تحليل: ميناء بايدن للتهجير القسري.. العالم والعرب في خدمة إسرائيل
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
يعمل الأمريكيون بمساعدة الإمارات ودول أوروبية على إقامة ميناء بحري مؤقت على بحر غزة، بهدف معلن وهو "إدخال المساعدات الإنسانية" إلى قطاع غزة.
وبسبب التجربة المريرة مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة عموما وهذه الإدارة خصوصا، فإن من الحكمة البحث عن الأسباب والأهداف السياسية التي تريد واشنطن تحقيقها من هذا الميناء بعيدا عن الهدف المعلن.
قد يكون من ضمن الأهداف إدخال المساعدات للغزيين الذين يتعرضون للتجويع من قبل الاحتلال الذي تدعمه وتشاركه في الجريمة أمريكا نفسها، ولكن أن يكون هذا هو الهدف الحقيقي والأساسي والوحيد، فهذه كذبة لن يصدقها طفل فلسطيني نجا من القتل بأعجوبة، فضلا عن أي عاقل في هذا العالم.
ثمة أهداف كتب عنها الكثيرون لهذا الميناء، مثل تحسين صورة الاحتلال وأمريكا وتبرئتهما من جريمة التجويع، وإدخال المساعدات دون تعطيل المجهود الحربي في غزة وخصوصا في منطقة رفح، وتنظيم توزيع المساعدات دون دور للحكومة أو المقاومة الفلسطينية. هذه أهداف صحيحة ومتوقعة من إدارة بايدن، ولكن الهدف الأهم من هذا الميناء هو التهجير الممنهج التدريجي للفلسطينيين من قطاع غزة.
التهجير عن طريق التحكم بالحركة
كشف تقرير "إسرائيلي" صدر منذ شهور، أن نتنياهو يسعى لتقليل عدد سكان قطاع غزة "وهو وصف مشفّر للترانزفير"، ولكن عقبات خارجية وداخلية تحول دون ذلك، بسبب عدم موافقة واشنطن، ورفض بعض أركان مجلس الحرب، واقتناع بعضهم الآخر بأن الترانزفير غير ممكن واقعيا.
وأضاف التقرير الذي نشر في صحيفة "إسرائيل اليوم" بتاريخ 30 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي أن نتنياهو طلب من الوزير في مجلس الحرب "رون ديرمر" أن يشكل فريقا للعمل على قضية التهجير، ووضع خطة تتجاوز الرفض الأمريكي ولا تدخل بمواجهة مباشرة مع مصر أو جعل السلطات المصرية "تضطر" لإطلاق النار على اللاجئين الذين سيعبرون معبر رفح هربا من جحيم الحرب. وأكد التقرير أن البحر هو أحد الحلول المطروحة بعيدا عن معبر رفح ومنعا لإحراج مصر.
واليوم الأربعاء، ذكرت صحافية في هيئة البث الإسرائيلية "كان" في منشور على موقع إكس (تويتر سابقا) إن نتنياهو قال اجتماع خاص للجنة الأمن والشؤون الخارجية في الكنيست إن الميناء سيسهل إخراج الفلسطينيين من غزة، مضيفا أن حكومته لم تضع عراقيل تحول دون نزوحهم بسبب الحرب، ولكن العوائق كانت بسبب عدم وجود رغبة للدول الأخرى باستقبالهم.
נתניהו בועדת חו"ב:
בודקים איך לחלק את הסיוע בעזה ע"י גורמים לא מקומיים כי חמאס הכשיל את הניסיונות לחלק אותו דרך מקומיים. נבדקות גם חברות פרטיות. מבחינת מדינת ישראל אין מניעה לעזתים לצאת, אולי אפילו הנמל שבונים יוכל לשמש אותם לזה, אבל אין מדינות בעולם שמוכנות לקלוט אותם. https://t.co/JnDnlQpUlE
ومما يعزز احتمالية أن يكون الهدف الرئيسي للميناء المؤقت/ الدائم هو التهجير، أن تقارير صحفية غربية وإسرائيلية أكدت أن فكرة الميناء الأمريكي تمت بموافقة تل أبيب، وأنها بالأساس فكرة نتنياهو. هكذا يتضح أن الولايات المتحدة وبعض الدول العربية تعمل في خدمة أهداف الاحتلال.
