حرب المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي تشتعل في أوروبا
تاريخ النشر: 11th, March 2024 GMT
يؤدي تدفق الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي إلى تصاعد القتال من أجل المواهب التقنية في أوروبا، مما يترك شركات مثل ديب مايند (DeepMind) من غوغل (Google) للاختيار بين دفع أموال كبيرة أو خسارة أفضل العقول في المنطقة، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
فقد أدى النجاح الهائل الذي حققه برنامج "تشات جي بي تي" التابع لشركة "أوبن إيه آي" إلى تنشيط المستثمرين، الذين كانوا يضخون الأموال في شركات الذكاء الاصطناعي الناشئة الواعدة، والمتحفزين لاكتشاف الشركة الناجحة التالية.
وفي ظل تدفق موجة الاستثمار، افتتحت مجموعة من شركات الذكاء الاصطناعي الأجنبية بما في ذلك شركة كوهيري (Cohere) الكندية وشركة آنثروبك (Anthropic) الأميركية بالإضافة لشركة أوبن إيه آي مكاتب في أوروبا العام الماضي، مما زاد الضغط على شركات التكنولوجيا التي تحاول بالفعل جذب المواهب والاحتفاظ بها في المنطقة.
تأسست شركة ديب مايند في عام 2010 واستحوذت عليها غوغل عام 2014، وقد صنعت اسمها من خلال تطبيق الذكاء الاصطناعي على كل شيء بدءا من ألعاب الطاولة وحتى البيولوجيا الهيكلية.
وتواجه الشركة الآن مجموعة من المنافسين الممولين جيدا والذين يجتاحون أراضيها، حيث غادر عدد متزايد من موظفيها لإطلاق مشاريعهم الخاصة.
وتشمل قائمة المغادرين الأخيرة مصطفى سليمان المؤسس المشارك لديب مايند الذي غادر لتأسيس شركة إنفلكشن إيه آي (Inflection AI) ومقرها كاليفورنيا إلى جانب ريد هوفمان ملياردير لينكد إن (LinkedIn)، وأيضا غادر آرثر مينش عالم الأبحاث في ديب مايند الشركة ليشغل الآن منصب الرئيس التنفيذي لشركة ميسترال إيه آي (Mistral AI).
وحصلت الشركتان على تقييمات بمليارات الدولارات في وقت قصير.
وفي محاولة واضحة لثني الموظفين عن الانضمام إلى شركات أخرى أو إنشاء شركاتهم الخاصة، أتاحت شركة ديب مايند لعدد قليل من كبار الباحثين في وقت سابق من هذا العام، إمكانية الحصول على أسهم مميزة في الشركة، والتي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات، وفقا لمصدر مطلع على الأمر.
وقال متحدث باسم ديب مايند لرويترز: "إنها مساحة تنافسية بالتأكيد"، مضيفا أن الشركة "تواصل القيام بعمل جيد في جذب المواهب ورعايتها".
وفقا لشركة آفيري فيربانك (Avery Fairbank)، كانت هناك "زيادة هائلة" في أجور موظفي شركات الذكاء الاصطناعي في بريطانيا خلال العام الماضي.
وقال تشارلي فيربانك، المدير الإداري للشركة: "إن دخول عمالقة الذكاء الاصطناعي الأجانب مثل آنثروبك وكوهير إلى سوق لندن سيزيد من تصعيد المنافسة على مواهب الذكاء الاصطناعي".
وقال إن المديرين التنفيذيين الذين يتقاضون رواتب أساسية تبلغ نحو 350 ألف جنيه (450 ألف دولار) شهدوا قفزة في الرواتب تتراوح بين 50 و100 ألف جنيه (65-130 ألف دولار).
قامت شركة كوهير، التي تصمم روبوتات الدردشة الداخلية وغيرها من الأدوات لعملائها، بتعيين فيل بلونسوم، الباحث الرئيسي في ديب مايند لمدة 7 سنوات، كرئيس للعلماء في عام 2022.
كما انضم سيباستيان رودر أيضا إلى كوهيري من ديب مايند في يناير/كانون الثاني. وقالرودر لرويترز "من النادر أن تجد شركة تبني مشروعا ضخما من الصفر مع العديد من العقول الرائدة في الصناعة" وأضاف "عندما يأتي هذا النوع من الفرص، عليك أن تغتنمها" ورفض رودر التعليق عندما سئل عن راتبه.
وقالت إيكاترينا ألماسك، الشريك العام في شركة رأس المال الاستثماري أوبن أوشن (OpenOcean)، إن ديب مايند لم تعد "الشركة الرائدة البعيدة في هذا المجال".
وأضافت "تتنافس كل هذه الشركات على نفس مجموعة المواهب، ومع النقص في مهارات الذكاء الاصطناعي، أصبح هذا بمثابة بركة سباحة أكثر من كونه محيطا".
