هل أصبحت عودة الإخوان المسلمين للسودان حتمية، وهل ستكون عودتهم أحد السيناريوهات المطروحة في ظل التطورات السياسية والظروف التي أفرزها واقع حرب الخامس عشر من أبريل بين الجيش والدعم السريع، وهل هناك مؤشرات إقليمية أو دولية لقبول التطبيع مع إسلامي السودان؟

التغيير: كمبالا: سارة تاج لسر

فتحت تصريحات وزير الخارجية المصري سامح شكري، خلال لقائه مبعوث واشنطن الخاص للسودان توم بيرييلو، باب الأسئلة الأكثر إلحاحاً بشأن، احتمالية عودة الإخوان المسلمين إلى المشهد السياسي، بعد اقتلاع نظام حكمهم الشمولي الذي استمر 30 عاماً، بثورة شعبية تفجرت في ديسمبر 2018.

فقد تحدث الرجل الذي استقبلت بلاده أكثر من 450 ألف سوداني، منذ بداية الحرب، عن أهمية التعامل مع النزاع في السودان باعتباره شأناً سودانياً خالصاً، وعدم تدخل أي أطراف خارجية في الأزمة بشكل يعيق جهود احتوائها، قبل أن يؤكد أهمية أن تشمل أي عملية سياسية مستقبلية كافة الأطراف الوطنية الفاعلة على الساحة الداخلية السودانية.

وعلى ما يبدو، فإن “كافة الأطراف” التي يقصدها المسؤول المصري، ربما تشمل إسلامي السودان، وحلفاءهم، رغم أن هذا الاتجاه يتقاطع مع توجه البيت الأبيض، حيث أشار، مبعوثه الخاص في مقابلة مع الإذاعة الوطنية الأميركية، إلى أن “جنرالات الحرب” وداعميهم من المتشددين يقودون السودان وسكانه إلى مصير “مروع” ستكون له تأثيرات بالغة الخطورة على المنطقة ككل.

وأضاف: “نشهد عودة الفصائل المتشددة التي رأينا السودان يقضي وقتاً طويلاً في القضاء عليها لاستعادة نوع الديمقراطية التي أرادها الناس”.

الفصائل المتشددة أو الإخوان المعارضون لعملية الانتقال، تلاحقهم الاتهامات بإشعال حرب السودان التي اقتربت مع عامها الأول، وما يعزز تلك المزاعم، هو مقاطع الفيديو التي تظهر، مشاركة منسوبي الحركة الإسلامية في القتال مع الجيش أبرزهم “كتيبة البراء” و”قوات العمل الخاص”. فضلاً عن تصريحات أمين الحركة الإسلامية على كرتي (المدرج في قائمة العقوبات الأمريكية)، الرافضة لهدنة مجلس الأمن الدولي في شهر رمضان التي تقطع الشك بتغلغل الإخوان في القوات المسلحة والتحكم في مفاصل قرارها.

ما أفصح عنه مساعد قائد الجيش، ياسر العطا، قبل أيام، عن رفض المؤسسة العسكرية، تسليم السلطة، للقوى المدنية دون انتخابات، وأن الفترة الانتقالية التي تعقب الحرب ستكون تحت إشراف البرهان، يعبر بوضوح وصراحة بأن اللجنة الأمنية السابقة في نظام البشير والمحسوبة على الإسلاميين لن توقف الحرب، ولن تسلم السلطة، إلا بعد ضمان مشاركتهم في التسوية القادمة، كما يقول الخبير والمحلل السياسي خالد محي الدين.

سقوط الأقنعة

ويوضح في تسجيل صوتي، إلى أن إن ما ذكره العطا من الوضوح بمكان. ويقول: “لا أظن أن القوى السياسية غافلة عن هذه الحقائق” وتابع ” لقد تكشف الصراع ، عساكر الحركة الإسلامية سيعرقلون إنهاء القتال، ولن يدخلوا في تفاوض لا يضمن أمنهم وسلامتهم ومكتسابتهم، وبمعنى آخر، لا حل سياسي يتجاوزهم.

عساكر الحركة الإسلامية سيعرقلون إنهاء القتال، ولن يدخلوا في تفاوض لا يضمن أمنهم وسلامتهم ومكتسابتهم، وبمعنى آخر، لا حل سياسي يتجاوزهم

ويشير محي الدين، إلى ما يتردد بشأن صفقات تجري وتطبخ وحلول وطلب حضور لرئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية “تقدم” عبدالله حمدوك، للقاهرة وحضور نائب قائد الجيش الفريق شمس الدين كباشي، ونائب قائد الدعم السريع عبدالرحيم دقلو، لاستكمال ما اُتفق عليه في العاصمة البحرينية_ المنامة_ يوحي بأن مصر السيسي، تقف على مسافة واحدة من الأطراف جميعهم، وأن الخيار المطروح والصفقة التي تتبناها القاهرة -إن صحت_ هي محاولة، مصالحة العسكر واعتبار الإخوان جزءا لا يتجزأ من المستقبل السياسي.

