يسعى عناصر الإنقاذ في تايوان، الخميس، للوصول إلى عشرات الأشخاص المحاصرين في أنفاق طرق سريعة فيما بدأ المهندسون عملية واسعة لإصلاح الأضرار غداة أعنف زلزال تشهده الجزيرة منذ ربع قرن.
ولقي عشرة أشخاص حتفهم وأصيب نحو 1100 بجروح في الزلزال الذي ضرب الأربعاء وبلغت قوته 7,4 درجات، لكن معايير البناء الصارمة والتوعية من مخاطر الكوارث ساهمت على ما يبدو في تفادي كارثة كبرى في الجزيرة.

وأمضى العشرات من سكان هوالين التي تعرضت لأسوأ الأضرار ليلتهم خارج شققهم التي كانت لا تزال تتعرض لهزات ارتدادية، فيما بدأت عملية هندسية كبيرة لإصلاح الطرق المتضررة وتدعيم المباني المائلة.
وأظهرت مقاطع مسجلة الخميس نشرها مركز عمليات الطوارئ المركزي مروحية تقوم بطلعتين لانتشال ستة عمال مناجم علقوا في مقلع جبس بمقاطعة هوالين قرب مركز الزلزال.
وحدد عناصر الإنقاذ أماكن وجود 12 شخصاً آخرين عالقين في شبكة أنفاق قوية في المقاطعة، تنتشر في الطرق التي تعبر الجبال والهضاب الخلابة المؤدية إلى مدينة هوالين من ناحية الشمال والغرب.
وتقطعت السبل بمئات الأشخاص في فندق فخم ومركز لأنشطة الشباب قرب حديقة تاروكو الوطنية، بعد أن قُطعت الطرق المؤدية إليها جراء انزلاقات التربة.
وقال رئيس الوزراء تشين شين جين، بعد إطلاعه على العمليات في مركز الطوارئ في هوالين: «آمل أن نتمكن من استغلال الوقت اليوم للعثور على جميع الأشخاص المحاصرين والمفقودين ومساعدتهم».
وتعرضت الجزيرة لأكثر من 300 هزة ارتدادية بعد الزلزال الأول، وحذرت الحكومة السكان من خطر حدوث انزلاقات تربة أو انهيار صخور في حال خرجوا للأرياف للاحتفال بمهرجان تشينغ مينغ، وهو عيد رسمي بدأ الخميس ويستمر يومين.
وفي هذه المناسبة تزور العائلات تقليدياً مقابر الأجداد لتنظيفها وإضاءة الشموع.
وحذرت الرئيسة تساي إينغ ون في رسالة ليلاً «لا تذهبوا إلى الجبال إلا في حال الضرورة».
وبحسب أحدث بيانات المركز الوطني لإدارة الكوارث بلغت حصيلة الزلزال عشرة قتلى و1099 جريحاً.

 

أخبار ذات صلة ارتفاع عدد مصابي زلزال تايوان إلى 1011 شخصاً ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال تايوان المصدر: د ب أ

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: تايوان

إقرأ أيضاً:

هل أخفقت محاولات تشخيص الواقع العربي وتراجعاته؟

بعد الاستقلال في النصف الأول من القرن العشرين وما بعده، وما تلاها من إخفاقات وكوارث سياسية وفكرية على مختلف الأصعدة، وُلدت على السطح الكثير من النظريات والتحليلات والأفكار، لتفسير ظاهرة هذه الأزمات وفهمها. بعض هذه النظريات رجع السبب في ذلك إلى النظام الأبوي للمجتمع العربي، والبعض الآخر أرجع تخلفنا وهزائمنا المتواصلة إلى ما يعتبره بـ(جذور الاستبداد) الذي تحفل به الدولة المشرقية تاريخيًا.

وجاءت تحليلات الماركسيين أيضًا لفهم تخلفنا وتراجعنا – وهم يعتبرون أنفسهم آباء التحليل السياسي الاقتصادي – وقالوا بأن أصل بلائنا يكمن في الاقتصاد الريعي، أو النمط الآسيوي للإنتاج، وعدم وجود نظام الطبقات في المجتمع. ويقترب بعض المنظرين من هذه الأفكار بقدر ما يبتعد، لكنه يرجع هذا التخلف وأسبابه إلى طبيعة الفكر السياسي العربي التقليدي، أو العقلية القبلية، وغياب النظرية السياسية العلمية، وسيطرة الطوباوية وتسلطها على الوعي العربي الإسلامي.

