«الكُحل العربي».. صناعة متوارَثة
تاريخ النشر: 28th, March 2024 GMT
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
أخبار ذات صلةتمتلك بخيتة المنصوري، أسرار صناعة الكحل العربي، هذا الموروث الشعبي الذي ارتبط بجمال المرأة، وتحرص على نقل حرفتها إلى الشابات لضمان استدامتها في المجتمع، والتعريف بطقوس الكحل التي رافقته، لافتة إلى أنه بالرغم من التطور الكبير الذي تشهده أدوات التجميل، إلا أن الكحل العربي الذي يُصنع منزلياً، وتوارثت طريقة صنعه الأمهات والجدات، لا يزال حاضراً في المهرجانات التراثية.
شغف المعرفة
طورت المنصوري مهاراتها وصنعت الكحل العربي من «الإثمد»، وهو عبارة عن حجر يدق في «الهاون» الخشبي أو النحاسي ليتحول إلى مسحوق، ويُنخل باستعمال قماش لأكثر من مرة للحصول على كحل ناعم، ليكون جاهزاً للاستعمال بدون أي إضافات، موضحة أن المرأة قديماً كانت تعتمد على الكحل في زينتها بشكل أساسي. وقالت إنها تعمل على نشر هذه المعرفة ونقل خبراتها في صناعة الكحل العربي إلى الشابات، ومنهن نورة المنصوري التي تحرص على تعلّم صناعة الكحل بالطريقة التقليدية، حيث أكدت أن المهرجانات توفر لها فرصة كبيرة لاكتشاف تراثنا، مشيرة إلى أنها شغوفة بالحرف التراثية والقصص الاجتماعية القديمة التي رافقت رحلتها، مؤكدة رغبتها في تطوير هذا المنتج باستخدام الطرق العصرية في تغليفه وتسويقه، ما يضمن استدامته للأجيال.
نواة التمر
أشارت المنصوري، إلى أن المرأة قديماً كانت تصنع الكحل الطبيعي من نواة التمر، الذي يتميز بجودة عالية، حيث كانت تقوم بتحضيره، عبر تنظيف نواة التمر من بقايا التمر الملتصقة بها، وتجفيفها تحت أشعة الشمس ليومين أو أكثر، ثم نقعها في الماء ليومين إضافيين، قبل أن تتعرض للشمس مجدداً حتى تجف تماماً. وبعد ذلك تعمل على تحميصها على الحطب حتى تتحول النواة إلى اللون الأسود، ثم تدق في «الهاون» لتتحول إلى بودرة ناعمة، ثم تُنخل في قماش ناعم، لتصبح هذه البودرة صالحة للاستعمال بعد إضافة زبدة حيوانية طبيعية لها لتتماسك، ويتم وضعها في الصدف. وهذا يُطلق عليه كحل «الصراي» الذي يتم حفظه في عبوة زجاجية، بينما يستخدم «المرود» الخشبي لتكحيل العين، موضحة أن هذا النوع من الكحل الطبيعي صحي ومستدام، ويضفي جمالاً على العين، ويساعد على صحة الرموش، ويمنحها مظهراً أنيقاً، كما يزيد من كثافة الحواجب، ومن عادة الأجداد أنهم كانوا يسخدمونه لتكحيل عيون الأطفال وحواجبهم.
إبداع المرأة
بخيتة المنصوري، وفرت زينتها من صنع يديها، مستغلة ما جادت به الطبيعة، تعلمت من جداتها كيف تصنع الكحل العربي من نواة التمر، ثم من «الإثمد»، وتواصل اليوم نشاطها وحضورها في المهرجانات لتثقيف الأجيال وتعريفهم بقدرة المرأة على الإبداع والاستثمار في خيرات الطبيعة، كما تسعى لتعليم الفتيات هذه الحرفة للحفاظ عليها وحمايتها من الاندثار.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: التراث الموروث الشعبي جمال المرأة الحرف الشعبية الحرف التراثية نواة التمر
إقرأ أيضاً:
الخليج الذي نُريد
د. سليمان المحذوري
abualazher@gmail.com
منذ عام 2011 والمنطقة العربية تشهد أحداثًا متسارعة، وتغيرات جذريّة، وما زالت المنطقة تكتوي بنيران العواصف السياسية التي لم تهدأ بعد، ودول الخليج العربية جزء لا يتجزأ من هذا الإقليم، تقع شرق الخارطة العربية، ووسط دول الشرق الأوسط، كما أنّها تشرف على بحار مهمة، مثل بحر العرب وبحر عُمان والبحر الأحمر والخليج العربي التي تشكل شرايين أساسية للمحيط الهندي.
ولا ريب أنّ وجود الحرمين الشريفين يُعطي المنطقة أهمية كبيرة باعتبارها مقدسات إسلامية لجميع المسلمين، إضافة إلى توفر مصادر الطاقة النفط والغاز وبكميات كبيرة يُعلي من القيمة الاقتصادية لهذه المنطقة، فضلًا عن عوامل أخرى لا مجال للتفصيل فيها في هذا المقام.
وانطلاقًا من تلكم الأبعاد أدركت دول الخليج مبكرًا حجم التحديات التي تواجهها الداخلية منها والخارجية؛ لذا تم تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية عام 1981. ويُعد "المجلس منتدى للتنسيق والتكامل بين دول الخليج العربية، ويهدف إلى تعزيز العلاقات بين الدول الأعضاء في جميع المجالات". ولم يأت هذا التوجه من فراغ؛ فالواقع التاريخي والثقافي والاجتماعي لدول الخليج فرض نفسه، والسمات المشتركة، والإيمان بالمصير المشترك ووحدة الهدف عزّز الشعور بأهمية ميلاد كيان يرمز إلى وحدة دول الخليج.
ورغم التجاذبات السياسية الدولية، والتوترات الإقليمية المستمرة؛ إلا أنّ مجلس التعاون ظلّ صامدًا يجاهد في التعامل الإيجابي مع القضايا التي باتت تتناسل يومًا بعد يوم داخليًا وخارجيًا. وإذا نظرنا إلى العالم من حولنا يبدو جليًا أننا نعيش في زمن التكتلات سواء كانت سياسية أو عسكرية أو اقتصادية ونحوها مثل دول حلف "الناتو"، ودول "بريكس"، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وغيرها.
وهذا يدعونا إلى التأكيد على ضرورة التمسك بهذا الكيان وتعضيده، وتفعيل منظومة مجلس التعاون، وتغليب المصالح المشتركة لجميع الدول الخليجية بعيدًا عن المصالح الآنية الضيقة. ومن الأهمية بمكان تقوية الروابط البينية، وحلحلة الملفات الشائكة برؤية خليجية بحتة. وما نحتاجه فعليًا الإيمان بأهمية وجود مظلة واحدة تجمع دول الخليج، وتعظيم الفوائد المرجوة منها، وتوجيه البوصلة الخليجية نحو رؤية تكاملية لا تنافسية إزاء التعامل مع مختلف التحديات الإقليمية والدولية.
وما من شك أنّ سياسة "رابح رابح" هي الأجدى لجميع دول مجلس التعاون فإن كانت هنالك ثمة فائدة ستعمّ على جميع الدول، وحتمًا سينعكس ذلك إيجابيًا على التنمية الشاملة التي تشهدها دول الخليج؛ مما يعزّز ويمتن العلاقات بين شعوب الدول الخليجية التي تُعد الركيزة الأساسية لهذا البناء حتى تعبر السفينة بسلام وسط الأمواج العاتية.
رابط مختصر