ويؤكد المحلل السياسي، أن هذا التيار ليس مطروحاً في الجارة الشمالية فقط، وإنما مطروح كذلك حتى داخل القوى المدنية، دون أن يسميها.

ويشير إلى أن المدنيين أمام خيارين فقط، إما التطبيع مع الإخوان أو كسر بندقية الحركة الإسلامية، لا سيما وأن السودان أصبح الآن ساحة لتصفية الحسابات والمعارك الدولية، فالإسلاميون هم من أخرج البرهان من القيادة العامة بالخرطوم، وهم المشرفون على المسيرات الإيرانية، والحرس الثوري في قاعدة وادي سيدنا العسكرية على حد قوله.

المستشار السياسي لحركة جيش تحرير السودان المجلس الانتقالي سيف الدين عيسى، في حديثه مع «التغيير» يرى من المنطق أن تشمل العملية السياسية كل القوى السياسية الرافضة للحرب والداعية إلى بناء دولة ديمقراطية يتساوى فيه كل الشعب السوداني، باستثناء، المتورطين في إشعالها، ويؤكد عيسى رفضهم القاطع لأي خطوة في هذا الصدد، وقال” لا مكان للمؤتمر الوطني المحلول في أي عملية سياسية قادمة، وعلى الوزير المصري أن يفهم جيدا، كما أن الإسلاميين في مصر غير مرغوب، فيهم، هم أيضا غير مقبول بهم في السودان، ومكانهم السجون تحقيقا للعدالة بسبب جرمهم.

ووفقاً لرأي القيادي بحزب المؤتمر السوداني، مهدي رابح، فإن مصر، تبدو، متنازعة بين خطها الاستراتيجي الثابت منذ تجاه السودان القدم وهو الإبقاء على سودان ضعيف يحكمه جنرال تحت سيطرتها يضمن لها حماية حصتها في مياه النيل، ويوفر لها فرصة لتحقيق مصالح اقتصادية كبيرة بما يمتلكه من موارد مهولة وعصية على الحصر، وبين فقدانها للثقة بقدرة البرهان، تحقيق ذلك، لأسباب عديدة على رأسها فشله العسكري، وضعفه تجاه نفوذ الإسلامويين.

وتابع: إلى جانب خطورة انهيار الوضع على استقرار مصر وراجحية أن يؤدي تطاول أمد الحرب إلى ظهور بؤر للجماعات الإسلامية العابرة للحدود، والتي تهدد أمنها الداخلي واستقرارها السياسي والإقليمي بصورة مباشرة، الإقليمي، فضلاً عن علاقاتها الاستراتيجية بتل أبيب.

مصر تسعى لإغراق الصف المدني بوكلاء يمكن السيطرة عليهم واستخدامهم في رسم مستقبل البلاد بعد الحرب

ويشير رابح، إلى أن الخيار أصبح أمام مصر، ليس دعماً للمؤتمر الوطني، برغم ما قدمته بعض عناصره المؤثرة من خدمات، على رأسهم مدير جهاز الأمن الأسبق في نظام البشير، صلاح قوش، لكن إغراق الصف المدني بوكلاء يمكن السيطرة عليهم واستخدامهم في تشكيل مستقبل البلاد ما بعد الحرب، وتشكيل جيش جديد تابع يقوده جنرالات جدد أو “قدامي” حاكمين، ويمكن السيطرة عليهم كما تشاء القاهرة.

وأكد رابح أن مصر دولة مؤثرة جداً على اتجاه الأحداث في السودان، لكن لن تجد مخرجاً آمناً من الأزمة الراهنة، ما لم تستوعب أن نجاحها وتقدمها من نجاح جارها الجنوبي واستقراره.

وأشار إلى أن السودان بكل التناقضات التي يحتويها وتاريخه الدامي وهشاشة نسيجه المجتمعي لا يمكن أن يستقر بإعادة إنتاج نظام الحكم في مصر أو عبر جنرالات تابعين لها، بل بترسيخ دعائم نظام حكم مدني ديموقراطي يعبر عن الجميع.

الوسومآثار الحرب في السودان الأخوان المسلمون الجيش الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع عبد الفتاح السيسي مصر

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: آثار الحرب في السودان الأخوان المسلمون الجيش الدعم السريع حرب الجيش والدعم السريع عبد الفتاح السيسي مصر الحرکة الإسلامیة فی السودان إلى أن

إقرأ أيضاً:

الجيش الإسرائيلي يدعي إعادة البرنامج النووي الإيراني "سنوات للوراء"

ادعى الجيش الإسرائيلي، اليوم الأربعاء 25 يونيو 2025، أن الضربات التي نفذتها تل أبيب وواشنطن ضد إيران أعادت برنامجها النووي "سنوات إلى الوراء"، في تناقض مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ، الذي قال مساء الثلاثاء إن بلاده "دمرت" البرنامج.

