يحاول عمالقة التكنولوجيا الحصول على قطعة من كعكة الذكاء الاصطناعي، ولكن الحافز الأكبر لهذا السباق كما يرى الخبراء هو ظاهرة "الفومو"، بحسب تقرير لوكالة "سي إن بي سي".

وظاهرة الفومو (FOMO) هي اختصار لجملة (Fear of missing out)، أي الخوف من تفويت الفرصة، أو الخوف من الفوات. وعلى الرغم من كونها ظاهرة نفسية قديمة ومعروفة، فإن المصطلح انتشر انتشارا واسعا بداية من عام 2004.

وفي نهاية شهر مارس/آذار الماضي، أعلنت أمازون عن أكبر استثمار خارجي في تاريخها الممتد على مدار 3 عقود، وذلك في إطار سعيها لاكتساب أفضلية في سباق الذكاء الاصطناعي.

وأوضحت الشركة التقنية العملاقة أنها ستنفق 2.75 مليار دولار أخرى لدعم الشركة الناشئة "أنثروبيك" التي يعتبرها البعض المنافس الأقوى لشركة أوبن إيه آي، وتطور أنثروبيك نموذجها التأسيسي للذكاء الاصطناعي الذي يدعم روبوت المحادثة "كلود" (Claud)، الذي أطلقت نسخته الثالثة مطلع مارس/آذار.

استثمار أمازون الضخم لم يكن حدثا فريدا من نوعه خلال الفترة الحالية، بل يمكن اعتباره جزءًا من توجه مستمر داخل صناعة التقنية، لأن شركات التقنية العملاقة توقفت عن عمليات الاستحواذ على الشركات الناشئة، بسبب قضايا الاحتكار واتجهت إلى الاستثمار في تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي.

دخلت هذه الشركات العملاقة إلى المجال بكل قوة؛ أمازون من خلال استثمارها في أنثروبيك، ومايكروسوفت بدعمها لأوبن إيه آي، وغوغل بتطوير نماذجها الخاصة، وكذلك شركة ميتا، وأخيرًا آبل التي تبحث عن التعاون مع غوغل لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها.

تتسابق هذه الشركات لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في محافظها الضخمة من المنتجات والميزات لتضمن عدم تخلفها عن اللحاق بتلك السوق، التي من المتوقع أن تصل إيراداتها إلى 1.3 تريليون دولار بحلول عام 2032 وفقًا لتقديرات وكالة بلومبيرغ.

مايكروسوفت بدعمها لأوبن إيه آي من أوائل المستثمرين في الذكاء الاصطناعي، وآبل تسعى لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في منتجاتها (رويترز) ارتفاع هائل في الاستثمارات

وفقًا لشركة تحليل البيانات المالية "بيتشبوك" (PitchBook)، ضخ المستثمرون وشركات التقنية نفسها إجمالي 29.1 مليار دولار في نحو 700 صفقة خاصة بالذكاء الاصطناعي التوليدي خلال عام 2023، بنسبة أكثر من 260% مقارنة بالعام السابق.

وهو ما أشار له رئيس قسم أبحاث الذكاء الاصطناعي والبرمجيات في شركة "ماكواير" (Macquarie)، فريد هافماير، في حديثه مع شبكة "سي إن بي سي"، إلى أن الخوف من تفويت الفرصة، أو ما يُعرف باسم ظاهرة الـ"فومو"(FOMO) هو الدافع الأساسي وراء تلك القرارات.

وفي حالة الذكاء الاصطناعي تحديدًا، فإن الاستثمارات الضخمة ضرورية لأن تلك النماذج باهظة الثمن في تصميمها وتدريبها، إذ تتطلب آلاف الشرائح المتخصصة التي تنتجها شركة إنفيديا بصورة حصرية حتى الآن.

فمثلًا أعلنت شركة ميتا التي تطور نموذجها الخاص المسمى "لاما" (Llama)، أنها تنفق المليارات على وحدات معالجة الرسوميات من شركة إنفيديا، وهي واحدة من ضمن عدّة شركات كبرى ساعدت إنفيديا على تضخم إيراداتها السنوية بأكثر من 250%.

وفي الصفقة الأخيرة بين أمازون وأنثروبيك، ذكرت الشركتان عدّة إستراتيجيات للعمل معًا، ومنها استخدام أنثروبيك للخدمات السحابية "أمازون ويب سيرفيسز" (AWS) لتلبية احتياجاتها بالإضافة إلى الاستفادة من رقائق المعالجة التي تصنّعها أمازون. وفي المقابل ستوزع أمازون نماذج الذكاء الاصطناعي التي تطورها أنثروبيك على عملاء خدمة "أمازون ويب سيرفيسز".

