صناعة الكنافة البلدي أشهر عادات السوهاجية في شهر رمضان المُبارك
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
صناعة الكنافة البلدي تعد من أشهر الطقوس والعادات التي يحرص عليها مواطني سوهاج خلال شهر رمضان المبارك ويرجع ذلك إلى القوام والطعم المختلف عن الكنافة الآلية وتفضلها ربات المنازل في صنع العديد من الأصناف والأشكال وهي من علامات البهجة في رمضان والتي يُقبل عليها المواطنون رغم ارتفاع الأسعار وكثرة الأعباء المنزلية والمصروفات فلا يخلو منزل منها لأنها تعد أشهى الحلويات الرمضانية الغير مكلفة مقارنة بالحلويات الأخرى وهي معروفة من عقود طويلة حيث كانت تصنع بالمنازل أبان الدولة الفاطمية .
يقول محمد حماد ان صناعة الكنافة البلدي هي مهنتي التي لا أعرف غيرها ورثتها عن والدي منذ أكثر من 25 سنة وهي مصدر رزقي الوحيد واولادي علمتهم الصنعة وهم الآن سندي وصناعة الكنافة مصدر رزقهم رغم أنهم يحملون مؤهلات عليا ولكن لا توجد وظائف حتى يعملوا بها وتوارثنا هذه المهنة أبًا عن جد .
وأضاف حماد أنه يعمل بهذه المهنة طوال العام وأن الكنافة البلدي لها زبائنها المداومين على شرائها ولكن في شهر رمضان يكون العمل مختلفًا عن أي شهر آخر حيث يتطلب جهدًا أكبر نظرا لكثافة إقبال المواطنين على الشراء .
وقال علي الصومعي إن صناعة الكنافة البلدي بسيطة جدًّا فهي عبارة عن خليط من الدقيق والماء والملح وصاج كبير واسطوانة بوتاجاز وكوز من الألومنيوم أو الاستانلس وأنا أقوم بلف الكوز الملئ بالعجين على الصينية وصنع حلقات ودوائر منتظمة من أجل عمل كربال وهو الذي يتحول من اللون الأبيض الفاتح إلى الذهبي حال نضج الكنافة مشيرا إلى تميز الكنافة البلدي بأنها "مرنة" ولا تشرب الزيوت أو السمن مقارنة بالكنافة الآلي التي احتلت أسواق المحافظة .
وأكد الصومعي أن ارتفاع أسعار الكنافة هذا العام يأتي بسبب ارتفاع أسعار اسطوانات الغاز والدقيق والمستلزمات الأخرى وثمن الكيلو 40 جنيها ورغم ارتفاع الأسعار إلا أن الكثير من المواطنين المسلمين والأقباط يُقبلون على شرائها خاصة في شهر رمضان لأنها ارخص كثيرا من الحلويات المصنعة التي تباع بالمحلات .
ورغم انتشار "الكنافة الآلي" بمدن وقرى سوهاج إلا أن الكنافة البلدي عادت للظهور هذا العام ونجحت في استعادة عرشها وسط انتشار أفران الكنافة الآلية وعلى مدار الأعوام الماضية حرص أهالي قرى سوهاج على شراء الكنافة البلدي قبيل الإفطار بنحو الساعة لتعد في اليوم ذاته فتتسابق عليها الأسر وقد تطول طوابير الانتظار حتى أذان المغرب حتى تحول الأمر إلى طقس من الطقوس الرمضانية حيث تشهد الكنافة البلدي أو كنافة البسطاء كما يطلق عليها أهل القرى إقبالا ملحوظا هذا العام عن الأعوام السابقة بسبب الارتفاع الجنوني لأسعار كافة السلع الغذائية وطالت محلات الحلويات .
يقول أمين عبد الرحمن ان هذا العام ومنذ اليوم الأول من شهر رمضان المبارك تشهد أفران الكنافة البلدي إقبالا كبيرا بالقرى وننتجها حسب طلب الزبائن وفي المدينة تشهد منافسة قوية مع الكنافة الآلي التي تشهد إقبالا كبيرا من قبل أهالي المدن أكثر من القرى رغم تساوي سعر النوعين حيث وصل سعر الكنافة البلدي والآلي 30 جنيها للكيلو.
وأضاف عبد الرحمن أنه من عادات وتقاليد أهالي القرى خلال الشهر الفضيل إعداد الكنافة البلدي التي يحرص على تناولها عدد كبير من الأسر سواء باللبن أو القشدة أو السكر فقط كل حسب ذوقه وأنا أجهز أدواتي عقب صلاة الظهر مباشرة لأبدأ إعدادها كونها مفضلة للزبائن مشيرا إلى أن صناعة الكنافة البلدي أسهل بكثير من إنتاج الكنافة الآلي التي تستدعي توفير معدات باهظة الثمن عكس الكنافة البلدي التي تتطلب مكونات بدائية يمتلكها كل كنفاني بلدي .
