حرائق الغابات في أوروبا.. كيف ستواجه القارة العجوز تكلفتها الفادحة؟
تاريخ النشر: 27th, July 2023 GMT
توقعت الخبيرة الاقتصادية والباحثة المختصة في الشؤون الأوروبية الدكتورة نجاة عبد الحق أن تؤدي الحرائق التي تشهدها دول أوروبية إلى زيادة العبء على الحكومات التي تواجه أصلا مشاكل اقتصادية واجتماعية، مما يهدد بتصدعات سياسية.
وقالت عبد الحق إن الحرائق التي تضرب العديد من المدن والقرى في أوروبا ستؤدي إلى ارتفاع الأعباء على الدول، باعتبار أن الناس الذين تضرروا ينتظرون الدعم من حكوماتهم.
وتساءلت الدكتورة نجاة عبد الحق عن مدى قدرة هذه الحكومات على الاستمرار في مكافحة هذه الحرائق، خاصة في ظل حاجتها إلى طائرات ومعدات مكلفة جدا.
كما تحدثت عن تكاليف غير مباشرة ستتكبدها الدول الأوروبية جراء الحرائق، وتتمثل خصوصا في تأثر قطاع السياحة.
وكان 8 أشخاص على الأقل لقوا مصرعهم في إيطاليا واليونان، كما سجلت السلطات خسائر مادية فادحة وتعطلت بعض وسائل المواصلات جراء حرائق الغابات وآثار التغير المناخي في أوروبا.
وقد فاقم ارتفاع دراجات الحرارة إلى مستويات قياسية خطر حرائق الغابات في بعض دول القارة، مثل إسبانيا وإيطاليا وفرنسا واليونان وسلوفينيا والبرتغال.
وتعتقد الخبيرة الاقتصادية -في حديثها لحلقة (2023/7/26) من برنامج "ما وراء الخبر" أن الدول الأوروبية لم تجهز نفسها للأزمات المتعلقة بالتغير المناخي ولكيفية مكافحتها، وربطت هذه المسألة بالتباين الحاصل بين هذه الدول، فالسويد وألمانيا مثلا لا تشعران بالأزمة لأن الحرائق لم تصلهما.
وفي السياق نفسه، أشارت إلى أن الدول الأوروبية لم تتمكن من التوصل إلى إستراتيجية موحدة لمعالجة الأزمات، مما ينعكس على موضوع الأمن الاقتصادي في القارة العجوز.
بدوره، ذهب أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي في نفس الاتجاه بقوله إن الدول الأوروبية لم تتفق على وضع إستراتيجية موحدة لمواجهة التحديات التي تزداد خطورة مع التغيرات المناخية، مشيرا إلى أن دولا مثل إيطاليا لا تمتلك طائرات كافية مخصصة لمكافحة الحرائق.
وتحدث عبيدي عن الانقسام داخل الاتحاد الأوروبي، خاصة بين ألمانيا وفرنسا، وقال إن الدولتين ليستا على قلب واحد بشأن قضايا عدة، مؤكدا أن أوروبا اكتشفت أنها هشة عندما أصبحت تستورد الكمامات من الصين وتعجز عن إنتاج اللقاحات الكافية خلال انتشار وباء كورونا.
التحديات وصعود اليمين المتطرفواتفق عبيدي ونجاة عبد الحق على أن تراكم الأزمات ستكون له تبعات على القارة العجوز في العالم، وأكدت الخبيرة الاقتصادية والباحثة المختصة في الشؤون الأوروبية أن كل المعادلات الاقتصادية والجيوسياسية تغيرت في أوروبا منذ بدء حرب روسيا على أوكرانيا، وتوقعت أن تؤدي التراكمات إلى تصدعات اجتماعية تضغط على السياسيين.
وتابعت أن اليمين المتطرف ونتيجة الأزمات المتراكمة وتعطش الجماهير للحلول السريعة يقترب من مراكز صنع القرار، والمؤشرات على ذلك موجودة في فرنسا وإسبانيا وحتى ألمانيا.
ومن وجهة نظر أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جنيف فإن الأخطر في الأمر هو أن التراكمات الاجتماعية والاقتصادية تسبب عدم استقرار داخل الحكومات الأوروبية كما حصل في إسبانيا وألمانيا وفرنسا، حيث يتقدم اليمين المتطرف الذي يتغذى بخطاب شعبوي يلعب على وتر ضعف الأداء الحكومي.
لكنه بالمقابل أكد على إيمانه بأن الدول الأوروبية ما زالت قادرة على صياغة رؤية موحدة لمواجهة التحديات، معتبرا أن قوة الاتحاد الأوروبي هي من قوة الدولتين اللتين تقودانه (ألمانيا وفرنسا)، ولو توافقتا يمكن لأوروبا أن تتجنب صعود اليمين المتطرف وتنهض من أزمتها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الدول الأوروبیة الیمین المتطرف فی أوروبا
إقرأ أيضاً:
تحذيرٌ من صندوق النقد الدولي: نمط الحياة الأوروبي مهدد ما لم تُعزز دول الاتحاد نموها الاقتصادي
رأت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، يوم الأربعاء، أن على أوروبا تعزيز نموها الاقتصادي في مواجهة التحديات العالمية المتزايدة، وإلا فإنها تخاطر بخسارة نمط الحياة الذي اعتادت عليه. اعلان
وقالت في تصريح لـ Euronews: "لا أريد لأوروبا أن تصبح على غرار الولايات المتحدة الأمريكية، لكنني أريد أن ترتفع إنتاجيتها وتزداد فرص العمل فيها".