وهناك الكثير من أشكال هذه الأفكار التي تحلّق بنا في فضاء تحليلي وهمي لا يمت إلى الواقع بصلة، كالتي سردناها آنفًا. لكن هذه التحليلات والنظريات تلتقي في منظومة واحدة، وهي التنظير لأنفسنا من واقع غيرنا!

والإشكالية أن هذه التحليلات تفترض أننا يجب أن نخضع للتطورات الفكرية في الغرب، وهذا لا يعكس الرؤية الثاقبة لما نعانيه، وما الحلول التي تنطلق من داخل فكر هذه الأمة، وخبايا المشكلة، وطرق الخروج من هذا المأزق.

ونعتقد أن هذه الإشكالية هي التي أثمرت فكرًا مضطربًا غير متماسك من الناحية الواقعية والاستدلالية في دراسة واقعنا العربي، والمقاربة في حل إشكاليته المزمنة.

وأصبح من المستغرب، وهكذا حاول أن يفسر البعض مشكلات الدولة العربية الحديثة وضعف بنيتها المؤسسية، من خلال إرجاع مفردة الدولة إلى مصدرها المعجمي، وهو «دال»، أي «تغير». ونستنتج من ذلك سلوكًا عامًا للعرب في علاقتهم بالدولة، هو النظر إليها كتغير وليس كثبات، ويكتشف بالتالي سبب غياب مفهوم المؤسسة ووجودها معًا في ممارسة السلطة.

وهذا يعني أن تاريخ الدولة العربية لا ينبع من مراحل تكوينها الفعلي، والملابسات والسياقات الجيوسياسية والاجتماعية، الداخلية والخارجية، التي نشأت فيها، ولكن من المفردة التي ارتبطت. وهذا يعادل قولنا مثلًا إن عقل العربي غير قادر على الحفظ والتركيز لأن مصطلح الإنسان يعني عند العرب – كما يقال عادة – النسيان، أو أنه جاء من النسيان.

والدكتور محمد جابر الأنصاري، الأكاديمي البحريني، اقترب نسبيًا من بعض المقولات التي ناقشت الإشكالات السياسية عند العرب وإخفاقاتهم في جانبها السوسيولوجي، مثل الحديث عن نظرية ابن خلدون وتطبيقها في دراسة المجتمعات العربية الحديثة (ميشيل سورا - الدولة الهجمية)، وغسان سلامة الذي يرجع هذا التأزم إلى «حلول النخب الريفية محل النخب التقليدية المدنية، وما قاد إليه هذا من صراع وتنافس» (المجتمع والدولة في المشرق العربي).

ويشخّص د. محمد جابر الأنصاري، عند مناقشته إشكالات الأزمة السياسية عند العرب في كتبه وأبحاثه، بالتركيز على ما يسميه بـ«جذور الأمة المزمنة»، فيقول:

«بعد توالي التراجعات والأزمات السياسية العربية الكبرى في العقود الأخيرة، دون ظهور دلائل بيّنة – بعد – على قدرة العرب على معالجتها ووقفها بصورة ناجعة، وأصبح من غير المجدي قصر النظر إلى كل أزمة عربية بمعزل عن الأخرى، وحصرها في ظروفها الآنية والجزئية، والتعليل لحدوثها بأسباب من الانحرافات الشخصية والخطط التآمرية، وما إلى ذلك مما هو شائع في أدبيات السياسة العربية».

والحقيقة أنني أستغرب من هذه الاستنتاجات والتفسيرات والتبريرات التي طرحها الدكتور الأنصاري لواقعنا العربي في العصر الحديث، وتجاهل أخطاء الزعامات والنخب السياسية العربية التي امتلكت الفعل والقرار واتخاذه، في الوقت الذي تم تغييب الشعوب من المشاركة في هذا القرار السياسي أو ذاك، سواء عبر المؤسسات البرلمانية التي هُمّشت من الفاعلية الديمقراطية، أو غيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي كان من الممكن أن تلعب الدور الإيجابي، لو كان لها صوت مسموع، لا مقموع في المجتمع، هذا بافتراض وجود مثل هذه المؤسسات.

