خبراء يؤكدون: الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات مفيدة للصحة
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
قال خبراء من الولايات المتحدة، في مراجعة بحثية حديثة، إن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات يمكن أن تكون آمنة ومغذية، ويجب إدراجها كخيار ضمن المبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين.
والمبادئ التوجيهية الغذائية للأميركيين هي إرشادات غذائية تصدر عن وزارة الزراعة الأميركية ووزارة الصحة والخدمات الأميركية.
وقام الخبراء -ومنهم باحثون في مجال التغذية والصحة ومتخصصو الرعاية الصحية- بمراجعة الأدلة حول الحميات منخفضة الكربوهيدرات، ونشرت في مجلة فرونتيرز إن نتريشن (Frontiers in Nutrition) ، وكتب عنها موقع يوريك أليرت.
واتفق الخبراء على تعريف للأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات، وعرفوها أنها تلك التي تحتوي على 50-129 غراما من الكربوهيدرات يوميا.
قبل ذلك لم يكن هناك تعريف موحد.
النطاق المحدد وهو 50-129 غراما من الكربوهيدرات يوميا أقل من التوصيات الحالية التي توصي بأن 45-65% من السعرات الحرارية اليومية يجب أن تأتي من الكربوهيدرات.
بناء على نظام غذائي يحتوي على ألفي سعر حراري، فإن تناول 50-129 غراما من الكربوهيدرات يوميا سيوفر حوالي 10-26% من السعرات الحرارية اليومية.
وقال المؤلف الرئيسي الدكتور جيف فوليك من جامعة ولاية أوهايو "هذا إنجاز بارز للصحة العامةِ والمجتمعات العلمية.. الآن بعد أن أصبح لدينا تعريف واضح لما يشكل نظاما غذائيا منخفض الكربوهيدرات، واتفاقا مشتركا حول الفوائد القائمة على الأدلة لنظام غذائي منخفض الكربوهيدرات، يجب تضمين هذه المعلومات في التوصيات الغذائية، وأن تكون في متناول الجمهور الأوسع".
واتفق الخبراء أيضا على التالي: تعتبر الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات آمنة لعامة الناس، رغم أن الإشراف الطبي الأولي قد يكون ضروريا لبعض الأشخاص، مثل أولئك الذين يعانون من حالات طبية أكثر تعقيدا، أو يتناولون أدوية معينة. تعد الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات مفيدة في معالجة مقاومة الأنسولين لدى عامة السكان، وأولئك الذين يعانون من أمراض مرتبطة بالنظام الغذائي أو معرضين لخطر الإصابة بها، مثل السمنة والسكري من النوع الثاني وأمراض القلب وغيرها. مكن للأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات المخططة جيدا أن توفر التغذية الكافية، وتدعم الأنظمة الغذائية عالية الجودة المشابهة لأنماط الأكل الصحية الموصى بها حاليا في المبادئ التوجيهية الغذائية للأمريكيين.وقال فوليك "يتفق خبراء التغذية الآن على أن الأنظمة الغذائية منخفضة الكربوهيدرات توفر فوائد تتجاوز إدارة الأمراض. وبعبارة أخرى، فقد ثبت أنها لا تساعد فقط الأشخاص الذين يعانون من الأمراض المرتبطة بالنظام الغذائي، مثل أمراض القلب والسكري من النوع الثاني، بل يمكنها أيضا مساعدة الأشخاص الأصحاء بشكل عام على تقليل خطر الإصابة بهذه الأمراض في المقام الأول".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات من الکربوهیدرات
إقرأ أيضاً:
المقاومة بين ضغط العدو وصمت القريب
أحمد الفقيه العجيلي
تبدو المفارقة في المشهد العربي اليوم لافتة: فبعض الأنظمة تبدو أكثر تشددًا تجاه حركات المقاومة مما هي عليه القوى الكبرى نفسها. ولا يرتبط الأمر بخلاف سياسي محدود؛ بل بتراكم تاريخي وتعقيدات تتداخل فيها هواجس الأمن الداخلي، وتحولات الإقليم، ومحاولات إعادة بناء الأولويات بعيدًا عن القضية الفلسطينية.
حركات المقاومة- وفي مقدمتها حماس- تمثل نموذجًا حساسًا لدى عدد من الأنظمة. فهي قوى شعبية تمتلك خطابًا مؤثرًا، وحضورًا ميدانيًا متماسكًا، وقدرة على الاستمرار رغم الظروف القاسية.
هذا النموذج يُثير مخاوف متوارثة من انتقال "عدوى القوة الشعبية" إلى الداخل، كما حدث حين ألهبت ثورات الخمسينيات مشاعر الشعوب العربية، أو عندما فجّرت انتفاضة 1987 موجة تعاطف وضغط شعبي هزّت المنطقة بأكملها. لذلك تصبح هذه الحركات هدفًا مزدوجًا: تُحارَب من الاحتلال لأنه يراها خصمًا مباشرًا، وتتحفظ عليها بعض الأنظمة لأنها تمثل نمطًا لا ترغب في رؤيته يتكرر.
