أندريه ريمون.. مستشرق عاشق لتاريخ المدن العربية
تاريخ النشر: 31st, March 2024 GMT
فاطمة عطفة (أبوظبي)
أخبار ذات صلةيمتاز المستشرق الفرنسي أندريه ريمون (1925-2011) بمشاركته في المقاومة الوطنية للاحتلال النازي، خلال الحرب العالمية الثانية، وقد دفعه حبه للحرية وانتماؤه لليسار الفرنسي إلى الوقوف ضد الاستعمار في شمال أفريقيا والهند الصينية.
بدأ اهتمام هذا المستشرق بالإسلام واللغة العربية والمدينة العربية وأحوالها الاجتماعية في تونس، لكن تكليفه بالعمل في «المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية» بالقاهرة وتجربته الدراسية فيها جعل شغفه بأكبر عاصمة عربية يزداد يوماً بعد آخر، حيث كان يمضي نصف وقته في مطالعة أرشيف المحاكم الشرعية، ويمضي النصف الآخر متجولاً في الأحياء القديمة ليأخذ صورة ولو خيالية عن أحوال القاهرة في العصر العثماني، كما أن الآثار المملوكية اجتذبته وآثرت باهتمامه، وهو يكشف عن محبته لأبناء مصر في مقدمة كتابه «المدن العربية الكبرى في العهد العثماني»، إذ يقول: «إن هذا الكتاب سيساعدني على أداء جزء من دين قديم اقترضته من أهالي مدينة القاهرة، وذلك أثناء زيارات وجولات عديدة قمت بها في الأحياء القديمة. وخلال تلك الجولات نشأ شعور مودة متبادلة من خلال تساؤلات عن أسماء الأماكن التي أزورها»، مؤكداً أن جميع صفحات هذا الكتاب مهداة إلى القاهريين المتعطشين إلى معرفة تاريخهم، والذين أظهروا الود تجاه (الخواجة) المهتم بهذا المكان.
وفي القاهرة، اطلع أندريه ريمون على وثائق الحملة الفرنسية بقيادة نابليون على مصر، وبعد اطلاعه في ذلك الأرشيف على «قائمة بالطوائف المهنية في القاهرة سنة 1801»، وقد سجلت خصيصاً لسلطات الاحتلال الفرنسي، وفيها تعداد لمنظمات التجار والحرفيين في مدينة القاهرة سجلت لسلطات.
ومن مقالاته التاريخية رسالة مهمة كتبها عن طوائف الحرفيين في مصر باعتماده على تاريخ الجبرتي، وكان منهجه يرتكز على الربط بين العمل الأرشيفي، ودراسة العمران الأثري، وأولى اهتماماً كبيراً بالنيل، وأوضح دقة التنظيم في استجرار مياه النيل وتوزيعها بين حارات القاهرة، لافتاً إلى أهمية هذا التنظيم في تزويد السكان بالماء، بعيداً عن المشاكل التي تحدث عادة في حاجة الناس للماء.
وفي الندوة الدولية لألفية القاهرة، قدم مقالة مهمة عنوانها: «العمران المدني ومشاكل العمران في القاهرة». وكتب العديد من المقالات المتعلقة بدراسة تاريخ القاهرة في العصرين المملوكي والعثماني، ومنها: الحمامات العامة في القاهرة في نهاية القرن الثامن عشر، مساحة القاهرة وسكانها في مطلع القرن الخامس عشر، أسبلة القاهرة في العصر العثماني، جغرافية حارات القاهرة من القرن الخامس عشر. ومن أهم مؤلفاته التاريخية كتابه عن القاهرة، وقد تناول فيه تاريخ القاهرة منذ إنشاء الفسطاط وحتى نمو المدينة الحديثة، واتساعها في القرن العشرين. وكان حريصاً على إغناء دراساته باللوحات الفنية والصور الفوتوغرافية والخرائط التوضيحية. وكان آخر أعمال أندريه ريمون إصدار نشرة عن القاهرة، بالاشتراك مع صديقه الباحث المصري د. محمد عفيفي عن «التاريخ المسلسل في حوادث الزمان ووقايع الديوان» لإسماعيل الخشاب.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الثقافة الحرب العالمية الثانية فرنسا أفريقيا القاهرة فی فی القاهرة
إقرأ أيضاً:
الغاز الإفريقي في طريقه إلى أوروبا عبر المغرب: مشروع القرن يدخل مرحلة الحسم
يشهد مشروع أنبوب الغاز الرابط بين نيجيريا والمغرب، والذي يُعد من أبرز المشاريع الاستراتيجية في القارة الإفريقية، تطورات متسارعة بعد بلوغه مراحل متقدمة من الإعداد، وفق ما أعلنت عنه ليلى بنعلي، وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، خلال جلسة الأسئلة الشفوية بمجلس المستشارين.
وأكدت بنعلي أن المشروع عرف الانتهاء من دراسة الجدوى والدراسات الهندسية الأولية، إلى جانب تحديد المسار الأمثل لمرور الأنبوب، الذي من المنتظر أن يربط نيجيريا بالمغرب عبر عدة دول إفريقية، وصولاً إلى أوروبا، مما يعزز الأمن الطاقي في المنطقة ويكرّس التعاون جنوب-جنوب.
وأوضحت الوزيرة أن العمل على المشروع سيتم على مراحل، في إطار خطة متكاملة تراعي البعد التنموي والإقليمي، مضيفة أنه يتم حالياً التحضير لإحداث شركة ذات غرض خاص (SPV) بين المغرب ونيجيريا لتأمين الإشراف التقني والمالي على المشروع.
كما كشفت المسؤولة الحكومية أن القرار الاستثماري النهائي بشأن المشروع يُتوقع صدوره مع نهاية السنة الجارية، في خطوة حاسمة نحو الشروع في التنفيذ الميداني لهذا المشروع الضخم، الذي يحظى بدعم قوي من العديد من الشركاء الإقليميين والدوليين.
ويُرتقب أن يسهم أنبوب الغاز نيجيريا – المغرب في تعزيز التكامل الإقليمي، ودعم الانتقال الطاقي، وتوفير مصدر طاقة مستدام للبلدان الإفريقية والأوروبية على حد سواء، في سياق عالمي يتسم بتقلبات كبيرة في سوق الطاقة.