ولكن كيف سيسهل الميناء عملية التهجير؟
يمكن أن يتم ذلك من خلال السماح للفلسطينيين بالخروج من قطاع غزة عبر الميناء، بعيدا عن تقييدات معبر رفح، ولكن مع تحكم الاحتلال بأعداد وهوية الأشخاص الذين سيسمح لهم بالعودة للقطاع، مما سيتيح للاحتلال تقليل عدد سكان غزة بشكل تدريجي. ومن المتوقع أن يرغب عدد ليس قليلا من المواطنين بالسفر خارج غزة للبحث عن عمل أو للدراسة، في ظل التدمير الهائل الذي تعرض ويتعرض له القطاع جراء العدوان الإسرائيلي، وهذا أمر طبيعي، ولكن المشكلة أن الذين سيخرجون يمكن أن يمنعوا من العودة من قبل قوات الاحتلال التي ستتحكم بالميناء، وبالتالي سيتحول السفر المؤقت إلى تهجير دائم.
الهدف من التهجير
لم تخف حكومة الاحتلال رغبتها بتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة منذ بدء الحرب. بدأت خطة التهجير من خلال تكثيف الأحزمة النارية التي جعلت الحياة في شمال غزة لا تطاق، ثم أتبعها جيش الاحتلال بالطلب من السكان الإخلاء من منطقة لأخرى لتسهيل عملياته العسكرية، واكتملت حلقات الخطة بالتجويع الذي جعل سكان القطاع يعانون من مجاعة وشيكة حسب تقارير المنظمات الدولية والصحافة العربية والعالمية.
في أثناء تطبيق الخطة، أعلن وزراء "إسرائيليون" ونواب في الكنيست بشكل واضح أن خروج الفلسطينيين من غزة هو حل واقعي "وأخلاقي" للأزمة التي تمثلها غزة لدولة الاحتلال، وطالبوا دول العالم وخصوصا أوروبا بفتح أبوابها لعشرات الآلاف من سكان القطاع. اصطدمت الخطة حتى الآن برفض أمريكي على الأقل إعلاميا، وكذلك رفضت من قبل الأردن ومصر، اللتين تريان أن التهجير تهديد لأمنهما القومي.
وبسبب الرفض المعلن دوليا وإقليميا، إضافة لتدهور صورة الاحتلال في العالم، فقد تحولت خطة التهجير القسري لما أسماه بعض الوزراء في حكومة نتنياهو بـ"التهجير الطوعي"، وهو ما يخالف كل المعايير الإنسانية والقانونية، إذ أن التاريخ لم يعرف شيئا يسمى "تطهيرا طوعيا"، فالتهجير يتم عادة كما هو الحال الآن في غزة، عبر النار والقتل والتجويع.
ويبدو أن الميناء المؤقت/ الدائم هو العنوان الجديد لهذا "التهجير الطوعي".
ويسعى الاحتلال من خلال التهجير لتحقيق عدة أهداف:
أولا: تخفيف العبء الأمني والعسكري على جيش الاحتلال، من خلال تقليل عدد السكان وجعل حركة الجيش في العدوان الحالي وأي عدوان مستقبلي أسهل، وبدون تكاليف عسكرية أو سياسية أو إعلامية.
ثانيا: التخلص من الحاضنة الاجتماعية للمقاومة الفلسطينية.
ثالثا: تهجير العقول الفلسطينية من قطاع غزة، وهو مخطط يستكمل جريمة الاغتيالات الموجهة، التي استهدفت خلال العدوان الحالي مثقفين وعلماء وأكاديميين ومبرمجين وغيرها من الكفاءات البشرية.
رابعا: تخفيف عبء الاحتياجات الإنسانية والغذائية والدوائية الذي بات يمثل كلفة سياسية كبيرة على الاحتلال منذ بدء الحصار عام 2006، وكان سببا في اندلاع عدد من الحروب أو المواجهات عبر السنوات الماضية.
خامسا: إنهاء الصراع الإسرائيلي مع قطاع غزة، إذ سيظل الصراع مشتعلا ما دام هناك شعب فلسطيني يعيش في أرضه.