ويقول وفيق مصطفى صاحب فرن أن صناعة الكنافة البلدي على وشك الإنقراض بسبب الهجمات الشرسة لماكينات الكنافة الآلية الحديثة التي انتشرت في كل ربوع سوهاج ولم تقتصر على شهر رمضان فقط بل أصبحت متواجدة طوال العام والجميع يشاهد الكنفاني يقف في حر الصيف مستظلًا بقطعة من القماش "الخيمة أو المظلة "منصوبة فوق رأسه في منتصف الشارع أو أمام منزله أمامه قرص مستدير مبني من الطوب والطين مثبت في وسطها صينية من النحاس على موقد وبيده كوز مليئ بالعجين يلفها على القرص تحت نار هادئة ليخطف بها الأنظار في حركات دائرية ساحرة وبعد عدة دقائق يلمها ويرفعها لتتلقفها يد البائع وتضعها على الميزان ومنه ليد المشتري الذي يذهب بها إلى منزله حيث يتم إضافة اللبن والمكسرات وتقدم دافئة بعد الفطار .
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رمضان المبارك بوابة الوفد الإلكترونية شهر رمضان هذا العام
إقرأ أيضاً:
فن صناعة الأزمات
15 يونيو، 2025
بغداد/المسلة: كتب رياض الفرطوسي:
لا أحد يعرف على وجه الدقة متى تبدأ الأزمة، ولا إلى أين تنتهي. في العراق، لا تولد المآسي من الصدفة، بل تُربّى على مهل، كما يُربّى السرطان في الجسد دون ألم ظاهر. تُدار الكوارث كما تُدار صفقات الغرف المغلقة: بدهاء، بصمت، خلف ستائر من دخان، وعلى وقع مزامير الإعلام.
الوجوه تتبدّل، لكن اليد التي تُشعل الفتيل تبقى ذاتها: يدٌ تتقن عزف الفوضى، وتحوّل الاضطراب إلى نشيد وطني بديل. تارةً باسم الطائفة، وأخرى تحت شعار “السيادة”، وثالثة عبر خرائط مفخخة بعناوين: التخوين، الاصطفاف، الهويّة، الدستور، أو حتى قطعة قماش تُدعى “العباءة الزينبية”.
منذ شهور، والمواطن العراقي يترنّح بين الأزمات كما يترنّح المخمور بين الكؤوس. من خور عبدالله إلى العشوائيات، من نزاع على فتوى أو على تحريك ملف الكهرباء، إلى التراشق على الرواتب أو التعليم أو حتى حادث عرضي في شارع جانبي. كل أزمة لا تأتي بمفردها، بل تُنجب ألف شائعة، وتفتح ألف نافذة للانقسام. الإعلام المحلي وبعض القنوات العابرة للحدود يُمارس طقوس التحريض كما يستحضر المشعوذ الأرواح، ثم ينزوي ليعدّ أرقام المشاهدات، ضاحكاً.
لكن ما يبدو فوضى ليس فوضى. ما يُعرض علينا على شكل عبث إعلامي أو ارتجال سياسي هو، في جوهره، إدارة محسوبة، باردة، تخطط وتنفذ بحساب دقيق. ليست العشوائية التي نراها بريئة كما توهمنا شاشات الترفيه السياسي، بل هي خيوط محبوكة بإحكام، يعاد بها إنتاج الشلل يوميًا بألوان جديدة.
في وطن يُخضع المنطق للخرافة، ويراهن على الطيف والخيرة والمسبحة، لا يمكن فهم ما يحدث بأدوات السياسة وحدها. فالعراق، كما يعرفه الجميع، لا يخضع لقوانين السبب والنتيجة، بل لنزوات أفراد، لجنون المراحل، ولأشباح تتنكر في هيئة زعماء وقادة .
هنا تكمن الكارثة: لسنا أمام أزمة محددة يمكن إدارتها أو تجاوزها، بل أمام “فن” دقيق لصناعة الأزمات. صخب السياسة، وتفجّر الفضائيات، وتقلبات التحالفات، ليست سوى فصول في مسرحية محكمة العنوان: “كيف تستهلك دولة دون أن تسقطها؟”
وهذا ليس تخميناً، بل سياسة موثّقة، ظهرت بوضوح فيما سُمّي لاحقاً بـ”محاضرة الإبادة البطيئة”، التي قدّمها البروفسور ماكس مانوارينج، أحد أبرز منظّري حروب الجيل الرابع، أمام ضباط الناتو عام 2013. ما قاله ليس اجتهاداً بل خطة: لا تسقط الدولة بضربة، بل إنهاكاً، تفككاً، تشظّياً، عبر التجويع والتخويف والتشكيك، يُنفّذ بأيدٍ محلية ومباركة خارجية.
