الذكاء الاصطناعي مازال يعاني للدخول إلى الشركات
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
رغم الضجيج المثار إزاء الذكاء الاصطناعي، فإن دراسة حديثة توصلت إلى أن الشركات التي تتبناه ما زالت قليلة، حيث تمثل خصوصية البيانات والتنظيم والبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات عوائق رئيسية أمام استخدامها على نطاق واسع.
وكشفت الدراسة الاستقصائية العالمية التي أجرتها "إم آي تي تكنولوجي ريفيو إنسايتس" وشركة الاتصالات "تيلسترا" ومقرها أستراليا، وشملت أكثر من 300 من قادة الأعمال، أن 9% منهم فقط كانوا يستخدمون الذكاء الاصطناعي بشكل كبير.
وعلى الرغم من أن معظم القادة كانوا متفائلين بشأن إمكانات الذكاء الاصطناعي وتوقعوا توسيع نطاق استخدامه، فإن الأرقام حاليا تُظهر أنه حتى المتحمسين لهذه التكنولوجيا وتبنوها في شركاتهم لم يستفيدوا من قدراتها بشكل كامل.
وقالت مديرة المركز الوطني للذكاء الاصطناعي في أستراليا ستيلا سولار في تقرير: "هناك مفهوم خاطئ عن مدى سهولة تشغيل الذكاء الاصطناعي الناضج والجاهز للمؤسسات". وأضافت أن اعتماده قد يتطلب من الشركات "تحسين جودة البيانات وإمكاناتها وتدابير الخصوصية ومهارات الذكاء الاصطناعي، وتنفيذ حوكمة الذكاء الاصطناعي الآمنة والمسؤولة على مستوى المؤسسة".
وأكدت أن "هناك عناصر أخرى مثل تصميم التطبيق والاتصال بالبيانات والعمليات التجارية وسياسات الشركة والمزيد مما لا تزال هناك حاجة للعمل عليه."
وتوقع معظم قادة الأعمال أن يتضاعف عدد وظائف الأعمال أو الأغراض العامة التي سيقوم بها الذكاء الاصطناعي التوليدي بأكثر من الضعف بحلول عام 2024. وقال كريس ليفانيس رئيس تسويق جنوب آسيا في شركة تيلسترا: إن المتبنين الأوائل لهذه التكنولوجيا في عام 2023 قاموا في الغالب بنشر التكنولوجيا لأتمتة المهام المتكررة غير المهمة نظرا لأنها تتطلب إشرافا بشريا أقل.
ويتوقع ما يصل إلى 85% من المشاركين في الدراسة الاستقصائية استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لأتمتة المهام المتكررة غير المهمة بحلول 2024، ويتوقع 77% تنفيذه في خدمة العملاء و74% في التحليل الإستراتيجي.
وأشار التقرير -الذي وصف هذه الخطط بأنها عالية "الطموح"- إلى عدة رياح معاكسة أمام نشر الذكاء الاصطناعي التوليدي على نطاق واسع في العام المقبل، وتحديدا موارد وقدرات تكنولوجيا المعلومات.
وصَنف أقل من 30% من المشاركين سمات تكنولوجيا المعلومات في شركاتهم على أنها تساعد على التبني السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي، بينما أبدى أولئك الذين يطبقون الذكاء الاصطناعي التوليدي ثقة أقل في البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات لديهم لدعم التكنولوجيا الجديدة.
وفي الوقت نفسه قال 56% من المشاركين إن ميزانياتهم الاستثمارية في مجال تكنولوجيا المعلومات بشكل عام، كانت عاملا مقيِّدا في طرح الذكاء الاصطناعي التوليدي.
وأشار ما يصل إلى 77% من المشاركين إلى مشاكل التنظيم والامتثال وخصوصية البيانات باعتبارها عوائق رئيسية أمام التوظيف السريع للذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو مصدر قلق رئيسي للنظام البيئي للذكاء الاصطناعي التوليدي منذ برزت التكنولوجيا في نهاية عام 2022 بعد إصدار شركة أوبن إيه آي نموذج شات جي بي تي المشهور.
وأدت هذه التكنولوجيا منذ ذلك الحين إلى العديد من الدعاوى القضائية المتعلقة بحقوق الطبع والنشر للمواد التي أُنشئت بواسطة الذكاء الاصطناعي، كما واجهت الشركات الكبرى أيضا تسربا للمعلومات الحساسة ومشكلات أمنية بسبب استخدامها.
وفي حديثه إلى وسائل الإعلام عند إطلاق تقرير معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في سنغافورة الاثنين، أكد مدير ابتكار الذكاء الاصطناعي في سنغافورة لورانس ليو، أن معالجة هذه المخاطر ستتطلب وضع هياكل حوكمة راسخة وبروتوكولات أمنية لنماذج الذكاء الاصطناعي.
وقال ليو: "يجب على الشركات أن تتساءل، هل لدينا الحوكمة المناسبة، وهل وثائقنا الداخلية مجزأة أو آمنة بشكل صحيح؟"، مشيرا إلى أن الشركات ترغب في تجنب وجود نماذج الذكاء الاصطناعي التي يمكن خداعها للكشف عن معلومات خاصة مثل رواتب الموظفين.
وتتعلق القدرة على معالجة هذه المخاطر أيضا بالشركات التي تطبق تدابير داخلية قوية للأمن السيبراني، وفقا للتقرير، حيث قالت أغلبية ضئيلة من المشاركين إن تدابير الأمن السيبراني الخاصة بهم "قادرة بشكل متواضع في أحسن الأحوال" على دعم إطلاق الذكاء الاصطناعي بشكل توليدي.
وتشمل العوائق الأخرى التي تحول دون اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي وفقا للمشاركين في الاستطلاع الافتقار إلى مهارات الذكاء الاصطناعي التوليدي ذات الصلة، وتشعر الشركات بالقلق من عدم امتلاكها للمواهب المناسبة داخليا، ومن عدم توفرها في السوق.
ومع ذلك، عكَس الاستطلاع مشاعر إيجابية عامة عن الدور المستقبلي للذكاء الاصطناعي التوليدي في الأعمال التجارية. فقد توقع 6 من كل 10 مشاركين أن يؤدي الذكاء الاصطناعي الإنتاجي إلى إحداث تغيير كبير في صناعتهم في السنوات الخمس المقبلة، ويرى 78% منهم أنه يمثل فرصة تنافسية، بينما يرى نحو 8% منهم أنه يمثل تهديدا.
وعلى الرغم من أن بناء حلول ذكاء اصطناعي مبتكرة يمكنها التعامل بشكل مسؤول مع مجموعات كبيرة من البيانات ووضعها في سياق الأعمال يمثل تحديا كبيرا، فإنه في القريب سيكون أهلا للاستثمار فيه، وفقا لجيرالدين كور المدير الإداري لجنوب آسيا ورئيس المؤسسة العالمية في شركة تيلسترا إنترناشيونال.
وقالت كور في بيان عن الاستطلاع الذي صدر الاثنين: "عند تنفيذ الذكاء الاصطناعي بنجاح، ستُغير كفاءته قواعد اللعبة بالنسبة لمعظم المؤسسات وستميز القادة عن الأتباع".
ووفقا لتقرير صادر عن شركة ماكينزي العام الماضي، فإنه من المتوقع أن يكون للذكاء الاصطناعي التوليدي أكبر تأثير على المبيعات والتسويق وعمليات المستهلك.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الذکاء الاصطناعی التولیدی للذکاء الاصطناعی التولیدی من المشارکین
إقرأ أيضاً:
هل يُعلن الذكاء الاصطناعي نهاية الفأرة ولوحة المفاتيح؟
مع تسارع تطور تقنيات الذكاء الاصطناعي، أصبح بإمكان المستخدم تنفيذ مهام معقدة عبر الأوامر الصوتية فقط، من حجز تذاكر السفر وحتى التنقل بين نوافذ المتصفح. غير أن هذا التقدم اللافت يثير سؤالًا جوهريًا: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يستغني بالفعل عن لوحة المفاتيح والفأرة؟ يبدو أن الإجابة تكمن في ما يُعرف بـ"الخطوة الأخيرة" تلك اللحظة الحاسمة التي تتطلب تأكيدًا نهائيًا بكلمة مرور أو نقرة زر، حيث يعود زمام التحكم إلى الإنسان.
