عُمان تتجه لاقتصاد الوقود الأحفوري والتحول لعصر الطاقة النظيفة
تاريخ النشر: 28th, July 2023 GMT
قبل انطلاق محادثات المناخ في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) في دبي في وقت لاحق من هذا العام، أصبح دور الاقتصادات المنتجة للنفط والغاز في التحول إلى الطاقة النظيفة موضع تركيز كبير.
تعد مسألة ضمان قدرة الدول، لا سيما تلك التي اعتمدت على عائدات النفط والغاز لدعم تنميتها الاقتصادية، في التحول إلى مستقبل منخفض الانبعاثات بشكل منسق أمرا ضروريا للجهود الدولية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري حتى 1.
تعد عُمان مثالا واضحا لدولة تنتج النفط والغاز، وتضع نصب أعينها رؤية حازمة للتحول بالطاقة في الداخل بما يتماشى مع التزاماتها الدولية.
الانتشار السريع لمصادر الطاقة المتجددة سيمكن عُمان من جني مكاسب من سلاسل التوريد والقيمة المضافة في الطاقة الشمسية الكهروضوئية، وطاقة الرياح بالإضافة إلى تقنيات الطاقة النظيفة الأخرى
تمثل صناعات النفط والغاز حوالي 60% من دخل الصادرات الإجمالي لعُمان. أنشطة النفط والغاز، ولا سيما توليد الكهرباء وقطاع الصناعة، مسؤولة عن غالبية الانبعاثات الحاصلة في البلاد، حيث يمثل الغاز الطبيعي وحده أكثر من 95% من توليد الكهرباء، كما يساهم الحديد والصلب والألمنيوم والبتروكيميائيات والتكرير في إجمالي الانبعاثات المحلية.
غير أن الدولة قد هيأت نفسها للتغيير، وبعزيمة تامة، وضعت الحكومة نصب أعينها على هدفها في تحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050، وقد اعتمد هذا الهدف في أواخر العام الماضي.
يعد الحد من الانبعاثات في الصناعات الرئيسة في عُمان عنصرا مهما في تحقيق الحياد الصفري في البلاد. تحقيق هذا الحياد الصفري يمثل فرصة لسلطنة عُمان في خلق قيمة اقتصادية، وتحسين القدرة التنافسية الصناعية، وجذب الاستثمارات للمساعدة في تنويع وتعزيز اقتصاد البلاد. وقد التزمت الحكومة بتكثيف حجم إنتاج الطاقة النظيفة، إذ ستلعب الطاقة المتجددة والهيدروجين المنخفض الكربون والأخضر ومشتقاته دور البطولة.
إلى جانب الوقود الأحفوري، فإن عُمان تتمتع بموارد طبيعية هائلة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وإلى حد ما الطاقة الحرارية الأرضية وطاقة المد والجزر. يمكن للتوسع الحاصل في توليد الطاقة المتجددة أن يؤدي إلى العديد من الآثار الإيجابية. وتشمل هذه الفرص إزالة الكربون عن الصناعات المحلية، وجعلها أكثر قدرة على المنافسة، إذ من المقرر أن تتمتع الأسواق الدولية بمزيد من الفرص لتجارة المنتجات الصناعية المنخفضة الانبعاثات مثل الصلب.
علاوة على ذلك، فإن الانتشار السريع لمصادر الطاقة المتجددة سيمكن عُمان من جني مكاسب من سلاسل التوريد والقيمة المضافة في الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، بالإضافة إلى تقنيات الطاقة النظيفة الأخرى مثل الهيدروجين، وأنواع الوقود الاصطناعي المنخفض الانبعاثات. ويمكن للطاقة المتجددة الإضافية أن تدعم أيضا تزويد الكهرباء في جزء من سلاسل إمداد النفط والغاز في عُمان مما يساهم في تقليل كثافة انبعاثات هذه الصناعات.
اتخذت عُمان فعليا خطوات عملية لتحقيق طموحاتها، حيث أنشأت كيانا مستقلا للإشراف على إستراتيجيتها الوطنية للهيدروجين، وهي خطوة مهمة توضح التزام الدولة في تعزيز اليقين لدى أصحاب المصلحة في الاستثمار والصناعة.
في حال تنفيذ الإستراتيجية بالكامل وفي الوقت المحدد، قد يتجاوز إنتاج الهيدروجين المتجدد فعليا حجم صادرات عُمان من الغاز الطبيعي المسال (LNG) الحالية. غير أن المهمة ستكون صعبة، إذ تتوقع عُمان أن الاستثمارات التراكمية سيتطلب منها الوصول إلى 140 مليار دولار حتى عام 2050 لتحقيق الأهداف المحددة في إستراتيجيتها، علما أن أهداف الإستراتيجية ستستخدم فقط 30% من الأراضي المخصصة للطاقة الشمسية وطاقة الرياح ذات الإمكانات العالية.
ولتقديم المساعدة في المضي قدما في هذه الإستراتيجية، عملت وزارة الطاقة والمعادن العُمانية مع وكالة الطاقة الدولية (IEA) على دراسة تفصيلية لكل من الإمكانات والتحديات في زيادة إنتاج الهيدروجين من الكهرباء المتجددة في البلاد.
