بوابة الوفد:
2025-12-03@19:29:36 GMT

رسائل لكل حزين!

تاريخ النشر: 25th, February 2024 GMT

كلما شعرت بضيق فى صدرى لجأت لقراءة سورة يوسف، تلك السورة التى جاء نزولها على سيدنا محمد (صلى الله عليه وسلم) للتسرية عنه وتثبيته والشد من أزره. 

جاءت لتخفيف الآلام والأحزان التى انتابت أشرف خلق بعد وفاة أكبر نصيرين له فى بداية دعوته، عمه أبوطالب الذى كان يحميه من تجبر كبار عائلات قريش، وزوجته وحبيبته السيدة خديجة بنت خويلد، رضى الله عنها وأرضاها، أول من صدقته وآمنت به وبدعوته، لذا أنزل الله على قلب نبيه هذه السورة الكريمة للمواساة وبعث الأمل فى قلبه ليقاوم الحزن فى عام الحزن.

سورة يوسف من أشهر قصص القرآن وقد وصفها الله عز وجل بأحسن القصص، لذا من الطبيعى أن يكون لوقعها فى قلوب الناس على اختلاف أعمارهم أثر طيب، حتى الأطفال تجدهم قد تعلقت قلوبهم بهذه السورة ويحبون أن يسمعوا حكاية ذلك الطفل الذى تربص به أقرب الناس إليه وهم إخوته الذين كانوا يحسدونه لقربه من قلب أبيهم أكثر منهم مع أن ذلك القرب كان طبيعياً، فهو الأصغر عمراً والأصعب ظروفا، حيث ماتت أمه وهى تلد شقيقه بنيامين، بينما يوسف لا يزال طفلاً صغيراً، فذاق اليتم الذى حاول معه سيدنا يعقوب أن يعوضه عنه فميزه عن أشقائه الكبار وبحكم السن لا يحتاجون بالطبع لنفس درجة العطف والحنان، لكن الحقد الذى ملأ قلوبهم تجاه أخيهم جعلهم يكيدون له كيداً لدرجة أن ألقوه فى غيابات الجب، ثم هذا التطور الدراماتيكى العجيب للحكاية الشيقة، إذ إن هذا الطفل تعرض لتجربة فريدة من البقاء فى الجب حتى التقطه بعض السيارة وباعوه فى أسواق النخاسة فاشتراه عزيز مصر ليعيش فى قصر الوزير الأول. ثم شب قليلاً، فعشقته امرأة العزيز ليبدأ مرحلة جديدة من المعاناة وهو يقاوم كيدها وكيد النسوة فى المدينة مما كان نتيجته السجن حتى حين رغم براءته المؤكدة التى جاءت على لسان شاهد من أهلها.

دراما قصة يوسف جعلتها مصدراً لإلهام العديد من الأعمال الفنية والروايات الأدبية حيث تجمع فى طياتها كل عناصر التشويق. لم يقتصر الاهتمام بقصة يوسف على المسلمين فقط، بل كانت مصدراً لإلهام المبدعين من كل الشرائع السماوية الأخرى. أذكر عام 1994 وفى أول زيارة لى للولايات المتحدة الأمريكية أن شاهدت فى شيكاغو مسرحية استعراضية غنائية بعنوان «جوزيف» أى يوسف وتتناول قصة سيدنا يوسف وإن كان التركيز على قصة غرام وانتقام السيدة زليخة به ومنه. المسرحية فى ذلك الوقت كانت تعرض للموسم العشرين وبالطبع استمرت على مسارح أمريكا أعواماً كثيرة أخرى بنفس النجاح والإقبال الجماهيرى.

