قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، إن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ} فهذه واحدة من ثلاثة نتائج : الإيمان بالله وبما أرسله من نورٍ في شخص النبي المصطفى ﷺ ومن كتابٍ هو هدايةٌ للمتقين.

والثانية {وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} يعني النور يؤدي إلى النور عندما يكون أنت اتباعك للنور للبيان للظهور للوضوح للجمال ؛ فإنك ستخرج من الظلمات ، ظلمات الحيرة، ظلمات الضيق، ظلمات الدنيا والتعلق بها وهي لا نهاية لها ،كلما ظننت أنك قد حصَّلت منها شيئا وجدت من هو قد فاقك في التحصيل، أمرها عجيب لا ينتهي ومُلكها ليس بيدك، وكلها كدر فمن تعلق بها تعلق بكدر، ولذلك كان من دعاء الصالحين حيث نكرره كثيراً (اللهم اجعل الدنيا في أيدينا ولا تجعلها في قلوبنا) قالوا: وجعلُها في القلب أن تحزن على كل مفقود، وأن تفرح بكل موجود ؛فإذا خلَّصك الله من الحزن على المفقود، ومن الفرح بكل موجود كانت الدنيا في يدك وليست في قلبك ؛فإذا فقدت تقول: حسبنا الله ونعم الوكيل، إنا لله وإنا إليه راجعون، أستغفر الله العظيم، وإذا وُجِدَت قلت: الحمد لله، الشكر لله، الفضل من عند الله، لا إله إلا الله ، أما من ينهار في قلبه فهو في ظلمات وليس في نور؛ فالقضية الثانية التي تنتج من اتباعك للنبي ﷺ وإيمانك من خلاله بالله رب العالمين لأنك ستخرج من الظلمات ؛من ظلمات الدنيا، من ضيق الدنيا، من ظلمات الحيرة، ومن ضيق الحيرة، من ظلمات التعلق وعدم القناعة والرضا ،إلى نور التوكل على الله والرضا بالله، وأن تسير في نور الله، وأن تكون راضياً عن الله فيرضى الله سبحانه وتعالى عنك {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} ترضى عن الله تعالى وتكون سعيدا بالله تعالى ، لكن هناك ناس قليلة الأدب مع الله ليست سعيدة بالله في ظلمات وليست في نور.

القضية الثالثة {وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} فيستجيب الدعاء . ولكنه سبحانه سيستجيب دعاءك بشرط أن تفهم النبي ﷺ والقرآن ؛ لأن كل الأبواب أغلقت إلا باب سيدنا النبي ﷺ ، والذي بيننا وبين الخلق هو سيدنا النبي ﷺ ، ليس لنا إلا سيدنا النبي ﷺ . فاللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه. 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: النبی ﷺ

إقرأ أيضاً:

علي جمعة: عدم العفاف يَسُدُّ بابَ استجابة الدعاء ويُوقِع الضغينةَ بين الناس

قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من العفاف أنه أمر بعدم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية إلا بطريقة آمنة.

المقصود بالخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية

وأوضح عبر صفحته الرسمية على فيس بوك أن المقصود بالخلوة هنا المكانُ الخاصُّ وليس المكان العام، ومعيار الخصوصية والعمومية هو وجوب الاستئذان من أجل النظر من عدمه؛ فالمكان الذي يجب علينا أن نستأذن للنظر إلى داخله، ولا يجوز أن ندخله إلا بعد الاستئذان، فهو مكانٌ خاص، والمكانُ الذي لا يحتاج إلى استئذان، كالطريق ووسائل النقل العامة والمساجد والمحلات العامة، فهو مكانٌ عام، ولا يسمَّى انفرادُ الرجل بالمرأة، أو المرأةُ بالرجل، فيه خلوةً، والنبيُّ صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ» (الترمذي في سننه).