بينما بدأت مايكروسوفت السباق مبكرًا بمجال الذكاء الاصطناعي التوليدي عبر الاستثمار في شركة "أوبن إيه آي" في عام 2019 بنحو مليار دولار. ثم تضخم حجم استثماراتها حتى الآن ليصل إلى نحو 13 مليار دولار. وتعتمد بكثافة على نموذج أوبن إيه آي كما تقدم نماذج مفتوحة المصدر على خدمتها السحابية "آزور" (Azure).

على الجانب الآخر، تؤدي شركة ألفابت، الشركة الأم لغوغل، دور المطور والمستثمر؛ أعادت الشركة تركيز الكثير من عمليات تطوير منتجاتها على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وخاصة على نموذجها الأقوى "جيمناي" (Gemini)، مضيفةً ميزات جديدة في خدمات البحث والخرائط وغيرها.

وفي العام الماضي، التزمت غوغل باستثمار ملياري دولار في شركة أنثروبيك أيضًا، بعد تأكيدها السابق لاستحواذها على حصة 10% من الشركة الناشئة، إلى جانب اتفاقية كبيرة بينهما للاستفادة من الخدمات السحابية.

شركات التقنية العملاقة لا تضخ كل تلك الأموال لمجرد المشاركة في "دورة الضجيج" وهو مصطلح يعبر عن اتجاه لفترة مؤقتة (مواقع التواصل الاجتماعي) تشكيل ملامح المستقبل!

ما يؤكده هافماير أن شركات التقنية العملاقة لا تضخ كل تلك الأموال لمجرد المشاركة في "دورة الضجيج" (hype cycle)، أي أن تلك التقنيات الجديدة تحظى بشعبية هائلة مؤقتة، فالاستثمارات الحالية في تقنيات الذكاء الاصطناعي تتوافق مع خارطة منتجات تطورها شركات التقنية العملاقة.

وفي آخر مكالمات لتوزيع الأرباح الفصلية، أكد المديرون التنفيذيون في تلك الشركات تركيزهم على الذكاء الاصطناعي التوليدي، وأوضحوا للمستثمرين أن عليهم إنفاق الأموال لجني الأرباح، وذلك إما على التطوير تلك النماذج داخليًا أو عبر الاستثمار في الشركات الناشئة.

وفي العام الماضي، صرحت المديرة المالية لشركة مايكروسوفت، إيمي هود، بأن الشركة تعمل على "تنظيم قوتها العاملة نحو التركيز على الذكاء الاصطناعي أولاً دون إضافة عدد فعلي من الأشخاص إلى إجمالي العاملين".

كما أشارت هود إلى أن مايكروسوفت ستواصل اعتبار الاستثمار في الذكاء الاصطناعي أولوية، إذ هو "العنصر الذي سيشكّل ملامح العقد المقبل".

كما أوضح قادة شركات غوغل وآبل وأمازون للمستثمرين أنهم على استعداد لخفض التكاليف بصورة عامة في مختلف الأقسام بهدف إعادة توجيه مزيد من الأموال نحو تعزيز جهودهم في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبالطبع، إذا كان الذكاء الاصطناعي هو التقنية التي ستشكّل ملامح العقد المقبل، فإن شركات التقنية العملاقة، بكل هذه الاستثمارات الضخمة، تهدف كالعادة -وعلى طريقتها الخاصة- إلى تشكيل هذا المستقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ ترجمات حريات الذکاء الاصطناعی التولیدی تقنیات الذکاء الاصطناعی الاستثمار فی ملیار دولار إیه آی

إقرأ أيضاً:

