منتدى الإعلام السوداني كمبالا، 26 يونيو 2025، (سودانايل)- في وقتٍ يعيش فيه السودان واحدة من أسوأ حروبه، التقى أكثر من 47 من المفكرين والأكاديميين والسياسيين والشباب من مختلف أقاليم البلاد، في العاصمة الأوغندية كمبالا، ضمن ملتقى فكري يهدف للوصول إلى رؤية جماعية توقف الحرب وتضع أسس دولة مدنية جديدة تُنهي الشمولية والتهميش والعسكرة.

وكان الملتقى نظّمه “مشروع الفكر الديمقراطي” و”حركة تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية” على مدار ثلاثة أيام، من 15 إلى 17 يونيو الجاري، وناقش المشاركون 25 ورقة علمية حول قضايا الدولة المدنية، والتهميش، والتمليش، والعدالة الانتقالية، ضمن أربعة محاور رئيسية قدّمها نخبة من المثقفين والأكاديميين.

وفي حديثه لـ(سودانايل)، أكد شمس الدين ضو البيت أن الملتقى خلص إلى رؤية جماعية بأن وقف الحرب يتطلب توحيد جبهة مدنية واسعة تضم قوى المجتمع المدني والهامش والحركات السياسية والإنتاجية للضغط على أطراف الحرب وإنهائها.

نقاشات عميقة حول جوهر الأزمة

في كلمته الافتتاحية، دعا مدير مشروع الفكر الديمقراطي، شمس الدين ضو البيت، إلى البحث الجاد عن جذور “البثور والدمامل” التي شوّهت وجه السودان منذ الاستقلال، مؤكداً أن الصراع السياسي في البلاد ظل يدور في حلقة مفرغة بين ثلاثة تيارات: التطلّع إلى الديمقراطية، ونداءات الهامش، والدعوات إلى الدولة الدينية، مع دخول العسكر كعنصر حاسم منذ انقلاب 1958.

وأوضح ضو البيت أن الفشل في إيجاد صيغة للتعايش المدني الديمقراطي بين التوجهات المطروحة هو لبّ الأزمة المستمرة، مشدداً على أن وقف الحرب لن يتم إلا بإرادة السودانيين أنفسهم.

شمس الدين ضو البيت مدير مشروع الفكر الديمقراطي الدولة والدستور والمواطنة

في الجلسة الأولى التي حملت عنوان “الدولة السودانية: السلام، الوحدة، الدستور”، قدّم الدكتور محمد الأمين إسماعيل رؤيته لملاح الدستور، معتبرًا أن غياب الدستور هو جوهر الأزمة السياسية، واقترح اعتماد الفيدرالية بين ولايات السودان (المتحدة). من جانبها، انتقدت الدكتورة سعاد مصطفى، الأستاذة بالجامعات السودانية، في ورقتها حول أمن المرأة، اهتمام النخب بالأمن لحماية النظام الحاكم لا الدولة. فيما قدّم د. صدقي كبلو تحليلاً لحالة الدولة السودانية بعد الاستعمار، مؤكدًا أن التشكيلة الاجتماعية الاقتصادية لم تحقق التنمية المتوازنة، وأن محاولات التغيير عبر الانقلابات، في 1969 و1989، باءت بالفشل.

وفي الجلسة الثانية حول “الدولة المدنية والدينية وقضايا المواطنة المتساوية”، رأت مديحة عبد الله أن الجدل حول (الدولة المدنية) في السودان ظل نظريًا. بينما أثار محمد جميل أحمد نقاشًا واسعًا من خلال ورقته التي تناولت “مغالطات سردية الدولة في خطاب الإسلاميين”. وأشارت د. أسماء أحمد النعيم إلى غياب العقد الاجتماعي، داعية إلى ابتكار وسائل تواصل جديدة مع القواعد الشعبية لتصعيد الحلول من أسفل. ووصف السر السيد الحرب الجارية بأنها تجلٍّ لفشل المشروع الوطني منذ الاستقلال، حيث طغت النزعة السياسية الخاصة على المشروع الوطني.

