كلما شعرت بضيق فى صدرى لجأت لقراءة سورة يوسف، تلك السورة التى جاء نزولها على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) للتسرية عنه وتثبيته والشد من أزره.
جاءت لتخفيف الآلام والأحزان التى انتابت أشرف خلق بعد وفاة أكبر نصيرين له فى بداية دعوته، عمه أبوطالب الذى كان يحميه من تجبر كبار عائلات قريش، وزوجته وحبيبته السيدة خديجة بنت خويلد، رضى الله عنها وأرضاها، أول من صدقته وآمنت به وبدعوته، لذا أنزل الله على قلب نبيه هذه السورة الكريمة للمواساة وبعث الأمل فى قلبه ليقاوم الحزن فى عام الحزن.
سورة يوسف من أشهر قصص القرآن وقد وصفها الله عز وجل بأحسن القصص، لذا من الطبيعى أن يكون لوقعها فى قلوب الناس على اختلاف أعمارهم أثر طيب، حتى الأطفال تجدهم قد تعلقت قلوبهم بهذه السورة ويحبون أن يسمعوا حكاية ذلك الطفل الذى تربص به أقرب الناس إليه وهم إخوته الذين كانوا يحسدونه لقربه من قلب أبيهم أكثر منهم مع أن ذلك القرب كان طبيعياً، فهو الأصغر عمراً والأصعب ظروفا، حيث ماتت أمه وهى تلد شقيقه بنيامين، بينما يوسف لا يزال طفلاً صغيراً، فذاق اليتم الذى حاول معه سيدنا يعقوب أن يعوضه عنه فميزه عن أشقائه الكبار وبحكم السن لا يحتاجون بالطبع لنفس درجة العطف والحنان، لكن الحقد الذى ملأ قلوبهم تجاه أخيهم جعلهم يكيدون له كيداً لدرجة أن ألقوه فى غيابات الجب، ثم هذا التطور الدراماتيكى العجيب للحكاية الشيقة، إذ إن هذا الطفل تعرض لتجربة فريدة من البقاء فى الجب حتى التقطه بعض السيارة وباعوه فى أسواق النخاسة فاشتراه عزيز مصر ليعيش فى قصر الوزير الأول. ثم شب قليلاً، فعشقته امرأة العزيز ليبدأ مرحلة جديدة من المعاناة وهو يقاوم كيدها وكيد النسوة فى المدينة مما كان نتيجته السجن حتى حين رغم براءته المؤكدة التى جاءت على لسان شاهد من أهلها.
دراما قصة يوسف جعلتها مصدراً لإلهام العديد من الأعمال الفنية والروايات الأدبية حيث تجمع فى طياتها كل عناصر التشويق. لم يقتصر الاهتمام بقصة يوسف على المسلمين فقط، بل كانت مصدراً لإلهام المبدعين من كل الشرائع السماوية الأخرى. أذكر عام 1994 وفى أول زيارة لى للولايات المتحدة الأمريكية أن شاهدت فى شيكاغو مسرحية استعراضية غنائية بعنوان «جوزيف» أى يوسف وتتناول قصة سيدنا يوسف وإن كان التركيز على قصة غرام وانتقام السيدة زليخة به ومنه. المسرحية فى ذلك الوقت كانت تعرض للموسم العشرين وبالطبع استمرت على مسارح أمريكا أعواماً كثيرة أخرى بنفس النجاح والإقبال الجماهيرى.
من أكثر الآيات التى تستوقفنى فى سورة يوسف عندما تعرف الإخوة عليه أخيراً فقالوا له: أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخى قد منَّ الله علينا إنه من يتق ويصبر، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. رسالة واضحة من المولى عز وجل لنبيه الكريم ولنا جميعاً فى ختام السورة. اتقى يوسف ربه فى كل خطوة من خطوات حياته فجاء الجزاء الوفاق الذى يكافئ الله به عباده المتقين، ورغم أننى كلما قرأت تلك الآية تمنيت لو أرى وجوه إخوة يوسف وهم يرون أخاهم الذى كادوا له كيداً قد أصبح وزيراً، كما كنت أتمنى أكثر لو رأيت وجوه هـؤلاء الأخوة وهم يسمعونه يقول لأبيه أن ما حدث بينه وبين إخوته مجرد نزغ من الشيطان وكيف قابل كيدهم وخيانتهم له بالعفو والسماح وطلب المغفرة لهم.