حدود الثقة
رؤية مساعد ذكي مثل Gemini من Google وهو يحجز تذاكر مباراة في ملعب أنفيلد أو يملأ بيانات شخصية في نموذج على موقع ويب، قد تبدو أقرب إلى السحر الرقمي. لكن عندما يتعلق الأمر بلحظة إدخال كلمة المرور، فإن معظم المستخدمين يتراجعون خطوة إلى الوراء. في بيئة عمل مفتوحة، يصعب تخيل أحدهم يملي كلمة سر بصوت مرتفع أمام زملائه. في تلك اللحظة الدقيقة، تعود اليد البشرية إلى لوحة المفاتيح كضمان أخير للخصوصية والسيطرة.
اقرأ أيضاً..Opera Neon.. متصفح ذكي يُنفّذ المهام بدلاً عنك
الخطوة الأخيرة
رغم ما وصلت إليه المساعدات الذكية من كفاءة، إلا أن كثيرًا من العمليات لا تزال تتعثر عند نهايتها. إدخال كلمة مرور، تأكيد عملية دفع، أو اتخاذ قرار حساس — كلها لحظات تتطلب لمسة بشرية نهائية. هذه المعضلة تُعرف بين الخبراء بمشكلة "الميل الأخير"، وهي العقبة التي تؤخر الوصول إلى أتمتة كاملة وسلسة للتجربة الرقمية.
سباق الشركات نحو تجاوز العجز
تحاول شركات التكنولوجيا الكبرى كسر هذا الحاجز عبر مشاريع طموحة. كشفت Google عن Project Astra وProject Mariner، وهي مبادرات تهدف إلى إلغاء الحاجة للنقر أو الكتابة يدويًا وذلك بحسب تقرير نشره موقع Digital Trends. في المقابل، يعمل مساعد Claude من شركة Anthropic على تنفيذ الأوامر من خلال الرؤية والتحكم الذكي، حيث يراقب المحتوى ويتفاعل كما لو كان مستخدمًا بشريًا.
أما Apple فتعوّل على تقنية تتبع العين في نظارة Vision Pro، لتتيح للمستخدم التنقل والتفاعل بمجرد النظر. بينما تراهن Meta على السوار العصبي EMG، الذي يترجم الإشارات الكهربائية من المعصم إلى أوامر رقمية دقيقة، في محاولة لصياغة مستقبل دون لمس فعلي.
ثورة سطحية
رغم هذا الزخم، ما يتم تقديمه حتى الآن لا يبدو كاستبدال حقيقي للأدوات التقليدية، بل أقرب إلى إعادة صياغة شكلية لها. لوحة المفاتيح أصبحت افتراضية، والمؤشر تحوّل إلى عنصر يتحكم به بالبصر أو الإيماءات، لكن جوهر التفاعل بقي على حاله. هذه التقنية تحاكي الوظائف التقليدية بواجهات جديدة دون أن تتجاوزها كليًا.
الطموح يصطدم بالواقع
تجدر الإشارة إلى أن معظم هذه التقنيات لا تزال إما في طور التطوير أو محصورة في أجهزة باهظة الثمن ومحدودة الانتشار. كما أن المطورين لم يتبنّوا بعد واجهات تتيح الاعتماد الكامل على الأوامر الصوتية أو التفاعل بالإشارات داخل التطبيقات الشائعة، ما يجعل الانتقال الكامل بعيدًا عن أدوات الإدخال التقليدية حلمًا مؤجلًا في الوقت الراهن.
الذكاء الاصطناعي.. شريك لا بديل
في نهاية المطاف، لا يبدو أن الذكاء الاصطناعي سيقضي على لوحة المفاتيح أو الفأرة في القريب العاجل. هو بالتأكيد يقلل من اعتمادية المستخدم عليهما، ويقدّم بدائل ذكية وسريعة، لكنه لا يلغي الحاجة إلى التحكم اليدوي، خاصة في المواقف التي تتطلب دقة أو خصوصية أو مسؤولية مباشرة. ربما نصل يومًا إلى تجربة صوتية كاملة تتفاعل مع نظراتنا وحركاتنا، لكن حتى ذلك الحين، سنبقى نضغط الأزرار ونحرّك المؤشرات بحذر وثقة.
إسلام العبادي(أبوظبي)