وجاءت تصريحات غورغييفا قبيل صدور بيان جديد لصندوق النقد الدولي، نُشر يوم الخميس، ويتضمّن مقترحات اقتصادية موجّهة لدول منطقة اليورو.
ومن أبرز الرسائل التي تضمنها البيان، التأكيد على ضرورة أن تسرّع أوروبا وتيرة التقدم في السوق الموحدة، التي تضمن حرية تنقّل السلع والخدمات ورؤوس الأموال والأشخاص بين الدول الأعضاء.
وقالت غورغييفا لـ Euronews: "صحيح أنه لا توجد تعريفات جمركية داخل أوروبا، لكن ذلك لا يعني غياب الحواجز، سواء كانت تنظيمية أو من نوع آخر".
ويقدّر صندوق النقد الدولي أن الحواجز التي تعيق حرية الحركة داخل السوق الموحدة تعادل ما نسبته 44% من التعريفة الجمركية المفروضة على السلع، و110% على الخدمات.
وأوضحت غورغييفا أن الولايات المتحدة توزّع ما يُنتَج في كل ولاية بنسبة تتراوح بين 30 و70%، بحيث يُستهلك 30% محليًا، فيما يُرسل 70% إلى ولايات أخرى. أما في أوروبا، فالصورة معكوسة، إذ يُستهلك 70% من الإنتاج محليًا ولا يُصدر سوى 30% إلى الخارج، وهي تركيبة تحدّ من النمو عبر الإبقاء على الأسواق صغيرة وأقل تنافسية.
وقالت غورغييفا: "إذا نجحت أوروبا في استكمال السوق الموحدة خلال عشر سنوات، فإن ذلك سيؤدي إلى زيادة الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3%".
وبحسب صندوق النقد الدولي، فإن سُبل التقدّم في هذا المسار تشمل تقليص التجزئة التنظيمية، وتعزيز تنقّل العمالة، وتيسير عمليات الاندماج المصرفي عبر الحدود، وتكامل سوق الطاقة، ودفع مسار اتحاد أسواق رأس المال (CMU) قدمًا.
ويهدف اتحاد أسواق رأس المال إلى تمكين تدفّق سلس للاستثمارات والمدخرات بين الدول الأعضاء، ما من شأنه أن يسهّل على الشركات في إحدى دول الاتحاد الأوروبي الحصول على التمويل من دولة أخرى داخل الاتحاد، وهو ما يعزز قدرة تلك الشركات على النمو وتوفير فرص العمل.
وفي ما يخصّ تعميق أسواق رأس المال، أشار بيان صندوق النقد الدولي إلى ضرورة أن يعمل الاتحاد الأوروبي على "تعزيز وعي المستثمرين المؤسسيين برأس المال الاستثماري كفئة من الأصول، ومعالجة القيود غير المبررة التي لا تزال تحدّ من قدرتهم على الاستثمار فيه".
Relatedما هي المهن التي تمنح أعلى الرواتب في أوروبا؟ركوب الدراجة في أوروبا.. نهج جديد للسفر المستدام والمتعة على عجلتينما هو مستوى الدعم الشعبي لإسرائيل في دول أوروبا الغربية؟ويتوقّع صندوق النقد الدولي، بالنظر إلى المستقبل، أن تسجّل منطقة اليورو نموًا معتدلًا بنسبة 0.8% في عام 2025، على أن يرتفع إلى 1.2% في عام 2026.
ومن المرجّح أن تسهم التوترات التجارية والجيوسياسية في تراجع المعنويات، ما ينعكس سلبًا على مستويات الاستثمار والاستهلاك.
وفي ما يتعلّق بأسعار الفائدة، يرى صندوق النقد الدولي أن "تبنّي موقف نقدي يقترب من الحياد يُعدّ مبررًا"، مع اقتراب معدل التضخم الأساسي من هدف البنك المركزي الأوروبي المحدد عند 2%.
ولتحقيق التوازن بين ضغوط الإنفاق ومتطلبات الاستدامة المالية، أوصى صندوق النقد الدولي بأن تبادر الدول التي تتمتع بملاءة مالية قوية إلى دعم تلك التي تملك هامش مناورة أضيق.
وجاء في البيان: "من الضروري توخّي الحذر في تطبيق قواعد المالية العامة للاتحاد الأوروبي، لضمان ألا تُقيّد هذه القواعد قدرة الدول التي تتمتع بمرونة مالية أكبر".
انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة