صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-17@15:08:51 GMT

الدائرة الخبيثة…

تاريخ النشر: 19th, March 2024 GMT

الدائرة الخبيثة…

الدائرة الخبيثة…

مهدي رابح

بعد مرور ما يقارب العام على حرب 15 ابريل 2023م ومقتل عشرات آلاف المدنيين ونهب ممتلكات مئات الآلاف وتشريد ما يزيد عن العشرة ملايين، ودمارا غير مسبوق للبني التحتية والممتلكات العامة والخاصة، فإن عناصر اكتمال الدائرة الخبيثة للحروب الأهلية متوفرة تماماً في السودان.

أولها بالطبع أطراف حرب ليس بمقدورها تحقيق حسم عسكري صريح وكامل، وتكتفي بدلاً عن ذلك بانتصارات محدودة غير منتظمة.

وتتسم فترات الهدوء القتالي التي تفصل بين تلك الانتصارات- الصغيرة مقارنة بالمساحات الجغرافية الكلية المستهدفة بالسيطرة- بالحشد الجماهيري والاستقطاب الحاد، الجهوي والإثني في الغالب، وبالتعبئة القتالية، أي توفير العدة عبر الاستنفار من داخل الصف المدني باستخدام الخطاب الديني أو الوطني “حرب الكرامة أو القضاء على دولة 56″، والعتاد عبر دعم بعض الأطراف الدولية والإقليمية مقابل وعود مكلفة جداً تخصم بالتأكيد من الرصيد المتآكل لما تبقى من وحدة وسيادة البلاد.

ثانيها هو استمرار تدفق استثمارات الشر في هذه الحرب من بعض القوى الدولية والإقليمية المتورطة فيها منذ ما قبل اندلاعها، وأقصد بذلك تلك التي دعمت انقلاب طرفي الحرب الحاليين على الحكومة الانتقالية في أكتوبر 2021م ثم استمرت في دعم أحد طرفيها بالمال والعتاد والثقل الدبلوماسي والسياسي.

وهؤلاء وصلوا الآن إلى مرحلة لا يمتلكون فيها خيارات غير الاستمرار في ذلك الدعم، رغم انجلاء الحقيقة التي لا تخفى على احد باستحالة تحقيق نصر كامل، وهو وضع أصبح مؤكداً عقب فشل خطة القوات المسلحة في تصفية قيادة الدعم السريع منذ السويعات الأولى لاندلاع الحرب حسب عديد المؤشرات والأدلة، وفشل الدعم السريع منذ أيامها الأولى في احتلال القيادة العامة للجيش وتصفية رأس نظام انقلاب الـ 25 اكتوبر 2021م.

وهو ما يعني أنه رغم وصول الحرب لمحصلتها العسكرية النهائية، أي “لم ينجح أحد”، لم تجد هذه القوى خياراً غير الاستمرار في دعم أحد طرفي الحرب لحماية استثماراتها الخبيثة السابقة ومحاولة الوصول إلى طاولة المفاوضات بأفضل موقف عسكري ممكن لتحقيق ما يمكن تحقيقه من المكاسب الممكنة، أو استرداد رأس المال المستثمر على أقل تقدير إن صح التعبير.

الأخطر من ذلك هو دخول لاعبين دوليين وإقليميين جدد على خط النزاع مدفوعين بالفرصة المتوافرة للاستثمار المربح في الحرب نتيجة استعداد طرفيها تقديم تنازلات أكبر على حساب سيادة السودان على أراضيه وموارده ومستقبله بالطبع.

ثالثها، أو لنقل ثالثة الأثافي هو هشاشة وتضعضع الصف المدني نتيجة تدهور البيئة السياسية التي فتحت الباب واسعاً أمام الأجندة الذاتية والانتهازية ومزاد شراء الولاءات. وربما خروج المجتمع المدني “الحقيقي” عبر ضغط العمل الميداني السلمي الاحتجاجي من المعادلة بصورة شبه كلية لهو أخطر نتائج هذه الحرب.