علي جمعة: العفاف بكل جوانبه مأمور به على لسان الأنبياءعلي جمعة: الإنابة إلى الله سرّ العطايا الإلهية.. والصلاة أعظم مظاهر الرجوع إلى رب العالمينعلي جمعة: تهذيب النفس يبدأ من ظاهر السلوك حتى يرقّ القلبعلي جمعة: من الأسباب التي تقوي محبة الله عز وجل عند العبد التخلية والتحلية

العفاف

واشار الى ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالعفاف في الكلام، فنَبَّه معاذًا فقال: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ - أَوْ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ - إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ» (الترمذي في سننه). وربنا يقول في سورة النساء: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: 148]، ولكنه بعدها حثَّ على العفو فقال: {إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا} [النساء: 149].

ونهى صلى الله عليه وسلم - من باب العفاف - عن التسول والرشوة والسرقة، كما نهى - من باب العفاف - عن السبِّ واللَّعن والفُحش والبذاءة، فقال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ» (البخاري)، وقال: «لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الرَّاشِي وَالْمُرْتَشِي» (أورده أبو داود في سننه)، وقال: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَأَيْمُ اللَّهِ، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا» (مسند الإمام أحمد)، وقال: «لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِطَعَّانٍ، وَلَا بِلَعَّانٍ، وَلَا بِالْفَاحِشِ الْبَذِيءِ» (مسند الإمام أحمد).

البعد عن الشبهات

وعلَّمنا صلى الله عليه وسلم البُعد عن الشبهات؛ فعن عليِّ بنِ الحسينِ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أتته صفيةُ بنتُ حُيَيٍّ، فلمَّا رجعت انطلق معها، فمرَّ به رجلان من الأنصار، فدعاهما فقال: «إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ». قالا: سبحان الله! قال: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ» (البخاري)، كما أنه علَّمنا وأمرنا بالبعد عن مواطن الفتن، فقال: «وَالْمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ» (البخاري).

 عدم العفاف يَسُدُّ بابَ استجابة الدعاء

واختتم منشورة قائلا: هذا كلُّه من العفاف في الظاهر والسلوك، أمَّا العفاف في الباطن والمفاهيم فله حديثٌ آخر، قد يكون أهمَّ وأعمقَ من عفاف الظاهر الذي هو في غاية الأهمية في نفسه، وأرى أن فقدَنا للعفاف الظاهر والباطن يُسَبِّب كثيرًا من اختلاف المعايير والرؤى، ويُحْدِث الفجوات، بل إنني لا أُبالغ إذا قلت إن عدم العفاف يَسُدُّ بابَ استجابة الدعاء من ناحية، ويُوقِع الضغينةَ بين الناس من ناحية أخرى، وبالجملة يُغَبِّش على القلب، الذي هو مهبطُ الرحمات الربانية، أن يرى الحقَّ حقًّا والباطلَ باطلًا؛ فاللهم نسألك العفافَ والتُّقَى

طباعة شارك الخلوة الخلوة بين الرجل والمرأة البعد عن الشبهات الشبهات العفاف علي جمعة عدم الخلوة بين الرجل والمرأة الأجنبية

مقالات مشابهة

  • علي جمعة: الاستغفار والصلاة على النبي ولا اله الا الله طريق المسلم للثبات
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: يستعرض دلائل حديث الإعجاز القرآن عن الخيل
  • من أعظم مناقب سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه
  • دعاء نبوي يجب قوله قبل دخول الخلاء للتستر من أعين الجن
  • تفسير قوله تعالى صم بكم عمي فهم لا يعقلون.. علي جمعة يوضح
  • كيف يتفكر الإنسان ويكون الفكر لله؟..على جمعة يوضح
  • دار الإفتاء تشرح معنى الصلاة على النبي ﷺ وحكمها وفضلها
  • علي جمعة: عدم العفاف يَسُدُّ بابَ استجابة الدعاء ويُوقِع الضغينةَ بين الناس
  • قال عنه رسول الله ﷺ "مخ العبادة" فضل الدعاء في الإسلام
  • دُعَاءِ سيدنا رسول الله ﷺ.. الأزهر يكشف