وبدأ مصطفى سليمان مؤخرا في تعيين طاقم فني مقيم في لندن لشركة إنفلكشن إيه آي، في حين أصبحت شركة ميسترال إيه آي بسرعة واحدة من أكثر الشركات الناشئة شهرة في القارة، حيث جمعت 415 مليون دولار من تمويل المشاريع في ديسمبر/كانون الثاني.
افتتحت شركة أوبن إيه آي أول مكتب دولي لها في لندن العام الماضي، تلاه سريعا مكتب ثانٍ في دبلن، وهي "مجرد الخطوات الأولى"، كما قالت نائبة رئيس الشركة لشؤون الأفراد، ديان يون، حيث تخطط لمواصلة التوسع في بلدان أخرى.
وافتتحت كوهير مكتبها في المملكة المتحدة العام الماضي، وقال الرئيس التنفيذي إيدان جوميز لرويترز إنه يقسم وقته الآن بين موطنه تورونتو ولندن، حيث تخطط الشركة لمضاعفة عدد موظفيها إلى 50 موظفا.
وقال جوميز: "نذهب إلى حيث توجد المواهب، ويوجد الكثير منها في لندن وفي جميع أنحاء أوروبا".
وتعني حرب المواهب أن العمال أصبحوا في وضع جيد بشكل متزايد لتقديم طلبات لأصحاب العمل المحتملين.
وتقدم شركة الصوت المدعمة بالذكاء الاصطناعي إيليفين لابس (ElevenLabs)، ومقرها لندن، خيارات توظيف جديدة، ورواتب سخية، ومزايا العمل عن بعد بشكل كامل، على الرغم من أن معظم الأدوار المعلن عنها تنص على أن الموظفين يجب أن يكونوا مقيمين في أوروبا.
وبعد أن جمعت مؤخرا تمويلا بقيمة 80 مليون دولار من شركات رأس المال الاستثماري مثل "إيه 16 زد" (a16z) وسيكويا (Sequoia)، قالت الشركة لرويترز إنها ستضاعف إجمالي عدد موظفيها قريبا إلى 100.
وقامت شركة بيو بتموس (Bioptimus) الناشئة ومقرها باريس، والتي أسسها أيضا موظفون سابقون في ديب مايند، بجمع 35 مليون دولار في فبراير/شباط.
وقال توماس كلوزيل، أحد المستثمرين الأوائل في الشركة، إن الشركات الناشئة كانت تتطلع إلى توظيف المواهب من شركات التكنولوجيا الكبرى مثل غوغل من خلال منحهم المزيد من التأثير على قرارات الشركة.
وقال: "غوغل هي واحدة من أفضل الشركات في ما تفعله وتنتج بعضا من أفضل المواهب"وأضاف "في شركة ناشئة صغيرة، لديك فرصة فريدة للبقاء مخلصا للعمل الذي تحبه ولديك مصلحة في نجاح الشركة".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان حريات شرکات الذکاء الاصطناعی العام الماضی فی أوروبا إیه آی
إقرأ أيضاً:
الذكاء الاصطناعي يوجه المسيّرات رغم العوائق الطبيعية
في مهمة لإطفاء حرائق الغابات في سلسلة جبال سييرا نيفادا، قد تجد طائرة مسيّرة ذاتية التحكم نفسها تواجه رياح «سانتا آنا» العاتية التي تهدد بإخراجها عن مسارها. التكيف السريع مع مثل هذه التقلبات الجوية غير المتوقعة أثناء الطيران يمثل تحديًا هائلًا لأنظمة التحكم في وضع الطيران الخاصة بهذه الطائرات.
ولمواجهة مثل هذه التحديات، طوّر باحثون في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا «MIT» خوارزمية تحكم تفاعلي جديدة تعتمد على تقنيات تعلّم الآلة، قادرة على تقليل انحراف الطائرة عن مسارها المحدد حتى في مواجهة عوائق مفاجئة مثل هبوب الرياح.
وعلى عكس الطرق التقليدية، لا تتطلب هذه التقنية من المبرمج أن يكون على دراية مسبقة ببنية أو نمط هذه الاضطرابات. بدلاً من ذلك، يتعلم نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم في نظام التحكم كل ما يحتاجه من خلال بيانات ملاحظة تُجمع خلال 15 دقيقة فقط من الطيران.
الميزة الأبرز لهذه التقنية تكمن في أنها تحدد تلقائيًا خوارزمية التحسين الأمثل للتكيف مع هذه الاضطرابات، مما يعزز من دقة تتبع المسار. إذ تختار الخوارزمية الأنسب بحسب طبيعة الاضطرابات التي تواجهها الطائرة في كل حالة.
وقد درّب الباحثون نظامهم على تنفيذ هذين الأمرين معًا، التكيّف وتحديد الخوارزمية باستخدام تقنية تُعرف باسم التعلم الفوقي «meta-learning»، والتي تُعلّم النظام كيفية التكيّف مع أنواع مختلفة من الاضطرابات.