وقال نتنياهو، في كلمة متلفزة، "دمرنا المشروع النووي الإيراني، وإذا حاول أي أحد إحياءه، فسنعمل على اجتثاث أي محاولة من هذا القبيل، ولن تمتلك إيران أسلحة نووية".

ولكن المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، إيفي ديفرين، قال في مؤتمر صحفي: "حققنا جميع أهداف العملية كما حدد لنا، بل وأفضل مما توقعنا، وألحقنا ضررا كبيرا بالبرنامج النووي وأرجعناه إلى الوراء لسنوات"، على حد تعبيره.

وأضاف: "أقول ذلك بتواضع، إذ لا يزال من السابق لأوانه الجزم بالنتائج، نحن نحقق وندرس آثار الضربات التي استهدفت النظام (الإيراني) بأكمله، ومكونات البرنامج النووي المختلفة، وأكثر من ذلك"، دون تقديم مزيد من التفاصيل.

وادعى ديفرين أن "العملية العسكرية، التي استمرت 12 يوما، حققت إنجازات كبيرة، وألحقت ضررًا بالقدرات العسكرية التي بناها النظام الإيراني على مدى سنوات في إطار خطته لتدمير إسرائيل".

وقال إن جميع مراحل العملية، "من الضربة الافتتاحية وحتى نهايتها، نفذت بتنسيق كامل" بين مختلف فروع الجيش.

وتتهم إسرائيل وحليفتها الولايات المتحدة إيران بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، بينما تقول طهران إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية، بما في ذلك توليد الكهرباء.

وتعد إسرائيل الدولة الوحيد في المنطقة التي تمتلك ترسانة نووية، وهي غير خاضعة لرقابة دولية، وتواصل منذ عقود احتلال أراض في فلسطين وسوريا ولبنان.

وفي 13 يونيو/ حزيران الجاري شنت إسرائيل بدعم أمريكي عدوانا على إيران استمر 12 يوما، شمل مواقع عسكرية ونووية ومنشآت مدنية واغتيال قادة عسكريين وعلماء نوويين، وأسفر عن 606 قتلى و5 آلاف و332 مصابا، وفق وزارة الصحة الإيرانية.

وردت إيران باستهداف مقرات عسكرية واستخبارية إسرائيلية بصواريخ باليستية وطائرات مسيّرة، اخترق عدد كبير منها منظومات الدفاع، ما خلف دمارا وذعرا غير مسبوقين، فضلا عن 28 قتيلا و3 آلاف و238 جريحا، حسب وزارة الصحة وإعلام عبري.

ومع رد إيران الصاروخي على إسرائيل وتكبيدها خسائر كبيرة، هاجمت الولايات المتحدة منشآت نووية بإيران مدعية "نهاية" برنامجها النووي، فردت طهران بقصف قاعدة "العديد" العسكرية الأمريكية بقطر، ثم أعلنت واشنطن في 24 يونيو وقفا لإطلاق النار بين تل أبيب وطهران.

المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية صورة: الحادثة الأصعب - الجيش يكشف: هكذا قتل الجنود السبعة في خان يونس 49% من الإسرائيليين يؤيدون وقف إطلاق النار مع إيران زامير : تركيز المؤسسة العسكرية يعود إلى غزة الآن الأكثر قراءة 3 شهداء ومصابون في قصف إسرائيلي شرق مدينة غزة الأونروا: 45٪ من المستلزمات الأساسية في قطاع غزة نفذت ألمانيا: من غير المقبول موت أشخاص لمحاولتهم الحصول على المساعدات في غزة محدث: 7 شهداء بينهم طفل باستهداف إسرائيلي لمخيم البريج وسط قطاع غزة عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

مقالات مشابهة

  • طيران الجيش السوداني يقصف مواقع عدة
  • تصاعد المعارك بين الجيش و«الدعم».. السودان.. مناطق إستراتيجية تتحول لبؤر اشتباك
  • منذ أن حررت الخرطوم حصل سكون وانشغال بقضايا أخرى عن صلب المعركة الفي السودان
  • خبراء لـ "الفجر": السودان بين جحيم الحرب وبوادر التحول السياسي
  • الجيش الإسرائيلي يدعي إعادة البرنامج النووي الإيراني "سنوات للوراء"
  • اليوم.. محاكمة 57 متهمًا في قضية إعادة هيكل اللجان النوعية لـ «الإخوان الإرهابية»
  • من يحاول خطف نصر الجيش في السودان؟
  • عاجل. الجيش اللبناني يعلن توقيف أحد أبرز قياديي تنظيم الدولة الإسلامية في البلاد
  • المستشار السياسي لحركة جيش تحرير السودان قيادة – مناوي: الانحياز للشعب موقف وطني راسخ لا حياد فيه ولا تراجع
  • إسرائيل ترغب بإنهاء الحرب مع إيران قبل نهاية الأسبوع الحالي