لجريدة عمان:
2025-05-28@07:07:03 GMT

مندوب توصيل يجري في الدم!

تاريخ النشر: 20th, March 2024 GMT

مندوب توصيل يجري في الدم!

نال الأنسولين شهرةً واسعة خلال المائة عام الماضية كعلاج ناجح لمرض السكري، وذلك بفضل جهود العالمين فريدريك بانتينغ وتشارلز بيست وأرواح الكثير من الحيوانات التي قضت خلال تجاربهما الأولى في عام 1921، ولا يزال الكثير يظن أن الأنسولين ما هو إلا دواء أو علاج خارجي يُحقن به مرضى السكري لخفض مستوى السكر في الدم، ورغم البطولة الكبيرة التي يمنحها له هذا الدور إلا أن سيرة فارسنا المغوار (الأنسولين) هي أكبر من ذلك.

يأتي الأنسولين من عائلة الهرمونات، وهي منتجات كيميائية تتكون في غالبها من البروتينات والدهون، ويتم إنتاجها في غدد الجسم، ولكل منها دوره أو أدواره الخاصة التي تساعد على التواصل بين الخلايا وتؤثر على وظائف الأعضاء والأنظمة المختلفة في الجسم.

وبالعودة إلى الأنسولين، بوصفه فارس المقال هنا، فتعود نشأته إلى غدة البنكرياس الواقعة خلف المعدة في الجزء العلوي من البطن، بالتحديد عن طريق خلايا البيتا في البنكرياس، وهو المسؤول عن تنظيم مستويات سكر الدم بمساعدة هرمونٍ آخر يدعى (الجلوكاجون).

فعندما يتناولُ الإنسان طعامه المحتوي على الكربوهيدرات كالخبز والأرز والفاكهة وغيرها، تتكسّر هذه السكريات المعقدة إلى سكريات بسيطة، مثل الجلوكوز، ويتم امتصاصها في الدم، كالبضائع التي تتكدس على أرصفة الموانئ أو الطرقات، وبهذا يرتفع مستوى السكر في الدم مما يدفعُ الجسم لإرسال إشارات للبنكرياس لإفراز هرمون الأنسولين، لذا يمكننا أن

نتخيل أن هرمون الأنسولين يعملُ كساعي بريد، أو كما نقول في أيامنا هذه (مندوب توصيل)، ويعمل على توصيل الغذاء من السكر البسيط (الجلوكوز) لخلايا الجسم المختلفة وتخفيف تراكمه في الدم، وتتناسب الكمية التي يفرزها البنكرياس من الأنسولين مع مستوى السكر المرتفعِ في الدم.

تعرفُ الخلايا هرمون الأنسولين، أنها تملك مستقبلاتٍ خاصة له، فما إن يصل ويلتصق بهذه المستقبلات حتى ترسل الخلايا إشارات خاصة تدفع بناقلات الجلوكوز إلى سطحها لإدخاله إلى داخل الخلية، وبهذا يكون الأنسولين قد أتم عملية التوصيل، واستفادت الخلية من هذا السكر، خصوصًا خلايا الدماغ التي تعتمد عليه كمصدرٍ أساسي للطاقة. ويحدثُ أن تزيد كمية السكر في الدم عن حاجة الخلايا، وعندها يقومُ الأنسولين بإيصالها إلى الكبد -الغدة الأكبر في جسم الإنسان- وتخزين هذه الكمية الزائدة على هيئة (جليكوجين)، وهو شكل سكرّي معقد، للحفاظ على احتياطي من السكر لأوقات انخفاضه في الدم كما في حال الصيام، وهنا يأتي هرمون (الجلوكاجون) لإفراز الجلوكوز للدم من المخزون مرة أخرى، أو سيتم تحويله إلى دهون لاحقًا إذا تراكم لوقتٍ طويلٍ دون استهلاك.

ولا يقوم الأنسولين بهذا العمل مع السكر فقط، ولكنه أيضًا يحفز الجسم لتخزين الدهون الزائدة، ويساعد الأحماض الأمينية -اللبنات الأساسية لبناء البروتين- لدخول الخلايا، وتحقيق أكبر استفادةٍ منها، رغم أن تنظيم معدل السكر لوحده يعد عملًا عظيمًا، حيث إن تراكم السكر البسيط في الدم يمكن أن يؤدي إلى مضاعفاتٍ خطيرة مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الكلى، وأمراض العين، وغيرها. ويمكن أن يحدث هذا في بعض الحالات، كمرض السكري من النوع الأول أو الثاني أو في حالات مقاومة الأنسولين.

