جامعة الدول العربية: اجتياح رفح اعتداء على الأمن القومي العربي بمجمله
تاريخ النشر: 3rd, April 2024 GMT
أكد مجلس جامعة الدول العربية أن اجتياح رفح سيعتبر اعتداء على الأمن القومي العربي بمجمله.
وأصدرت جامعة الدول العربية، اليوم الأربعاء، بيانًا ختاميًا بشأن اجتماعها المنعقد في دورة غير عادية على مستوى المندوبين الدائمين برئاسة الجمهورية الإسلامية الموريتانية بتاريخ 2024/4/3، بناء على طلب من دولة فلسطين وتأييد الدول الأعضاء.
وأكد الاجتماع في بيانه على جميع قراراته السابقة بشأن القضية الفلسطينية، باعتبارها القضية المركزية للأمة العربية، بما يشمل دعم الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع ضد الاحتلال الإسرائيلي، وحقه في العودة وتقرير المصير وتجسيد استقلال دولة فلسطين على خطوط 1967/6/4 وعاصمتها القدس.
وقرر المجلس بعد استماعه الى مداخلات رؤساء الوفود والأمين العام، ما يلي:
1- اعتبار أن استمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما يشمل قتلهم وتجويعهم وتهجيرهم، على الرغم من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والأمرين الصادرين عن محكمة العدل الدولية لمنع جريمة الإبادة الجماعية، يستوجب تفعيل مواد الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، على أساس أن الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، هي من أعمال العدوان التي تشكل تهديداً واضحاً وبالغاً ومتفاقماً للسلم والأمن الدوليين.
2- دعوة مجلس الأمن لاتخاذ قرار تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، يضمن امتثال إسرائيل «القوة القائمة بالاحتلال» لوقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية، ويجبرها على وقف عدوانها ضد الشعب الفلسطيني وتوفير الحماية له، وفق الآليات الإلزامية التي يوفرها الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، لضمان انصياعها لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، والقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني، والأمرين الصادرين عن محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية.
3- التحذير من العواقب الكارثية لتنفيذ التهديدات العدوانية الإسرائيلية باجتياح وتدمير مدينة رفح الفلسطينية التي تؤوي أكثر من 1.5 مليون مواطن ونازح فلسطيني، وما سينتج عن ذلك من مجازر وحشية وتهجيرهم قسري للمواطنين الفلسطينيين إلى خارج الأرض الفلسطينية المحتلة، الأمر الذي يُعتبر اعتداًء على الأمن القومي العربي بمجمله، وسيؤدي إلى انهيار فرص السلام وتوسع وتفاقم الصراع في المنطقة.
4- إدانة تصدير الأسلحة والذخائر لإسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، والتي تستخدمها في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية وقتل المدنيين الفلسطينيين وتدمير بيوتهم ومستشفياتهم ومدارسهم وجامعاتهم ومساجدهم وكنائسهم وبنيتهم التحتية وجميع مقدراتهم، واعتبار أن استمرار تصدير هذه الأسلحة والذخائر لإسرائيل شراكة معها في عدوانها على الشعب الفلسطيني.
5- الإدانة الشديدة لاستمرار إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني بمختلف الأشكال الإجرامية، بما فيها إخضاع المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة للمجاعة بقصد قتلهم، والتدمير الممنهج للمستشفيات والمنظومة الصحية والغذائية في قطاع غزة.
6- إدانة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لرفضها الانصياع إلى قرار مجلس الأمن رقم 2728؛ الذي يطالب، ضمن أمور أخرى، بوقف فوري لإطلاق النار في شهر رمضان، وقراري مجلس الأمن 2712 و2720 اللذين طالبا، ضمن أمور أخرى، بالسماح فورًا بإيصال المساعدات الإنسانية إلى جميع أنحاء قطاع غزة بشكل موسع وآمن ودون عوائق.
7- إدانة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، لعدم التزامها بالتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية، في الأمرين الصادرين عنها بتاريخ 2024/1/26 وتاريخ ،2024/3/28 لوقف قتل المدنيين الفلسطينيين وإيذائهم بصفتهم مجموعة محمية باتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وتوفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية دون عوائق في جميع أنحاء قطاع غزة، بهدف منع جريمة الإبادة الجماعية، وفي ضوء انتشار المجاعة في قطاع غزة.
8- الإدانة الشديدة للجرائم الإسرائيلية واسعة النطاق ضد الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس الشرقية، والتي تستهدف التدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وبنيتها التحتية بقصد إعادة تهجيرهم وطمس قضيتهم، وكذلك الاقتحامات اليومية لعشرات المدن والقرى والمخيمات الفلسطينية، وإرهاب المستوطنين الإسرائيليين، وقتل وإصابة مئات المواطنين الفلسطينيين، وهدم المنازل وحرق وتخريب المزارع والممتلكات، واعتقال آلاف الفلسطينيين في ظروف غير إنسانية.
9- إدانة الاعتداءات العسكرية الإسرائيلية المتواصلة على جنوب لبنان، والتي تسببت باستشهاد المدنيين من أطفال ونساء ومسنين وصحفيين ومسعفين، إضافة إلى استهداف مراكز الجيش اللبناني، ووصلت إلى عمق الأراضي اللبنانية، وضرورة ممارسة الضغوط الدولية للجم النوايا الإسرائيلية العدوانية المعلنة بشن حرب واسعة على لبنان وإعادته إلى «العصر الحجري»، ولحمل إسرائيل على إنهاء احتلالها للأراضي اللبنانية المتبقية في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وخراج بلدة الماري، والانسحاب إلى ما وراء الحدود المعترف بها دولياً، ووقف الخروقات لسيادة لبنان براً وجواً وبحراً.
10- التحذير من خطورة الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على أراضي الجمهورية العربية السورية، وآخرها الاعتداء الذي استهدف مقر القنصلية الإيرانية بتاريخ 1 إبريل 2024 في انتهاك سافر لسيادة الجمهورية العربية السورية وسالمة أراضيها، ولقواعد القانون الدولي، واتفاقيتي فيينا للعلاقات الدبلوماسية لعام1961 والعلاقات القنصلية لعام 1963، والتأكيد على الوقوف إلى جانب الجمهورية العربية السورية في ممارسة حقها في الدفاع عن أرضها وشعبها.
11- الإدانة الشديدة لاستهداف قوات الاحتلال الإسرائيلي قافلة منظمة المطبخ المركزي العالمي في قطاع غزة، رغم التنسيق المسبق مع الجانب الإسرائيلي، وتحميل إسرائيل كامل مسؤولية هذا التطور الخطير الذي يؤكد أن هذا هو نهج جيش الاحتلال الإسرائيلي الذي تسبب في مصرع عشرات من الموظفين الأمميين والعاملين بالإغاثة والصحفيين والأطقم الطبية.
12- التأكيد على تنفيذ قرار القمة العربية الإسلامية المشتركة (الرياض 2023) لكسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، وفرض إدخال قوافل مساعدات إنسانية عربية وإسلامية ودولية، براً وبحراً وجوا، تشمل الغذاء والدواء والوقود، إلى كامل القطاع، شماله وجنوبه، بشكل فوري، ودعوة المنظمات الدولية ذات الصلة إلى المشاركة في كسر الحصار، وتأكيد ضرورة دخول هذه المنظمات إلى القطاع، وحماية طواقمها وتمكينها من القيام بدورها بشكل كامل.
13- دعوة الدول الأعضاء لمباشرة تنفيذ ما جاء في قرار الدورة 161 لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري رقم 8994 بشأن دعوة الدول الأعضاء إلى وضع قائمة المنظمات والمجموعات الإسرائيلية المتطرفة التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك والمرتبطة بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي، على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، والإعلان عن قائمة العار للشخصيات الإسرائيلية التي تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني، تمهيدا لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدها، ومقاطعة جميع الشركات العاملة في المستوطنات الاستعمارية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة عام 1967.
14- حث المجتمع الدولي، لاسيما الدول التي تدعم إسرائيل بالسلاح، إلى تحمل مسؤولياتها في إعادة الإعمار، وكذلك إنشاء صندوق دولي لرعاية قرابة 17 ألف طفل من الأيتام، وتقديم الدعم الطبي والنفسي للأطفال مبتوري الأطراف في أقرب الآجال.