قال مانوارينج ببرود قاتل: “دع أبناء الدولة ينهكونها نيابة عنك”. وهكذا صارت الفضائيات ، والقنوات، والخطابات، والحروب النفسية، أدوات تنفيذ ذكية لسيناريو لا يحتاج رصاصة واحدة.
في العراق، لا أحد يريد للدولة أن تُبنى. الدولة هنا ليست مشروعاً سياسياً أو اقتصادياً، بل لغزاً يُراد له أن يظل مفتوحاً. التحالفات تُعقد فوق أنقاض الثقة، والخطابات تنطق باسم الوطن وتُدار من خارجه. في العلن، الجميع وطني حتى النخاع. في السر، تُعقد صفقات لا قبل للمواطن بها، لا علماً ولا رأياً ولا مصلحة. صفقات تتجاوز الخزينة، وتتجاوز السيادة، وربما تتجاوز خريطة العراق ذاتها.
تتحدث الأطراف عن “الانقلاب”، عن “المؤامرة”، وكأنها تُحذر منها، بينما تعدّ لها المسرح. من يحكم لا يملك القرار، ومن يملك القرار لا يظهر، ومن يتحرك لا يجرؤ على كشف اسمه. هناك دائماً ظلّ كثيف لا يكشف عن ملامحه، لكنه يتحكم في الإيقاع: يُشعل فتنة، يُطفئ أزمة، يدفع بقانون، ثم يسحب دعمه فجأة.
وفيما المجتمع يتأرجح بين العزوف واليأس، بين الحيرة والتحريض، يتحوّل المواطن إلى متلقٍ منهك، يركض خلف تفسير منطقي لا يجده. لأنه، ببساطة، لا منطق في العبث المنظّم. حسب نيتشه، لا يمكن تحليل الهراء بالعقل، خاصة حين يصبح الهراء خطاباً يومياً تعيشه أمة.
المنصات التي نظنها “حرّة” ليست كذلك. إنها غرف تحكم. ساحة توجيه لا نقاش. عوضاً عن أن تكون الدولة مؤسسة، تحوّلت إلى كابوس مفتوح. بدل أن نُبني، نُستهلك. بدل أن نحلم، نرتجف.
ويُطرح السؤال مرة تلو أخرى: لماذا لا ينهار هذا النظام دفعة واحدة؟ لماذا هذا الانهيار بالتقسيط؟ والإجابة أكثر رعباً: لأن السقوط المفاجئ يُتيح فرصة للبناء، أما السقوط البطيء، فمحْوٌ كامل، واستبدالٌ بلا شهود ولا أثر.
نحن لا نعيش صراعاً سياسياً، بل إبادة معنوية. تمزيق بطيء للنسيج الوطني. وفي قلب هذه المسرحية السوداء، يجلس صانعو الخراب، يشربون الوسكي في ظل القصور، يضحكون على موتنا البطيء، وهم يعلمون أن الضحية فقدت حتى القدرة على تمييز القاتل من الصديق.
أما الحقيقة، فهي الوحيدة التي تُهمس ولا تُقال: لا أحد بريء. لا أحد آمن. كل من صمت، أو برّر، أو انتفع، هو شريك في لعبة الإبادة الرمزية التي نعيشها.
هكذا تُدار الأزمات في عراق اليوم: لا نهاية واضحة، لا أفق قريب، ولا إصلاح يسير في طريق مستقيم. ليس لأن البلاد عقيمة، بل لأن هناك من لا يريد لها أن تحبل بالأمل. لا يريدون للعراقي أن يحلم، ولا للغد أن يُولد، ولا للرجاء أن يجد له شرفة.
إنهم لا يخافون من الخراب، بل من التعافي. لا يرتعبون من الأنين، بل من نهضة نادرة بدأت تشق الطريق وسط الركام. حين شاهدوا أن العراق، رغم كل شيء، يريد أن ينهض، أن يتعافى، أن يكتب فصلاً جديداً بلغة غير لغتهم، أعادوا إنتاج النص القديم: مزيد من التشكيك، مزيد من التحريض، مزيد من صناعة الأزمات.
يريدون للعراق أن يبقى مسرحاً لا يُطفأ فيه الضوء، تُعاد فيه الفصول بوجوه متغيرة، ونصّ واحد محفوظ في خزائن الخراب: “فن صناعة الأزمات”. لكنهم، في أعماقهم، يدركون أن النص قد يشيخ، وأن الجمهور قد ينهض يوماً، لا ليصفق، بل ليغادر.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post AuthorSee author's posts