العدالة والتهميش والعسكرة

في الجلسة الثالثة، قدّم د. زهير بشار ثلاثة محددات يعتبرها رئيسية للعدالة الانتقالية، هي: من أين تبدأ، ومن هم الشركاء، وما آليات التنفيذ، مؤكداً أن الجهود ظلت تأتي من أعلى إلى أسفل. وناقشت د. زينب أونور تحديات الشابات في المجال السياسي، بينما سلّط محمد علي مهلة الضوء على مجتمع الكنابي الذي حُرم من الحقوق نتيجة غياب المواطنة المتساوية. وشددت الناشطة السياسية، نعمات كوكو، على أن الحديث عن دولة مدنية يظل ناقصًا ما لم يقترن بديمقراطية تعددية وعدالة نوعية.

أما اليوم الثاني من الملتقى فقد خُصّص لمناقشة التمليش والعسكرة، حيث أوضح د. سليمان بلدو أن المليشيات في السودان نشأت باعتبارها أداة استعمارية، ثم تحوّلت منذ 1989 إلى مشروع سياسي مرتبط بالحركة الإسلامية. واعتبر فضيلي جماع أن السودان هو الدولة الوحيدة التي شهدت محاولات انقلابية متعددة وصلت إلى 36 محاولة منذ الاستقلال، ما حوّل السلطة إلى غاية في ذاتها. وقدّمت هنادي المك دراسة ميدانية من ولاية النيل الأزرق، أكدت فيها أن العسكرة عمّقت التهميش الجندري وأعادت إنتاج هرمية ذكورية، بينما رأى فتح العليم عبد الحي أن المليشيات القبلية تطورت من آلية دفاع محلي إلى أداة ضغط سياسي، وأشار أبوذر الأمين إلى أن الدولة السودانية الحديثة ورثت نموذج الإدارة الاستعمارية، وتبنّته النخب السياسية بدلاً من تجاوزه.

وفي جلسة عن خطاب الكراهية والتعافي الاجتماعي، رأى عبد السلام نور الدين أن الدولة كانت تخسر من كل تغيير، فيما اقترحت د. هويدا عتباني معالجة خطاب الكراهية عبر “التعلّم المضاد”، وربط الناشط المجتمعي عبد الله آدم خاطر جذور الأزمة بلحظة تقسيم الأقطار الإفريقية في مؤتمر برلين، أواخر القرن الثامن عشر. ودعا الباحث المحبوب عبد السلام إلى “ممارسة فوق إنسانية” تقوم على العفو، واقترح نموذجاً سودانياً للعدالة الانتقالية.

أما فتح العليم عبد الحي قد قدّم ورقة حول (الدولة الدينية)، أشار فيها إلى غياب تصور موحد ومحدد لهذا النموذج، لافتًا إلى أن التيارات الإسلامية نفسها تتبنى رؤي مختلفة لمفكرين إسلاميين مختلفين.

دور الإعلام وقضايا التنوع

في الجلسة الختامية، خُصص النقاش لدور الإعلام في ظل التعدد الإثني، حيث أشار نقيب الصحفيين عبد المنعم أبو إدريس إلى عجز الإعلام السوداني عن التعبير عن واقع التنوع، بينما تناول الباحث القانوني إسماعيل التاج خطوات تأسيس العدالة الانتقالية من منظور قانوني، وقدم عبد الجبار دوسة مقاربة مختلفة لمفاهيم الإنصاف والمساءلة.

وشدد ضو البيت في حديثه لـ (سودانايل) على أن معالجة التهميش لا يمكن أن تكون من المركز فقط، بل بالاعتراف بالمهمشين بوصفهم شركاء في بناء الدولة الجديدة، داعيًا إلى إنهاء التمليش وبناء جيش قومي مهني موحد، بعقيدة وطنية ديمقراطية، بعيدًا عن السياسة والمصالح الاقتصادية. وأوضح أن الملتقى تميز بالحوار الفكري المفتوح، وضم مشاركات من تيارات إسلامية، حيث دار نقاش عميق حول علاقة الدين بالدولة وإمكانية الانتقال إلى نظام يقوم على المواطنة المتساوية لا العقيدة. وأكد أن الدعوات للمشاركة في الملتقى كانت شخصية، وأن الهدف هو حوار وطني سوداني شامل يجمع مختلف التيارات الفكرية.

وختم حديثه بالتأكيد على أن هذا اللقاء يمثل نموذجًا لإمكانية التقاء السودانيين رغم الظروف القاسية، وعلى ضرورة استعادة الشعب السوداني لحقه في تقرير مصيره بعيدًا عن التدخلات الأجنبية التي تُكرّس الحرب على أرضه. وشدد على أن أي دعم خارجي يجب أن يأتي مساندًا لأجندة وطنية خالصة، لا أن يُفرض من الخارج.

