فخرية خميس .. حنين للمنزل الأول
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
لم يشغل الفنّانة فخريّة خميس اشتراكها بتصوير مسلسل تلفزيوني رمضاني في الكويت تؤدّي به دور البطولة، عن شؤون المسرح وشجونه، بيتها الأوّل الذي انطلقت منه، والشاعر أبو تمّام يقول:
كم منزل في الأرض يألفه الفتى
وحنينه أبدا لأوّل منزلِ
ففوزها بجائزة الشارقة للإبداع المسرحي العربي في نسختها السابعة عشرة (2024) جعلها تسترجع سنوات التأسيس الأولى للمسرح العماني، وذكريات عزيزة على قلبها جمعتها مع الرعيل الأول الذي وضع اللبنات الأولى للمسرح قبل حوالي نصف قرن من العمل في المسرح، ومجاله الذي دخلته مصادفة، كما قالت في الجلسة الحوارية التي أقيمت ضمن فعاليات (أيام الشارقة المسرحيّة 33) حدث ذلك عندما كانت ترافق أختها المرحومة ليلى خميس، وتجلس في زاوية بعيدة عن الخشبة، تراقب، عن كثب، الممثلين وبلا شعور، تحفظ حواراتهم، فقد وجدت ثمّة آصرة قويّة تشدّها لهذا العالم الساحر، وذات يوم غابت إحدى الممثلات، وكان لا بدّ للفرقة البحث عن بديل، ولم يكن أمامهم سوى تلك الفتاة التي ترافق شقيقتها فطلب منها الممثلون الصعود على خشبة المسرح، سدًا للفراغ، ولأنها كانت قد حفظت حوارات الشخصية، مثلما حفظت حوارات بقية الشخصيات، وقفت على خشبة المسرح بثقة، وأدّت الدور باقتدارٍ لفت أنظارهم، فأشادوا بأدائها، وتنبّأوا لها بمستقبل باهر، ومنذ ذلك اليوم، وهي مشدودة إلى المسرح وعوالمه الجميلة، وانتصرت على الكثير من الصعوبات التي واجهتها، وهي تدخل هذا المجال في مطلع السبعينيات بمجتمع محافظ لم يألف وقوف فتاة على خشبة المسرح، ولم يتقبّل الفكرة إلّا بعد مرور سنوات، بعد أن أثبتت أن المسرح رسالة، وواصلت طريقها بكلّ ثقة، ولم تكتفِ بالموهبة، بل صقلتها بالدراسة، فقد أتيحت لها فرصة ذهبية عندما أرسلتها (وزارة الإعلام) عام 1981 إلى القاهرة للدراسة في المعهد العالي للفنون المسرحية بالقاهرة، برفقة الفنّانين: صالح زعل وسعد القبان وطالب البلوشي، فدرست على أيدي أساتذة كبار، وشاركت في أعمال إذاعية في القاهرة، وشاهدت عروضا مسرحية كانت تقدّم داخل المعهد وخارجه، وتلك الأعمال أكسبتها خبرة.
ولا يمكن فصل فخرية خميس عن تاريخ المسرح العماني، ولو طالعنا الصحف العمانية القديمة لوجدنا هذا الارتباط بشكل واضح، وخلال إعدادي للكتاب التكريمي عن الفنانة الذي صدر عن دائرة الثقافة في الشارقة، لمست هذه العلاقة الوثيقة، وكم كانت دهشتي كبيرة عندما قرأت في جريدة «$» بعددها الصادر يوم الثلاثاء 1 فبراير 1977م في تغطية الكاتب الشيخ حمود السيابي للحفل السنوي لنادي عمان إشارة لمسرحية عنوانها (دوّر غيرها) تأليف: صالح شويرد، وإخراج: أحمد جلال، تضمنت إشادة السيابي بالوجوه المسرحية الجديرة بالاهتمام والرعاية ورأى أنها تبشّر بمستقبل مسرحي جيّد، كصالح شويرد وفخرية خميس التي أدّت دور (العمة سعدة)، ومن نص محلي إلى نص من المسرح العالمي، ومسرحية شكسبير (تاجر البندقية) التي قدّمت ضمن المهرجان الشبابي الثقافي والفني الذي أقيم بفندق الإنتركونتنننتال في عام 1980، وأدت بها الفنانة فخرية خميس دور( بورشيا) وكانت من إخراج: مصطفى حشيش، فأفردت جريدة «$» مساحة للعرض في عددها الصادر يوم الثلاثاء 25 نوفمبر 1980 وقد عبّرت الفنانة فخرية للصحيفة، عن شعورها وهي تعتلي خشبة المسرح، فقالت «في البداية كنت خائفة، حقا، فلأول مرة أفاجأ بأنني سأقوم بدور في مسرحية عالمية ولكاتب عالمي وباللغة العربية الفصحى ومع استمرار العمل والبروفات على المسرحية بدأ الخوف يتلاشى وساهم أسلوب وطريقة المخرج في التعامل معنا في غرس الثقة في أنفسنا جميعا، وبدأت ثقتي بنفسي تنمو وبدأ إحساسي بالعمل وأهميته يتزايد ولكن الخوف لم يتلاشَ نهائيًا إلا عندما واجهت الجمهور وبدأت المسرحية، عندها أحسستُ بكامل الثقة بالنفس، تلك الثقة تمت على مدى أيام طويلة من العمل والبروفات والتدريب».
