لجريدة عمان:
2025-05-09@05:48:50 GMT

الرجل بكامل قيافته

تاريخ النشر: 28th, February 2024 GMT

الرجل بكامل قيافته

دخل الرجل الستيني الموفور الصحة إلى مجلس العزاء بكامل قيافته العصرية: بدلة منسقة ومكوية جيدا من ياقتها حتى حواف أردانها، ربطة عنق زاهية الألوان، لحية حليقة وسحنة تطفح بالبِشر، شارب مصبوغ بالأسود متوسط الكثافة، ومن معصم اليد اليسرى تطل ساعة رولكس مهيبة، وعلى سطح الخنصر يلتف خاتم فضة تتوسطه عين عقيق تنبض بالحياة.

قد يكون بعض الحاضرين في العزاء لم يخفوا اندهاشهم لأن هناك من يعرفه ونقل المعلومة سريعا بهمهمات كهربائية، بيد أن البعض اعتبره أستاذا جامعيا عربيا وهو يدور على أيدي الصف الدائري الطويل مسلما. وبعد انتهاء المصافحة قام الذي يعرف مقامه وجره من يده ليتصدر المجلس، مرددا بارتباك: «معاليه جاء من سفرة رسمية، ومن المطار إلى مجلس العزاء لم يضيع الوقت للذهاب إلى البيت ليغير ملابسه» وكأنه جاء بملابس غير لائقة تستدعي التوضيح، حيث إن للعزاء حلته التي يتقيد بها عادة حتى الصبية الغرر، تتمثل في الدشداشة البيضاء والمصر مع اصطحاب العصا العمانية المعقوفة الرأس. لم يعلق الرجل على العبارة الدالة إلى قدومه من المطار، لم يؤكدها نفورا ولم ينفها مراعاة لوضع قائلها خاصة وأنه كان المبادر إلى دعوته إلى تصدر المجلس. وبعض الداخلين حديثا إلى مجلس العزاء، حين يصل دور المصافحة إليه، يلفظون رأسا بكلمة دكتور أو أستاذ قبل أن يتدارك أحدهم - وقد انتبه إلى الملامح الواضحة للرجل - إلى إطلاق كلمة معاليه، وهو يرفد يمناه يسراه ويهزهما حانيا جذعه قليلا. دار التمر على الحاضرين، فاكتفى الرجل بفنجان قهوة يتيم قدم له في تجويف كرتوني صغير، احتساه على مهل وهو ينقل عينيه بين وجوه المجلس وكأنه يقرأ حديثا محتملا تنطق به عيونهم. لكنه أدرك مع الوقت أن العملية تمت بسلام وأن الجمع لم يعد مهتما بأمر ملابسه، بل إن بعض النظرات كانت ترسل نور بصرها إليه بحياد وبرضا تام، وهناك من رأى في ذلك علامة تنوع وكسر مريح لجهامة الحياة: أن يختار وزير مجلس عزاء ليرتدي ملابس عصرية بالغة الأناقة، وهناك من صرف نظره ناحية نوعية الثوب الذي خيطت به بدلته وثمن الساعة التي يرتديها، بل هناك من صوب سهام عينيه جهة عين العقيق التي تبرق من ظهر خنصره الأيسر. أحد الملاصقين له في المجلس بالغ في مجاملته حين تحدث عن حرية اللبس وأنها ليست أكثر من أردية تصنع خارج البلاد، دون أن يحظى من الرجل بأي ردة فعل، الأمر الذي دعاه إلى تغيير مجرى الحديث إلى عدة مواضيع لا يجمعها رابط، في أحدها بدت عن الرجل ابتسامة وامتلأ صدره بمقدمات ضحك حد تدفقه مقام العزاء.

حين قام الرجل مستأذنا تبرع ثلاثة من متصدري صف العزاء لتشييعه والوقوف انتظارا حتى يرتدي حذاءه، ثم التقدم معه جهة سيارته «البي أم دبليو»، حيث هرع سائقها من كرسيه كي يفتح له الباب. وانتظروا واقفين رافعين أكف الوداع إلى أن اختفت سيارته في منعطف الطريق.

***

حين ترك الرجل منصبه في الوزارة، اختار عالم رجال الأعمال والمضاربات الحرة، ظل بعد ذلك مرتبطا بالسفر والتجوال. وضمن القرارات التي أضافها إلى حياته، تخليه عن الملابس التقليدية نهائيا. حتى في الأعياد كان لا يصطف أمام محال الخياطة كما يفعل بعض زملائه السابقين تظاهرا بأن الوزير يمكنه أن يكون مثل العامة في الوقوف خلف الصفوف، بل لم يحضر خياطين إلى بيته. في مكتبه كذلك بالشركة كان لا يتخلى عن ملابسه الأنيقة تاركا موظفيه على حريتهم في ارتداء ما يشاؤون طالما أن أمور العمل تجري على الوجه المعقول. لا يفرط في المناسبات الاجتماعية، بل يؤديها بحرص خاصة زيارات المرضى من أقاربه، ولكن دون تفريط في أمر ملابسه. وكانت هذه المرة الأولى التي يحضر فيها مراسم عزاء بملابس عصرية. لا شك أن الأمر استغرق منه يومين كاملين لاتخاذ القرار، ولكن في اليوم الأخير للعزاء عقد أمره وتقدم بكامل زيه جهة صحن العزاء.

***

كان ينظر من الكرسي الخلفي لسيارته منتشيا وكأنه يرى العالم من حوله بحلة جديدة. وكأن البلد تغيرت وصار للغروب معنى، كما سيصير الشروق إلى معنى آخر كذلك.

محمود الرحبي روائي وقاص عماني

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

لماذا فرض الله الحجاب على المرأة دون الرجل؟.. أمين الإفتاء يجيب

أجاب الشيخ محمود شلبي، أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، عن سؤال فتاة تساءلت عن سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال، رغم أنهن يحببن شعرهن ويشعرن أنه جزء من الزينة؟.

وأوضح أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، خلال تصريحات تلفزيونية له، اليوم الأربعاء، أن الحجاب فريضة شرعية على المرأة المسلمة، وهو أمر إلهي لا يرتبط بالسن أو شكل المرأة، بل هو التزام ديني قائم على طاعة الله.

أمين الإفتاء: المعيار الحقيقي للرجولة والإيمان هو أداء الأمانةأمين الإفتاء يحذر الآباء من ظاهرة تتسبب في ضياع الأبناءهل يجوز دخول الحمام بخاتم عليه آية قرآنية؟.. الإفتاء تجيبحكم دفع أموال لشخص لأداء الحج لغير القادر صحيا.. الإفتاء توضح

وأضاف أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن الحجاب لا يعني منع الزينة، بل هو شكل من أشكال الطاعة، مضيفًا: "الزينة لا تعني بالضرورة كشف العورة، فقد تكون المرأة المستترة أكثر زينة من غيرها".

وتابع أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن "الحجاب فُرض على النساء بأمر صريح، والله تعالى يقول: وما كان لمؤمنٍ ولا مؤمنةٍ إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، فالأحكام الشرعية لا تخضع للأهواء بل هي التزامات واجبة".

وأكد أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية، أن مفهوم الحجاب ليس مقصورًا على المرأة فقط، بل يشمل الرجل أيضًا، موضحًا: "الرجل مأمور بالستر مثل المرأة، لكن لكل منهما حدود شرعية مختلفة، فكما أن على المرأة ستر بدنها كله ما عدا الوجه والكفين – وعند بعض الفقهاء القدمين – فإن على الرجل أيضًا ستر ما بين السرة والركبة على الأقل".

