم يراهن على التكتلات السياسية والاقتصادية لتأمين أكبر قدر ممكن من الأدوات التي تضمن إدارة المخاطر على كافة الصعد”.
بدوره، أكد سعادة عبدالله ناصر لوتاه مساعد وزير شؤون مجلس الوزراء للتنافسية والتبادل المعرفي، أن الشراكات الدولية والتعاون مع مختلف الدول حول العالم يؤديان دوراً حاسماً في تحقيق أهداف برنامج التبادل المعرفي الحكومي، ومن خلال الاستفادة من خبرات دولة الإمارات الرائدة في المجال الحكومي، تُسهم هذه الجهود في تطوير القدرات الحكومية وتأهيل الكوادر الشابة بالمهارات اللازمة لقيادة المبادرات الهادفة إلى تشكيل المستقبل.
(تجارب ناجحة)
وناقش منتدى تبادل الخبرات الحكومية، التجارب الناجحة في مسيرة تطوير العمل الحكومي على مستوى العالم، مع التأكيد على أهمية توسيع الشراكة بين مختلف القطاعات، وتناول النتائج الإيجابية التي حققها برنامج التبادل المعرفي الحكومي لدولة الإمارات والتي انعكست على الحكومات والدول من خلال الاستفادة من المعارف والخبرات والتجارب الرائدة التي طورتها الدولة في العمل الحكومي لإيجاد حلول مبتكرة لمختلف التحديات الحالية والمستقبلية واكتشاف مسارات عمل وفرص تطويرية جديدة.
كما بحث المنتدى أهمية تحديد خيارات الحكومات وتعزيز الجاهزية للمستقبل، إلى جانب تحديد الأدوات والعقلية اللازمة لضمان الاستعداد للمستقبل، والتفكير العميق في الرؤية والمهارات التي يتعين على الحكومات التغلب عليها في حالات عدم اليقين.
وأشاد المنتدى بمبادرات حكومة دولة الإمارات الهادفة لمشاركة المعرفة وتبادل الخبرات والتجارب وقصص النجاح مع الحكومات في المنطقة والعالم، من خلال برنامج التبادل المعرفي الحكومي الذي يمثل نموذجًا للشراكات المثمرة الهادفة للنهوض بالمجتمعات، وتبادل المعارف والتجارب الهادفة لصناعة مستقبل أفضل.
ويهدف منتدى تبادل الخبرات إلى تشجيع الجهات على مستوى العالم على مواصلة الارتقاء بالأداء المتميز وتقريب وجهات النظر الدولية فيما يتعلق بالجودة والتميز من خلال نقل المعرفة بين دولة الإمارات العربية المتحدة والعالم.
وركز المنتدى على إعادة تعريف الكفاءة الحكومية والقيادة المرنة في عالم متسارع يتسم بالغموض وسبل تسريع الإنجاز وتحقيق الأثر المتوقع.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: التبادل المعرفی الحکومی العمل الحکومی دولة الإمارات من خلال فی عام
إقرأ أيضاً:
الحكومات وأسواق سنداتها السيادية
ترجمة: قاسم مكي
الساسة حول بلدان العالم المتقدم لديهم مشكلة وهي أن مديونياتهم كبيرة ويحتاجون إلى اقتراض المزيد من الأموال في كل عام. لكن الحصول على مشترين تلقائيين لسندات حكوماتهم يزداد صعوبة.
في أحدث تقرير لها عن الدين الحكومي، تقدِّر منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن بلدانها الأعضاء ستُصدِر سندات سيادية بحوالي 17 تريليون دولار في عام 2025 ارتفاعا من 14 تريليون دولار في عام 2023. وسيتم استخدام بعض هذه الأموال بالطبع لإعادة تمويل الدين القائم. لكن من المتوقع أن ترتفع قيمة إجمالي الدين المُستحَق إلى 59 تريليون دولار أو حوالي 84% من الناتج المحلي الإجمالي لهذه البلدان.
جزء كبير من هذا الدين أجَلُ استحقاقِه أقصر. ويقدر تقرير المنظمة أن 45% منه سيكون مستحق السداد بحلول عام 2027. وعندما يحين أوان استحقاقه سيعاد تمويله بتكلفة أكبر. فالكثير منه كان قد تم إصداره في فترة تدني أسعار الفائدة. وسيشكل ذلك المزيد من الضغوط على الأوضاع المالية للحكومات. فتكاليف فائدة الدين الحكومي في المتوسط لبلدان منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية يبلغ حاليا 3.3% من الناتج المحلي الإجمالي ويزيد عن المبلغ الذي ينفق على الدفاع.
الحل الواضح لهذه المشكلة هو خفض العجز. لكن الساسة يواجهون مشاكل كبيرة عندما يحاولون أن يفعلوا ذلك. لقد وعد عديدون منهم بإنفاق المزيد على الدفاع. وخفض الإنفاق أو زيادة الضرائب يخاطران بإغضاب الناخبين الذين يتزايد استعدادهم كما يبدو للتصويت لصالح الأحزاب الشعبوية أو القومية الكارهة للأجانب. وإذا تولى هؤلاء الشعبويون الحكم من المرجح أن تفاقم سياساتُهم عجوزاتِ الموازنة.