وكتب (فتحي سند) في عدد جريدة «$» الصادر يوم الخميس 22 نوفمبر 1984 عن مسرحية (الطوي) التي أخرجها مصطفى حشيش وكانت من بطولة: صالح زعل وفخرية خميس، والراحل سعود الدرمكي، وقدّمها مسرح الشباب «تفوّقت البطلة فخرية خميس وأحسنت معايشة الدور وعوّضت نقص العنصر النسائي في الرواية».
وبقيت علاقتها مستمرّة بالمسرح رغم قلّة الأعمال التي شاركت بها في السنوات الأخيرة، قياسًا للأعمال الدرامية، فآخر عمل مسرحي قدّمته كان (ولد البلد) عام 2019م للكاتب والمخرج مالك المسلماني على خشبة المسرح الكبير بمدينة العرفان، وشاركها البطولة الفنانون: صالح زعل وجمعة هيكل وعبدالغفور البلوشي ونخبة من الفنانين الشباب، بعد ذلك دخلت في دوّامة المرض الذي تحدّته بكل شجاعة وصلابة حتى انتصرت عليه، واليوم اعتلت خشبة قصر الثقافة في الشارقة حين تسلّمت جائزتها يسبقها حبّها ووفاؤها وحنينها (للمنزل الأول).
عبدالرزّاق الربيعي شاعر وكاتب مسرحي عماني
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: على خشبة المسرح فخریة خمیس ة خمیس
إقرأ أيضاً:
"أبو زعبل ٨٩" على خشبة الأوبرا.. رحلة في الذاكرة بعدسة بسام مرتضى
تواصل دار الأوبرا المصرية، برئاسة الدكتور علاء عبد السلام، تقديم فعاليات نادي السينما، الذي يُعد جزءًا من النشاط الثقافي والفكري تحت إشراف رشا الفقي.
ويشهد المسرح الصغير بدار الأوبرا في السابعة مساء يوم الأربعاء الموافق ٢٥ يونيو عرض الفيلم الوثائقي "أبو زعبل ٨٩"، من إخراج بسام مرتضى، يليه لقاء مفتوح مع عدد من صُنّاع العمل، من بينهم الفنانان محمود مرتضى وسيد رجب، ويدير النقاش الشاعر الكبير زين العابدين فؤاد.
الفيلم.. سيرة ذاتية تنبض بالمشاعر والذكرياتيُجسّد فيلم "أبو زعبل ٨٩" جانبًا من السيرة الذاتية للمخرج بسام مرتضى، من خلال قصة طفل يبلغ من العمر خمس سنوات يصحب والدته في زيارة مؤثرة إلى سجن أبو زعبل عام 1989، لرؤية والده المعتقل.
وتدور الأحداث في إطار إنساني بديع، يسترجع خلاله الطفل تفاصيل الرحلة، في محاولة لإعادة بناء ذاكرته الغامضة والمبعثرة، حيث تختلط المشاعر بالأماكن، والحنين بالوجع، في تجربة سينمائية شديدة الخصوصية.
تكريم دولي واسع لفيلم وثائقي مؤثرلم يكن فيلم "أبو زعبل ٨٩" مجرد عمل سينمائي عابر، بل حصد إشادات واسعة وجوائز مرموقة، حيث نال ثلاث جوائز في ختام الدورة الخامسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، وهي:
• جائزة لجنة تحكيم الفيلم الأفريقي
• جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل
• جائزة أسبوع النقاد الدولية
كما مثّل الفيلم مصر في عدد من أبرز المهرجانات العالمية، من بينها:
• مهرجان IDFA الدولي في أمستردام للفيلم الوثائقي
• مهرجان سالونيكي الدولي للأفلام التسجيلية
• مهرجان قرطاج السينمائي الدولي
• مهرجان فيسباكو الدولي
• مهرجان True/False السينمائي بالولايات المتحدة الأمريكية
• مهرجان فيدادوك الدولي للشريط الوثائقي
مساحة للتأمل والبوح على خشبة الأوبرايُعد عرض الفيلم على خشبة المسرح الصغير بدار الأوبرا فرصة للجمهور للتفاعل مع تجربة إنسانية نادرة تُجسّد فيها السينما دورها في التوثيق والتعبير عن الوجدان الجمعي، وتُتيح منصة للنقاش الحر مع صُنّاع العمل حول كواليسه ورسائله العميقة.
بهذا الحدث، تُواصل دار الأوبرا دورها الريادي في احتضان الأعمال الفنية الهادفة، وتعزيز الحوار الثقافي من خلال عروض السينما التوثيقية.