هل تحسنت حظوظ فرنجية بعد زيارة الحريري؟
تاريخ النشر: 21st, February 2024 GMT
وضِع الإستحقاق الرئاسي، منذ اندلاع الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة، على الرفّ، ولم يعد أي من الاحزاب والقوى السياسية الداخلية لديه قناعة او أمل بالوصول الى تسوية سياسية ورئاسية توصل هذا المرشح او ذاك إلى قصر بعبدا، علماً ان المبادرات التي تهتم بالشأن اللبناني والتي يسوق لها المبعوثون الاوروبيون باتت تلحظ فكرة الوصول الى إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في اطار التسوية الكبرى.
لكن بالرغم من كل هذه المراوحة التي تسيطر على المشهد العام، الا ان حظوظ المرشحين لا تزال مثل البورصة أقله ضمن النقاشات الاعلامية والسياسية اللبنانية، اذ بدأت التحليلات تتحدث عن ان حظوظ قائد الجيش العماد جوزيف عون ترتفع لان المرحلة المقبلة هي مرحلة الجيش وهناك حاجة لشخصية كشخصية عون، في حين ان تحليلات اخرى تعطي فرنجية افضلية بسبب التطورات الاقليمية.
من الواضح أن رئيس تيار المردة سليمان فرنجية يتعامل بإرتياح كبير مع التطورات، اذ ان التفاوض الذي سيحصل عاجلاً أم آجلاً للوصول الى تسوية داخلية، بات من المستحيل حصوله، بعد الحرب المشتعلة في المنطقة، الا بين القوى الدولية وتحديداً الولايات المتحدة الاميركية و"حزب الله" وهذا سيعني أن مرشح الحزب، اي فرنجية، سيكون صاحب الحظ الأكبر في سياق هذا التفاوض.
في الايام الماضية، ومع حضور رئيس تيار "المستقبل" سعد الحريري الى بيروت، كان واضحاً أن الرجل يريد ايصال رسائل سياسية في اكثر من اتجاه ومن بينها استحقاق الرئاسة، ولعل كل الترجيحات توحي بأن الحريري، وان لم يعط اي قرار او توجه حاسم، الا ان المؤشرات والايحاءات أكدت ان هناك ايجابية كبيرة بين الحريري ورئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية وهذا ما قد يؤثر على قرارات عدد من النواب السنّة.
لكن تقدم فرنجية رئاسياً ليس مرتبطا فقط بموقف الحريري، خصوصا أن النواب السنّة المحسوبين عليه كانوا في الاصل الى جانب فرنجية سواء اعلنوا ذلك ام لم يعلنوا، وعليه فإن ضمان الغطاء السنّي لا يحسم معركة رئيس المردة بل يعطيه دفعاً الى الامام، علماً ان موقف رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط لم يحسم بدوره بعد، ما يترك الامور مفتوحة على كل الاحتمالات.
وحده اصرار "حزب الله" الذي يخوض معركة عسكرية كبرى في الجنوب، على دعم فرنجية هو الذي يحسن حظوظ فرنجية، لانه الوحيد القادر على وضع قضية فوزه بالمعركة الرئاسية على طاولة التفاوض المرتقبة وجعلها احدى الشروط الاساسية لتقديم تنازلات مرتبطة بالاستقرار الحدودي في اطار عملية المقايضة بعد انتهاء حرب غزة.. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
المنوفي الذي هزم أمريكا وإسرائيل
لم يكن أنور السادات مجرد رئيس جلس على مقعد الحكم بعد ناصر، بل كان عبقرية سياسية نادرة أدركت أن معارك الأوطان لا تُدار بالشعارات بل بحسابات العقل واتخاذ القرار في التوقيت الصحيح، خاصة بعد هزيمة ومعنويات في الأرض، قرأ السادات خريطة المنطقة بعيون تختلف عن الجميع وحسم قراره، فجاء قرار الحرب في السادس من أكتوبر ليغير الموازين ويعيد لمصر مكانتها بذكاء نادر وانتصار دبلوماسي غيّر وجه الشرق الأوسط لعقود.
تحرك السادات برؤية لم يفهمها كثيرون، فهو لم يرد حربا تُنهك مصر، بل حربا تُعيد إليها إرادتها، أعاد بناء الجيش في صمت، وحوّل الهزيمة إلى درس واليأس إلى طاقة، وفي الوقت الذي انشغل فيه خصومه بالخطابات كان هو يرسم خطوط المعركة في ذهنه، ويضع توقيتها بدقة رجل يعرف أن النصر لا يأتي صدفة، بل يُصنع بتوقيت محسوب.
في السادس من أكتوبر 1973 نطق القرار التاريخي ودوّت صيحة الله أكبر على ضفة القناة لتبدأ ملحمة العبور التي أدهشت العالم، لم يكن النصر مفاجأة للسادات بل ثمرة تخطيط دقيق بين العقل والسياسة والسلاح، أدرك أن النصر العسكري لا يكتمل إلا بانتصار سياسي، فانتقل من خنادق القتال إلى ساحات التفاوض، واضعًا نصب عينيه استعادة الأرض وتحقيق السلام بشروط المنتصر لا المهزوم.
لم يكن السلام عند السادات ضعفا بل امتدادا لشجاعة الحرب، واجه الجميع بقرار الذهاب إلى القدس وهو يعلم أنه يغامر بكل شيء في سبيل أن يحمي كل شيء، أراد أن يخرج بمصر من دائرة الدم إلى دائرة التنمية وأن يحول النصر إلى طاقة بناء لا استنزاف. عبقرية السادات لم تكن في قراراته فقط بل في توقيته، في قدرته على قراءة المستقبل، وفي شجاعته على مخالفة المألوف.
رحل السادات لكن بقي اسمه محفورا في ذاكرة الأمة كقائد آمن بأن الحرب وسيلة للسلام، لا غاية في ذاتها، وبأن مصر تستحق أن تكون في مقدمة الأمم لا في ذيلها، ذلك هو السادات بطل الحرب والسلام وابن المنوفية الهمام.