وكشف عن نية مشروع الفكر الديمقراطي تنظيم ملتقى شبابي موسع في المرحلة المقبلة، لمناقشة القضايا ذاتها، بهدف تكوين جبهة وطنية شبابية واعية تستعيد دورها في رسم مستقبل السودان، وتوحيد الصوت المدني في مواجهة الحرب والتدخلات الخارجية.

ضمّ ملتقى (مشروع الفكر الديمقراطي وحركة تضامن) مشاركين من خلفيات سياسية وفكرية متنوعة، من بينهم د. سليمان بلدو، د. صدقي كبلو، د. عبد السلام نور الدين، د. المحبوب عبد السلام، د. الشفيع خضر، السفير نور الدين ساتي، د. محمد الأمين إسماعيل، د. زهير بشار، د. محمد جميل أحمد، د. أسماء النعيم، فيصل محمد صالح، مديحة عبد الله، نعمات كوكو، د. هويدا عتباني، د. زينب أونور، د. حامد بشير، عبدالله آدم خاطر، محمد علي مهلة، د. هنادي المك، فتح العليم عبد الحي، عبد المنعم أبو إدريس، الفاتح النور، أحمد التوم، أبوهريرة أحمد عبد الرحمن، سندس محمد المصطفى، مجاهد خاط.

* ينشر منتدى الإعلام السوداني والمؤسسات الأعضاء فيه هذه المادة من إعداد منصة (سودانايل) في إطار تجميع أكبر قدر من الرؤى التي تعين على فهم الأزمة السودانية والمساهمة في حلها بدءا من إنهاء الحرب التي تدور في البلاد منذ أبريل 2023.

منتدى الاعلام السوداني الوسومأوغندا الأزمة السودانية الاستقلال السودان المحبوب عبد السلام حركة تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية د. الشفيع خضر سعيد شمس الدين ضو البيت كمبالا مثقفون محمد الأمين إسماعيل مشروع الفكر الديمقراطي

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أوغندا الأزمة السودانية الاستقلال السودان كمبالا مثقفون محمد الأمين إسماعيل مشروع الفكر الديمقراطي عبد السلام فی الجلسة على أن

إقرأ أيضاً:

الغرب بين الدبلوماسية والتردد.. لماذا يخشى مواجهة جذور الأزمة في الشرق الأوسط؟

يواجه الوسط السياسي الغربي أزمة واضحة في التعامل مع تطورات الأزمة في الشرق الأوسط رغم دعوات قادته إلى الدبلوماسية وضبط النفس، تظل مواقفهم مترددة، وغالبًا ما يتجنبون الاعتراف بالأسباب الحقيقية للصراع.

ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للكاتبة نسرين مالك، قالت فيه إنه منذ بدء الحرب على غزة، اتسمت الديناميكية المحددة بغضب وذعر وقلق غير مسبوقين من الجمهور، يدور حول وسط سياسي هادئ بشكل مخيف، وإن رد الفعل الضعيف من الأحزاب الليبرالية السائدة لا ينسجم تماما مع خطورة اللحظة.

وأضافت مالك أنه مع انضمام الولايات المتحدة إلى "إسرائيل" في مهاجمة إيران، وتوجه الشرق الأوسط نحو تفكك كارثي، فإن جمودهم أصبح أكثر إرباكا من أي وقت مضى، وإنهم مجرد ركاب في حرب تل أبيب، إما مستسلمون للعواقب أو غير راغبين في جوهرهم حتى في التشكيك في حكمتها.

وتابعت الكاتبة أنه بينما يصرخ الواقع في وجه السياسيين في جميع أنحاء الغرب، فإنهم يخلطون الأوراق ويعيدون تسخين الخطاب القديم، كل ذلك في حين يذعنون لـ"إسرائيل" والبيت الأبيض اللذين فقدا صوابهما منذ فترة طويلة.


وأشارت إلى أنه في وقت يشهد مخاطر جيوسياسية شديدة، يقدم الوسط نفسه على أنه الطرف الحكيم في هذه المشاجرة، ويدعو إلى الهدوء والدبلوماسية، لكنه عاجز تماما عن معالجة السبب الجذري أو تحديه، ويخشى البعض حتى تسميته.

