لجريدة عمان:
2025-10-12@22:51:07 GMT

ألم خاص.. أن تكون فلسطينيا في إسرائيل

تاريخ النشر: 24th, February 2024 GMT

ترجمة - أحمد شافعي -

فيما يتابع العالم كله حرب غزة في فزع، ثمة من يتابعها بنوع فريد من الألم، أولئك هم مواطنو إسرائيل الفلسطينيون.

هؤلاء تربطهم روابط العائلة، واللغة، والثقافة، والتاريخ، بإخوانهم الفلسطينيين في غزة، في حين أنهم يعيشون ويعملون ويدرسون جنبا إلى جنب مع الإسرائيليين اليهود في البلد ذاته الذي يتسبب في شقاء شعبهم.

وليس بغريب على مواطني إسرائيل الفلسطينيين أن يروا بلدهم بالمواطنة يستعمل القوة على الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية، فتاريخهم عامر بالتمييز الممنهج وقلة الاعتراف بهويتهم الجمعية، والحرب التي ترد بها إسرائيل على هجمة حماس المدمرة في السابع من أكتوبر قد دفعت الحكومة الإسرائيلية إلى زيادة تلك الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والقانونية، واضعة أولئك المستضعفين أصلا في موضع شائك بصفة خاصة ومهددة الروابط الهشة بين المواطنين اليهود والفلسطينيين، وهذا خطأ فادح.

إن أغلب مواطني إسرائيل الفلسطينيين، الذين يبلغ عددهم مليوني نسمة ويمثلون نحو 20% من سكان البلد، متشبثون بهويتهم الفلسطينية، ولغتهم، وثقافتهم، وهم في الوقت نفسه يتكلمون العبرية، ويشاركون في السياسة الإسرائيلية بدرجات متفاوتة وهم بصفة عامة مطلعون على الثقافة اليهودية والإسرائيلية، ويحتلون موضعا فريدا، إذ لعلهم الجماعة الوحيدة المستمرة في إقامة روابط الصداقة والشراكة والتضامن ـوإن تكن غالبا معيبة ومنقوصةـ مع كلٍّ من الفلسطينيين في جانبي الحدود ومواطني إسرائيل اليهود.

ويمثل هذا الوضع الدقيق سلعة نادرة في المنطقة هي القدرة على رؤية صورة أوسع وأشد تفصيلا وعلى تمثيل جسر إلى الحل الدائم للحرب والصراع بصفة عامة، ويمكن أن تكون الروابط بين الجماعتين مثالا لمستقبل مختلف للمنطقة، ولعل من شأن صوت أقوى للفلسطينيين في إسرائيل أن يزيد المطالبة بحل عادل إنساني للحرب، ويساعد كلا الشعبين، ومن ثم يجدر الإنصات إلى مواطني إسرائيل الفلسطينيين.

لقد شعر كثير من الفلسطينيين في إسرائيل بالاشمئزاز في يوم السابع من أكتوبر حينما هاجمت حماس بلدات إسرائيلية قريبة من الحدود واغتالت سكانا فيها وعاملتهم معاملة وحشية، كما عانوا خسائرهم الخاصة، إذ كان سبعة من المختطفين البالغ عددهم مائتين وأربعين سيقوا إلى غزة من مواطني إسرائيل العرب الفلسطينيين، ولقي أكثر من (دزينة) من المواطنين الفلسطينيين مصرعهم في هجمة حماس أو بالصواريخ التي انطلقت من غزة في اليوم نفسه.

لكن، خلافا لأغلبية مواطني إسرائيل ممن التصقوا على مدار الأشهر الأربعة الماضية بالإعلام الإسرائيلي الذي لا يكاد يغطي ما يجري في غزة، كان المواطنون الفلسطينيون يعرفون ـ بخوف وذعر ـ من مصادر الأخبار العربية ومن أصدقائهم ومن مواقع التواصل الاجتماعي حصيلة الموت والدمار الهائلين اللذين عانى منهما أهلهم.

وبرغم تاريخ الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني العنيف، انتابهم الذعر من عمق الأزمة الإنسانية، والجوع الذي يعانيه أهل غزة، والنزوح القسري لأكثر من مليون نسمة بما استدعى ذكريات النكبة، أي الهروب والطرد الجماعي للفلسطينيين عند إعلان دولة إسرائيل.

وتضاعفت الصدمة بسبب عجزهم عن عمل أي شيء بل وعن قول أي شيء في ذلك، فقد قامت الحكومة بحملة قمعية على أي انتقاد لأفعالها، بل وعلى أي تعاطف مع الشعب الفلسطيني في غزة، وكان مواطنو إسرائيل الفلسطينيون هم الذين احتملوا وطأة تلك الحملة القمعية.