لقد حفلت سورة يوسف بالعديد من الرسائل لكل حزين أو مهموم خلاصتها أن الفرج بعد الشدة والعسر بعد اليسر وعد وسنة إلهية بشرط الصبر والثبات على الحق، فأبشر يا كل حزين فالفرج آت لا محالة مهما اشتدت المصاعب وتكالب أهل الباطل. نعم ستدور الدوائر وكل من كان منكسراً سيكون- وإن طال الوقت– مبتسماً. فاصبر وتفاءل وانتظر فرج ربك.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: طلة لتخفيف الآلام كبار عائلات الله عز وجل سورة یوسف
إقرأ أيضاً:
هل تجوز قراءة سورة يس بنية قضاء الحاجة؟.. الإفتاء توضح
يهتم كثيرون بقراءة سورة يس فهي من ضمن سور القرآن التي يستحب الداومة على قراءتها حيث ورد في فضل قراءة سورة يس أحاديث كثيرة، ومنها حديث الرسول صلى الله عليه وسلم "من قرأ يس في ليلة ابتغاء وجه الله غفر له"، رواه ابن حبان في صحيحه، وقوله صلى الله عليه وسلم: "اقرأوا على موتاكم يس" رواه أحمد وأبو داود وغيرهما، وفي السطروالتالية نتعرف على حكم قراءة سورة ياسين بنية قضاء الحاجة.
حكم قراءة سورة يس بنية قضاء الحاجةوفي السياق، أكدت دار الإفتاء المصرية ضرورة قراءة القرآن الكريم لجلب البركة والثواب والأجر من الله عز وجل؛ مشيرة إلى أن من السور التي ورد في فضل قراءتها عدة أحاديث سورة "يس".
واستشهدت الإفتاء في منشور سابق لها على منصة "X"، "بما جاء عن معقل بن يسار رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: «و"يس" قَلْبُ الْقُرْآنِ، لَا يَقْرَؤُهَا رَجُلٌ يُرِيدُ اللهَ والدَّارَ الْآخِرَةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ، وَاقْرَءُوهَا عَلَى مَوْتَاكُمْ» رواه أحمد.
وأوضحت أن قراءة سورة ياسين لها فضل كبير، ولقارئها ثواب عظيم من الله عزَّ وجلَّ، وقد قرَّر فريق من العلماء جواز قراءة سورة ياسين بنية قضاء الحاجات وتفريج الكربات مثل السَّعة في الرزق وقضاء الدَّين وتيسير الحاجات، ونحو ذلك من أمور الخير،
ونوهت دار الإفتاء بأنَّ مَنْ قرأها متيقنًا بأن الله عزَّ وجلَّ سيقضي حاجته ببركة قراءة القرآن وسورة ياسين حصل له مقصوده بإذن الله.
حكم ارتداء الأساور للرجال.. أمين الإفتاء: تركه أولى لعدم التشبه بالنساء
هل إقامة العزومات في الأفراح ورد عن النبي؟.. الإفتاء: إطعام الطعام سنة مؤكدة
هل يجب الوضوء قبل قراءة القرآن أو تجديده حال فساده؟.. اعرف رأي الإفتاء
حكم أداء صلاة الجنازة على الميت الغائب.. الإفتاء تجيب
الإفتاء: الإسلام دعا المجتمع بأسره إلى المساهمة في توفير الرعاية اللازمة للمسنين
ما حكم صلاة الضحى أثناء أذان الظهر؟.. الإفتاء تجيب
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، في مسألة قراءة سورة يس 7 مرات تجعل الدعاء مُستجابًا، وهذا الكلام لم يرد عليه دليلٌ شرعي، وإنما من الأمور المُجربة عن مشايخنا.
وأضاف الدكتور علي جمعة، في تصريحات سابقة، أن قراءة القرآن الكريم من أفضل العبادات التي يتقرب بها المسلم إلى ربه، وإن لم يستجب الله تعالى لدعاء بعد قراءة سورة يس فلا يسخط الإنسان له قد حصل على ثواب القراءة.
وأشار الدكتور علي جمعة إلى أن قول «يس لما قرئت له» ليس حديثًا صحيحًا عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، ومعناه أي يقرأ الإنسان سورة يس فإنه يدعو بما شاء ويستجيب الله له.