بالتفجير والتفخيخ والحرق والاعتقال والترويع، واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر الاثنين الماضي ضرب مجمع الشفاء الطبي بكل ما أوتي من أدوات يتطاول بها على القانون الدولي والضمير الإنساني.

وللمرة الثانية منذ إطلاقهم العنان لآلة الحرب على غزة وساكنيها، استمر جنود الاحتلال في استباحة عرض أبسط مفاهيم احترام الكرامة البشرية، متخذين من المجمع الطبي الأكبر في القطاع مسرحا لجرائمهم الجديدة.

ووجد آلاف الفارين من جحيم الحرب داخل أسواره وخارجها، ومئات المرضى بأجنحته المختلفة، أنفسهم مجددا تحت طائلة الرعب والهلع، مع تصاعد عمليات التقتيل العشوائي وتوسع الاعتقالات بين النازحين.

وحتى المنازل المأهولة المحيطة بالمجمع -الواقع غرب مدينة غزة- لم تسلم من البطش والانتهاكات، فقد ذكر شهود عيان أن جنود الاحتلال أحرقوا عديدا منها في المنطقة الغربية من المجمع.

وفي شهادات وثقها مراسل الجزيرة نت، منع الاحتلال سيارات الإسعاف والدفاع المدني من الوصول للمنطقة، كما هدد باستهداف كل ما يتحرك في محيط المستشفى، وسط مناشدات يائسة من السكان لإجلائهم.

اشتباكات وقنابل دخانية بمحيط مجمع الشفاء الطبي ومنطقة الاتصالات وتل الهوى غرب #غزة pic.twitter.com/upFOjIYBjN

— الجزيرة مصر (@AJA_Egypt) March 21, 2024

تفخيخ وتفجير

وبمزيد من عدم الاكتراث واللامبالاة قابل الاحتلال دعوات المنظمات الإنسانية والإغاثية لوقف الاعتداءات، ولم يكتف بمواصلة إضرام النيران، بل استمر في حملة الترويع بتفخيخ بقية المنازل بالمتفجرات.

كما لم تتوقف فوهات المدفعية منذ فجر اليوم الاثنين عن قصف محيط المجمع، بعد نسف أحد أكبر مبانيه، دون أن تتوفر معلومات عما إذا تم إخلاء المبنى الذي كان يؤوي نازحين قبل نسفه، حسب مراسل الجزيرة.

وفي وقت سابق أمس الأربعاء، أقر الجيش الإسرائيلي بقتل 90 فلسطينيا والتحقيق مع 300 في مستشفى الشفاء، كما اعترف باعتقال 160 آخرين ونقلهم إلى إسرائيل للتحقيق.

وهذه المرة الثانية التي تقتحم فيها قوات إسرائيلية المجمع منذ بداية الحرب على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ اقتحمته يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بعد حصاره لأسبوع ثم انسحبت منه بعد 8 أيام، وجرى خلال الاقتحام تدمير ساحاته وأجزاء من مبانيه ومعداته الطبية، بالإضافة إلى مولد الكهرباء.

وتعليقا على هذه العملية العسكرية التي وصفتها إسرائيل بالشاملة ضد من تصفهم بفلول مقاتلي المقاومة المتحصنين في المجمع الطبي، قال أستاذ الشؤون الدولية في جامعة قطر أحمد جميل عزم إن "ما يجري نوع التطهير العرقي".

تطهير عرقي

وفي حديثه للجزيرة نت، قال عزم إن ما يسهم في هذا التطهير العرقي هو استهداف المستشفيات والعاملين بمنظمات الإغاثة والصحفيين وغيرهم من الكيانات التي تتمتع بحصانة دولية وقانونية.

وبشأن تبرير الاحتلال حملته على المجمع بوجود شبكة أنفاق وبنى تحتية تستخدمها المقاومة، ذكّر المتحدث باعتراف رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود باراك بأن جزءا من الحفريات والتحصينات والإنشاءات الموجودة تحت مستشفى الشفاء بنتها إسرائيل.

وأضاف الأستاذ الجامعي أن الادعاءات الإسرائيلية كذب مطلق، وما يحدث في مجمع الشفاء هو تماما ما يحدث في موضوع منع وصول المساعدات والتحجج بأنها تذهب لرجال المقاومة وليس لمستحقيها.

وحيات ربنا خايف وحيات ربنا !
فيش الي نفس !
بدي اروح !
،
من مجمع الشفاء قبل قليل ، لو ما حركك هيك فيديو تأكد أنك مش أنسان !
اقسم بالله فجع قلبي هالطفل ???????????? ! pic.twitter.com/5skL07ReKT

— Nooh Ayasreh ???? (@Naseem_nooh) March 18, 2024

وعن موقف القانون الدولي من استهداف المنشآت الصحية، قال إن القانون الدولي يعطي حصانة للمستشفيات والمسعفين والصحفيين، خاصة من هم بأماكن واضحة أو يلبسون ملابس الإسعاف أو الصحافة.

وتحظى المستشفيات بحماية خاصة في اتفاقية جنيف الرابعة، إذ لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية التي تقدم الرعاية للجرحى والمرضى والعجائز والنساء، حيث يوجب القانون احترام هذه المستشفيات وحمايتها.