النتائج جاءت واعدة، إذ سجل النظام الجديد نسبة خطأ في تتبع المسار أقل بنسبة 50% مقارنة بالطرق التقليدية، سواء في المحاكاة أو في الظروف الحقيقية، كما أثبت كفاءته في التعامل مع سرعات رياح لم يسبق له مواجهتها أثناء التدريب.
يأمل الباحثون أن يُسهم هذا النظام مستقبلاً في تحسين كفاءة الطائرات المسيّرة في توصيل الطرود الثقيلة رغم الرياح القوية، أو في مراقبة المناطق المعرضة للحرائق في المحميات الطبيعية.
يقول نافيد عزيزيان، الأستاذ المساعد في قسم الهندسة الميكانيكية ومعهد البيانات والنظم والمجتمع «IDSS» بمعهد «MIT»، والباحث الرئيسي للدراسة: «قوة طريقتنا تكمن في التعلم المتزامن لمكونات النظام. من خلال الاستفادة من التعلم الفوقي، يتمكن نظامنا من اتخاذ قرارات تلقائية تحقق أفضل تكيف ممكن في وقت قصير».
شارك عزيزيان في إعداد الورقة البحثية كل من سونبوتشين تانغ، طالب دراسات عليا في قسم الطيران والفضاء، وهاويان صن، طالب دراسات عليا في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب. وقد عُرض البحث مؤخراً في مؤتمر «التعلم للديناميكيات والتحكم»
التعلم على التكيف
تتغير سرعات الرياح التي قد تواجهها الطائرة في كل رحلة، لكن من المفترض أن تبقى الشبكة العصبية ودالة الانحدار المستخدمة ثابتتين، لتجنّب إعادة التدريب في كل مرة.
لتحقيق هذه المرونة، اعتمد الباحثون على التعلم الفوقي، ودربوا النظام على مجموعة من سيناريوهات الرياح المختلفة أثناء مرحلة التدريب.
يوضح تانغ: «الهدف ليس فقط أن يتكيف النظام، بل أن يتعلم كيف يتعلم. عبر التعلم الفوقي، يمكننا إنشاء تمثيل مشترك من بيانات متعددة السيناريوهات بسرعة وكفاءة».
في التطبيق العملي، يقوم المستخدم بتغذية نظام التحكم بمسار الطيران المطلوب، ويقوم النظام بحساب قوة الدفع اللازم في الزمن الحقيقي لإبقاء الطائرة على المسار رغم أي اضطرابات جوية.
وقد أثبت النظام كفاءته سواء في المحاكاة أو في اختبارات حقيقية، حيث تفوق على جميع الطرق التقليدية في تتبع المسار، حتى في الظروف الجوية القاسية.
يضيف عزيزيان: «حتى عندما تجاوزت قوة الرياح مستويات لم نشهدها في التدريب، أثبتت تقنيتنا قدرتها على التعامل معها بكفاءة».
واللافت أن تفوق النظام على الطرق الأخرى ازداد كلما زادت شدة الرياح، مما يدل على قدرته على التكيف مع البيئات الصعبة.
ويجري الفريق الآن تجارب ميدانية على طائرات مسيّرة حقيقية لاختبار النظام في مواجهة ظروف جوية متنوعة.
كما يسعى الفريق لتوسيع قدرات النظام ليتعامل مع اضطرابات متعددة المصادر في وقت واحد. فعلى سبيل المثال، تغير سرعة الرياح قد يغيّر من توزيع وزن الحمولة أثناء الطيران، خصوصاً عند حمل مواد سائلة.
كما يطمح الباحثون إلى تطوير خاصية التعلم المستمر، بحيث يتمكن النظام من التكيف مع اضطرابات جديدة دون الحاجة إلى إعادة تدريبه على البيانات السابقة.
وفي تعليق على البحث، قال بروفيسور باباك حسّیبي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا «Caltech»، والذي لم يشارك في المشروع: «نجح نافيد وزملاؤه في الجمع بين التعلم الفوقي والتحكم التكيفي التقليدي، لتعلم الخصائص غير الخطية من البيانات. واستخدامهم لخوارزميات الانحدار المرآتي مكّنهم من استغلال البنية الجيومترية الكامنة للمشكلة بشكل لم تفعله الطرق السابقة. وهذا العمل قد يساهم بشكل كبير في تصميم أنظمة ذاتية التشغيل تعمل بكفاءة في بيئات معقدة وغير مؤكدة».
وقد حصل هذا البحث على دعم من عدة جهات، منها شركة «MathWorks»، ومختبر «MIT-IBM Watson» للذكاء الاصطناعي، ومركز «MIT-Amazon» للعلوم، وبرنامج «MIT-Google» للابتكار في الحوسبة.