الأحداث الأخيرة كشفت هذه المعادلة بوضوح؛ فبعد طرح "خطة ترامب"، التي تكشف عن ثغرة قاتلة: غياب الضمانات الحقيقية لوقف الخروقات الإسرائيلية. هذه الخطة لم تُبنَ على أساس موازين قوى متكافئة أو حقوق ثابتة؛ بل اعتمدت في جوهرها على أجندة أمريكية- إسرائيلية تهدف إلى تصفية المقاومة ونزع سلاحها أولًا، دون إلزام الاحتلال بضوابط ردع فعالة لوقف الاستيطان أو الاغتيالات أو التعدي على المقدسات.
وبالتالي تجعل تركيزها كله على مطالبة المقاومة بالتنازل، دون وضع آليات عقابية لإلزام الطرف الإسرائيلي.
والأدهى، أن دور الوسطاء العرب والدوليين يظل في الغالب ضعيفًا وغير فعّال عند وقوع الخروقات الإسرائيلية الكبرى؛ فبدلًا من ممارسة ضغط حقيقي لفرض عقوبة على العدو، تقتصر ردود فعلهم غالبًا على بيانات حذرة أو متابعة للمشهد، ما يضعهم في موقع "المراقب" بدلًا من "الضامن الفعّال". هذا الضعف في آليات الضمان يرسخ الانطباع بأن أي تسوية تُطرح، هي بالأساس إطار قابل للتلاعب من قبل الاحتلال، يتيح له استخدام الوقت لصالحه للمزيد من القضم والتمدد.
التاريخ القريب يدل على أن أي تسوية لا تنطلق من الإرادة الفلسطينية تتحول إلى إطار قابل للتلاعب. حدث ذلك في كامب ديفيد، وفي أوسلو، ويتكرر اليوم مع خطة ترامب. فالاحتلال يملك القدرة على إعادة تفسير البنود واستخدام الوقت لصالحه، بينما تكتفي الأطراف العربية المعنية بمتابعة المشهد أكثر مما تُسهم في تشكيله.
ويبقى السؤال: هل يمكن لمثل هذه الخطط أن تنجح؟ التجربة تشير إلى أن نجاحها يتطلب قبولًا فلسطينيًا واسعًا، وهو ما لم يتحقق، خصوصًا أن الخطة بُنيت على منطق أحادي يجعل "الحل" أقرب إلى إعادة ترتيب الاحتلال بلغة سياسية ناعمة. وهكذا تبقى المقاومة- رغم اختلاف تقييم أدائها- الطرف الوحيد الذي يتحرك على قاعدة الفعل لا البيانات.
بحسب ما أتابعه من قراءات وتحليلات، فإن فرص نجاح أي خطة لا تُلزم الاحتلال بقواعد واضحة وتضمن الحد الأدنى من الحقوق، ستظل ضعيفة. فالخطة التي تستند على الضغط على المقاومة دون ردع الاحتلال، تشبه محاولة بناء بيتٍ على أرض رخوة؛ أول هبّة ريح تكشف هشاشته.
ولعل العدو يدرك- قبل غيره- أن كسر حماس ليس سهلًا؛ فالمقاومة التي صمدت تحت الحصار، وتحت النار، وتحت كل حملات التشويه، ليست مجرد تنظيم؛ إنها حالة وعي تشكّلت عبر عقود من الجراح والأمل. وهذا ما يجعل بعض الأنظمة أكثر حذرًا… وربما أكثر عداءً.
في الجوهر، الموقف المتشدد تجاه المقاومة لا يرتبط بقيم سياسية بقدر ما يرتبط برغبة عدد من الأنظمة في طيّ صفحة الصراع، أو على الأقل تحييده عن حساباتها الجديدة. لكن وجود مقاومة فاعلة يعيد تذكير الجميع بأن الملف لم يُغلق، وأن أي ترتيب لا يأخذ حقوق الفلسطينيين بجدية لن يعيش طويلًا.
لهذا تبدو المفارقة مفهومة: تُنتقد المقاومة لأنها ترفض التكيف مع المعادلات الجديدة، ولأن استمرارها يربك خطاب “الاستقرار بأي ثمن”. أما الاحتلال، فاعتاد أن يجد من يخفف عنه عبء الانتقاد، حتى وهو يمضي في خروقاته يومًا بعد يوم.
ولذلك، كلما اشتد الهجوم على حماس… ازددتُ يقينًا أن ما يؤلم خصومها ليس فعلها، بل ثباتها.
وما يزعجهم ليس قوتها، بل قدرتها على النجاة. وما يخيفهم ليس خطابها؛ بل الأمل الذي تبقيه حيًا في قلوب الناس.
هذه الصورة ليست تحليلًا سياسيًا بقدر ما هي قراءة واقعية لمشهد يتكرر عبر العقود: حين يتراجع الصوت الرسمي، تظل القوى الشعبية- مهما اختلفت التقديرات حولها- هي الكف التي تمنع سقوط القضية بالكامل.
في النهاية.. يظل الثابت أن من يحمل البندقية ومن يرفض الانحناء هو الأكثر استهدافًا. أما من يفاوض بلا أوراق قوة، أو يساير الرياح حيثما هبّت، فلن يكون موضع قلق لأي أحد.