فورين بوليسي: هل يستطيع بايدن الضغط على إسرائيل كما فعل بوش الأب؟
تاريخ النشر: 30th, March 2024 GMT
قالت مجلة فورين بوليسي إن الرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش الأب أثار غضب القادة الإسرائيليين عام 1991 من خلال فرض شروط على المساعدات ووضع المصالح الأميركية في المقام الأول، ورغم ارتفاع المخاطر بشكل كبير الآن، فإن إدارة الرئيس جو بايدن لم تظهر بعد أي علامات على الوضوح الأخلاقي نفسه.
وأشارت المجلة -في مقال بقلم علياء الإبراهيمي- إلى أن الولايات المتحدة اتخذت خطوة غير عادية للغاية بالامتناع عن التصويت لقرار مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى وقف إطلاق النار في غزة بعد 6 أشهر من الحرب الإسرائيلية المتواصلة، ولكن سفيرتها أظهرت على الفور، وبشكل مثير للجدل، حرصا كبيرا على اعتبار القرار "غير ملزم"، كما بذل مسؤولون أميركيون آخرون قصارى جهدهم "للتقليل" من أهمية التصويت.
وبذلك -تقول الكاتبة- أصبح الخلل الغريب في العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل موضع تركيز في الأسابيع الأخيرة. وأبطأت إدارة بايدن انتقاداتها لإسرائيل، ولا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو متحديا، ويواصل تقييد وصول المساعدات التي تحمل المياه والغذاء والدواء إلى 70% من سكان قطاع غزة الذين يواجهون مجاعة كارثية من صنع الإنسان.
حلول بديلةورغم أنه على رأس القوة العسكرية الكبرى في العالم التي تعتمد عليها إسرائيل في الأسلحة والأموال والغطاء الدبلوماسي، فإن الرئيس الأميركي جو بايدن ووزير خارجيته أنتوني بلينكن لجآ إلى حلول بديلة، كإسقاط المساعدات جوا وبناء رصيف عائم قبالة شواطئ غزة.
وبدلا من اتخاذ تدابير باهتة -كما ترى الكاتبة- تستطيع إدارة بايدن أن تستفيد من النفوذ الأميركي الهائل والاقتداء بسلفه الرئيس الجمهوري الأسبق جورج بوش الأب، الذي أوضح هو ووزير خارجيته جيمس بيكر للإسرائيليين عام 1991 أن عليهم أن يتوقفوا عن استخدام الأموال الأميركية لبناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية إذا أرادوا الحصول على حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار على شكل ضمانات قروض.
وقد تلت ذلك مواجهة كبيرة بين البيت الأبيض والحكومة الإسرائيلية، تضمنت تهديدات رئاسية باستخدام الفيتو وضغوطا غاضبة في الكونغرس من قبل لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (أيباك)، ولكن بوش الأب وبيكر كانا حازمين في تكييف المساعدات المقدمة لإسرائيل مع احترام القانون الدولي، وقال وقتها بوش الأب "لن أتنازل شبرا واحدا".
ومع أن نقاط البداية في القضيتين مختلفة، حيث لم تكن إسرائيل آنذاك في حالة حرب، فإن الشجاعة السياسية في واشنطن أكثر ضرورة في زمن الحرب، خاصة مع وجود اتهامات لإسرائيل بارتكاب جرائم حرب وربما إبادة جماعية، وبالتالي يجب على واشنطن أن تستجمع عزما مماثلا اليوم، حسب الكاتبة.
إصرار صارمواستعرضت المجلة تفاصيل الأزمة بين الرئيس جورج بوش الأب وإسرائيل، التي أثارتها سياسة رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك إسحق شامير لتوسيع المستوطنات، ورغم أن إسرائيل ومؤيديها أصيبوا بحالة من الجنون، حتى إن أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية وصف الرئيس الأميركي بأنه "معاد للسامية" و"كاذب"، فإن جورج بوش الأب كانت له الغلبة في النهاية.
واستطاعت إدارة بوش الأب، خلال حرب الخليج في الفترة 1990-1991، أن تضع إسرائيل -على حد تعبير بوش- "بعناية شديدة خارج التحالف"، لإبقاء الأعضاء العرب فيه، مما يكشف عن حدود القيمة الإستراتيجية لإسرائيل في منطقة إستراتيجية، حسب الكاتبة.
وأشارت الكاتبة إلى أن تصميم إدارة بوش الأب الصارم على استعادة مكانة بلاده باعتبارها الشريك الأكبر في العلاقة الأميركية الإسرائيلية، يختلف بشكل ملحوظ عن الموقف المتساهل لإدارة بايدن، التي انحرفت بالكاد عن الدعم الصريح إلى التوبيخ المعتدل بعد مقتل 32 ألف فلسطيني، كثير منهم نساء وأطفال.
ومع ذلك، هناك أوجه تشابه تاريخية ملحوظة، حيث كان احتلال الرئيس العراقي الراحل صدام حسين للكويت هو الخلفية عام 1991، واليوم هناك حرب روسيا على أوكرانيا، والتصور نفسه في الجنوب العالمي حول معايير مزدوجة لا تطاق لصالح إسرائيل.