15- دعم وتثمين جهود الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية العضو العربي في مجلس الأمن، والجهود الدولية الأخرى، الرامية إلى حل الصراع في المنطقة على أساس المرجعيات الدولية المعتمدة، وحصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
16- دعم الجهود المشتركة المصرية القطرية الرامية إلى التوصل الي وقف إطلاق نار دائم، وإعادة الحياة الى طبيعتها في قطاع غزة.
17- تثمين التوجهات المتنامية بين دول الاتحاد الأوروبي للاعتراف بدولة فلسطين، ودعوة دول
الاتحاد الأوروبي التي لم تعترف بعد بدولة فلسطين إلى مباشرة الاعتراف بها، وكذلك دعوة الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة إلى الاعتراف بدولة فلسطين، بصفة ذلك حق مشروع للشعب الفلسطيني، ورافعة للسلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.
18- دعوة جميع الدول والبرلمانات ومنظمات المجتمع المدني والنقابات والاتحادات المعنية بحقوق الإنسان والقانون الدولي، وكذلك دعوة مجلس حقوق الإنسان إلى التحرك العاجل ضمن آليات العدالة الدولية والوطنية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين عن جرائمهم الوحشية المرتكبة بحق المدنيين والأطفال والنساء الفلسطينيين والأعيان المحمية، بما في ذلك في إطار محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية والمحاكم الوطنية ذات الاختصاص العالمي؛ ودعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى إدراج إسرائيل في القائمة السوداء للأطراف المنتهكة لحقوق الأطفال، في ضوء استشهاد أكثر من 14 ألف طفل فلسطيني على يد جيش الاحتلال الإسرائيلي.
19- يستذكر المجلس قرار القمة العربية والإسلامية المشتركة غير العادية التي عقدت في الرياض في 2023/11/11 بشأن دعم كل ما تتخذه جمهورية مصر العربية من خطوات لمواجهة تبعات العدوان الإسرائيلي الغاشم على غزة، وإسناد جهودها لإدخال المساعدات إلى القطاع بشكل فوري ومستدام وكاف، ويعرب عن تأييده للخطوات التي تتخذها مصر دفاعاً عن أمنها القومي، والذي هو جزء أساسي من الأمن القومي العربي.
20- الطلب من الأمانة العامة التحرك والتنسيق مع المنظمات والمؤسسات الدولية والوطنية لإغاثة عشرات آلاف الأطفال الفلسطينيين من الذين قُتل آباؤهم وبُترت أطرافهم؛ نتيجة العدوان الإسرائيلي الوحشي على قطاع غزة، بما يشمل إقامة الفعاليات وجمع التبرعات بالطرق المناسبة للإغاثة العاجلة لهؤلاء الأطفال.
21- تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على أساس أن ذلك مسؤولية أممية يجب الوفاء بها، ورفض حملات التحريض الإسرائيلية الممنهجة ضدها بهدف تقويض دورها، ودعوة جميع الدول التي قررت تجميد تمويلها للوكالة لإعادة النظر في قرارها، وفي هذا السياق، التنويه بقرارات بعض تلك الدول إعادة تمويل الوكالة، والتحذير من أن وقف عمليات الوكالة في قطاع غزة سيحرم أكثر من مليوني فلسطيني من الخدمات اللازمة لاستمرار الحياة.
22- الطلب من مجالس السفراء العرب وبعثات الجامعة بالخارج اتخاذ ما يرونه مناسباً لإبلاغ مضمون هذا القرار إلى الدول والمنظمات المعتمدين لديها.
23- الطلب من الأمين العام متابعة تنفيذ هذا القرار وتقديم تقرير بذلك إلى الدورة القادمة لمجلس الجامعة.
المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: القوة القائمة بالاحتلال جریمة الإبادة الجماعیة الاحتلال الإسرائیلی الأمن القومی العربی محکمة العدل الدولیة جامعة الدول العربیة ضد الشعب الفلسطینی الأمم المتحدة فی قطاع غزة مجلس الأمن
إقرأ أيضاً:
الاستيطان الرعوي أداة إسرائيل لسرقة أراضي الفلسطينيين
سياسة إسرائيلية تتبنى منهج دعم وتسليح مليشيات المستوطنين بهدف تمكينهم من إقامة بؤر استيطانية رعوية عبر إطلاق قطعان مواشيهم في الأراضي الفلسطينية تمهيدا للسيطرة عليها وضمها لاحقا إلى المستوطنات القائمة.