ففي النوع الأول من مرض السكري، ولأسباب جينية أو عوامل بيئية، يفشل البنكرياس في إنتاج كميةٍ كافية من هرمون الأنسولين، أو في إنتاجه على الإطلاق، مما يؤدي إلى تراكم السكر في الدم دون قدرةٍ على إيصاله للخلايا، فيُصاب الجسم بمضاعفات تراكمه في الدم، ومضاعفات وهن الخلايا بحرمانها من مصدر طاقتها الأساسي، مما يجعل العلاج بحقن الأنسولين ضروريًا، وغالبًا ما يظهر هذا النوع مبكرًا في عمر الإنسان، أما في الحالات الأخرى كمقاومة الأنسولين، ونتيجة -غالبًا- لأنماط الحياة غير الصحية وقلة الحركة وزيادة نسبة الدهون في الجسم، يحدث أن تضعف مستقبلات الأنسولين على الخلايا وتقل استجابتها له حتى مع موجود كمية كافية من الأنسولين في الجسم، وبهذا لا يتمكن المندوب من إيصال الغذاء للخلايا كما يجب، فتتراكم في الدم، وتُعد مقاومة الأنسولين من المؤشرات الأولى لمرض السكري من النوع الثاني الذي يغدو فيه ضعف الاستجابة للأنسولين مزمنًا ومتطلبًا لعلاج طويل وتغيير في نمط الحياة والتغذية.

طبيعة عمل مختلفة

خلال الصيام

أما خلال فترات الصيام، فإن الجسم يقوم بتعديل عملياته الحيوية بشكل مختلف لضمان استمرار توفير الطاقة للأنشطة الحيوية الأساسية، ويشمل هذا هرمون الأنسولين كذلك، إذ ينخفض إنتاجه من البنكرياس، ويتجه الجسم لإفراز السكر المخزن في الكبد إلى الدم لتعويض الفاقد، وفي بعض الأحيان، يقوم الجسم بتحويل بعض الدهون المخزنة إلى سكر بسيط (جلوكوز) لتأمين حاجة الخلايا منه وتزويدها بمصدر طاقتها الأساسي، حتى يحين موعد الإفطار وحصول الجسم على الغذاء مرة أخرى، بينما يحتاج مرضى السكري بنوعيه لتعديل أنظمتهم العلاجية وفقًا لنمط الحياة والتغذية المختلفين خلال أيام الصيام.

وهكذا، يعمل الأنسولين، مع بقية الهرمونات المنظمة للسكر، دورًا عظيمًا طوال حياة الإنسان للمحافظة على مستويات السكر في الدم، وضمان وصوله للخلايا بحسب حاجتها إليه، ويعملُ الجسم جاهدًا على تعديل هذه العمل وتنظيمه باختلاف أطوار الإنسان وحاجاته، وتغيرات حياته اليومية، وأنماطه الاستهلاكية، ما دامت ضمن المستويات المقبولة والمحمية بالقرارات اليومية السليمة تجاه النشاط البدني والتغذية.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: هرمون الأنسولین السکر فی الدم

إقرأ أيضاً:

مهندس سوداني يطور نظام «محاكاة» لمساعدة مرضى السكري

مهندس الإلكترونيات شرف الدين قال إن النظام الذي طوره يحاكي البنكرياس البشري ويعمل على ضبط مستويات الأنسولين بشكل دقيق.

الشمالية: التغيير

قرر المهندس السوداني شرف الدين عيسى خلف الله عبد الله المختص في الهندسة الكهربائية والإلكترونية أن يستفيد من الثورة التقنية في مجال الرعاية الصحية من خلال تطبيق نظام AAPS (نظام الحلقة المغلقة لمحاكاة البنكرياس)، حيث تمكن من تصميم حل ذكي يسهم في إدارة مرض السكري بشكل مستمر وفعّال.