من أكثر الآيات التى تستوقفنى فى سورة يوسف عندما تعرف الإخوة عليه أخيراً فقالوا له: أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخى قد منَّ الله علينا إنه من يتق ويصبر، فإن الله لا يضيع أجر المحسنين. رسالة واضحة من المولى عز وجل لنبيه الكريم ولنا جميعاً فى ختام السورة. اتقى يوسف ربه فى كل خطوة من خطوات حياته فجاء الجزاء الوفاق الذى يكافئ الله به عباده المتقين، ورغم أننى كلما قرأت تلك الآية تمنيت لو أرى وجوه إخوة يوسف وهم يرون أخاهم الذى كادوا له كيداً قد أصبح وزيراً، كما كنت أتمنى أكثر لو رأيت وجوه هـؤلاء الأخوة وهم يسمعونه يقول لأبيه أن ما حدث بينه وبين إخوته مجرد نزغ من الشيطان وكيف قابل كيدهم وخيانتهم له بالعفو والسماح وطلب المغفرة لهم.

لقد حفلت سورة يوسف بالعديد من الرسائل لكل حزين أو مهموم خلاصتها أن الفرج بعد الشدة والعسر بعد اليسر وعد وسنة إلهية بشرط الصبر والثبات على الحق، فأبشر يا كل حزين فالفرج آت لا محالة مهما اشتدت المصاعب وتكالب أهل الباطل. نعم ستدور الدوائر وكل من كان منكسراً سيكون- وإن طال الوقت– مبتسماً. فاصبر وتفاءل وانتظر فرج ربك.

[email protected]

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: طلة لتخفيف الآلام كبار عائلات الله عز وجل سورة یوسف

إقرأ أيضاً:

مجتمعنا والـ«دارك ويب 1»