وتعتبر هذه البؤر أداة إستراتيجية تستخدمها سلطات الاحتلال بمختلف مؤسساتها وأذرعها الأمنية والمدنية لتنفيذ مخطط التوسع الاستيطاني، وتعد البؤر الرعوية من أكثر أدوات الاستيطان فتكا وفعالية على الأرض.
وبحسب ما صرح به رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فقد بلغ عدد المستوطنين في الضفة الغربية نهاية عام 2024 نحو 770 ألف مستوطن، موزعين على 180 مستوطنة و256 بؤرة استعمارية، من ضمنها 136 بؤرة رعوية زراعية.
وتغطي هذه البؤر وحدها أكثر من 480 ألف دونم من الأراضي، أغلبيتها في مناطق الأغوار والسفوح الشرقية، وهو ما يمثل 3 أضعاف المساحات المبنية ضمن المستوطنات القائمة.
نشأة الاستيطان الرعويبدأت ظاهرة الاستيطان الرعوي في أعقاب احتلال إسرائيل الضفة الغربية والقدس عام 1967 عندما شرعت عصابات المستوطنين في الاستيلاء على أراضي الفلسطينيين وتحويلها إلى مراعٍ لمواشيهم.
ومع مرور الوقت تطورت هذه الممارسات من مبادرات فردية إلى سياسة ممنهجة، وبلغت ذروتها منتصف ثمانينيات القرن الـ20، وأنشئت أول بؤرة استيطانية رعوية عام 1984 على أراضي مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، وبلغ عدد سكانها في حينه نحو 850 مستوطنا.
ومنذ ذلك الوقت أخذ هذا النمط من الاستيطان في التوسع بشكل متسارع، وأصبح وسيلة رئيسية لسرقة المزيد من الأراضي الفلسطينية، وفرض وقائع جديدة على الأرض، وخلق بيئة طاردة للفلسطينيين تدفعهم إلى ترك أراضيهم قسرا تحت وطأة التهديد والعنف المستمر.
أنماط البؤر الرعويةتنقسم البؤر الاستيطانية الرعوية إلى 3 أشكال رئيسية:
البؤر المركزية، وهي بؤر مستقرة يتركز نشاطها حول رعي المواشي. البؤر الفرعية، وهي بؤر تنشأ لخدمة أهداف توسعية مرتبطة بالبؤر المركزية. البؤر المؤقتة، وتقام لفترة زمنية محددة في مناطق مستهدفة، بهدف منع الفلسطينيين من الوصول إلى أراضيهم، ثم تتحول لاحقا إلى مناطق استيطانية دائمة تضم تدريجيا إلى البؤر الكبرى أو إلى المستوطنات الرسمية. إعلان آلية إقامة البؤر الرعويةتبدأ عملية إقامة البؤر الرعوية بتسلل مجموعة من المستوطنين في هيئة رعاة أغنام إلى أراضٍ فلسطينية، حيث يشرعون في الرعي دون إذن، ويستخدمون هذا النشاط للتوسع التدريجي.
ويبدأ المستوطنون بعدها بالاستيلاء على مصادر المياه والمساحات الخضراء، غالبا باستخدام العنف وبمساندة قوات الاحتلال التي تطرد المزارعين والرعاة الفلسطينيين بالقوة.
وعقب ذلك يقام على الأرض المغتصبة مساكن بدائية وحظائر للمواشي، مما يرسخ الوجود الاستيطاني ويحوله إلى أمر واقع يصعب تغييره.
ويحرص المستوطنون على اختيار مواقع تتوفر فيها المياه والأعشاب الطبيعية لضمان استدامة نشاطهم.
ومن الأساليب التي يعتمدها المستوطنون لتوسيع نفوذهم استخدام الأبقار لتحديد مناطق السيطرة، ويطلقون القطعان للرعي في أراضٍ فلسطينية، ويعتبرون كل منطقة ترعى فيها أبقارهم "أرضا خاضعة للسيطرة"، ويمنعون الفلسطينيين من دخولها أو حتى الاقتراب منها.
