قال الدكتور محمود الهواري، الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، إن الله -عز وجل- لما وصف عبادة الصيام في القرآن في سياق آيات الصيام قال عنه:  {أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰ⁠تࣲ}، وهي كلمات تنزل على عقل المتأمل فيرى فيها أبوابًا من النظر، ذلك أن الله عندما أمر خلقه بالصيام كان من باب وده واللطف بخلقه أنه قدم بين يدي التكليف بالمرحمة، فقال لهم متلطفًا وهو اللطيف: {یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟}.

في أول جمعة من رمضان.. الجامع الأزهر كامل العدد في صلاة التراويح صلاة العشاء والتراويح من الجامع الأزهر في سادس ليالي رمضان.. بث مباشر

وأضاف خلال درس التراويح بالجامع الأزهر اليوم الجمعة أن الله جعل عباده المؤمنين يأنسون إلى هذه العبادة فيمن كان قبلهم فقال: {كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلصِّیَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِینَ مِن قَبۡلِكُمۡ}، ثم بين الغاية من هذه العبادة وأنها قد تحثهم وتدفعهم إلى إتيانها فقال: {لَعَلَّكُمۡ تَتَّقُونَ}، ثم ذلك ترغيبا بعد ترغيب فقال: {أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰ⁠تࣲ}، وكأنما يهون عليهم مشقة التكليف، ولا عجب فهو رب رحيم، وكأنما يقول لهم تهيؤوا واستعدوا لاستقبال هذا العمل، ولا عجب فهو رب ودود سبحانه وتعالى.

أيام معدودات

وتابع أنها أيام معدودات كلف الله بها عباده الطيبين ليستقبلوا عطاء السماء فيسعد أهل الأرض وتسعد الأرض جميعا، لكن في قول الله {أَیَّامࣰا مَّعۡدُودَ ٰ⁠تࣲ} ربما نجد فيها ملمحًا، وهو إشارة إلى أن العباد ينبغي أن يستثمروا مواطن وأزمنة العطاء، ذلك أن الله حين يشرع شرعا ويكلف بتكليف وحين يأذن لعباده بعمل فإنما يحثهم إلى استثمار هذا الشرع، وإلى استغلال هذا التكليف حتى يعودوا بخير غنيمة، فهو أيام معدودات سرعان ما تمر، فعلى المكلفين الصائمين الاستثمار في هذا الوقت للعودة بخير غنيمة من هذا الصيام.

وأكد أن الشهر الكريم صورة مصغرة من العمر الأكبر وإشارة طيبة إلى أن المسلم مطالب بأن يستثمر زمانه ووقته وأن يبحث عن مواطن البركة في عمره، ذلك أن العمر وتقلب الليل والنهار مما أقسم به العزيز الغفار في كتابه، وجعل بعضهما يخلف صاحبه تذكرة وعظة لمن أراد أن يتعظ ويتذكر، فهذا العمر هو الغنيمة الحقيقية ورأس المال الحقيقي للإنسان، فمهما بلغ الإنسان من عطاء الله وبركاته إن لم تقترن بحياة فلا قيمة لها، لذلك يحاسب رب العالمين الإنسان على وقته هذا ليس على عمره جملة، وإنما على ساعات حياته، كما قال رسولنا ﷺ: (لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يسألَ عن عمرِهِ فيما أفناهُ ، وعن عِلمِهِ فيمَ فعلَ ، وعن مالِهِ من أينَ اكتسبَهُ وفيمَ أنفقَهُ ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ). 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: البحوث الإسلامية محمود الهواري عبادة الصيام القرآن المؤمنين أيام معدودات

إقرأ أيضاً:

حكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح

أكد الدكتور يسري جبر، من علماء الأزهر الشريف، أن الدعاء بقول الإنسان: «اللهم بحق نبيك محمد صلى الله عليه وسلم» دعاءٌ جائزٌ شرعًا ولا حرج فيه، موضحًا أن الاعتراض على هذه الصيغة نابع من فهمٍ قاصر لمقامات الأنبياء، وعلى رأسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولمعنى “الحق” عند الله سبحانه وتعالى. 

وأوضح الدكتور يسري جبر، خلال لقاء تلفزيوني اليوم، أن النبي صلى الله عليه وسلم له حقٌّ عند مولاه، وهو حق الشفاعة، وحق القبول، وحق الجاه العظيم الذي أكرمه الله به، مشددًا على أن هذا الحق ليس من باب الوجوب العقلي على الله تعالى، فالله سبحانه لا يجب عليه شيء عقلًا، وإنما هو حق تفضلٍ وإحسانٍ أوجبه الله على نفسه كرامةً لنبيه، كما أوجب على نفسه إجابة دعاء المؤمنين بقوله: «ادعوني أستجب لكم»، فإذا كان هذا الوعد عامًا للمؤمنين، فما بالك بالصالحين، ثم الأولياء، ثم العلماء، ثم الأنبياء، ثم الرسل، ثم برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي خصه الله بالشفاعة العظمى يوم القيامة حين يقول جميع الأنبياء: «نفسي نفسي»، ويقول هو وحده: «أنا لها».

أكاديمية الأزهر تختتم برنامج “إعداد الداعية المعاصر" بمشاركة ست دولٍ عربية وآسيوية وأفريقيةمدير عام الجامع الأزهر يتفقد الدراسة بأروقة الصعيدأحكام الطهارة والوضوء في أوقات البرد الشديد .. مركز الأزهر العالمي يكشف عنهاقافلة جامعة الأزهر بالواحات البحرية تقدم خدمات طبية وتنموية شاملة وإشادة بالجهود

وأشار عالم الأزهر إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم نفسه علّم الأمة هذا المعنى، مستشهدًا بما رواه ابن ماجه في دعاء الذهاب إلى المسجد، حيث قال النبي: «اللهم إني أسألك بحق السائلين عليك، وبحق محمد عليك»، موضحًا أن النبي سأل الله بحقه على الله، وهو دليل صريح على جواز هذا الأسلوب في الدعاء، وأن له حق الشفاعة والقبول والنصرة والرعاية والعناية.

وبيّن الدكتور يسري جبر أن من الأدعية النبوية الثابتة قوله صلى الله عليه وسلم: «يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث، أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين»، موضحًا أن الاستغاثة هنا بالرحمة، والرحمة التي أرسلها الله إلى العالمين هي رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: «وما أرسلناك إلا رحمةً للعالمين»، فالنبي هو الرحمة المتعينة في الأكوان، وهو المظهر الأعظم لرحمة الله في الخلق، ولذلك كان من المشروع استحضار هذا المعنى عند الدعاء.

وأضاف أن رحمة الله التي وسعت كل شيء قد جعل الله لها تجليات في الخلق، وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو أعظم هذه التجليات، وهو الرحمة المهداة، مشيرًا إلى أن أهل العلم والذوق تكلموا عن هذا المعنى عبر القرون، ومنهم الإمام الجزولي في «دلائل الخيرات» حين عبّر عن النبي بأنه رحمة الله المتعينة في العالمين.

وأكد الدكتور يسري جبر أن القول بأن النبي ليس له حق عند الله قولٌ باطل، بدليل ما ثبت في الصحيح من حديث النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حين قال: «هل تدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟»، فبيّن أن للعباد حقًا على الله إذا وفوا بما أمرهم به، فإذا كان هذا حقًّا لعامة المؤمنين، فكيف يُنكر أن يكون لرسول الله صلى الله عليه وسلم – وهو إمام المرسلين وسيد ولد آدم – حقٌّ أعظم وأجل عند ربه.

وأكد على أن على المسلم ألا يلتفت إلى اعتراضات الجهلة، وأن يرجع في دينه إلى النصوص الشرعية وفهم أهل العلم، وأن يعرف مقام النبي صلى الله عليه وسلم حق المعرفة، فتعظيمه وتعظيم جاهه ومكانته من تعظيم الله، والنصوص الصحيحة دالة على جواز التوسل والدعاء بحق النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والله تعالى أعلم.

طباعة شارك يسري جبر الأزهر الشريف حكم الدعاء ب«اللهم بحق نبيك»

مقالات مشابهة

  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر: الجراد أحد الأدلة على الإعجاز العلمي في القرآن
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية الإمام قالون عن الإمام نافع
  • ملتقى التفسير بالجامع الأزهر يناقش وجوه الإعجاز في خلق الحشرات.. اليوم
  • 3 أمور ترفع قدرك عند الله.. مركز الأزهر يوضح
  • كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟.. الأزهر يوضح
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات برواية الإمام قالون عن الإمام نافع.. اليوم
  • صفة عباد الرحمن .. تعرّف عليها واحرص أن تكون منهم
  • حكم الدعاء بقول: «اللهم بحق نبيك» .. يسري جبر يوضح
  • قمار تحت الأرض يُكشف.. ومداهمة خاطفة تُنهي اللعبة في قلب بيروت!
  • أحمديات: مملكة النمل تتحدث عن البشر