وفكرة تطبيق التقنية هي عمل نظام محاكي لعمل البنكرياس البشري، والتنفيذ عن طريق مضخة أنسولين ذكية وجهاز حساس لمراقبة مستويات الجلوكوز في الدم وتطبيق مثبت بالجوال، حيث تمت التجربة في عطبرة بولاية نهر النيل وبالولاية الشمالية باعتبارهما من أكثر ولايات انتشار مرض السكر.

المهندس فكرة

وحكى شرف الدين تجربته للصحيفة قائلاً إن رحلته بدأت بفكرة بسيطة، لكنها تحولت إلى واقع يلامس حياة العديد من مرضى السكري.

وأضاف أن النظام الذي طوره يحاكي البنكرياس البشري، ويعمل على ضبط مستويات الأنسولين بشكل دقيق لحظة بلحظة، مما يساعد المرضى على عيش حياة أكثر توازنًا وتحكمًا.

ورفض شرف الدين تسمية ما توصل إليه بأنه مجرد تجربة هندسية، وإنما أسماه إنجاز إنساني يحمل الأمل لكل من يعاني من السكري، ويُظهر أن الهندسة يمكن أن تُحدث تغييرًا حقيقيًا في حياة الإنسان، مؤكدا نجاح التجربة في ولاية نهر النيل.

نجاح

بحسب شرف الدين فإن الأطباء الذين قابلهم أشاروا إلى أن التجربة تشكل إضافة حقيقية لمرضى السكري والأطباء بصورة عامة بعد نجاح تطبيقها على مريض في مدينة عطبرة أكد أنه شعر براحة وتحسن كبير مقارنة بالماضي حيث كانت نسبة السكر ضمن النطاق المثالي.

نظام محاكاة اعتراف

شرف الدين عيسى حصل على شهادة أخلاقيات البحوث من وزارة الصحة بولاية نهر النيل بخصوص التجربة التي يعتقد أنها كانت ستجد رواجاً أكبر بما يسهم في تطبيقها بكافة الولايات لولا ظروف الحرب وضعف الإمكانيات وانشغال الجميع بقضايا أخرى مرتبطة بالنزوح.

وقال شرف الدين إنه يمكن حالياً تحويل الاستخدام من الأنسولين المخلوط إلى الأنسولين سريع المفعول أو بطئ المفعول لأن المخلوط المستخدم حالياً له آثار جانبية للغاية، ثانياً معرفة الجرعة المطلوبة بالضبط والمحافظة على خوارزمية صحية للمريض.

تطبيق مجاني

وأكد المهندس شرف الدين أن التجربة يمكن أن تطبق مجاناً إذا توفرت الإمكانيات وهي دليل وتأكيد على أن المهندس السوداني قادر على تطوير وتطبيق كل الأنظمة العالمية سواء في المجال الصحي أو غيره، ورأى أن كل الشباب السوداني وبمختلف تخصصاته يمتلك الإبداع في مختلف المجالات ولذلك يستحق كل الدعم والإسناد لأنه مستقبل البلاد بأكملها.

الوسومالانسولين البنكرياس السودان الولاية الشمالية شرف الدين عيسى عطبرة مرضى السكري ولاية نهر النيل

مقالات مشابهة

  • افتتاح المخيم الطبي المجاني لمرضى السكري والضغط في صنعاء
  • السكر والمكرونة والأرز الأبرز.. أسعار السلع التموينية في المجمعات الاستهلاكية
  • الصفدي يجري مباحثات موسعة مع نظيرته الفنلندية
  • مدير المواصفات يرفض الإدلاء بشهادته في «قضية السكر» والمحكمة تؤجل
  • مهندس سوداني يطور نظام «محاكاة» لمساعدة مرضى السكري
  • محافظ البحيرة تتفقد مصنع السكر بالنوبارية وتؤكد دعمها للصناعة الوطنية وتعزيز الإنتاج المحلي
  • الرئيس السيسي يوفد مندوبًا للتعزية
  • هل الضغط النفسي يضعف المناعة.. تفاصيل مذهلة
  • خالد النمر: ارتفاع السكر التراكمي يرتبط بزيادة خطر الإصابة بجلطة القلب
  • 8 فوائد صحية للإقلاع عن تناول السكر المُضاف.. تعرف عليها