ولحماية هذه البؤر يتسلح المستوطنون بأسلحة نارية وبيضاء، ويستخدمون دراجات رباعية الدفع وخيولا للتنقل السريع، كما يعتمدون على الكلاب الهجومية والطائرات المسيّرة وكاميرات المراقبة لتأمين محيطهم.
ولا يكتفي المستوطنون بذلك، بل ينفذون اعتداءات منظمة لبث الرعب في صفوف الفلسطينيين تشمل مهاجمة السكان واقتحام منازلهم وقتل وإصابة الحيوانات وتخريب المحاصيل الزراعية وتدمير الممتلكات، إضافة إلى الاستيلاء على مصادر المياه ومنع الأهالي من استخدامها.
الهدف والغايةيتمثل الهدف الأساسي من وراء إنشاء البؤر الرعوية في ربط المستوطنات الإسرائيلية عبر السيطرة على مساحات شاسعة من أراضي الفلسطينيين وعزلها عن مصادرهم الطبيعية، وتقطيع أوصال البلدات الفلسطينية عن بعضها، وضرب الديموغرافيا الفلسطينية.
كما تسعى إسرائيل من وراء هذه المراعي إلى إحداث تغيير جذري وطويل الأمد في خريطة الاستيطان في الأراضي المحتلة.
وفي مارس/آذار 2025 أكدت منظمة "بتسيلم" الحقوقية أن البؤر الاستيطانية الرعوية صارت أداة محورية لانتزاع الأراضي الفلسطينية وتهجير أصحابها بفضل سهولة إنشائها وتكلفتها المتدنية.
وفي 5 أبريل/نيسان من العام ذاته كشفت منظمتا "السلام الآن" و"كرم نابوت" المعنيتان برصد الاستيطان أن المستوطنين وطفوا نشاط الرعي للسيطرة على نحو 14% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، أي ما يقارب 786 ألف دونم.
ووفق التقرير ذاته، يعمد المستوطنون إلى استخدام الرعي لتكريس وجودهم في الأراضي الزراعية الفلسطينية، مستندين إلى التخويف والعنف لحرمان الفلسطينيين من الوصول إلى حقولهم تمهيدا لتهجيرهم.
الجهات الداعمة للاستيطان الرعوي الإسرائيليتقف جهات عدة خلف مشروع البؤر الاستيطانية الرعوية في الضفة الغربية، وتلعب أدوارا متكاملة في تمويله وتنفيذه وحمايته:
حركة "أمانا"تعد "أمانا" المحرك الأساسي للاستيطان الرعوي، إذ تشجع المستوطنين عليه وتوفر لهم الدعم.
ووفقا لسكرتيرها زئيف حفير، فإن هذا النوع من الاستيطان أكثر فاعلية من البناء التقليدي، وقد ضاعف المساحات التي سيطرت عليها إسرائيل في فترة قصيرة.
جماعة "فتيان التلال"تنفذ هذه الجماعة المتطرفة اعتداءات ميدانية على الفلسطينيين لطردهم من أراضيهم، وتتنقل بقطعانها بين المناطق لإقامة بؤر جديدة بالقوة.
إعلان الصندوق القومي اليهوديأحد أبرز ممولي هذا المشروع، إذ استثمر فيه نحو 4.7 ملايين شيكل حتى نهاية 2024.
الحكومة الإسرائيليةتقدم الحكومة الإسرائيلية دعما مباشرا وممنهجا للبؤر الاستيطانية الرعوية عبر مسارات عدة، أبرزها:
التمويل الزراعي: تمول وزارة الزراعة هذه البؤر تحت بند "منح المراعي"، وقد بلغ حجم الدعم نحو 3 ملايين شيكل بين عامي 2017 ونهاية 2024. الدعم الأمني: تخصص الحكومة سنويا نحو 54 مليون شيكل لتعزيز الحماية الأمنية للمستوطنين العاملين في هذه البؤر. تخصيص الأراضي: تُمنح مساحات واسعة من الأراضي للفئات الاستيطانية الرعوية عبر "لواء الاستيطان". الدعم التحفيزي: تُقدَم منح مالية بملايين الشواكل سنويا للمتطوعين العاملين في هذه البؤر لتشجيع الاستيطان الرعوي. المشاريع التنموية: تعمل الحكومة على تطوير مشاريع خاصة لسكان البؤر، إلى جانب تقديم قروض غير محددة القيمة لتمويل هذه المشاريع وتعزيز استقرارهم في المنطقة. التوزيع والانتشارمنذ عام 1984 وحتى عام 2012 بلغ عدد البؤر الاستيطانية نحو 18 بؤرة رعوية، وبعد ذلك شهدت الفترة الممتدة بين عامي 2017 و2021 إقامة نحو 35 بؤرة إضافية.