وأضافت أن "إسرائيل" اختفت من المشهد، ولم يتبق سوى أزمة مؤسفة وإيران تهدد، حيث دعا رئيس الوزراء البريطاني، كير ستارمر، إلى خفض التصعيد، ولكنه أشار إلى التصعيد نفسه الذي يرغب في تجنبه - أي تدخل الولايات المتحدة - باعتباره تخفيفا لـ"التهديد الخطير" الذي تشكله إيران، في الوقت الذي يعزز فيه القوات البريطانية في الشرق الأوسط.

قالت مالك إن رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، أكدت على أهمية الدبلوماسية مع الحرص على التأكيد على أن إيران هي "المصدر الرئيسي" لعدم الاستقرار في المنطقة، كما بدا الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وكأنه يعيش في عالم الواقع، محذرا من الفوضى الحتمية التي قد تنجم عن تغيير النظام في إيران وتكرار أخطاء الماضي.

وتابعت قائلة "لكن بحلول يوم الأحد، انضمت فرنسا إلى الجوقة الداعية إلى خفض التصعيد وضبط النفس بعبارات عامة غامضة، وأكدت المعارضة الحازمة للبرنامج النووي الإيراني".

وأكملت كاتبة المقال أن الحرب مع إيران خبر سيئ للغاية، وتُقدم عددا من السيناريوهات المُزعزعة للاستقرار بشكل كبير: تغيير النظام دون خطة لليوم التالي، مما يترك كادرا كبيرا من القوات العسكرية والأمنية المسلحة في وضع حرج، وحشد القوات العسكرية الغربية في المنطقة التي قد تصبح أهدافا ونقاط اشتعال، أو ببساطة حرب استنزاف طويلة الأمد من شأنها أن تُسيطر على المنطقة وتفتح جرحا كبيرا مُتقيحا من الغضب والعسكرة. إنها أيضا - وهذا أمر اعتدنا عليه في هجمات إسرائيل - تقتل مئات الأبرياء ناهيك عن كونها، قبل كل شيء، غير قانونية، نظرا لمخاطرها القائمة.

وأضافت أن معظم القادة الغربيين ما زالوا يتعاملون معها على أنها مجرد فصل آخر من فصول حقائق العالم المؤسفة، ولكنها ثابتة في نهاية المطاف، ويجب التعامل معها. وهنا تكمن الحفرة العميقة في قلب الاستجابة لإسرائيل على مدار العام والنصف الماضيين - وسط شاغر. ترامب هو ترامب. لا أحد يتوقع منه ردا متماسكا وشجاعا ومستقرا تجاه إسرائيل، ولكن المشكلة تسبقه: مؤسسة سياسية من حماة الاستقرار، الذين يبدون ليبراليين وموثوقين، يفتقرون إلى بوصلة أخلاقية، ولا يكترثون للمعايير التي يدّعون باستمرار التمسك بها، تحت إدارتها، انتُهك القانون الدولي وقانون حقوق الإنسان مرارا وتكرارا في غزة والضفة الغربية ولبنان وسوريا والآن إيران. كان ردها هو الابتعاد عن طريق إسرائيل في أحسن الأحوال، وتسليحها وتوفير غطاء دبلوماسي لها في أسوأ الأحوال.


وتابعت أن إدارة جو بايدن حددت النبرة، وتبعتها الحكومات الأوروبية. وتمسكت مجتمعة بالوضع الراهن المتمثل في الدعم غير المشروط لإسرائيل، وبذلك، حطمت الأعراف القانونية والأخلاقية التي منحتها أي قدر من النزاهة أو السلطة.

ومع ذلك، ما زالوا يواصلون عملهم وسط الحطام، تبدو تصريحاتهم حول أهمية الدبلوماسية وكأنها أصداء من حقبة مضت منذ زمن طويل - حقبة سبقت إبادة جماعية بثت مباشرة هدمت أي مظهر من مظاهر نظام متماسك للقانون الدولي، وما كشفته اللحظة الراهنة هو مجموعة من الأنظمة غير مؤهلة أساسا للأزمات، صالحة فقط للإدارة؛ مجموعة من السياسيين الذين لا يتمثل دورهم في إعادة التفكير في الطريقة التي تسير بها الأمور أو تحديها، بل ببساطة في توجيه الحركة الجيوسياسية.