التهجير سياسة صهيونية قديمة
تبنت العصابات الصهيونية سياسة التهجير القسري منذ النكبة. وقد ذكرت دراسات أكاديمية أن التهجير كان سياسة رسمية اتبعها بن غوريون أول رئيس وزراء لدولة الاحتلال التي أسست على أنقاض القرى والبيوت الفلسطينية المدمرة. وأكد هذه السياسة أيضا مجموعة مما سمي بـ"المؤرخين اليهود الجدد"، عبر دراستهم لـ"الأرشيف الإسرائيلي".
ويهدف التهجير القسري إلى إنهاء الصراع جذريا. يدرك الاحتلال أن صراعه لن ينتهي مع الشعب الفلسطيني ما دام هذا الشعب موجودا على أرضه، وتعلم "إسرائيل" أن أي احتلال "إحلالي" مثلها لن يتم مهمته إلا إذا قضى على الشعب الأصلي عبر التهجير أو القتل كما حصل في الأمريكتين وأستراليا وغيرها. ولعل أكثر من عبر عن هذه السياسة هو الأكاديمي "بيني موريس" أحد المؤرخين اليهود الجدد الذي انقلب على أفكاره لاحقا، حيث أكد أن بن غوريون انتهج سياسة التهجير أثناء النكبة، ولكنه "أخطأ" بعدم إتمام عملية التهجير، لأن بقاء الفلسطينيين يعني نهاية دولة إسرائيل، حسب موريس.
مارس هذا الاحتلال خلال هذا العدوان جريمة الإبادة الجماعية، ولم يترك جريمة موصوفة في القوانين الدولية إلا ارتكبها، ولكن عينه على "التهجير القسري" حتى ينهي الصراع مرة واحدة وللأبد. لقد ترك الشعب الفلسطيني لمواجهة جرائم الاحتلال وحيدا، ولكنه كما قاوم التهجير منذ النكبة وحيدا، سيقاوم خطط الاحتلال الجديدة سواء كانت عبر معبر رفح أو ميناء بايدن المشبوه.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية ميناء غزة الاحتلال التهجير غزة الاحتلال تهجير ميناء المزيد في سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التهجیر القسری من قطاع غزة معبر رفح من خلال
إقرأ أيضاً:
"حماس" بذكرى انطلاقتها: "طوفان الأقصى" بداية حقيقية لدحر الاحتلال وندعو العالم للجم جرائمه
غزة - صفا
قالت حركة "حماس"، يوم السبت، إنَّ "طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله عن أرضنا".
وأضافت الحركة في بيان لها لمناسبة ذكرى انطلاقتها الـ 38، التي توافق الرابع عشر من ديسمبر، أن "هذه الذكرى تمر مع مرور أكثر من عامين على عدوان همجي وحرب إبادة وتجويع وتدمير، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ضدّ أكثر من مليوني إنسان محاصر في قطاع غزَّة".
وبينت أن الذكرى تمر في ظل جرائم ممنهجة ضدّ الضفة الغربية والقدس المحتلة ومخططات تستهدف ضمّ الأرض وتوسيع الاستيطان وتهويد المسجد الأقصى، وبعد عامين واجه خلالهما شعبُنا العظيم ملتحماً مع مقاومته هذا العدوان بإرادة صلبة وصمود أسطوري وملحمة بطولية قلّ نظيرها في التاريخ الحديث.
وجاء في بيان الحركة "نترحّم على أرواح القادة المؤسّسين، وفي مقدّمتهم الإمام الشهيد أحمد ياسين، وعلى أرواح قادة الطوفان الشهداء الكبار؛ هنية والسنوار والعاروري والضيف، وإخوانهم الشهداء في قيادة الحركة، الذين كانوا في قلب هذه المعركة البطولية، ملتحمين مع أبناء شعبهم، كما نترحّم على قوافل شهداء شعبنا في قطاع غزَّة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء".
وأكدت الحركة "أن الاحتلال لم يفلح عبر عامين كاملين من عدوانه على شعبنا في قطاع غزة إلاّ في الاستهداف الإجرامي للمدنيين العزل، وللحياة المدنية الإنسانية، وفشل بكل آلة حربه الهمجية وجيشه الفاشي والدعم الأمريكي في تحقيق أهدافه العدوانية".
كما قالت "لقد التزمت الحركة بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بينما يواصل الاحتلال خرق الاتفاق يومياً، واختلاق الذرائع الواهية للتهرّب من استحقاقاته".
وجددت التأكيد على مطالبتها الوسطاء والإدارة الأمريكية بالضغط على الاحتلال، وإلزام حكومته بتنفيذَ بنود الاتفاق، وإدانة خروقاتها المتواصلة والممنهجة له.