فتم إيقاف طبيب فلسطيني عن العمل، وعوقب طلبة فلسطينيون في الكليات والجامعات، وتعرض آخرون للاعتقال بسبب نشرهم على مواقع التواصل الاجتماعي ما أساء فهمه من لا يجيدون العربية.

قبل الحرب بفترة، كان على مواطني إسرائيل الفلسطينيين أن يتعاملوا مع التفرقة ـ أي تلقيهم قدرا أقل من خدمات الحكومة في التعليم والرفاه والإسكان والثقافة، فضلا عن حملة على هويتهم الجمعية، والآن يترك إخراس المعارضة أثرا كبيرا ليس فقط على ذوات المواطنين الفلسطينيين الذين باتوا يخشون من أن يزج بهم محض إبداء الإعجاب بمنشور على موقع تواصل اجتماعي في السجن، وإنما أيضا على وضعهم الاقتصادي.

فمنذ السابع من أكتوبر ارتفع معدل البطالة بينهم ثلاثة أمثال ليبلغ 15.6%، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى عمليات الفصل لأسباب سياسية، والمقاطعة والانكماش في القطاعات التي تضم نسبة كبيرة من العمال الفلسطينيين الإسرائيليين، أما زيادة المعدل بين الإسرائيليين اليهود فكانت أكثر اعتدالا، فلم تتجاوز الضعف إلا قليلا لتبلغ 8.6%.

تحاول الحكومة أيضا أن تقلل كل ميزانية مخصصة لتنمية المواطنين الفلسطينيين. يقدر أن الحرب كبَّدت إسرائيل قرابة ستين مليار دولار في أشهرها الثلاثة الأولى وهي تكلفة باهظة إلى حد أن وكالة موديز للتصنيف الائتماني خفضت تصنيف إسرائيل أخيرا.

وفي محاولة لتقليل المزيد من الأضرار الاقتصادية، زادت إسرائيل عجزها المالي، فهي تدفع في البرلمان إلى تخفيضات كبيرة في الميزانية. ويتضمن ذلك تخفيضات عامة تنطبق على الجميع، لكنها لا تنطبق عليهم بالتساوي، فمن المقرر أن تبلغ تخفيضات التمويلات الموجهة للمواطنين الفلسطينيين ثلاثة أمثال الموجهة لبقية الشعب، فهي 15% في مقابل 5%، ومن خلال هذه التخفيضات في الموازنة يدفع الفلسطينيون في إسرائيل عمليا تكلفة ظالمة للحرب القائمة ضد إخوانهم الفلسطينيين.

وهذا يضر كامل الاقتصاد الإسرائيلي، إذ حذرت مؤسسات دولية من قبيل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، وكذلك بنك إسرائيل، من أنه دونما استثمارات كبيرة في التنمية الاقتصادية للشعب الفلسطيني الضخم في إسرائيل، قد يعاني الاقتصاد، والخطط المهددة حاليا بالإيقاف تعمل بالفعل، فعلى مدار السنوات القليلة الماضية ارتفع معدل البطالة بين النساء الفلسطينيات إلى قرابة 45% في النصف الثاني من 2023، ارتفاعا من 33% في عام 2014.

كما أن البيئة العدائية زادت العلاقات بين المواطنين الإسرائيليين والفلسطينيين سوءا، وزدات مخاوف رجوع العنف الذي شهدته المدن المختلطة عربيا ويهوديا في إسرائيل قبل نحو ثلاث سنوات، كما بدأت حكومة إسرائيل اليمينية أيضا في تيسير امتلاك السلاح على المواطنين اليهود.

بدلا من عزل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل وإضعافهم، ووسمهم بـ«أعداء الداخل» عبر العديد من الآليات القمعية، لا بد أن تلغي الحكومة الإسرائيلية جميع السياسات التمييزية ضدهم وتوقف محاربة الاعتراف بهويتهم الفلسطينية.

وبذلك ينشأ نموذج لما قد تبدو عليه الشراكة بين الفلسطينيين والإسرائيليين اليهود، فتكون بمنزلة خطوة مهمة نحو التصالح وإنهاء دائرة العنف.

رغد جريسي وعوفر دغان الرئيسان التنفيذيان لمنظمة سيكوي-أفق، وهي منظمة غير ربحية يديرها مواطنون فلسطينيون ويهود في إسرائيل لإيجاد مجتمع أكثر مساواة ومشاركة.

خدمة نيويورك تايمز

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المواطنین الفلسطینیین الفلسطینیین فی فی إسرائیل فی غزة

إقرأ أيضاً:

هكذا تلاعبت إسرائيل بقائمة الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم

يحاول الاحتلال الإسرائيلي فرض شروطه وتعليماته في قضية الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وهو ما تؤكده الفصائل الفلسطينية.

