حماس: استهداف الاحتلال للمنازل رد عملي على مرافعات العدل الدولية
تاريخ النشر: 23rd, February 2024 GMT
قالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الجمعة إن استمرار إسرائيل في قصفها الإجرامي على منازل المواطنين في قطاع غزة، يعدّ إمعانا في حرب الإبادة والتطهير العرقي، وذلك بعد ارتكاب الاحتلال مجزرة الليلة الماضية وسط القطاع، راح ضحيتها أكثر من 40 فلسطينيا، معظمهم من الأطفال والنساء.
وأضافت حماس أن القصف الإسرائيلي على المنازل هو الرد العملي للكيان المحتل على المرافعات ضده في محكمة العدل الدولية، ليؤكد للمجتمع الدولي أنه لا يكترث بالقوانين والقيم الإنسانية، وفق تعبيرها.
ودعت حماس المؤسسات الحقوقية حول العالم إلى توثيق الجرائم التي يرتكبها جيش الاحتلال يوميا، لمحاكمته وقادته على ما يقترفونه من قتل مروع بحق الأطفال والمدنيين العزّل.
وتابعت حماس أن "محاكمة الاحتلال الإسرائيلي ضرورية لحماية قيم الإنسانية التي يدوسها بضوء أخضر منحته إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، التي اعترضت على قرار مجلس الأمن لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية".
ومنذ الليلة الماضية، يقصف الاحتلال المنازل المأهولة في مناطق متفرقة وسط قطاع غزة وجنوبه، مما أسفر عن استشهاد أكثر من 60 فلسطينيا.
وقال مكتب الإعلام الحكومي بغزة إن 40 شهيدا وأكثر من 100 جريح سقطوا جراء الغارات الإسرائيلية، التي استهدفت 4 منازل في دير البلح وسط القطاع، كما استشهد 20 فلسطينيا في غارات استهدفت شارع خليفة في حي الزيتون بمدينة غزة شمال القطاع.
وحمّل المكتب -في بيان- الإدارة الأميركية والمجتمع الدولي، إضافة إلى الاحتلال، المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم المتواصلة.
وطالب المكتب دول العالم الحر بوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها جيش الاحتلال الإسرائيلي ضد المدنيين والأطفال والنساء بشكل فوري وعاجل.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
حول واقع ومستقبل التنظيمات الفلسطينية بعد السابع من أكتوبر
في ظل ما تعيشه المنطقة العربية من صراع وهيمنة متزايدة من قبل الآلة العسكرية الإسرائيلية، ومن ورائها الدعم الأمريكي والغربي المباشر بواسطة السلاح والغطاء السياسي والدبلوماسي، يأتي سؤال استشرافي حول مستقبل الحركات والفصائل الفلسطينية داخل فلسطين وخارجها، وخصوصا بعد التغيرات التي تحدث في إعادة تشكّل لموازين القوى في المنطقة العربية. من هنا، نحاول أن نرى راهنية الحركات الفلسطينية المقاومة، وهل من الممكن إعادة بناء أو تأسيس حركات جديدة، كي تقاوم إسرائيل في المستقبل القريب، وسواء كانت الإمكانية متواجدة من عدمها، فما هي الأسباب التي قد تؤدي إلى هذا أو ذاك؟
لم تنته الحرب بعد، ولا أحد لديه تصوّر عما سينتهي إليه قطاع غزة بعد وقف الحرب. لكن، من المؤكد أن حركة حماس لن تكون كما كانت في حكم القطاع، إذ كل المقترحات منذ عودة الحرب مرة أُخرى لا تشمل وجود حركة حماس في السُلطة، وقد أعلنت حركة حماس عن موافقتها بعدم المشاركة في إدارة القطاع، لكنها أيضا ما زالت مُصرّة على خروج الاحتلال مرة أُخرى من القطاع وإدارة القطاع من خلال حكومة فلسطينية، بمساعدات وإشراف مصري وعربي.