وطالبت الإدارة الأمريكية بالوفاء بتعهداتها المعلنة والتزامها بمسار اتفاق وقف إطلاق النار، والضغط على الاحتلال وإجباره على احترام وقف إطلاق النار ووقف خروقاته وفتح المعابر، خصوصاً معبر رفح في الاتجاهين، وتكثيف إدخال المساعدات.
وشددت على رفضها القاطع لكلّ أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزَّة وعلى أيّ شبر من الأراضي المحتلة.
وحذرت من التساوق مع محاولات التهجير وإعادة هندسة القطاع وفقاً لمخططات العدو، مؤكدة أنَّ الشعب الفلسطيني ، وحده هو من يقرّر من يحكمه، وهو قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ويمتلك الحقّ المشروع في الدفاع عن نفسه وتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
ودعت الأمة العربية والإسلامية، قادة وحكومات، شعوباً ومنظمات، إلى التحرّك العاجل وبذل كل الجهود والمقدّرات للضغط على الاحتلال لوقف عدوانه وفتح المعابر وإدخال المساعدات، والتنفيذ الفوري لخطط الإغاثة والإيواء والإعمار، وتوفير متطلبات الحياة الإنسانية الطبيعية لأكثر من مليوني فلسطيني.
كما قالت الحركة "إنَّ جرائم العدو خلال عامَي الإبادة والتجويع في قطاع غزَّة والضفة والقدس المحتلة هي جرائم ممنهجة وموصوفة ولن تسقط بالتقادم، وعلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية مواصلة ملاحقة الاحتلال وقادته المجرمين ومحاكمتهم ومنعهم من إفلاتهم من العقاب".
وشددت على أنها "كانت " منذ انطلاقتها وستبقى ثابتة على مبادئها، وفيّة لدماء وتضحيات شعبها وأسراه، محافظة على قيمها وهُويتها، محتضنة ومدافعة عن تطلعات شعبنا في كل الساحات".
ونوهت إلى أن مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى سيبقيان عنوان الصراع مع الكيان الاسرائيلي، ولا شرعية ولا سيادة للاحتلال عليهما، ولن تفلح مخططات التهويد والاستيطان في طمس معالمهما.
وذكرت أن جرائم حكومة الاحتلال الفاشية بحق الأسرى والمعتقلين من أبناء الشعب الفلسطيني في سجونها، تشكّل نهجاً سادياً وسياسة انتقامية ممنهجة حوّلت السجون إلى ساحات قتل مباشر لتصفيتهم.
كما شددت على أنَّ قضية تحرير الأسرى، ستبقى على رأس أولوياتها الوطنية، مستهجنة حالة الصمت الدولي تجاه قضيتهم العادلة، وداعية المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للضغط على الاحتلال لوقف جرائمه بحقّهم.
كما قالت "إن حقوقنا الوطنية الثابتة، وفي مقدمتها حقّ شعبنا في المقاومة بأشكالها كافة، هي حقوق مشروعة وفق القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها".
وأكدت الحركة أن تحقيق الوحدة الوطنية والتداعي لبناء توافق وطني لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق استراتيجية نضالية ومقاوِمة موحّدة؛ هو السبيل الوحيد لمواجهة مخططات الاحتلال وداعميه.
وبحسب بيان الحركة، فإن حرب الإبادة والتجويع التي ارتكبها الاحتلال ضدّ شعبنا على مدار عامين وما صاحبها من جرائم، كشفت " "أنَّنا أمام كيان مارق بات يشكّل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار أمتنا وعلى الأمن والسلم الدوليين، ما يتطلّب تحرّكاً دولياً لكبح جماحه ووقف إرهابه وعزله وإنهاء احتلاله".
وثمنت عالياً جهود وتضحيات كلّ قوى المقاومة وأحرار أمتنا والعالم؛ الذين ساندوا الشعب ومقاومته، وبالحراك الجماهيري العالمي المتضامن مع شعبنا، داعية لتصعيد الحراك العالمي ضدّ الاحتلال وممارساته الإجرامية بحق شعبنا وأرضنا، وتعزيز كل أشكال التضامن مع القضية الفلسطينية العادلة وحقوق الشعب المشروعة في الحريَّة والاستقلال.