القاهرة-«د ب أ»: أثارت موافقة واشنطن على تسليم تل أبيب دفعة جديدة من المساعدات العسكرية ردود فعل واسعة ومتباينة داخل الولايات المتحدة، وسط انتقادات البعض لإدارة الرئيس جو بايدن واتهامهم لها بعدم الجدية في ممارسة الضغط على الحليف الإسرائيلي لوضع حد للحرب الدائرة في غزة منذ نحو ستة أشهر، حيث يرى منتقدو هذه الخطوة أنها تنطوي على منح إسرائيل ضوءا أخضر لاجتياح مدينة رفح جنوب قطاع غزة والشعور بالإفلات من العقاب.

وكشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، نقلا عن مسؤولين في وزارتي الدفاع والخارجية الأمريكيتين، عن موافقة إدارة بايدن خلال الأيام الماضية على تقديم حزمة مساعدات تقدر بمليارات الدولارات لتل أبيب. ونقلت الصحيفة عن مصادر وصفتها بالمطلعة أن الحزمة تشمل أكثر من 1800 قنبلة من طراز إم كيه 84، وقنابل زنة 2000 رطل فضلا عن 25 طائرة حربية من طراز إف 35 إيه ومحركات.

وأشارت الصحيفة إلى أن القنابل زنة 2000 رطل تم ربطها بأحداث سابقة أدت إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا خلال الحرب الإسرائيلية في غزة. وأضافت أن تلك القنابل قادرة على تسوية مبان بالأرض، وأنها «لم تعد تستخدم مطلقا من قبل الجيوش الغربية في المواقع المكتظة بالسكان بسبب خطر وقوع إصابات بين المدنيين».

ونوهت واشنطن بوست إلى أن إسرائيل استخدمت هذه النوعية من القنابل على نطاق واسع في غزة، وفقا لتقارير عدة، وعلى الأخص في قصف مخيم جباليا للاجئين في 31 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص.

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول أمريكي أن الولايات المتحدة مستمرة في دعم «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» ، وتأكيده أن «إخضاع المساعدات لشروط لم يكن من سياستنا»، وهو موقف يكشف أن التهديدات الأمريكية المتوالية خلال الأيام الماضية كانت «وهمية».

ويقول بعض الديمقراطيين بما في ذلك حلفاء بايدن، إن على الحكومة الأمريكية حجب الأسلحة في غياب التزام إسرائيل بالحد من الخسائر في صفوف المدنيين خلال عملية رفح التي تصر إسرائيل على تنفيذها، وعدم الالتزام كذلك بتخفيف القيود المفروضة على إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

وقال السيناتور الديمقراطي كريس فان هولين إن إدارة بايدن «لا تدرك التناقض بين أقوالها وأفعالها بشأن إرسال سلاح لإسرائيل... إدارة بايدن ترسل مزيدا من القنابل لنتانياهو بينما يتجاهل مطالبها بشأن رفح والمساعدات».

ومن جهته عبر أيضا السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز عن غضبه قائلا: «لا يمكن استجداء نتانياهو للتوقف عن قصف المدنيين وفي اليوم التالي نرسل له آلاف القنابل.. علينا إنهاء تواطئنا.. من المقزز أن نزود إسرائيل بقنابل يمكنها أن تسوي المباني بالأرض».

واعتبرت الصحيفة أن هذا التطور يبرهن على أنه بالرغم من الخلافات بين الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل بشأن النهج الذي تتبعه الأخيرة في حرب غزة، «تنظر إدارة بايدن لتسليم الأسلحة باعتباره أمرا مستبعدا عند البحث عن كيفية التأثير على أفعال رئيس الوزراء (الإسرائيلي) بنيامين نتانياهو».

على الجانب الآخر، حظي قرار بايدن بمواصلة تدفق الأسلحة إلى إسرائيل بدعم قوي من قبل مجموعات المصالح القوية المؤيدة لإسرائيل في واشنطن، بما في ذلك لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (آيباك)، التي تنفق عشرات الملايين من الدولارات في هذه الدورة الانتخابية للإطاحة بالديمقراطيين الذين تعتبرهم «غير داعمين لإسرائيل بالصورة الكافية».

وتعارض أيباك، إلى جانب الجمهوريين في الكونجرس والعديد من الديمقراطيين، جعل المساعدة العسكرية الأمريكية لإسرائيل مشروطة. ويرى هذا الفريق أنه «يمكن للولايات المتحدة حماية المدنيين، على جانبي الصراع، من خلال الاستمرار في ضمان حصول إسرائيل على أكبر قدر ممكن من المساعدة الأمريكية، وبأسرع ما يمكن، للحفاظ على مخزوناتها مليئة بالذخائر المنقذة للحياة».

من جانبها، ألقت صحيفة الجارديان البريطانية الضوء على حجم المساعدات العسكرية التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، وذكرت أن تلك المساعدات تقدر بقيمة 8ر3 مليار دولار سنويا، مشيرة إلى أن هذه الحزمة تأتي في الوقت الذي تواجه فيه إسرائيل انتقادات دولية قوية بسبب حربها المستمرة منذ 7 أكتوبر الماضي والتي أسفرت عن مقتل نحو 33 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال ودفعت معظم سكان القطاع إلى شفا المجاعة. وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة جاءت في الوقت الذي يدعو فيه بعض أعضاء حزب بايدن إلى قطع المساعدات العسكرية الأمريكية عن إسرائيل.

وكانت صحيفة تايمز أوف إسرائيل ذكرت في وقت سابق أنه «وسط دعوات حظر الأسلحة، تظهر البيانات أن 99% من واردات الأسلحة الإسرائيلية تأتي من الولايات المتحدة وألمانيا».

واستشهدت الصحيفة بدراسة حديثة لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام تظهر أن «الأسلحة الأمريكية تشكل 69%، و30% أخرى تأتي من برلين، وأن جميع طائرات سلاح الجو الإسرائيلي مصنوعة في الولايات المتحدة، باستثناء طائرة هليكوبتر واحدة فرنسية الصنع».

ووسط عاصفة ردود الفعل على حزمة المساعدات العسكرية الأمريكية الأحدث لإسرائيل، تجنب بايدن الحديث عن الأمر، وكرر تصريحاته عن «العمل مع الشركاء لإقرار وقف فوري لإطلاق النار يستمر 6 أسابيع على الأقل وسنعمل من أجل أن يكون أكثر ديمومة».

وفي غضون ذلك، أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مغادرة وفدين إلى القاهرة والدوحة لاستئناف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى والمحتجزين بعد تزايد الانتقادات الموجهة لنتانياهو داخليا وخارجيا واتهامه بعرقلة المفاوضات.

وقال مكتب نتانياهو إنه صدق على عودة وفد الدوحة بقيادة رئيس الموساد ديفيد برنياع، وعلى توجه رئيس الشاباك رونين بار إلى مصر، وإنه تحدث مع برنياع وبار وأبلغهما موافقته على سفرهما خلال أيام.

ويرى مراقبون أن مثل هذه المفاوضات ربما أفرغت من مضمونها بعد قرار واشنطن تسليم تل أبيب حزمة مساعدات عسكرية جديدة دون أي التزام من جانب الأخيرة، ما فسره البعض على أنه ضوء أخضر للإقدام على اجتياح مدينة رفح تحت أي مسمى لتنفيذ رؤية نتانياهو بالقضاء على كتائب حركة حماس المتبقية هناك، بغض النظر عن ضربه عرض الحائط بقرار مجلس الأمن الأخير وتحذيرات دول عدة من مغبة هذه الخطوة وتداعياتها.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المساعدات العسکریة الولایات المتحدة إدارة بایدن

إقرأ أيضاً:

"اليونيسف": يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المواد الغذائية

أوضح جيمس إلدر الناطق باسم منظمة "اليونيسف" أن الوضع في غزة يتفاقم يوميا بسبب الحصار الإسرائيلي والهجمات المستمرة، قائلا "تدخل القنابل والصواريخ بكميات تفوق بكثير المواد الغذائية".

وأضاف إلدر، في تصريحات إعلامية اليوم الأحد، أن "العائلات الفلسطينية في القطاع تعاني الأمرين لتأمين وجبة يومية واحدة لأطفالها".

ووصف الحالة الإنسانية في القطاع بأنها "قاتمة ومروعة ومحطمة للآمال"، مشيرا إلى أن الآمال التي ولدت عقب الحديث عن وقف لإطلاق النار في غزة تحسنت قليلا، "حيث شهدت المنطقة تدفقا جزئيا للمساعدات وتحسنا محدودا في إمدادات المياه والغذاء.

وتابع "إلا أن هذا التفاؤل ما لبث أن تلاشى، بعدما واجه القطاع حصارا كارثيا للمساعدات".

ولفت أن "سكان غزة يعيشون ليال قاسية تحت القصف، ويقضون أيامهم وهم يهربون من الجوع والانفجارات"،

وأردف أن "العالم يبدو منشغلا فقط برؤية الجرحى والحديث عن المساعدات، متجاهلا العبء النفسي الهائل الذي يعيشه السكان، والواقع القاسي للعائلات التي تجبر على النزوح مرارا بعد فقدان كل شيء".

ولفت إلى أن العديد من الأسر تقيم في خيام منذ ستة أشهر، تحت نيران الدبابات، "ويجبرون الآن على الانتقال من جديد".

وأكد أن غزة "تعيش هذا المشهد المأساوي منذ أكثر من 600 يوم"، ومبينا أن الأمهات يقضين يومين من دون طعام ليتمكن من توفير وجبة واحدة لأطفالهن.

وبين أن تقدير أعداد الأطفال الذين يموتون جوعا يوميا أو أسبوعيا "أمر بالغ الصعوبة في مثل هذه الظروف"، لكنه شدد على أن الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية يموتون "لأسباب بسيطة كان يمكن علاجها بسهولة".

وأوضح أن "سوء التغذية الحاد يزيد احتمال وفاة الطفل بسبب أمور بسيطة بمقدار 10 مرات، هذه هي الحلقة المميتة التي تقتل الأطفال، نقص الغذاء، تلوث المياه، وانعدام الرعاية الصحية الأساسية".

وحذر من أن الوصول إلى المستشفيات لم يعد آمنا للأطفال المرضى أو الذين يعانون من سوء التغذية.

وأكد أن المستشفيات نفسها لا تتوفر فيها المستلزمات الطبية الأساسية.

وقال إلدار: "ربما تصل نسبة المساعدات الإنسانية إلى 10% فقط مما يحتاجه الناس فعلا".

ونوه إلى أنه خلال فترة وقف إطلاق النار، تمكنت الأمم المتحدة وشركاؤها الفلسطينيون من إنشاء 400 نقطة توزيع لتقديم المساعدات الإنسانية. مشيرا إلى أنهم استطاعوا عبر هذا النظام الوصول إلى المحتاجين "بشكل فعال".

وانتقد "النظام الجديد لتوزيع المساعدات الذي يتم فرضه حاليا في جنوب غزة من قبل "صندوق المساعدات الإنسانية لغزة" المدعوم من الولايات المتحدة و"إسرائيل".

ووصفه بأنه "عسكري الطابع" ويشمل فقط مواقع محدودة للتوزيع. وأضاف "هذا النظام يؤدي يوميا لسقوط ضحايا".

مقالات مشابهة

  • حماس تتهم الولايات المتحدة بدعم مصائد الموت للمساعدات في غزة
  • البيت الأبيض والبنتاجون ينفيان مشاركة الطائرات الأمريكية في ضرب إيران.. تقارير القناة الإسرائيلية "كاذبة"
  • الولايات المتحدة ترسل عشرات طائرات نقل الوقود عبر المحيط الأطلسي
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة الهلال
  • سفيرة المملكة لدى الولايات المتحدة الأمريكية تلتقي بعثة نادي الهلال
  • “اليونيسف”: ما يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المواد الغذائية
  • "اليونيسف": يدخل غزة من القنابل والصواريخ أكثر بكثير من المواد الغذائية
  • اليونيسيف تحذر من مجاعة كارثية: القنابل تتدفق في غزة أكثر من الغذاء
  • وزير الرياضة يشهد المباراة الافتتاحية لبطولة كأس العالم للأندية 2025 في الولايات المتحدة الأمريكية
  • هل تنضم الولايات المتحدة إلى مشاركة إسرائيل في هجماتها على إيران؟