إن مكانة عُمان كمصدر للوقود الأحفوري تعني أن بعض الأسس لاقتصاد الهيدروجين المتجدد موجودة بالفعل. يمكن للبنية التحتية الحالية كشبكات النقل والموانئ الصناعية وتخزين الغاز أن تستخدم بشكل مباشر أو أن يعاد توجيهها لدعم مشاريع الهيدروجين. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع القوى العاملة في سلطنة عُمان بمهارات مهمة ترتبط بالهندسة الكيميائية ودرجة الحرارة والسوائل وتوزيع ومعالجة الوقود، فضلا عن الخبرة المتعلقة بالصحة والسلامة. وتمنح هذه المهارات ميزة كبيرة لتحقيق طموحات الهيدروجين المتجددة.
تستفيد عُمان حاليا من ميزة التحرك السريع، ووفقا لأحدث تقييم عالمي أجرته وكالة الطاقة الدولية (IEA) لمشاريع الهيدروجين المعلنة، فإن عُمان في طريقها لتصبح سادس أكبر مصدر للهيدروجين على مستوى العالم بحلول عام 2030.
تعد عُمان، إلى جانب اقتصادات دول منتجة خليجية أخرى مثل الكويت وقطر والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، من بين المتسابقين الأوائل الذين يمكنهم أن يساعدوا في دعم التحول المنظم إلى اقتصاد الطاقة العالمي المنخفض الانبعاثات.
مع مضي عُمان قدما في رحلتها للتحول في مجال الطاقة، فإنها تستعد لأن تصبح لاعبا مهما في مجال الطاقة المتجددة ونموذجا للدول الأخرى. ومن خلال تسخير مواردها الطبيعية وروابطها التجارية الراسخة وسمعتها الطيبة باعتبارها مصدرا موثوقا للطاقة، تتمتع عُمان بنقطة انطلاق قوية، ليس في تأمين مستقبلها الاقتصادي والطاقة فحسب، بل ستكون أيضا مساهمة فعالة في الجهود ضد تغير المناخ.
aj-logoaj-logoaj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معناوظائف شاغرةترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+تابع الجزيرة نت على:
facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssالمصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الطاقة المتجددة الطاقة النظیفة النفط والغاز
إقرأ أيضاً:
وزير الكهرباء يستقبل سفير الجزائر بالقاهرة لبحث فرص التعاون
استقبل الدكتور محمود عصمت وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، السفير محمد سفيان براح سفير الجزائر لدى القاهرة، بمقر الوزارة بالعاصمة الإدارية، لبحث سبل دعم وتعزيز فرص التعاون والشراكة والاستثمار فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة، لاسيما مجالات تنفيذ خطوط الضغط العالي وتطوير شبكات التوزيع وإنشاء محطات المحولات، وكذا الطاقة النظيفة وتوطين صناعة المهمات اللازمة لها والاستفادة من الخبرات المصرية فى التوسع فى الطاقات المتجددة والاعتماد عليها وخفض استخدام الوقود التقليدي وتقليل الانبعاثات الكربونية.
رحب الدكتور محمود عصمت بسفير الجمهورية الجزائرية، مؤكدًا عمق العلاقات التاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين على كافة المستويات، والحرص على التوسع فى مجالات التعاون فى القطاعات المتعلقة بالكهرباء والطاقة الجديدة والمتجددة، مشيدا بالروابط العميقة التي تجمع بين الشعبين الشقيقين، والتى تعد نموذجاً مثالياً للتعاون البناء بين الدول العربية بما يعزز العمل العربي المشترك.
تطرق اللقاء الى رغبة الجانب الجزائري فى الاستعانة بالشركات المصرية لتطوير شبكة الكهرباء على صعيد تنفيذ خطوط الضغط العالي وشبكة التوزيع واقامة عدد من محطات المحولات ، ودراسة كيفية زيادة نفاذ المهمات الكهربائية المصرية إلى السوق الجزائرية، وتم استعراض رؤية وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة حول تنويع مصادر الطاقة واستراتيجية مزيج الطاقة والاعتماد على الطاقات الجديدة والمتجددة والفرص الاستثمارية المتاحة فى هذا المجال ودعم ومساندة القطاع الخاص لإقامة مشروعات الطاقة النظيفة فى إطار السياسة العامة لخفض استهلاك الوقود وتقليل الانبعاثات الكربونية، وكذلك استراتيجية العمل لتوطين صناعة المهمات الكهربائية وخاصة التى تتعلق بالطاقات الجديدة والمتجددة من الرياح والشمس.
قال الدكتور محمود عصمت أن هناك اهتمام خاص بالطاقة الكهربائية باعتبارها الركيزة الأساسية للتنمية في شتى المجالات، مشيرا إلى التوسع فى الطاقات المتجددة والاعتماد عليها لخفض استهلاك الوقود التقليدي فى إطار خطة التنمية المستدامة، موضحا أن مصر تتمتع بثراء كبير فى مصادرها الطبيعية والتي تشمل بشكل أساسى طاقة الرياح والطاقة الشمسية، مشيرا إلى أهمية التعديلات التشريعية التى تمت لتسهيل الاستثمار في هذا المجال والتي تعكس التزام الدولة تجاه مشروعات الطاقة المتجددة والذى نتج عنه إقبال المستثمرون من القطاع الخاص الأجنبى والمحلى للدخول فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة.
من جانبه أكد السفير محمد سفيان براح على عمق العلاقات التاريخية والأخوية بين البلدين الشقيقين، موضحا أهمية مواصلة العمل علي زيادة التعاون والتنسيق لتعزيز التكامل بين البلدين في ظل العلاقات المتميزة، وكذلك التطلع إلى تعزيز سبل التعاون الثنائى فى كل المجالات وخاصة فى مجالات الكهرباء والطاقة المتجددة.