ونقلت مراسلة الجزيرة في فلسطين جيفارا البديري عن مصدر فلسطيني مطلع على المفاوضات أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تقوم حتى الآن بإجراء اتصالات مع الإدارة الأميركية عبر الوسطاء، مصر وقطر وتركيا لتعديل القائمة التي نشرتها وزارة القضاء الإسرائيلية.

ووفق المصدر الفلسطيني، تريد حماس توضيح تلاعب إسرائيل بالقائمة التي تضم 250 أسيرا كان يجب أن يكونوا كلهم من أصحاب المؤبدات وقضوا سنوات طويلة في سجون الاحتلال، وقالت جيفارا إن القائمة التي كشفت عنها إسرائيل تتضمن 195 من ذوي الأحكام المؤبدة، أما الباقي فهم أسرى إما لم يقضوا سنوات طويلة في السجن وبعضهم لم يحاكموا بعد.

وكان موقع والا الإسرائيلي نقل عن مصادر وصفها بالمطلعة أن القائمة النهائية للأسرى الأمنيين الفلسطينيين تضم 195 أسيرا محكوما بالمؤبد، وأضاف أن جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) فرض فيتو على نحو 100 اسم واستبعد 25 من القيادات البارزة.

وأثار التلاعب الإسرائيلي -تضيف مراسلة الجزيرة- غضب حركة حماس والفصائل الفلسطينية، مشيرة إلى أنه حتى الآن لم يتم نشر القائمة الرسمية الفلسطينية للأسرى الذين سيتم الإفراج عنهم.

وبينما تستعد إسرائيل لاستقبال أسراها بعد الإفراج عنهم، تمنع الفلسطينيين من الاستعداد ومن الاحتفال، وقالت جيفارا إنها لم تلحظ أي إجراءات أو تحركات استثنائية أمام سجن عوفر غربي رام الله، مشيرة إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تمنع وتهدد العائلات في الضفة الغربية من تنظيم أي مظهر استقبال للأسرى المحررين.

كما يمنع الاحتلال الفلسطينيين من التجمهر ورفع الإعلام والتواصل مع وسائل الإعلام أو النشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

إعلان

وتؤكد مراسلة الجزيرة أن الاحتلال منع بعض عائلات الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم إبعادهم إلى خارج فلسطين من السفر عبر معبر الكرامة وعبر الحدود مع الأردن.

تنكيل

ومن جهته، أعلن مكتب إعلام الأسرى الفلسطيني (غير حكومي) أن قوات الاحتلال شنت فجر اليوم الأحد حملة اقتحامات واعتقالات واسعة في الضفة الغربية شملت منازل أسرى يتوقع الإفراج عنهم وسط تهديدات لذويهم.

وفي هذا السياق، أظهر مقطع مصور متداول في الإعلام الإسرائيلي تنكيل عناصر أمن إسرائيليين بأسرى فلسطينيين، يجري تجميعهم في سجن النقب (جنوب) تمهيدا للإفراج عنهم.

ويذكر أن صحيفة يديعوت أحرونوت أوردت في وقت سابق أن مصلحة السجون الإسرائيلية تلقت أوامر بالإفراج عن أسرى أمنيين فلسطينيين ضمن صفقة التبادل، وأوضحت أن السلطات بدأت نقل الأسرى الأمنيين من 5 سجون إسرائيلية إلى المرافق المخصصة للإفراج عنهم.

وتشمل صفقة التبادل الإفراج عن نحو 250 أسيرا محكوما بالمؤبد ونحو 1700 أسير من قطاع غزة احتجزوا بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.

مقالات مشابهة

  • الحكومة الإسرائيلية تصوت هاتفيا على تعديلات في قوائم الأسرى الفلسطينيين
  • د. آية الهنداوي تكتب: سلام على الورق وعداء في الميدان ..كيف يرانا اليهود حقاً ؟
  • هكذا تلاعبت إسرائيل بقائمة الأسرى الفلسطينيين المقرر الإفراج عنهم
  • متظاهرون في برلين يدعون الحكومة الألمانية إلى وقف تسليح إسرائيل
  • إسرائيل تبدأ بالإفراج عن 195 أسيراً فلسطينياً ضمن اتفاق ترمب للسلام
  • إسرائيل تعتزم الإفراج عن 195 أسيرا فلسطينيا محكوما بالمؤبد
  • بدء نقل الأسرى الفلسطينيين الذين سيتم الإفراج عنهم من سجون إسرائيل
  • من أبرز الموجودين والغائبين؟.. إسرائيل تنشر قائمة كاملة بـ250 سجينا فلسطينيا مقرر إطلاق سراحهم
  • إسرائيل: سيُسمح بعودة الفلسطينيين من الخارج لغزة بعد وضع آلية مع مصر
  • فيدان: إعمار غزة وإدارته يجب أن تكون بيد الفلسطينيين