أما في حال غيابها، فسيكون تحميل الجذور المجتمعية والخلل السوسيولوجي (القاع) في المجتمع العربي خطأ بيّنًا يقع فيه الباحث من خلال هذا الاستنتاج. فالقرار السياسي العربي بيد هذه النخبة أو الزعامة، واختيار القرار الصائب أو «الخائب» إرادة وفعل، تستطيع وتملك البدائل للتعامل مع القضايا والإشكالات، ومقومات النهوض، وأسباب الإخفاق، وكوامن الضعف، وعوامل تحقيق التقدم والمكاسب الحضارية. ومن غير الممكن أن تختار الزعامة السياسية الاستبداد، والقهر، والتسلط، ثم تفتش عن الأخطاء من خلال تحميل الجذور التاريخية المترسبة في هذا المجتمع أسباب وإخفاقات هذه الزعامات!

وهذا ما عبّر عنه أصدق تعبير د. برهان غليون عندما طرح أسباب هذه الإخفاقات إلى الممارسة السلبية، حيث يرى أن «الدولة الحديثة – بما هي بالضرورة والمبدأ دولة تعسفية – هي التي تفسر ما يشهده المجتمع العربي من إضافة للمكتسبات العديدة التي حققها في جميع الميادين في العقود القليلة الماضية، بعد فشل مشروع التنمية باعتباره محور إعادة البناء الوطني، بما في ذلك العناصر الجديدة المكتسبة في ميدان تقنية الحكم ومفهوم أو فكرة الدولة ذاتها».

فكيف يُحمّل الدكتور الأنصاري تكويننا السياسي وتركيبتنا المجتمعية هذه الإشكالات والتراجعات، ويتناسى أن الشعوب العربية مغيبة عن هذه السياسات المقترنة بالإخفاقات المتتالية؟

مع أن «جذور الأزمة الحقيقية التي تعصف بالمجتمع العربي اليوم، كما يشير د. غليون، تكمن في نموذج الحداثة العربية نفسها، وليس هناك أمل في الخروج منها إلا بنقد هذه الحداثة المسخ وتوفير شروط تجاوزها والخروج منها. وفي مقدمة هذه الحداثة الممسوخة، مسخ الدولة الحديثة (الوطنية) بالذات، في مفهومها ومصدر قيمها، أعني عقيدة ارتباط التقدم التاريخي بالدولة، ثم بتعظيم دور الطليعة والإدارة، وتضخيم أجهزة القمع ووسائله، لدرجة أصبح فيها معدل بناء السجون والمعتقلات ومعسكرات التجميع والمراقبة ونقاط التفتيش وأجهزة المخابرات أكبر من معدل بناء المستشفيات أو المدارس أو الخدمات الاجتماعية».

فهل يجوز لنا منطقًا وعقلًا أن نتجاوز طبيعة ونتائج السياسات التي اتخذتها ومارستها بعض النخب السياسية العربية في الدولة الوطنية، والدولة التقليدية قبل ذلك، ونرمي بأسباب هذه الإخفاقات والتراجعات إلى البنى السوسيولوجية والجذور المجتمعية، والفقر السياسي العربي تاريخيًا، في خط ثابت متصل إلى حاضرنا الراهن؟ وهل هذا التفسير يشفي غليل الإنسان العربي الحائر، الذي لا حول له ولا قوة فيما يجري، وما يتموضع بالنيابة عنه من سياسات، وما يتخذ من قرارات عصفت بكل مقدرات الأمة في مصير مجهول؟

لقد استوردت الدولة التقليدية، ثم الدولة الوطنية بعد الاستقلال، النظم، والأفكار، والبرامج الغربية، وبعض هذه الدول طبقت العلمانية في جانبها القهري الاستبدادي. ولذلك «فإن الطابع القمعي للدولة العربية القائمة ليس التعبير الصريح أو المبطن عن بقايا تراث الاستبداد الشرقي الذي تجسده الدولة السلطانية، وأقل من ذلك الثمرة المباشرة لإرادة الأشخاص أو العقائد والبرامج السياسية والاجتماعية المرتبطة بمجموعات الحكم المتبدلة، إنه العكس من ذلك، التعبير عن التحول البطيء في طبيعة الدولة الحديثة ذاتها أو دولة التقدم والتحديث».

ومن هذه المنطلقات أثمرت هذه السياسة فكرًا مغايرًا لثقافة الأمة وموروثها الحضاري، ونشأ عن ذلك اضطراب سوسيولوجي بعد إقصاء المرجعية الذاتية والهوية الوطنية، وتهميش دورها في صياغة نموذجها الفكري والسياسي النابع من ذاكرتها الحضارية في مختلف الميادين .