هذا على المستوى السياسي، أما على المستوى العسكري، فقد استنزفت الحركة عسكريا في حربها مع إسرائيل خلال أكثر من عام ونصف، في ظل انقطاع أي إمداد عسكري من خارج غزة، لسيطرة إسرائيل على كل الحدود والمعابر، أو تقلص المساحة لتصنيع الأسلحة داخل القطاع، بسبب احتلال القطاع والوجود الأمني المنتشر للجنود على المحاور المختلفة، وانشغال المقاتلين في القتال لا في الإعداد والتصنيع، وغير ذلك من معوقات صناعة السلاح.
أما فيما يخص الضفة الغربية، فمجموعات المقاومة هناك، في مخيمات نور الشمس وطولكرم وجنين وغيرها من جيوب مقاومة، فلم تكن هذه المجموعات تملك أسلحة ثقيلة، فضلا عن أن الجيش الإسرائيلي مستمر في عملياته العسكرية ضد تلك المجموعات حتى من قبل السابع من أكتوبر، لكن اشتد القتال فيما بعده، ما أضعف هذه المجموعات، بينما قام الاحتلال بهدم البيوت وتهجير آلاف من أهالي المخيمات، كما استهدف كثيرا من القيادات الشبابية التي كانت تؤسس وتُخطط للقتال في الضفة الغربية.
لم يكن الاحتلال يستطيع إنهاك هذه المجموعات المقاتلة في مخيمات الضفة الغربية لولا مساعدة السلطة الفلسطينية، فهي لا تنسق مع الاحتلال فحسب، بل أحيانا تتدخل بنفسها للاشتباك واعتقال وقتل هؤلاء الشباب المقاوم، من هنا، تبرهن السُلطة أن ليس لها مستقبل في تحسين الوضع الفلسطيني في مقاومة توسّع وهيمنة الاحتلال الإسرائيلي، بل أي محاولات حيال إصلاح منظمة التحرير من بعد 7 أكتوبر، عارضتها السُلطة، سواء كان أبو مازن أو حسين الشيخ من بعده، فلا أي اعتماد على السُلطة الفلسطينية بشكلها الحالي.
أما خارج فلسطين، فلا توجد فصائل فلسطينية سوى في مخيمات لبنان، فصائل تابعة لحركة فتح وحماس والجبهة الشعبية والجهاد الإسلامي، وهذه الفصائل انتهى تأثيرها الفعلي تدريجيا منذ خروج منظمة التحرير من بيروت في عام 1982 حتى اتفاق الطائف بداية التسعينيات. من بعد ذلك، حُددت ملامح الدولة اللبنانية، كنظام طائفي مقسم على اللبنانيين، وقد تم تحييد وإضعاف، بل والهيمنة على أي بقايا فلسطينية متواجدة داخل المخيمات، وانتهى عصر الوجود الفلسطيني في السياسة اللبنانية.
من بعد وقف إطلاق النار في لبنان، أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، وانتخاب رئيسين للبلاد والوزراء وهما جوزيف عون ونواف سلام، بدأت الدولة وكأنها تحاول استعادة المركزية في إدارة البلاد سياسيا واقتصاديا، فضلا عن الملف الخاص بإعادة الإعمار واستكمال وقف إطلاق النار، برغم الاختراقات الإسرائيلية المتكررة. في ذات السياق، ومع زيارة رئيس السُلطة الفلسطينية محمود عباس واجتماعه مع نواف سلام وجوزيف عون، فقد صدر بيان اتُفق فيه على بدء نزع السلاح من المخيمات الفلسطينية، ضمن خطة حصر السلاح اللبناني في يد الدولة فقط، فضلا عن بيان مجلس الدفاع اللبناني الذي حذّر، وبشدة، بأنه لن يسمح بارتكاب أي أعمال مسلحة داخل الأراضي اللبنانية، مشيرا إلى أي أعمال ينفذها فلسطينيون أو لبنانيون ضد إسرائيل.