لا جدال أنّ المسالمين منا يجاهدون كل يوم للفكاك من سوداوية مشهد يزداد قتامة ويجْثمُ على صدر مجتمعنا ليفقده شعور الأمن والسلام، مشهد تزايد العنف والجرائم المرعبة، يسير كل منا خارج بيته أو لعل داخل بيته أيضا متلفتًا حوله فى قلق وهو يسأل نفسه من أين ستأتى الضربة؟ ضربة الغدر، الخيانة، القتل والتمثيل بالجثة فى وحشية، السرقة، الاغتصاب، هتك العرض وغيرها، جرائم غريبة عن مجتمعنا المتدين بطبعه والذى كنا نتغنى بتماسكه وتواده وتراحمه، فإذا يستوحش وكأن فيروسًا مريعًا ضرب كيانه وأخلاقه «إلا من رحم ربي».
لم يعد الآباء يأمنون على أطفالهم بمؤسسات التعليم مع تزايد جرائم هتك العرض داخل رياض الأطفال والمدارس وسوء المعاملة فى العقاب البدنى، لم يعد الآباء يأمنون ترك أطفالهم مع إخوتهم الكبار، الخال، العم، الجد ولن أقول الجار، بسبب ما انتشر أيضًا من زنا المحارم وانتهاك عروض الأطفال.
يخرج الشباب البنات مع أصدقائهن ولو حتى من نفس جنسهن، فنسمع أبشع الجرائم، قتلوا صديقهم، هتكوا عرضه مع تصويره لابتزازه وسرقة ماله، هاتفه، سرقة حتى التوك توك الذى يسترزق منه، وغيرها من الأسباب المنتهية بجريمة خيانة الصديق والصديقة وسفك الدماء واستحلال العروض، يغيب الزوج أو الزوجة فى عمله وينشغل أحدهم بتوفير القوت للأولاد، فيهرول الطرف الآخر لخيانته والغدر به والاتفاق مع شيطان متمثل فى عشيق أو شيطانه متمثلة فى عشيقة لقتل الزوج أو الزوجة بدم بارد لمواصلة مسيرة الخيانة.
ولد يقتل أمه أو أباه من أجل الاستيلاء على شقتهما أو نهب مالهما لشراء المخدرات، أم تقتل ابنها أو ابنتها إما لتتفرغ لفاحشة، أو لمعاقبته على عقوق ما كان من الممكن علاجه بأسلوب تربوى حكيم وكذلك يفعل أب، عم يطرد بنات أخيه الأيتام من شقتهم ليستولى عليها غير عابئ بإلقاء عرضه فى الشارع للذئاب، أم تقتل طفلة بسياراتها بسبب مشاجرة تافهة بين الطفلة وابنها، شاب يهين عجوز ويصفعه، رجال عُتل ينهالون ضربًا على سيدة أو مجموعة فتيات مع كل غياب للنخوة والرجولة، لا احترام أو رحمة لكبير ولا لضعيف، قانون الغابة أصبح يحكمنا.
صفحات الحوادث تصرخ الآن لغرقها فى كم الدماء الممد بين أسطرها، جرائم فوق تصور العقل البشرى لا يرتكبها وحوش الغابة ضد بنى جنسهم، فإذا بالإنسان الذى كرمه الله بالعقل ليفرق بين الصح والخطأ، الحرام والحلال وحباه الله بقلب رحيم يعقل أيضًا، إذا به يدهس كل المزايا الربانية له ويهرول خلف شهوات حرام مرتكبًا لأجل الفوز الذميم بها فظائع شابت لها رؤوسنا وأقضت مضاجع المسالمين منا، تمدد عدم الأمان فى كل الربوع، فى الشارع، داخل المواصلات العامة والخاصة، داخل مؤسسات العمل، داخل الأندية، المدارس، فى بيوتنا التى باتت تضج جدرانها بالكراهية والخيانة والدماء «إلا من رحم ربي».
لا يتهمنى أحد بمبالغة وإثارة الفزع لأنه مُثار بالفعل، مجتمعنا المتدين بالفطرة الذى كان يخشى العيب والحرام لخشيته الله بدأ فى الانقراض ليحل مكانه مجتمع آخر غريب عنا، مجتمع يتم تغييب وتدمير أجمل زهراته.. شبابه وأيضًا أطفاله بالمخدرات واستقطابهم من خلال الإنترنت المظلم «The dark web» ليتحول أطفال فى عمر الزهور إلى مغتصبين وقتلة فى سادية مرعبة فإلى أين نسير والمنحدر الأخلاقى يدفعنا إلى جرف هار سحيق قد لا تقوم لنا منه قيامة، دين أو أخلاق بعدها، ماذا حدث لنا سأجيب عن هذا السؤال لاحقًا، ولكن سأتوقف بعض الشيء أمام هذه الحوادث التى بدأت فى التحول إلى ظاهرة، هتك أعراض الأطفال بالمدارس وبعيدًا عن نظريات المؤامرة، أرى أن ما يحدث كأنه شيء ممنهج وراءه شبكة منظمة ما فى الداخل أو الخارج للـ«بيدوفيليا»، أى جنس الأطفال لتصويرهم، بيع الصور والأفلام من خلال الإنترنت المظلم أو الويب المظلم، الذى يتيح للمستخدمين إخفاء هويتهم وموقعهم الجغرافى عن الآخرين وعن هيئات إنفاذ القانون للممارسة أنشطة غير مشروعة من إتّجار بالمخدرات، جنس الأطفال، جرائم القتل والتمثيل بالجثث، القرصنة على الحسابات البنكية، اختراق البيانات، وغيرها.. وللحديث بقية.

[email protected]

مقالات مشابهة

  • «ورد وشيكولاتة» الأصعب فى حياتى المهنية ونجاحه فاق التوقعات
  • دفاعاً عن «الجلابية»!
  • رسائل ما يجرى فى سوريا!
  • صبى المعلم فى واشنطن!!
  • «الست».. أم كلثوم برؤية عصرية
  • مجتمعنا والـ«دارك ويب 1»
  • آداب وأحكام سورة الحجرات الاجتماعية والأخلاقية
  • الأزهر للفتوى يوضح آداب وأحكام سورة الحُجُرات
  • سورة الحجرات .. اعرف الآداب الاجتماعية والأحكام المشتملة عليها
  • عمرو سمير عاطف: دور يوسف الشريف فى مسلسل فن الحرب مختلف |خاص