فما تبقى من كيانات سياسية واجتماعية منظمة وفاعلة مضطرة للتصالح والمناورة مع رؤى بعض القوى الدولية الضبابية تجاه القوى المدنية وأدوارها ومشاريعها والتعامل مع جهل أغلبها بالثقل الجماهيري لكل واحدة منها ومدى تأثيرها في ظل غياب أداة القياس الدقيقة الوحيدة المتمثلة في التفويض الانتخابي، الغائبة منذ ما يقارب الأربعة عقود.

وبالتالي اعتماد تصميم كامل العمليات السياسية على الآليات التفاوضية واقتران شرعية التمثيل الى حد كبير بتصورات غير دقيقة مرجعيتها الى حد كبير هي الاحساس بالاستحقاق الذاتي لبعض الفاعلين ذوي التأثير او قدرة هؤلاء على إيصال اصواتهم، والتي تتناسب راجحية سماعها والتجاوب معها  كلما أصبحت أكثر حدة وتطرفا او اكثر انسجاماً مع أحكام وتصورات مسبقة لهذه القوى الدولية، والمشغولة بدورها بأزمات اكبر تهدد امنها بصورة مباشرة.

وأثناء تلكم الملهاة المأساوية يسقط المئات كل يوم، اما بفعل العنف المباشر للحرب قصفا وقتلا واغتصابا او عنفها غير المباشر المتمثل في نقص الغذاء والدواء والنزوح والقهر، وتتحول حيوات كل هؤلاء الأبرياء الطيبين وافراحهم وامالهم المقبورة بالتدريج الى أرقام باردة محايدة في شاشات ذكية/ بلهاء محتشدة بالحقائق الموازية والبطولات الزائفة ومستغرقة تماما بكل غير ذي جدوى ومعني.

#مدنية

#لاللحرب

#حرب_المجرمين_البُلَهاء

الوسومالجيش الدعم السريع السودان الصف المدني القوى الإقليمية مهدي رابح

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الدعم السريع السودان القوى الإقليمية

إقرأ أيضاً:

ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب

يلعب الإعلام دوراً مفصليا في إعادة بناء المجتمع، وتحقيق السلام، والمساهمة في التنمية. إفماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب :
أولا : تعزيز السلام والمصالحة الوطنية
و لكي يتحقق ذلك يتوجب
أ. التزام وسائل الاعلام بتغطية إخبارية متوازنة وموضوعية لما يجري ، وتجنب الرسائل المتحيزة و خطابات التحريض على الكراهية..
ب. وسائل الإعلام عليها أن تعطي مساحة مقدرة لرسائل السلام والمصالحة، بالتركيز على مبادرات السلام وجهود المصالحة الوطنية النابعة من المجتمع نفسه، ذلك أن وسائل الاعلام كثيرا ما تعد رسائل تبدو و كأنها رغبة سلطوية رسمية مما يضعف التفاعل معها..
ج. على وسائل الإعلام توفير منصة للحوار حول القضايا المهمة، وإشراك جميع الأطراف بلا اقصاء لأحد.. بمشاركة متوازنة تقدم الرأي و الرأي الآخر الموضوعي بما يهدف للوصول للمشتركات في الأفكار و الأطروحات و الحلول
ثانيا . دعم إعادة الإعمار والتنمية. من خلال :
أ. تسليط الضوء على الاحتياجات الإنسانية والمجتمعية في المناطق المتأثرة بالحرب، والاسهام في توجيه جهود الإغاثة وإعادة الإعمار.
ب. متابعة المشاريع التنموية القائمة و المستحدثة في البلاد، وتسليط الضوء على الإيجابيات في هذه المشروعات..
ج. على وسائل الإعلام أن تشجع المشاركة المجتمعية في جهود إعادة الإعمار والتنمية، وإبراز قصص نجاح المواطنين و أدوارهَم في بناء مستقبل أفضل لهم و لوطنهم .
د. إحياء قيم العمل و احترام الوقت.. و تعزيز خطاب التوازن بين الحقوق و الواجبات في علاقة المواطنين و الدولة..
ذلك أنه و لفترة مضت ساد خطاب الحق على الواجب.. و آن الأوان لتصحيح كثير من المفاهيم الخاطئة حول موضوعات السلطة و الثروة، و كانت سببا في استمرار الصراع مما أضعف بنية الدولة و تسبب في تأخر جهود البناء و الاعمار و التقدم نحو الأفضل..
ثالثا : اعادة صياغة الخطاب الاعلامي السياسي و ضرورة تعزيز و نشر قيم الديمقراطية و الشورى، و حقوق الآخر و العناية و الدفاع عن حقوق الإنسان، وتسليط الضوء على الانتهاكات، والمطالبة بالعدالة .
ب. أن تضطلع وسائل الاعلام بدورها، في مراقبة الأداء الحكومي: و يجب عليها مراقبة أداء الحكومة ومؤسسات الدولة، وكشف الفساد وسوء الإدارة، والمساهمة في تعزيز الشفافية والمساءلة.
ج. توعية الجمهور بحقوقهم وواجباتهم، و الدور الذي يجب أن يقوموا به في بناء مجتمع قائم على احترام حقوق الإنسان.
رابعا؛ تعزيز خطاب اعلامي ينبني على الحقائق لا غيرها ومحاربة الشائعات و المعلومات المضللة والأخبار ذات الغرض..
أ. يجب على وسائل الإعلام التحقق من الحقائق قبل نشرها، والتأكد من مصداقية المصادر ، وتجنب نشر المعلومات المضللة والأخبار الكاذبة.
ب. على وسائل الإعلام مكافحة خطاب الكراهية والتحريض على العنف، وتعزيز التسامح والاحترام المتبادل بين جميع مكونات المجتمع.
خامسا : بناء ثقافة السلام والتسامح.
أ. هنالك قصص كثيرة و إيجابية عن التعايش السلمي والتسامح، يمكن لوسائل الإعلام أن تسهم في نشرها وتسليط الضوء على المبادرات الفردية و الرسمية و الجهود المبذولة لتعزيز الوحدة الوطنية.
ب. حسن ادارة قضايا التنوع الثقافي و تشجيع الحوار بين الثقافات وتعزيز التفاهم المتبادل والاحترام بين جميع أفراد المجتمع.
خاتمة.. خلاصة القول أن ما نحتاجه لادارة اعلام ما بعد الحرب في السودان أننا نريده اعلاما مسؤولاً ومهنياً، تقوم رؤيته على بناء مجتمع متماسك و قوي مؤمن بوحدته و تنوعه الثقافي، يسوده السلام والعدل والمساواة.
أ. يس إبراهيم
خبير اعلامي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • نائب رئيس مجلس السيادة السوداني: التزامنا بتنفيذ خريطة الطريق التي قدمت للأمم المتحدة والأشقاء
  • الإختراق الكبير !!
  • ماهي الأدوار المهمة التي يمكن أن يلعبها الإعلام في السودان في فترة ما بعد الحرب
  • قائد قوات الدفاع المدني يؤكد تطوير قدرات الإدارة خلال فترة الحرب
  • حول البلطجة التي تعرض لها ابراهيم نقد الله في القاهرة! 
  • هل هي “حمى الذهب والمعادن الثمينة” التي تحرك النزاع في السودان.. أم محاربة التطرف الإسلامي؟
  • عُمان التي أسكتت طبول الحرب
  • هذه الحرب مختلفة عن كل الحروبات التي عرفها السودان والسودانيون
  • كيف نعيد توجيه أدوات الإعلام الجديد بعد ثلاث سنوات من حرب عبثية للمساهمة في وقفها واستعادة المسار المدني الديمقراطي؟ «2»
  • الحرب التي أجهزت على السلام كله