وتشكل الهجمات المتعمدة على المستشفيات والأماكن التي يتجمع فيها المرضى والجرحى بموجب نظام روما الأساسي مخالفة جسيمة لقوانين وأعراف الحرب. وبمقتضى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، يشكل تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات وأماكن تجمع الأفراد والجرحى جريمة حرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات مجمع الشفاء

إقرأ أيضاً:

لماذا تتركز عمليات الاحتلال بخان يونس وكيف ترد المقاومة؟

تحولت مدينة خان يونس جنوبي قطاع غزة إلى نقطة ارتكاز أساسية لعمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي، في وقت تعمل فيه المقاومة وفق إستراتيجية الدفاع الإستراتيجي والهجوم التكتيكي، حسب الخبير العسكري العميد إلياس حنا.

وأوضح حنا أن خان يونس باتت بين فكي كماشة حسب الشكل العملياتي الإستراتيجي، إذ يأتي الجهد الرئيسي لجيش الاحتلال من محوري كيسوفيم وموراغ، مستدلا بالعمليات العسكرية الإسرائيلية المكثفة شرقي المدينة.

ووفق حديث الخبير العسكري للجزيرة، فإن جيش الاحتلال يريد خان يونس خالية من السكان وكذلك من المقاومة، في حين تخوض المقاومة الدفاع الإستراتيجي، إذ لا تتخلى عن الأرض سوى بعد تكبيد القوات الإسرائيلية خسائر كبيرة وتكسب مزيدا من الوقت.

وكذلك، تهاجم المقاومة تكتيكيا عندما يسمح الوقت أو يظهر هدف معين، مؤكدا أنها تستغل الفجوات والثغرات لدى جيش الاحتلال في المنطقة الأمنية العازلة.

وفي هذا السياق، قالت هيئة البث الإسرائيلية الرسمية -اليوم الأربعاء- إن 4 جنود أصيبوا في حادثين منفصلين خلال الساعات الأخيرة بالقتال في خان يونس.

وكشفت الهيئة أن "خلية مسلحة أطلقت صاروخا على دبابة في خان يونس فأصيب جنديان من الكتيبة 74 المدرعة".

إعلان

وفي وقت سابق اليوم، أعلنت كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- قنص جندي إسرائيلي ببندقية "الغول" القسامية شرقي بلدة عبسان الكبيرة شرقي خان يونس، وأكدت هبوط طيران مروحي للإخلاء.

بدورها، قالت سرايا القدس -الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي– إن مقاتليها يخوضون اشتباكات ضارية بالأسلحة المناسبة مع جنود وآليات الاحتلال شمالي خان يونس، مشيرة إلى أن الاشتباكات لا تزال مستمرة.

كما ذكرت السرايا أن مقاتليها استهدفوا -صباح اليوم الأربعاء- قوة من مشاة جيش الاحتلال شرقي خان يونس بعبوة مضادة للأفراد.

وأوضحت أن مقاتليها نفذوا ما وصفته بـ"استحكام مدفعي بقذائف الهاون" على منطقة الاستهداف، مؤكدة تحقيق "إصابات دقيقة ومباشرة في صفوف القوة الراجلة وفرق النجدة".

وبشأن تغيير جيش الاحتلال إستراتيجيته العسكرية في قطاع غزة، قال حنا إن القوات والآليات الإسرائيلية كانت تدخل و"تنظف" المنطقة ثم تخرج، وتعود عندما تتوفر معلومات تكتيكية للاشتباك مع المقاومة.

أما الإستراتيجية الجديدة، فإنها ترتكز على الدخول و"التنظيف" والبقاء -حسب الخبير العسكري- من أجل إعداد العدة للمرحلة المقبلة.

وبناء على هذه الإستراتيجية الجديدة، فإن جيش الاحتلال ينتقل من الحركية إلى الثبات، في حين تنتقل المقاومة من الدفاع إلى الحركية.

وأشار حنا إلى أن رئيس أركان جيش الاحتلال إيال زامير يحاول التأقلم وفهم كيف تتعامل المقاومة الفلسطينية في إطار إستراتيجيته المعلنة بالقضاء على المقاومة خلال 9 أشهر.

وجدد التأكيد على أن إستراتيجية زامير ترتكز على التقدم ببطء مقصود ثم القضم التدريجي للأرض واستهداف قيادات المقاومة من أجل تجنب الخسائر البشرية ودفع المقاومة لتقديم تنازلات في مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.

إعلان

وكان زامير قد أصدر مطلع الشهر الجاري تعليمات إلى قواته بتوسيع نطاق العملية العسكرية لتشمل مناطق إضافية في شمال قطاع غزة وجنوبه.

مقالات مشابهة

  • إيران تقدم مقترحا بشأن اليورانيوم لتجاوز الرفض الأمريكي لتخصيبه على أراضيها
  • لماذا تتركز عمليات الاحتلال بخان يونس وكيف ترد المقاومة؟
  • لماذا تجنبت “إسرائيل” استخدام طائرات “إف-35” في هجومها على ميناء الحديدة؟
  • مجمع ناصر الطبي ينفي الشائعات حول الإخلاء ويؤكد استمرار عمله
  • مجمع ناصر الطبي يوضح سبب خروج فريق أطباء بلا حدود
  • آيات الشفاء من الحسد والأمراض المستعصية.. خذ بالأسباب واستعن بالله
  • البيراوي: إسرائيل اعتدت مباشرة على القانون الدولي باعتدائها على السفينة «مادلين»
  • لماذا لا تستطيع إسرائيل أن تنتصر في غزة؟
  • عاجل.. وقفات احتجاجية في لندن وبرلين دعما للسفينة مادلين التي احتجزتها إسرائيل
  • صحة غزة تحذر من توقف عمل المستشفيات جراء نقص الوقود