لذلك إذا كانت السندات ستصدر في الغالب بكميات متزايدة من سيشتري هذا الدين؟ لم تكن تلك مشكلة خلال سنوات العشرية الثانية. فالحكومات كانت قادرة على تمويل عجوزاتها في يسر. وأحيانا كان يمكنها حتى إصدار سندات بعائدات سلبية. وهو ما يعني أن من يشترونها كانوا سيتعرضون حتما للخسارة (بالقيمة الاسمية على الأقل) إذا احتفظوا بها حتى أوان استحقاقها. لكن كان يمكن لهذه السندات تحقيق عائد إيجابي بالقيمة الحقيقية إذا حدث انكماش في الأسعار.
كانت البنوك المركزية إحدى مجموعات المشترين المنتظمة بموجب برامج التيسير الكمي التي دُشِّنت في أعقاب الأزمة المالية العالمية 2007-2009. وفي حين تشتري البنوك المركزية السندات في السوق الثانوية فقط وليس مباشرة من الحكومات إلا أن برامج الشراء كانت مُطَمْئِنَة للمستثمرين لعلمهم بأنه سيكون هنالك دائما مشترون جاهزون لموجوداتهم من الديون (السندات).
لكن البنوك المركزية أوقفت التيسير الكمي وهي الآن تتخلص من موجوداتها في برامج يُطلق عليها «التشديد الكمي.» وكلما زادت البنوك المركزية مبيعاتها من السندات عبر التشديد الكمي كلما وجب أن يشتري المستثمرون الآخرون المزيد منها إلى جانب شراء العرض الجديد من سندات الحكومات.
موجودات البنوك المركزية من دين الحكومات في بلدان منظمة التعاون الاقتصادية والتنمية انخفضت سلفا من 29% من إجمالي الدين في عام 2021 إلى 19% في عام 2024. ومن المستبعد أن يُستأنف التيسير الكمي في أي وقت قريب. فإذا أرادت البنوك المركزية تيسير السياسة النقدية ستخفِّض أسعار الفائدة أولا.
كثيرا ما كانت صناديق التقاعد مشترية مهمة للسندات الحكومية المحلية. لكن هذا المصدَر للطلب يتقلص أيضا. كانت صناديق التقاعد التقليدية تقدم رواتب تقاعد محددة الفوائد يرتبط فيها دخل التقاعد براتب الموظف. واشترت العديد من هذه الصناديق التي تعتمد نظام «الفوائد المحددة» السنداتِ الحكومية من باب التحوط لضمان قدرتها على الوفاء بالتزاماتها في المستقبل. لكن في السنوات الأخيرة كان هنالك توسع سريع لصناديق «المساهمة المحددة» والتي ببساطة تودع أموال العاملين في وعاء ادخاري لاستخدامها عند التقاعد. وهي أقل ميلا الى الاستثمار في السندات مقارنة بصناديق الفوائد المحددة.
عالميا، لدى صناديق المساهمة المحددة الآن 59% من كل أصول صناديق التقاعد مقارنة بحوالي 40% في عام 2004، حسب معهد «ثِنْكِنْج أَهيد انستيتيوت.»
لافتقارها إلى الطلب المنتظم على سنداتها من البنوك المركزية وصناديق التقاعد قد تحتاج الحكومات الى الاعتماد على المستثمرين الدوليين مثل صناديق التحوط والتي هي حساسة جدا تجاه الحاجة إلى تعظيم العائدات «على استثماراتها».
تظهِر أرقام منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن المستثمرين الأجانب حازوا على 34% من السندات في عام 2024 وذلك ارتفاعا من 29% في عام 2021. والأجانب الآن يشكلون أكبر مجموعة منفردة من المستثمرين.
في هذا السياق السؤال المثير للاهتمام الذي طرحه البيرت ادواردز، استراتيجي الأسواق ببنك سوسيتيه جنرال، هو: هل سيوجد الارتفاع الأخير في عائدات السندات الحكومية اليابانية مشكلة. ادواردز من المتشائمين المعروفين جيدا تجاه الاستثمار في الأسهم ولكن ليس في السندات. وهو يحاجج بأن مستثمرين عديدين انخرطوا في تجارة «الكاري» من خلال الاقتراض الرخيص بعملة الين واستثمار حصيلة المبالغ المقترضة في سندات بلدان أخرى ( عائداتها أعلى) . لكن الدين في اليابان لم يعد رخيصا مع ارتفاع عائد السند الحكومي لأجل 10 سنوات من صفر في المائة في نهاية عام 2021 إلى 1.6% اليوم (عائد السند الياباني لأجل 30 عاما يبلغ حوالي 3%).
قد تفسر هذه القفزات في العائدات اليابانية بعضَ نوباتِ التوتر الأخيرة في أسواق السندات الحكومية بما أن مستثمري الرافعة المالية سيتوجب عليهم بيع أصول (مثلا محافظ سنداتهم) لسداد ديونهم الأكثر تكلفة.
في الواقع، لقد اختل التوازن السياسي بين العرض والطلب في أسواق السندات في الأجل القصير. فهناك المزيد من السندات المعروضة وذلك في اقتران مع تراجع الطلب من كل من المشترين الموثوقين (البنوك المركزية مثلا) والمضاربين (مثلا صناديق التحوط).
ذلك يعني أن ارتفاع العائدات على السندات يبدو محتملا وهذا ما يجبر الحكومات على دفع المزيد لتمويل عجوزاتها المتزايدة أبدا. لذلك من المرجح أن تدبير الأمور المالية للبلدان المتقدمة سيزداد صعوبة كما يبدو.
فيليب كوجان صحفي مختص بالشؤون المالية ومؤلف كتاب بعنوان: النتائج الاقتصادية لسياسات دونالد ترامب
الترجمة عن «الفاينانشال تايمز»