ما يتبقى لحركة حماس في ظل الوضع الحالي، هو تمثيل سياسي، رسمي وغير رسمي، في بضعة دول (قطر وتركيا وإيران والجزائر)، هذا التمثيل ضعف عما كان عليه من قبل، بسبب ضعف التمثيل السياسي ذاته داخل القطاع، كما تأثرت القوة العسكرية لحركة حماس إثر حرب الإبادة التي تمارسها إسرائيل على قطاع غزة، وربما بعد انتهاء الحرب، تتأثر أكثر، إذ طيلة الفترة الماضية، كانت هناك ضغوطات أمريكية وإقليمية حيال التضييق على التمثيل السياسي لحركة حماس في هذه البلدان.
ما العمل؟
في هذه الحالة، نحن أمام وضع هش وتحدّيات كبيرة أمام التنظيمات الفلسطينية لا سيما حركة حماس، ومن أجل استعادة دور التنظيمات الفلسطينية من حيث وجودها وتأثيرها على المشهد الفلسطيني داخليا وخارجيا، ومقاومة إسرائيل، يجب على هذه التنظيمات أن تنهض مرة أُخرى. داخليا، ربما من الصعب جدا إصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، بسبب سيطرة حركة فتح عليها، كما سيطرة الاحتلال على حركة فتح ذاتها، وجعل هذه الحركة بمثابة سُلطة تخدم أهداف الاحتلال في الهيمنة، حتى أصبحت كما هي الآن، بعقلية قياداتها، عبئا على القضية الفلسطينية.
أما خارجيا، فوجود الفلسطينيين في لبنان وسوريا والأردن، والعالم كله، هو بلا أي تنظيم سياسي حقيقي، ربما تنشط بعض المجموعات الصغيرة -في أوروبا تحديدا، حيث تتوفر مساحة أكثر من الحرية للعمل الثقافي- التي تتضمن أنشطتها فعاليات تضامنية مع غزة ومع القضية الفلسطينية بشكلها العام، كما مجموعات لإحياء التراث الفلسطيني، وجمع التبرعات ورصد الانتهاكات الإسرائيلية وغير ذلك من عمل فلسطيني ذات أبعاد رمزية وثقافية وحقوقية ومادية، لكنها غير سياسية بالمعنى المباشر.
إذن، نحن أمام واقع هش للغاية للعمل التنظيمي السياسي الفلسطيني، هذا الواقع من أجل التغلب عليه يحتاج إلى مزيد من العمل، البناء وإعادة البناء مرة أُخرى، وعمل المراجعات والبحث بشكل جاد وصادق لتاريخ التنظيمات الفلسطينية، ومحاولة التعلم من الماضي، وامتلاك وعي نقدي ذاتي للواقع أو للماضي، للمضي نحو المستقبل بكامل تحدّياته غير الهينة. إذ في واقعنا توجد أنظمة عربية قمعية لن تسمح لوجود العمل الفلسطيني، حتى سياسيا، من داخل أراضيها، مثلما تفعل أنظمة مصر والأردن ولبنان، وسوريا مؤخرا، إذ غير مرحب بالعمل الفلسطيني في هذه الدول، وصراحة، الدولة الوحيدة التي كانت ترعى وجود حماس السياسي والعسكري، وتساعد في بقائه، كانت إيران، لكنها الآن وبعد تلقّيها ضربات كبيرة ومؤثرة، سواء على أذرعها أو على رأسها، بعد الضربات الأمريكية، انكفأت على ذاتها، لمحاولة ترميم ما فقدته من قوة خلال العامين الماضيين.
هذا هو تشخيص، بإيجاز، للواقع الهش للتنظيمات الفلسطينية. ربما يسعنا في مقال آخر، بعد وقف الحرب، الكتابة حول إمكانية البناء وإعادة البناء مرة أُخرى.