ومع اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023 تسارع التوسع الاستيطاني بشكل ملحوظ، وأنشئت 70 بؤرة رعوية جديدة بين بداية العدوان وحتى نهاية مارس/آذار 2025.
وبلغ إجمالي عدد البؤر الاستيطانية الرعوية منذ عام 1984 وحتى مارس/آذار 2025 نحو 136 بؤرة، وهي مساحات تعادل 3 أضعاف المساحة المبنية للمستوطنات القائمة في الضفة الغربية والقدس، بحسب بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان.
وتنتشر هذه البؤر في المناطق الفلسطينية المحاذية للمستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية، بما في ذلك القدس، مع تركز خاص في منطقة الأغوار الممتدة من مدينة طوباس شمالا إلى مسافر يطا جنوب الخليل، إضافة إلى السفوح الشرقية للضفة الغربية، وهي مناطق تتسم بخصائص جغرافية متميزة.
وفي تقرير صدر في يناير/كانون الثاني 2024 أوضحت مؤسسة الدراسات الفلسطينية أن مدينة الخليل سجلت العدد الأعلى من البؤر الاستيطانية الرعوية بواقع 22 بؤرة، تلتها رام الله بـ21 بؤرة، ثم نابلس بـ14 بؤرة، في حين سجلت طوباس 9 بؤر وبيت لحم 8 وسلفيت 6، وأريحا وجنين 4 بؤر لكل منهما، في حين سُجلت بؤرة واحدة فقط في طولكرم.
نتائج وآثاروفي تقرير صادر عن منظمة "ييش دين" الإسرائيلية لحقوق الإنسان في مايو/أيار 2022 تحت عنوان "رعاة في مرعى غيرهم" أشارت المنظمة إلى أن البؤر الاستيطانية الرعوية باتت أداة إستراتيجية بيد إسرائيل لإحداث تحول جذري وطويل الأمد في خارطة الاستيطان بالضفة والقدس.
ورأت المنظمة أن هذه السياسة تمثل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان التي نصت عليها القوانين الدولية، إذ تؤدي إلى تهجير قسري قائم على أساس عرقي والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.
وقد خلّفت هذه البؤر آثارا كارثية على الفلسطينيين تمثلت في جوانب عدة، أبرزها:
الاستيلاء على آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية. تفكيك البنية الجغرافية الفلسطينية في الضفة والقدس، بما يعيق التواصل الجغرافي بين المدن والقرى. تعزيز التوسع الاستيطاني عبر ضم مزيد من الأراضي المحيطة بالمستوطنات القائمة. الإضرار بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين عبر الحد من إمكانية استخدام الأرض والمياه والموارد الطبيعية. الانتهاك الممنهج لحقوق الإنسان الفلسطيني عبر الطرد القسري من الأرض واستخدام القوة لمنع الأهالي من العودة إليها. تدمير القطاع الزراعي الفلسطيني، إذ تستولي البؤر على حقول المزارعين وتحولها إلى مناطق مدمرة أو غير صالحة للزراعة. حرمان الفلسطينيين من الوصول إلى مصادر المياه عبر السيطرة على الآبار والينابيع وسرقة المياه بشكل مباشر. الإضرار بالبيئة والتوازن الطبيعي في الضفة الغربية، إذ تؤدي هذه البؤر إلى تدهور الغطاء النباتي وانتشار التصحر. تهديد الأمن الغذائي الفلسطيني نتيجة تمركز البؤر في المناطق الزراعية، مما انعكس سلبا على الإنتاج الزراعي المحلي. إعلان