وأضافت الكاتبة "مهمتهم هي في الواقع تحقيق الاستقرار، ولكن فقط بمعنى تثبيت نظام عالمي من الافتراضات والتسلسلات الهرمية الفاشلة. ليس الأمر جعل العالم مكانا أفضل، بل إضفاء غطاء من المصداقية على سبب ضرورة أن نعيش في هذا العالم الأسوأ".

وتابعت أنه لا ينبغي الخلط بين هذا وبين "البراغماتية". البراغماتية تعني انعدام الموقف أو المصلحة الشخصية. ما يُخفيه خطاب الانخراط المُتردد هو أنه مُستند إلى معتقدات لا تُحددها القيم، بل التفوق القَبلي. إيران دولة، في نظر المؤسسة الليبرالية، لا تتمتع بسيادة كاملة أبدا لأنها انحرفت عن المصالح الغربية، وليس لها حق الرد عند تعرضها للهجوم (بل في الواقع، يجب عليها التحلي بضبط النفس عند التعرض له). ليس لشعبها الحق في توقع دراسة متأنية لمستقبلها، أو حتى لمستقبل المنطقة بأكملها. أما إسرائيل، من ناحية أخرى، فهي دولة ذات سيادة عظمى، وليست مُذنبة أبدا.

واعتبرت أن "هذا الموقف الافتراضي عارٍ تماما في نفاقه، جاهل ومحدود الأفق في نظرته للعالم، واضح في استخفافه بالحياة البشرية، لدرجة أنه يُمثل تآكلا هائلا في تعقيد الخطاب السياسي، وانحدارا جديدا في ازدراء الجمهور. لا يمكن الدفاع عن دعم إسرائيل إلا بإشارات سطحية ومخالفة للمنطق إلى حقها في الدفاع عن نفسها حتى لو كانت المعتدي، وإلى "تهديد إيران للعالم الحر".

واردفت لكن هل هذا هو العالم الحر نفسه الذي دعم الهجمات الأحادية على أربع مناطق في الشرق الأوسط من قِبل إسرائيل، الدولة التي زعيمها مطلوب من قِبل المحكمة الجنائية الدولية؟ في هذه المرحلة، يُمثل العالم الحر نفسه التهديد الأكبر، الذي سيضحي بكل شيء لضمان عدم السماح بمرور أي تحد لسلطته.


واختتمت مالك قائلة إن النتيجة النهائية هي أن هؤلاء القادة ليسوا متخلّين عن مسؤولياتهم فحسب، بل إنهم غير ممثلين، وغير قادرين وغير راغبين حتى في صنع الموافقة بعد الآن. لقد ترسخت العدمية المتسارعة. تتلاشى التفويضات مع ابتعاد الحكومات والأحزاب السياسية الوسطية أكثر فأكثر عن الجمهور، الذي يُعلن في أوروبا عن مستوى دعم منخفض تاريخيا لإسرائيل. في الولايات المتحدة (بما في ذلك مؤيدو ترامب)، تُعارض الأغلبية التورط في حرب مع إيران. وهكذا تتسع الفجوة بين السياسة المنفصلة والواقع الدموي أكثر فأكثر. إن مديري الهيمنة الغربية يندفعون نحو الفراغ، ويأخذوننا جميعا معهم.

مقالات مشابهة

  • أكثر من 200 ألف طالب وطالبة يجلسون لامتحانات الشهادة السودانية في الداخل والخارج
  • اكتمال الترتيبات لاقامة امتحانات الشهادة السودانية بمصر
  • حل أزمة مازوت البقاع في لبنان وعودة مهرجانات بيت الدين.. تفاصيل
  • الإمارت تتخذ خطوة من شأنها خنق الموانئ السودانية
  • من يحاول خطف نصر الجيش في السودان؟
  • جلسة مفتوحة لمجلس الأمن لمناقشة الأزمة السودانية والأستماع لإحاطة من ممثل الأمين العام
  • الغرب بين الدبلوماسية والتردد.. لماذا يخشى مواجهة جذور الأزمة في الشرق الأوسط؟
  • حوار.. محمد الفكي: تحالف الفساد والعنف يقود السودان نحو الهاوية
  • سفارة السودان بالرياض تعلن اكتمال الترتيبات لاقامة امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام 2024