صدى البلد:
2025-05-19@12:10:02 GMT

منال الشرقاوي تكتب : دراما رمضان.. والجودة

تاريخ النشر: 29th, February 2024 GMT

في ظلال الشهر الفضيل، تُرسم لوحة الدراما المصرية بخطوط غزيرة، معرضةً نفسها لميزان الكمية والجودة. دعونا نُسبر أغوار هذا التحول الدراماتيكي، حيث تتشابك خيوط الإبداع مع دهاليز الإنتاج الكثيف. 


لقد شهد العقد الأخير تحولاً جذرياً في نسيج الأعمال الرمضانية، من التنوع القصصي الذي يلامس الروح ويعانق الواقع، إلى التقنيات البصرية الساحرة التي تأسر الأبصار.

 


إن هذا التدافع الإبداعي الذي بات يشكل السمة الغالبة للموسم الرمضاني، حيث يتفاقم الإنتاج الدرامي بوتيرة متسارعة، مغذيًا الشاشات بتوليفات قصصية متنوعة تُغازل ذائقة المشاهد العربي. في هذا السياق، يبرز التساؤل: هل الغزارة في الإنتاج ترقى بالمضمون الفني، أم تستر تحت طياتها تراجعًا في الدقة الأدبية والجودة البصرية؟


إن الغزارة في الإنتاج الدرامي، خاصة خلال شهر رمضان، قد تُتيح فرصًا لاستكشاف مجموعة واسعة من القصص والأفكار، مما يعكس تنوعًا ثقافيًا واجتماعيًا يُثري المشهد الدرامي. من هذا المنطلق، يمكن للغزارة في الإنتاج أن تُعزز من المضمون الفني عبر تقديم تجارب سردية متنوعة ومعالجات فنية مبتكرة تجذب المشاهدين بتفردها وعمقها.


مع ذلك، تُطرح تحديات متعلقة بالدقة الأدبية والجودة البصرية، ففي ظل السعي لتلبية متطلبات الإنتاج الضخم، قد تغفل بعض الأعمال الاهتمام الكافي بالجوانب الأدبية والفنية، مما يؤدي إلى تراجع في العمق القصصي والتصوير الدقيق للشخصيات والأحداث، فتُصبح القصص مُشبعة بالتكرار والمبالغة في سبيل ملء الوقت، دون إضافة حقيقية للمحتوى أو القيمة الفنية. كما قد تتأثر الجودة البصرية بالضغوط الزمنية والميزانيات المحدودة، مما يؤثر بالسلب على تجربة المشاهدة الكلية.


وهنا يأخذنا الموضوع نحو التساؤل عن مدى فاعلية المسلسلات ذات الثلاثين حلقة مقارنةً بتلك التي تقدم في حلقات أقصر مكونة من 15 حلقة. تراثيًا، استقرت الدراما الرمضانية على هذا النمط من المسلسلات ذات الثلاثين حلقة ، مما يفسح المجال لاستكشاف القصص بعمق وتفصيل. ومع ذلك، تبرز مسألة التطويل ومدى تأثيرها على جودة السرد القصصي.


إن التطويل في المسلسلات يمكن أن يكون سلاحاً ذا حدين؛ فمن جهة، يمنح الكتّاب والمخرجين فرصة لتطوير الشخصيات والعلاقات بينها بشكل أعمق، ومن جهة أخرى، قد يؤدي إلى ملء الفراغ بمحتوى أقل أهمية يُضعف من النسيج الدرامي العام.


في المقابل، المسلسلات القصيرة، والتي بدأت تكتسب شعبية متزايدة، تقدم نموذجًا يعتمد على الإيجاز والتركيز الشديد على القصة الرئيسية دون الخوض في تفاصيل جانبية قد لا تُضيف إلى الحبكة الرئيسية. هذا النهج يُمكن أن يعزز من جودة السرد ويحافظ على اهتمام المشاهد، الذي أصبح أكثر ميلاً إلى استهلاك المحتوى بشكل أسرع.

يطرح هنا التساؤل عما إذا كان من الممكن للدراما المصرية أن توازن بين النموذجين، مقدمة أعمال تجمع بين العمق الدرامي والكفاءة في السرد دون الإفراط في التطويل. هل يمكن أن تقدم قصص مكثفة في عدد أقل من الحلقات دون التضحية بالجودة أو الأبعاد الدرامية؟


يبقى هذا التوجه موضوع نقاش مفتوح، حيث يعد التجديد والتنوع في تقديم الأعمال الدرامية عنصرا حيويا للحفاظ على حيوية هذه الصناعة وتطورها، مع مراعاة التغيرات في تفضيلات المشاهدين وطرق استهلاك المحتوى ، ومن هذا المنطلق يجب علينا أن نعيد النظر في مفهوم الإنتاج الدرامي، لا سيما في شهر رمضان، بحيث لا يكون الهدف هو مجرد ملء الفضاء الإعلامي بكم هائل من الأعمال، بل تقديم محتوى يحمل قيمة فنية وثقافية ترتقي بالذوق العام وتثري وعي المجتمع المصري والعربي، لذا؛ يعد التوجه نحو الإنتاج الذي يركز على الجودة بدلا من الكمية، والتنويع في الأشكال الدرامية وطرق السرد، خطوة ضرورية نحو تحقيق هذا الهدف. إن الغزارة في الإنتاج قد تعزز من المضمون الفني عندما تدار بعناية وتستغل لاستكشاف الإمكانات الإبداعية بشكل عميق ومدروس. لكن، دون الحرص على المعايير الأدبية والفنية، قد تخفي هذه الغزارة تحت طياتها تراجعا في الجودة البصرية والدقة الأدبية، مما يتطلب توازنا دقيقا بين الكم والكيف لضمان تقديم أعمال درامية ذات قيمة فنية حقيقية.من المهم أيضًا تشجيع الأعمال التي تتناول قضايا مجتمعية معاصرة وتاريخية بعمق وجدية، تلك التي تدفع المشاهدين للتفكير والتأمل، بدلاً من الاقتصار على الترفيه السطحي. فالدراما، بأبعادها الفنية والثقافية، قادرة على أن تكون مرآة للمجتمع، تعكس همومه وتطلعاته وتسهم في صياغة وعيه وهويته.