وأشار أمين الفتوى في دار الإفتاء المصرية إلى "الالتزام بالحجاب جزء من الالتزام بالشريعة، وليس قضية مظهر فقط، بل هو تعبير عن طاعة الله واحترام أوامره، وهو ما ينبغي أن يُغرس في قلوب الصغار قبل الكبار".

هل النقاب فرض؟

أكّد الشيخ محمد كمال، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أن هناك خلطًا كبيرًا بين مفهومي الحجاب والنقاب، مشددًا على أن الحجاب فرض شرعي مؤكد، بينما النقاب ليس فرضًا ولا واجبًا، بل هو من العادات أو المباحات التي يمكن للمرأة أن تختارها، دون أن يكون ذلك إلزامًا دينيًا.

وأوضح أمين الفتوى، في فتوى له: "الحجاب الذي يشمل تغطية الجسد كله ما عدا الوجه والكفين هو الفرض، كما هو حال ما ترتديه أغلب النساء المسلمات اليوم، أما النقاب، وهو تغطية الوجه بالكامل، فليس فرضًا شرعيًا، والدليل على ذلك من حديث النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين".

وأضاف: "سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تنتقب المرأة المحرمة"، والحديث رواه الإمام البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، وهذا دليل صريح على أن تغطية الوجه ليست فرضًا، لأن لو كان النقاب فريضة شرعية، لكان أَولى أن يُفرض في الحج، وهو أعظم عبادة، لكنه منهي عنه للمحرمة".

واستدل كذلك بحديث آخر، جاء فيه أن سيدنا الفضل بن عباس كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، وجاءت امرأة تسأل النبي، وكانت مكشوفة الوجه، وكان الفضل ينظر إليها، فصرف النبي وجه الفضل عنها ولم يأمر المرأة بتغطية وجهها، ما يؤكد أن كشف الوجه لم يكن مخالفة شرعية.

وأشار إلى أن جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية – في غير قول – والحنابلة في رواية، قالوا إن النقاب ليس بفرض، وأن الوجه والكفين ليسا بعورة، وبالتالي لا يجب تغطيتهما.

وتابع: "الحجاب فرضٌ بإجماع العلماء، أما النقاب فهو اختيار شخصي، ومن اختارته من باب الاحتياط أو الورع فلهن أجرهن، ومن لم تلبسه فلا إثم عليها، بشرط الالتزام بالحجاب الشرعي الكامل".

طباعة شارك سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب الحجاب سبب إلزام النساء بارتداء الحجاب دون الرجال الشيخ محمود شلبي أمين الفتوى دار الإفتاء الإفتاء

مقالات مشابهة

  • رجل يتخلص بنجاح من قرن عانى منه لمدة ثلاث سنوات
  • مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين يدين الهجمات التي استهدفت المنشآت الحيوية والاستراتجية بالسودان
  • ملياردير يعد بالتبرع بكامل ثروته لفقراء العالم
  • لماذا فرض الله الحجاب على المرأة دون الرجل؟.. أمين الإفتاء يجيب
  • أحمد نجم يكتب: حماية الأطفال.. واجب أسري ومجتمعي
  • الرئيس الشرع: شهدنا مؤخراً أحداثاً مأساوية وتحركنا سريعاً لمواجهة الهجمات وشكلنا لجنة للتحقيق في الأحداث التي افتعلها مسلحون تابعون للنظام البائد في الساحل ورحب مجلس حقوق الإنسان بتشكيلها
  • "خلع ملابسه في البلكونة".. القبض على المتهم بارتكاب أفعال خادشة بالقطامية
  • محافظ الإسماعيلية يعلن عن تشغيل قسم الحضانات بكامل طاقته بمستشفى القصاصين المركزي
  • طالب بن صقر يعزي في وفاة سعيد الحمودي
  • مجلس الوزراء يُشدّد على رفضه القاطع للاعتداءات الإسرائيلية التي تستهدف سوريا