كما كان النظام العالمي الجديد الذي تبنيه الولايات المتحدة على المحك في ذلك الوقت، والآن أصبح الأمر يتعلق بالتزام الغرب الذي أعيد تنشيطه بالدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ترجمات
إقرأ أيضاً:
اليسار يقتل الأب والابن والروح القدس
بعد إنطلاق الحرب، نبهت اليسار، في مقال، إن هذه الحرب صدمة مربكة نظريا وسياسيا ووجدانيا. وأوصيت فلول اليسار – وأنا منهم – بان يصبروا علي إختلاف الرؤي وتباين التموقع حولها وان لا يسمحوا للإختلاف بان يفرق صفوفهم لان سحابتها ستنقشع ولا داعي لتفرق يسار أصلا ضعيف وميكروسكوبي الوجود والتاثير. وعلي نفس الروح أوصي الصديق قصي همرور ناشطي اليسار بأن يحسنوا أدارة الإختلاف بروح طيبة وألا يسمحوا للخلاف حول الحرب أن ينسف إمكانيات مواصلة العمل المشترك لاحقا.
في نقاش في ماض قريب، أبديت ملاحظة عن الفرق بين اليسار واليمين الديني في العمل العام. وتأسفت أنه في دار يسار لا يكفي أن تتفق مع الجماعة بنسبة ٩٨%. وحتي لو إختلفت بنسبة ١% غالبا يتم شنقك وطردك من الكنيسة علي غرار طردة ترمب وفانس لزيلينسكى من البيت الأبيض.
واضفت أنه أما أهل اليمين الديني. فلو إلتقيت معهم بنسبة ٢%، واختلفت جذريا فيما تبقي، فانهم يشيدون جسور الوصل عسي ولعل. وبينما يطرد المخالف من كنيسة اليسار مشيعا باللعنات العلنية أو في مجالس النميمة المغلقة، يواصل اليمين الديني في الود مع الخارجين عليه من داخل أو خارج صفوفه حتي لو سلقهم بالسنة حداد وقال فيهم ما لم يقله المحبوب في الإخوان. وربما كان السبب في هذا النهج تجذر روح المجتمعية في اليمين وربما كان جزءا منه براغماتية تترك الباب مفتوحا لعودة المارق أو تحييده أو علي الأقل الحد من ضرره المحتمل. وفي كل هذا شطارة وروحا طيبة.
بعد أن أبديت الملاحظة ردت صديقة بان اليسار في تاريخه كان مولعا بفرويدية قتل الأب. والان توسع إلي قتل الأخ والاخت والخال وبنت العم والجار.
إستمعت أمس إلي الكاتب اليساري المجيد، جورج مونبيوت، يشير إلي نفس المفارقة بين اليسار واليمن. قال جنا الإنجليز إن أحد مشاكل اليسار في محيطه الأوروبي إنه رغم توسله الذي لا ينتهي لبناء جبهات مقاومة عريضة إلا أن اليساريين يظلون في شجار دائم ضد بعضهم البعض كانهم قطط داخل شوال – وهذا خيال يختلف عن خيال ترباس في إستدعاء مشابهة قطط الشوال في سياق غزلي.
تشخيص الزميل مونبيوت ينفي تصور اليمين الديني السوداني لليسار بانه معقل تهتك هيدوني. فعلي سبيل المثال ظل الأخوان في أيام الجميلة ومستحيلة يتهمون الشيوعيين بالليالي الحمراء حتي تحسرت صديقة منهم وتمنت أن تكون هذه الليالي حقيقة لتكسر ملل لياليها في الخرطوم. وربما قدم أخرون طلب إنضمام لو صحت أسطورة الليالي الحمراء. للأسف لا توجد ليالي حمراء في دار يسار ولكن يوجد شجار دموي دائم وضرب فوق وتحت الحزام. الوجود في دار يسار يعني التوتر الدائم لأن السهام تاتي من العدو والصديق ويظل الفرد مهددا بفقدان الأصدقاء والمجتمعات وقد يتهمه الزميل الذي كان بيجيب ليهم المريسة بالكوزنة ثم يجلس بكامل الاعتداد بشرفه الماركسي اللينيني وكانه في تاني دور.
ومن الناحية الأخري، حسب مونبيوت، فان المفارقة تكمن في أن اليمين رغم تركيزه الراسمالي/الليبرالي/الأيديلوجي علي حقوق الفرد، والفردانية والفردية إلا أنه يجيد العمل الجماعي والمجتمعي ويتفوق فيه بإمتياز. وقال إن مجتمعات اليمين تتميز بالدفء الذي تخلو منه مجتمعات اليسار البارد. وذكر ضاحكا إن أهل اليمين في حفلات البار بي كيو يشيدون ببعضهم البعض حد الغزل ويقولون لكل واحد/ة حلاتك، يا رهيب/ة، وااااو تسريحتك عجيبة، أسمح لي اهبش شعرك.
لخص مونيوت المفارقة بقوله أن مشكلة اليسار أنه دائما في رحلة بحث عن خونة بينما اليمين يبحث عن حلفاء ومتحولين إلي صفوفه.
ولا أدعي إنني أكثر تسامحا أو دفئا من اليسار الموصوف أعلاه ´، فهذا المقال نقد ذاتي قبل أن يكون نقدا للرفاق. وربما هو دعوة لإصلاح العمل بين الرفاق كمقدمة لإصلاحه بين الجماهير.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب