هل يصبح غاز إسرائيل فرس الرهان لتجنيب مصر انقطاعات كهرباء الصيف؟
تاريخ النشر: 2nd, April 2024 GMT
القاهرة – لا يزال شبح أزمة تكرار انقطاع الكهرباء في مصر لساعات طويلة مثلما حدث الصيف الماضي يلوح في الأفق، بسبب نقص الغاز الطبيعي الناجم عن تقادم الحقول وارتفاع درجات الحرارة فوق 40 درجة مئوية وزيادة الاستهلاك اليومي وتراجع الاكتشافات التعويضية الجديدة.
وغذت أزمة انقطاع التيار الكهربائي المتكرر على مستوى البلاد شعور الغضب لدى الشارع المصري، وتراجع الثقة في قدرة مصر على التحول إلى مركز إقليمي لتداول وتجارة الغاز دون الاعتماد على زيادة الواردات من الحقول الإسرائيلية لتفادي تكرار أزمتي نقص الغاز وتوقف التصدير.
واضطرت الحكومة المصرية بعد سنوات من الغاز الوفير وتحقيق الاكتفاء الذاتي عام 2018 وعودتها إلى خريطة التصدير العالمية مجددا بعد عقد صفقات لاستيراد الغاز من إسرائيل وصفت بـ"التاريخية"، إلى تبني سياسة ترشيد الاستهلاك، والعودة إلى استخدام المازوت في محطات الكهرباء مطلع العام الماضي.
لكن أزمة نقص العملة الأجنبية الحادة العام الماضي لعبت دورا كبيرا في نقص المازوت المستورد واللازم لتشغيل محطات الكهرباء وتعويض نقص الغاز الذي تم توجيه جزء منه للتصدير بغرض توفير العملة الصعبة، وظلت الأزمة على حالها.
كلمة السركانت بداية التعاون بين الدولتين هي بدء استقبال الغاز الطبيعي من إسرائيل في يناير/كانون الثاني 2020 بموجب واحدة من كبرى الصفقات التي وقعها البلدان لاستيراد 85 مليار متر مكعب من الغاز على مدى 15 عاما بنحو 19.5 مليار دولار، بحسب وزير الطاقة الإسرائيلي حينها يوفال شتاينتز.
وهو الاتفاق الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه "يوم عيد" لأنه سيدر مليارات الدولارات للخزينة الإسرائيلية.
وبمرور الوقت زادت شهية مصر للغاز الإسرائيلي الذي تقوم بتسييل كميات كبيرة منه بمحطتي إدكو ودمياط، الأكبر من نوعهما في المنطقة، على ساحل البحر المتوسط ومن ثم تصديره للخارج.
تراجعت صادرات مصر من الغاز الطبيعي بشكل كبير من نحو 8.4 مليارات دولار في عام 2022 إلى 2.5 مليار دولار في عام 2023، الذي شهد الربع الأخير منه اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتراجع واردات البلاد من الغاز الإسرائيلي إلى صفر قبل أن تعاود الصعود مجددا إلى مستويات ما قبل الحرب مؤخرا.
وبالتزامن، ومع تراجع الإنتاج المحلي إلى مستوى 5.4 و5.5 مليارات قدم مكعبة يوميا، أصبحت الكمية توجه بالكامل للاستهلاك المحلي من الغاز، وبالتحديد محطات الكهرباء التي تستحوذ على نحو 60% من استهلاك السوق، وفقا لوزارة البترول المصرية.
وعاد حجم الغاز الطبيعي المستخرج من الحقول والآبار إلى مستويات ما قبل إنتاج حقل "ظهر العملاق" في البحر المتوسط، وتراجع بنسبة 26% خلال العامين الماضيين وسط توقعات باستمرار الانخفاض في الحقل بنحو 14% إضافية خلال العام الجاري.
هبط إنتاج حقل ظهر، الأكبر في البلاد والذي يشكل نحو 40% من إنتاج مصر من الغاز، إلى نحو 2.1 مليار قدم مكعب يوميا وسط توقعات بهبوط الإنتاج إلى 1.6 قدم مكعب مقابل نحو 2.74 مليار قدم مكعب يوميا عام 2021.
أسباب كامنة وطارئةوتكمن 3 أسباب وراء تراجع صادرات مصر من الغاز وظهور أزمة انقطاع الكهرباء، وفق خبراء ومختصصين في مجال الطاقة تحدثوا إلى الجزيرة نت وهي:
تراجع الإنتاج من الحقول بسبب مشاكل فنية في حقل ظهر العملاق. زيادة الاستهلاك المحلي نتيجة الارتفاع الكبير في درجات الحرارة. عزوف الشركات الأجنبية عن اكتشاف حقول جديدة بعد تراكم مستحقات غير مسددة بمليارات الدولارات.وتبدو ملامح خطة مصر لتجاوز تلك العقبات، بحسب هؤلاء الخبراء في 3 مسارات كذلك، وهي:
زيادة وارداتها من الغاز الإسرائيلي واستيراد الغاز المسال. بدء سداد مستحقات الشركات الأجنبية وزيادة الاستثمارات في قطاع البترول والغاز بغرض زيادة الاستكشافات وطرح المزيد من المزايدات العالمية. زيادة مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة في توليد الكهرباء.وعزا أستاذ هندسة الطاقة والبترول رمضان أبو العلا التراجع في إنتاج مصر من الغاز الطبيعي "إلى عاملين، هما أمور فنية ناجمة عن الضغط على الحقول بغرض تعظيم الإنتاج، وزيادة الاستهلاك"، مشيرا إلى أن "أي احتياطي إستراتيجي عندما يتم استهلاكه بسبب زيادة معدلات الإنتاج يقل عمره الافتراضي".
ومن أجل تجاوز هذا التراجع، أوضح في تصريحات للجزيرة نت أن الحكومة المصرية تعمل على جذب استثمارات أجنبية جديدة في مجال التنقيب عن الغاز وتطوير الحقول القائمة لزيادة الاحتياطي الإستراتيجي وكذلك زيادة الإنتاج اليومي.
وأوضح أبو العلا أن واردات مصر من الغاز الطبيعي من إسرائيل زادت في الآونة الأخيرة بغرض استخدامها في السوق المحلي من جهة، وتصديرها إلى الخارج عبر تسييلها في محطتي الإسالة إدكو ودمياط من جهة أخرى.
وردا على التقارير التي تتحدث عن خطط الحكومة المصرية لاستيراد شحنات إضافية من الغاز الطبيعي إلى جانب الواردات من إسرائيل، أكد أنها مسألة تجارية بحتة تخضع لعمليات حسابية ومواجهة أي نقص في إنتاج الغاز.
توقع خبير اقتصادات النفط والطاقة نهاد إسماعيل أن تحتاج مصر إلى مزيد من الوقت من أجل زيادة الإنتاج خاصة أن ثمة اتفاقيات واستثمارات كثيرة في مجال التنقيب عن الغاز مع الشركاء الأجانب لتلبية الطلب المحلي المتزايد والبقاء على خريطة التصدير، لكنها تأثرت بأزمة النقد الأجنبي والمستحقات المتأخرة لدى شركات البترول.
وأضاف، في حديثه للجزيرة نت، أن مصر سوف تزيد وارداتها من الغاز الطبيعي من إسرائيل من أجل تغطية الطلب المحلي المتزايد، وفي إطار مساعيها للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة الغاز في المنطقة.
وأشار الخبير إلى أن إيرادات مصر من صادرات الغاز الطبيعي حفزتها على زيادة البحث والتنقيب وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وطرح المزايدات العالمية حتى أصبحت في المركز 14 عالميا في إنتاج الغاز والخامس إقليميا والثاني أفريقيا عام 2020.
مديونيات كبيرة
قفزت مديونية الشركاء الأجانب في قطاع البترول نحو 6.5 مليارات دولار بعد أقل من 3 سنوات من تراجعها إلى 845 مليون دولار فقط في حزيران/يونيو 2021.
مع تحسن السيولة الدولارية في البلاد مؤخرا، بدأت الحكومة المصرية سداد مستحقات الشركاء الأجانب بإجمالي نحو 20% من المتأخرات.
كما تستهدف 7.5 مليارات دولار استثمارات أجنبية في صناعة الغاز والبترول العام المالي المقبل، وزيادة مساهمة الطاقات الجديدة والمتجددة إلى 42% بحلول عام 2035.
وبالفعل عاد إنتاج مصر من الغاز إلى الارتفاع خلال يناير/كانون الثاني الماضي بشكل طفيف مع تحقيق بعض الاكتشافات العام الماضي.
وزاد على أساس شهري إلى 4.651 مليارات متر مكعب (5.4 مليارات قدم مكعب يوميا)، ولكنه يظل أقل من متوسط الإنتاج في الشهر المقابل من عام 2023، والذي بلغ 5.47 مليارات متر مكعب (6.3 مليارات قدم مكعب يوميا)، بحسب إحصاءات مبادرة بيانات المنظمات المشتركة "جودي".
يبلغ متوسط الاستهلاك المحلي اليومي من الغاز الطبيعي نحو 5.9 مليارات قدم مكعب يوميا تشمل 57% لقطاع الكهرباء و25% لقطاع الصناعة و10% لقطاع البترول ومشتقات الغاز و6% لقطاع المنازل و2% لوقود السيارات، وفقا لوزارة البترول المصرية.
ووفق موقع "ميدل إيست إيكونوكيك سرفي" المتخصص في شؤون الطاقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تستعد القاهرة لمواجهة نقص الغاز الطبيعي مع استمرار انخفاض الإنتاج واقتراب الاستهلاك من الذروة باستيراد الغاز المسال مرة أخرى هذا الصيف لتجنب أزمة انقطاع التيار الكهربائي.
ويشير التقرير إلى أن مصر تقترب من الانزلاق إلى عجز في الغاز، على الرغم من ارتفاع وارداتها من إسرائيل إلى نحو مليار قدم مكعب.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات من الغاز الطبیعی الحکومة المصریة ملیار قدم مکعب قدم مکعب یومیا مصر من الغاز من إسرائیل نقص الغاز
إقرأ أيضاً:
هل يصمد النفط الأميركي في مواجهة زيادة إنتاج أوبك+؟
الاقتصاد نيوز - متابعة
خطط أوبك+ لزيادة إنتاج النفط تهدف إلى مواجهة إنتاج النفط الصخري الأميركي، إذ أتاحت التطورات التكنولوجية وعمليات الحفر لشركات النفط الصخري الأميركية خفض التكاليف والمنافسة بأسعار أقل، وفي السنوات التالية انتزاع حصة سوقية من المجموعة المكونة من 12 عضواً.
حرب أسعار النفط
إلا أن إنتاج النفط في الولايات المتحدة بات اليوم أكثر عرضة لحرب أسعار، إذ شهدت شركات النفط الصخري الأميركية ارتفاعاً في التكاليف خلال السنوات الثلاث الماضية، في وقت تراجعت فيه عائداتها نتيجة انخفاض أسعار النفط العالمية، وهو انخفاض يرتبط جزئياً بالتداعيات الاقتصادية الناتجة عن السياسات الجمركية التي ينتهجها الرئيس دونالد ترامب.
وتحدثت «رويترز» إلى عشرة مندوبين في «أوبك+» ومصادر في القطاع الصناعي أُحيطت علماً باستراتيجية الإنتاج من قبل السعودية أو روسيا. ووفقاً لأربعة من هؤلاء العشرة، فإن استعادة جزء من الحصة السوقية كانت من دوافع القرار الصادر في الثالث من مايو أيار بالإسراع في زيادة الإنتاج بوتيرة أسرع من الخطة السابقة، رغم أن أياً منهم لم يصف هذه الاستراتيجية بأنها تمثل حرب أسعار حتى الآن.
زيادة إنتاج أوبك النفطي
أشارت «أوبك+»، التي تضم أعضاء منظمة أوبك ومنتجين آخرين مثل روسيا وقازاخستان، إلى «أساسيات السوق الصحية الحالية، كما يتضح من انخفاض مخزونات النفط»، كمبرر لقرارها بشأن زيادة الإنتاج.
لكن هذه الزيادات في إنتاج «أوبك+» تتزامن أيضاً مع استنفاد أفضل مناطق النفط الصخري في أكبر حقل نفطي في الولايات المتحدة، وهو حوض بيرميان، مما اضطر المنتجين إلى التوجّه نحو مناطق ثانوية، حيث ترتفع تكاليف الإنتاج. وقد أسهم التضخم في زيادة هذه التكاليف أيضاً.
أظهرت نتائج مسح أجراه «الفدرالي» في دالاس خلال الربع الأول من العام، وشمل أكثر من 100 شركة نفط وغاز في ولايات تكساس ونيو مكسيكو ولويزيانا، أن منتجي النفط الصخري في أميركا يحتاجون حالياً إلى سعر يبلغ في المتوسط 65 دولاراً للبرميل لتحقيق جدوى اقتصادية في عمليات الحفر.
وفي المقابل، قدّر محللون تكلفة إنتاج النفط في السعودية بين 3 و5 دولارات للبرميل، بينما تتراوح تكلفة الإنتاج في روسيا بين 10 و20 دولاراً.
المنتج الأخير الصامد
كانت «أوبك» تسيطر على أكثر من نصف إنتاج النفط العالمي، إلا أن حصتها السوقية تراجعت خلال السنوات الأخيرة، من نحو 40% قبل عقد إلى أقل من 25% هذا العام، وفقاً لبيانات المنظمة، في حين ارتفعت حصة الولايات المتحدة من 14% إلى 20%.
وبالتحالف مع المنتجين من خارج المنظمة، تنتج «أوبك+» حالياً نحو 48% من النفط العالمي.
وبعد أن خفّضت «أوبك+» إنتاجها بنحو 5.85 ملايين برميل يومياً، أي ما يعادل 5% من الطلب العالمي، خلال السنوات الخمس الماضية لتحقيق التوازن في السوق وسط ارتفاع إنتاج النفط الصخري الأميركي، بدأت المجموعة حالياً زيادة إنتاجها مجدداً.
وقال مصدر روسي رفيع المستوى: «المصدر الرئيسي لاختلال التوازن في سوق النفط هو النمو في إنتاج النفط الصخري الأميركي»، مضيفاً أن بقاء سعر النفط دون 60 دولاراً للبرميل –وهو الحد الأقصى الذي فرضته دول مجموعة السبع على النفط الروسي بسبب الحرب في أوكرانيا– قد يسهل عملية التصدير، وربما يكون مناسباً لموسكو.
الجميع يتألّم
انخفض سعر خام برنت، المعيار العالمي للنفط، إلى أدنى مستوى له منذ أربع سنوات عند نحو 58 دولاراً للبرميل في أبريل نيسان، بعد أن ظل يتداول العام الماضي ضمن نطاق ضيق يتراوح بين 70 و80 دولاراً، متأثراً بزيادة إنتاج «أوبك+» والمخاوف حيال الاقتصاد العالمي.
ووصف لينخوا غوان، الرئيس التنفيذي لشركة «سيرج إنيرجي أميركا» –وهي من أكبر شركات إنتاج النفط الخاصة في الولايات المتحدة والعاملة في حوض برميان– توقيت هذا الانخفاض في الأسعار بأنه «الأسوأ على الإطلاق» بالنسبة للمنتجين الأميركيين.
ليصلك المزيد من الأخبار اشترك بقناتنا على التيليكرام