جمال زقوت الفلسطينيون يفتشون عن لحظة فرح قد تدلهم على بصيص أمل يساعدهم على البقاء والصمود . فقد كان الناس هنا، و فيما مضى من سنوات يصنعون أملهم اليومي في الاستثمار بالتعليم رداً على نكبة الاقتلاع والتهجير، عله يساعدهم على استرداد بلادهم المغتصبة ، كما كانوا يصنعون مستقبلهم بالكفاح العنيد لانتزاع الحرية والخلاص من الاحتلال والعنصرية .

ذلك ما تميّزت به سنوات النهوض الوطني وحاضنتها الشعبية تحت رايات الوحدة واستعادة الهوية الوطنية الجامعة في محطاتها الكبرى بدءاً بتأسيس منظمة التحرير وانضواء فصائل المقاومة تحت رايتها لقيادة مرحلة الكفاح المسلح مروراً بالانتفاضة الكبرى والمقاومة الشعبية الشاملة لكل مناحي حياة الفلسطينيين لمواجهة مخططات الاحتلال. اليوم يتراجع التعليم في فلسطين بصورة خطيرة ، وربما تتراجع أهميته العملية والمعرفية لدي الأغلبية التي تكتوي من الاحتلال والافقار . فقد اظهر مركز الاحصاء الرسمي، ارتفاعاً غير مسبوقاً لنسبة البطالة في اوساط الشباب الخريجين في فلسطين، إذ بلغ معدل هذه البطالة على المستوى الوطني 48% في العام 2022، بواقع 28% في الضفة الغربية و74% في قطاع غزة. بالتأكيد أن مثل هذه الأرقام المرعبة لها أسباب متعددة، ولا يتسع هذا المقال للوقوف عليها جميعها، إلّا أنه لا يمكن تجاهل أسبابها المباشرة والتي يأتي في صدارتها نوعية التعليم ومدى انتاجه للمعرفة، أو استجابته لحاجة السوق ، وأيضاً لمؤشرات تشوه البنية الاقتصادية والاجتماعية الناجمة عن الاحتلال والاستيطان و الحصار المطبق على قطاع غزة وعزل مدينة القدس المحتلة عن محيطها، بالاضافة إلى فشل حكومتي الانقسام في تحمل المسؤولية عن تفشى هذه المعضلة الوطنية الكبرى، وبلورة حلول جادة وملموسة لها، ناهيك عن الانقسام بحد ذاته الذي كسر ويكسر ظهر المشروع الوطني ويقدمه لقمة سائغة لمخططات الضم والتهجير الاسرائيلية، بديلاً عما كانت توفره سنوات النهوض الوطني من أمل بالحرية والعودة وتقرير المصير . بالتأكيد أن هذا الواقع وفي مقدمته الاحتلال والانقسام، وأثرهما على ارتفاع المعدلات المطردة لنسب البطالة في أوساط الخريجين يشكل عنصراً أساسياً لارتفاع معدلات الرغبة في الهجرة والتي بلغت حوالي 25٪؜ في أوساط الشباب وفق الدراسة التي أجراها مركز “الباروميتر العربي”لعام 2022. والملفت للنظر هو تخفيض معدلات التوجيهي للقبول بالجامعات، ولربما يعود ذلك لمتطلبات زيادة واردات الجامعات التي تعاني من فقر في البحث العلمي وانتاج المعرفة، الأمر الذي بالتأكيد سيزيد من نسب الخريجين الجامعيين العاطلين عن العمل ، ومتوالية الرغبة بالهجرة بحثاً عن حياة تصادر مصادرها كل يوم في بلادهم . ومع ذلك كله نجد أن الاحتفالات التي تعم البلاد مع اعلان نتائج التوجيهي تتحول إلى ظاهرة اجتماعية ، تكاد تتفوق عما يمكن تخيله من احتفالات الظفر بالاستقلال أو دحر الاستيطان وتحرير الأسرى. وقد باتت هذه الظاهرة في ظل تناقض المؤشرات التي ينبئ بها مستقبل التعليم والتشغيل والمعرفة بحاجة لدراسات وحلول جدية . وبثقة أقول أن النتيجة الاساسية التي ستستخلصها مثل تلك الدراسة ستتمحور حول فشل المشروع الوطني بفعل انهيار واقع الحركة الوطنية التي باتت فريسة للانقسام والصراع على السلطة والهيمنة على الموارد، والفساد والاحتكار القائم على تحالف القطط السمان بين متنفذي سلطتي الانقسام والكمبرادور الاحتكاري لشريحة ضيقة من القطاع الخاص . الاحتفالات بنتائج التوجيهي ، رغم هذه المؤشرات فاقت أيضاً أهميتها عند الناس على ترقبها وتوقعاتها لما يمكن أن تفضي إليه نتائج اجتماعات ما يسمى بالأمناء العامين في الثلاثين من الشهر الجاري. و السؤال الذي يتداوله أغلبية الناس هو : هل من الممكن لمن صنعوا الانقسام و راكموا الثروة بفعل الفساد الناجم عن احتكار السلطة و تغييب المسائلة بكل أشكالها البرلمانية والشعبية والصحافة الاستقصائية، والتي وصلت حد محاكمة من يفضح الفساد والفاسدين؛ أن يتخلوا عن فئويتهم ومصالحهم الذاتية، وأن يعودوا لرشدهم ويفتحوا الباب للشعب بأن يداوي جراحه التي صنعوها له بأيديهم، وألقوا معها بالمصير الوطني في أتون مقصلة الاستيطان والضم التي تقودها عصابة “نتانياهو سموتريتش بن غفير” . رغم حاجة الناس لتغيير هذا الواقع ، إلا أنهم ما زالوا يعطون الفرصة دون تعويل كبير للاصلاح الجدي عبر انهاء الانقسام واستعادة وحدة الوطن ومؤسسات الوطنية والحكومية والبرلمانية الجامعة، و هم مستعدون في سبيل ذلك أن تتسامحوا مع هؤلاء إن فاجئونا باعلان قابل للتنفيذ ينهي هذا الانقسام المدمر ويعلن عند البدء بتشكيل حكومة وطنية لتعزيز صمود الشعب، وتُمكنه من اختيار ممثليه بالتحضير لانتخابات عامة ديمقراطية ونزيهة تعزز الوحدة و تنهي الاستفراد والاقصاء ، وإلا فلن يأتي هذا التغيير من أجل الاستمرار في معركة المصير الوطني الذي لن يتراجع الناس عنه ، سوى بمفهوم متجدد للثورة الوطنية بطابعها الاجتماعي الديمقراطي التي تفرض علينا تداخل محكم لمهمات التحرر الوطني والتصدى للاحتلال والاستيطان والضم، مع مهام دحر الانقسام والفساد والعبث بالمصير الوطني واستعادة المسار الديمقراطي لاعادة بناء الحركة الوطنية، وفي نفس الوقت. فالأيام حبلى بكل عناصر التغيير، و ما زالت الفرصة متاحة دون أوهام. فمن سيعلق الجرس ؟!