في خضم السعي نحو التميز والابتكار، تقف الدراما الرمضانية على مفترق طرق، حيث يجب أن تلتقي الغزارة الإنتاجية بالإبداع الفني في تناغم يُعيد صياغة معايير الجودة ، ليظل الفن المصري، بكل تاريخه وتراثه العريق، قادرًا على تجاوز التحديات التي تواجهه، مستلهمًا من روح الإبداع التي لطالما ميزته. وفي ظلال رمضان، يُمكن لهذا الفن أن يجدد من نفسه، ويقدم أعمالاً تترك بصمة في الذاكرة الثقافية، وتعزز من تطور الثقافة المصرية والعربية بإضافات جديدة تثري تراثها الفني.
دعوني أختم هذا المقال بسؤال يُلخص الفكرة، هل تُعانق الغزارة الإنتاجية أفق الإبداع الفني، أم تسقط في فخ التكرار ؟ لعل الإجابة تكمن في رؤية متوازنة تعيد تشكيل المشهد الدرامي بأدوات الجودة والتنوع القصصي، مع مراعاة تطلعات المشاهد وتحولات العصر.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: فی الإنتاج

إقرأ أيضاً:

منال عوض: إزالة 4161 حالة تعدٍ خلال الأسبوع الأول من الموجة الـ26

تلقت الدكتورة منال عوض، وزيرة التنمية المحلية، تقريراً صباح اليوم السبت، بشأن نتائج جهود المحافظات خلال الأسبوع الأول من تنفيذ المرحلة الأولى للموجة الـ26 لإزالة التعديات على أراضي أملاك الدولة والأراضي الزراعية، والتي نفذت في الفترة من 10 إلى 16 مايو 2025.

الموجة الـ26 لإزالة التعديات

وأكدت الدكتورة منال عوض، أن ما تحقق خلال الأسبوع الأول يعكس الحزم والجدية في التعامل مع ملف التعديات، بفضل التعاون والتنسيق المستمر بين المحافظات والجهات المعنية لتنفيذ القانون واستعادة حقوق الدولة، مشيرة إلى أنه تم تنفيذ 4161 حالة إزالة لمخالفات متنوعة في جميع المحافظات، من بينها 1378 حالة تعدٍ بالبناء على أراضي أملاك الدولة على مساحة 469 ألف متر مربع، و616 حالة تعدٍ بالزراعة على مساحة 4666 فدانًا.

وأضافت وزيرة التنمية المحلية أن التعامل مع المتغيرات المكانية غير القانونية يسير وفق خطة دقيقة، حيث نجحت المحافظات في إزالة 1143 حالة بناء مخالف على مساحة 156 ألف متر مربع، بالإضافة إلى إزالة 125 حالة زراعة غير قانونية على مساحة 46 فدانًا.

نشرة الحصاد الأسبوعي لرصد أنشطة التنمية المحلية.. إنفوجرافوزيرة التنمية المحلية تترأس لجنة اختيار المتقدمين للوظائف القيادية الشاغرة بالوزارة

وأوضحت الدكتورة منال عوض، أن المحافظات واصلت جهودها أيضًا في إزالة التعديات على الأراضي الزراعية، حيث تم رصد وإزالة 899 حالة تعدٍ بالبناء على مساحة بلغت 53 فدانًا.

وأشارت وزيرة التنمية المحلية ، إلى أن غرفة العمليات المركزية بالوزارة بالتنسيق مع مركز سيطرة الشبكة الوطنية للطوارئ والسلامة العامة، تتابع تنفيذ حملات الإزالة لحظة بلحظة، وتعمل على تذليل العقبات لضمان تحقيق المستهدف من الموجة.

الجدير بالذكر أن الموجة الـ26 تنفذ على ثلاث مراحل، تبدأ المرحلة الأولى من 10 حتى 30 مايو 2025، تليها المرحلة الثانية من 7 حتى 27 يونيو، وتُختتم بالمرحلة الثالثة في الفترة من 5 إلى 25 يوليو 2025.

طباعة شارك التنمية المحلية ازالة التعديات الموجة الـ26

مقالات مشابهة

  • شيخة الجابري تكتب: الإمارات تصنعُ الدهشة
  • باوليني تكتب التاريخ في روما
  • أكرمنى اللّٰه بوجودك فى حياتى.. نشوى مصطفى تكتب رسالة مؤثرة لزوجها
  • إلهام أبو الفتح تكتب: الاستباق أهم
  • منال سلامة تستعيد ذكريات عملها مع عادل إمام:" كان بيعاملني كنجمة النجوم"
  • منال سلامة توجه رسالة للزعيم عادل إمام في عيد ميلاده
  • منال عوض: إزالة 4161 حالة تعدٍ خلال الأسبوع الأول من الموجة الـ26
  • منال سلامة: عادل إمام في بداياتي كان يتعامل معي كأني نجمة
  • في عيد ميلاده| منال سلامة: عادل إمام فرح كل الدول.. ويتريع في قلوب الجميع
  • بإطلالة جذابة .. نسرين طافش تثير إعجاب جمهورها