Cairo ICT 2025 ينطلق تحت شعار "الذكاء الاصطناعي في كل مكان" بمشاركة 500 عارض

أعلن معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا  Cairo ICTعن اطلاق فعاليات نسخته التاسعة والعشرين خلال الفترة من 16 إلى 19 نوفمبر الجاري، برعاية الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتحت شعار AI Everywhere الذكاء الاصطناعي في كل مكان، بمركز مصر للمعارض الدولية بالقاهرة الجديدة، وبمشاركة أكثر من 500 عارض، ونخبة من الوزارات والهيئات والمؤسسات الحكومية.
يجمع 2025Cairo ICT تحت مظلته 5 فعاليات متخصصة تشمل انعقاد الدورة الثانية عشر للمعرض والمؤتمر الدولي للمدفوعات الرقمية والشمول المالي PAFIX تحت رعاية البنك المركزي المصري، والمعرض والمؤتمر الدولي للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات  والحوسبة السحابية AIDC في انعقاده الثاني تحت رعاية وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج، بالإضافة إلى معرض ومؤتمر الشباب وتكنولوجيا الترفيه Connecta في انعقاده الخامس، إلى جانب Innovation Arena  للإبداع، وفعاليات Cyber Zone للأمن السيبراني لأول مرة في موقعين داخل المعرض.
وتشارك في معرض Cairo ICT2025، وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، والبنك المركزي المصري، والهيئة العامة للرقابة المالية، والجهاز القومي لتنظيم الاتصالات NTRA، وهيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلوماتITEDA ، والبريد المصري، والهيئة العربية للتصنيع، كما يشارك جهاز مستقبل مصر تحت لقب "ضيف الشرف" ليطرح رؤيته حول التحول الرقمي ومراكز البيانات والذكاء الاصطناعي.
ويقدّم معرض Cairo ICT2025 في نسخته الجديدة جلسات تفاعلية وعروضًا تطبيقية تواكب التطورات في الذكاء الاصطناعي، وإنترنت الأشياء، وتقنيات الجيل الخامس، والأمن السيبراني، والمدن الذكية، وتكنولوجيا التعليم بمشاركة جناح كامل لوزارة التربية والتعليم، بالإضافة إلى مجالات الحوسبة السحابية، والتكنولوجيا المالية، والتقنيات الخضراء، والهوية الرقمية eKYC.
قال أسامة كمال رئيس مجلس إدارة شركة تريد فيرز انترناشيونال، المنظمة لمعرض ومؤتمر Cairo ICT، إن النسخة التاسعة والعشرين من 2025Cairo ICT تجمع خبرات العقود الماضية وتواكب تطوارت التكنولوجيا العالمية على كافة المستويات بما يشمل جميع القطاعات الأخرى التي باتت أكثر احتياجاً للتحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، كما يواصل Cairo ICT رسم وصياغة المستقبل التكنولوجي في مصر والشرق الأوسط وأفريقيا.
وأضاف أن المعرض ينطلق هذا العام تحت شعار الذكاء الاصطناعي في كل مكان "AI Everywhere"، حيث إن الدور المحوري الذي يقوده معرض Cairo ICT في قطاع الاتصالات على مدار نحو 3 عقود لم يعد يقتصر على التأثير المباشر في تنمية القطاع فحسب بل أصبح يمتد بتأثيره ودعمه إلى كافة القطاعات الاقتصادية الأخرى التي تشهد طفرات هائلة في التحول الرقمي والدمج التكنولوجي لكافة عملياتها اعتماداً على الذكاء الاصطناعي، ومن ثم أصبح معرض Cairo ICT يقود نحو دعم وتحفيز الاقتصاد الحديث بالكامل.
وأعرب أسامة كمال عن سعادته بحصول معرض Cario ICT على جائزة المعرض الأكثر تأثيراً في مجال التكنولوجيا والابتكار بالشرق الأوسط وأفريقيا، ضمن جوائز Global brand Awards  العالمية وذلك للمرة الثانية في تاريخه بعد فوزه الأول في عام 2022، ويأتي هذا الفوز بدعم الشركاء ودعم الإعلام ودعم فخامة رئيس الجمهورية الرئيس عبد الفتاح السيسي حتى أصبح معرض Cairo ICT هو الأكثر تأثيراً في الشرق الأوسط وأفريقيا.
وينعقد معرض ومؤتمر Cario ICT2025 برعاية كل من شركة دل تكنولوجيز ومجموعة إي فاينانس للاستثمارات المالية والرقمية، و شركة WB Engineers+Consultants ، والبنك التجاري الدولي مصر CIB، وشركة هواوى، وشركة اورنچ مصر، وشركة مصر للطيران، بالإضافة إلى رعاية إيجيبت تراست  وماستر كارد، وشركة ميدار، وشركة فورتينت.
كما تضم قائمة الرعاة كل من شركة سيلزفورس، ومجموعة بنية، وشركة خزنة، والبنك الأهلى المصرى، والبنك العربى الأفريقى الدولى، وبنك الإسكندرية، ومجموعة شاكر، وشركة ICT Misr و IoT Misr، ونتورك انترناشيونال، وشركة Meinhardt .

مقالات مشابهة

  • سناب شات تدمج الذكاء الاصطناعي من بيربليكستي في منصتها
  • "سيري".. نسخة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي من "غوغل"
  • Cairo ICT 2025 ينطلق تحت شعار "الذكاء الاصطناعي في كل مكان" بمشاركة 500 عارض
  • إنفيديا ملكة رقائق الذكاء الاصطناعي.. هل يمكنها الحفاظ على عرشها؟
  • "نماء لخدمات المياه" تتعاون مع شركة إسبانية للارتقاء بالإدارة المائية عبر الذكاء الاصطناعي
  • «الشؤون الإسلامية» تدمج الذكاء الاصطناعي والإرشاد المباشر لخدمة المعتمرين
  • من التنبؤ إلى الرصد.. خوارزميات الذكاء الاصطناعي في خدمة الطقس
  • لماذا ارتبط مفهوم الذكاء الاصطناعي العام بالأسلحة منذ ولادته؟
  • لدعم التعليم.. شركة أنثروبيك ستقدم برامج الذكاء الاصطناعي للأساتذة في آيسلندا
  • لتعزيز الذكاء الاصطناعي.. OpenAI توقع صفقة تاريخية بـ 38 مليار دولار مع أمازون