المصدر: رأي اليوم

إقرأ أيضاً:

المعايطة يلتقي “تقدم النيابية” ويؤكد على الشراكة لخدمة المصالح الوطنية

صراحة نيوز -التقى مدير الأمن العام اللواء الدكتور عبيد الله المعايطة، اليوم السبت، رئيس كتلة “تقدم” النيابية النائب رائد رباع وعدداً من أعضاء الكتلة، في مديرية الأمن العام، في إطار تعزيز الشراكة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

وأكد اللواء المعايطة خلال اللقاء على عمق العلاقة التشاركية بين مديرية الأمن العام ومجلس النواب، بمختلف مكوناته وكتله، بما يخدم المصلحة الوطنية، ويسهم في تطوير التشريعات لتواكب المستجدات الجنائية وأنماط الجريمة، بما يعزز من جودة الخدمات المقدّمة للمواطنين.

وشدد على أهمية هذه اللقاءات الدورية التي تسهم في إثراء النقاش وتبادل الآراء، والاستماع إلى الملاحظات والاقتراحات التي من شأنها تحسين الأداء الأمني والشرطي.

وبيّن المعايطة أن عمل المديرية يستند إلى التوجيهات الملكية السامية، الرامية إلى تطوير وتحديث المنظومة الأمنية والتقنية، ما ينعكس إيجاباً على مستوى الخدمات، ويعزز من قدرة المديرية في مكافحة الجريمة والاستجابة الأمنية والإنسانية الفاعلة.

وقدم مدير إدارة التخطيط إيجازًا لأعضاء الكتلة حول أبرز محاور الاستراتيجية الأمنية لمديرية الأمن العام، والواجبات المناطة بها، إلى جانب عرض إحصاءات جرمية وخطط مستقبلية تهدف لتعزيز الكفاءة ورفع الجاهزية.

من جانبه، ثمّن النائب رائد رباع هذه المبادرة، مشيداً بانفتاح مديرية الأمن العام على الحوار والتعاون المستمر مع مجلس النواب، بما يعزز تكامل الأدوار لخدمة الوطن والمواطن.

وأشاد أعضاء الكتلة بالجهود المتواصلة التي تبذلها مديرية الأمن العام في حماية الأرواح والممتلكات ومكافحة الجريمة، مؤكدين دعمهم الكامل لاستمرار هذا النهج التشاركي، وتطوير التشريعات بما يحقق المصالح الوطنية العليا ويجسد توجيهات القيادة الهاشمية الحكيمة.

مقالات مشابهة

  • “الوطنية للنفط”: استكمال مشروع التغذية الكهربائية بمناطق بحقل النافورة
  • المعايطة يلتقي “تقدم النيابية” ويؤكد على الشراكة لخدمة المصالح الوطنية
  • الأمم المتحدة تدين “إسرائيل” بجرائم استهداف منتظري المساعدات في غزة
  • “الخارجية”: المملكة تدين استمرار أعمال العنف التي يشنها مستوطنون إسرائيليون بحمايةٍ من قوات الاحتلال ضد مدنيين فلسطينيين
  • بولبينة: “المنتخب الوطني حلم كل لاعب”
  • دورة “خُضر المستقبل” الوطنية لأقل من 17 سنة في وهران .. 6 مواجهات تفتتح المنافسة
  • دورة “خُضر المستقبل” الوطنية لأقل من 17 سنة في وهران – ستة مواجهات تفتتح المنافسة
  • إنشاء المؤسسة الاستشفائية للأمن الوطني “ليغليسين” بالعاصمة وتحديد تنظيمها وسيرها
  • في ستينية “المجاهد”.. وزير الاتصال يشيد بدور الإعلام الوطني في الحفاظ على أمانة الشهداء
  • “حجز” فرنسا لسفينة استأجرتها الجزائر.. المؤسسة الوطنية للنقل البحري تُوضّح