ونتج عن ذلك فشل ذريع في البرامج والخطط في مستويات عدة. وما نشاهده من مظاهر التقدم والتنمية التي تحققت نسبيًا في بعض هذه الأقطار العربية «ما هي إلا أمور سطحية لا تمس الجوهر أو الذات الفاعلة»، وأقصد بذلك الإنسان العربي على اختلاف مستوياته الثقافية وطبقاته الاجتماعية، وذلك لأن مثل هذه التنمية وذاك التقدم هي أمور تابعة ومرتبطة بالمركز الحضاري الغربي، سواء كنا نتكلم بنيويًا أو ثقافيًا – أيديولوجيًا.

فمثقفونا يمارسون أحلام يقظة في أسر الكلمات والمفاهيم والأيديولوجيات المجردة، ما يسقطهم في مزالق الاغتراب وهوة العزلة الاجتماعية واللافاعلية، كنتيجة لكل ذلك. وطبقاتنا الاجتماعية ليس لديها وعي بكينونتها الطبقية في المقام الأول، فتمارس وظيفتها الاجتماعية عشوائيًا، وفق نمط فردي غارق في الغيبوبة الاجتماعية، تتقاذفه شتى الاتجاهات ومختلف أنواع الوعي الزائف، وكلها لا تعبر عن وعي يتمثل بحقيقتي الزمان والمكان، وبالتالي، تتحول إلى كم بشري هامشي لا أثر اجتماعياً فعلياً له.

ومن هنا يؤكد د. تركي الحمد «أن المشكلة الأساسية التي تواجه الوطن العربي هي في الفراغ والضياع الأيديولوجي السائد في التاريخ العربي المعاصر».

فإشكالية الأصالة والمعاصرة، والعروبة والإسلام، والتراث والثورة، والاستقلال والتبعية، والدين والدنيا، والدين والدولة... إلى غير ذلك من إشكالات، ما هي إلا انعكاس وتجسد للفراغ أو الضياع الأيديولوجي أو الثقافي، الذي نجد أنفسنا فيه كأمة يفترض فيها وحدة الوعي كتعبير عن وحدتها ذاتها.

هذا لا يعني إنكار أهمية وتأثير الإشكالات البنيوية التي ورثناها – أو أورثناها – خلال تاريخ طويل من القمع والاستبداد والاستعمار والاستقلال السياسي الناقص أو المشوّه. إلا أنه وفي وطننا العربي، فإن هذه الإشكالات البنيوية تحوّلت إلى تابع أو دالة الأيديولوجيا (أو الأيديولوجيات) السائدة، التي هي بدورها مجرد تعبير عن الضياع أو الفراغ الأيديولوجي الذي نعيشه.

فهذه الأيديولوجيات السائدة التي خبرناها خلال تاريخنا المعاصر، ليست إلا تعبيرًا عن الاستلاب الثقافي العام الذي يعيشه الوطن العربي، فهي أيديولوجيات بعيدة كل البعد عن نبض التاريخ العربي – الذي يشكل شخصية الأمة وذاكرتها، بغض النظر عن قبوله أو رفضه – ولا تعكس أو تعبر بأي شكل من الأشكال عن طبيعة البنى الاجتماعية والثقافية السائدة.

إذن، الإشكالية التي وقعت فيها النخب السياسية أنها استمدت أيديولوجيتها من منابع أخرى، لا صلة لها بالواقع العربي الإسلامي، وهذه الأيديولوجيات بعيدة كل البعد عن العقلية العشوائية التي عرفتها القبيلة أو العشيرة. بل إن هذه الأخيرة هُمّشت تمامًا في مرحلة سيطرة النخب السياسية المَدْلَجة بالأفكار الاشتراكية والقومية والعلمانية.

أما كيف عادت القبيلة إلى صناعة القرار والتأثير في سياسات الدول، فهذه جاءت نتيجة للصراع بين هذه النخب على السلطة والمكاسب والمناصب.

وربما تكون لنا وقفة أخرى عن هذه الإشكالية.

مقالات مشابهة

  • هل أخفقت محاولات تشخيص الواقع العربي وتراجعاته؟
  • محافظ الوادي الجديد: تم زراعة 4 مليون نخلة ونسعى للوصول إلى 5 ملايين بحلول العام المقبل
  • رئيس تايوان: مستعدون للحوار مع الصين لكننا ستواصل بناء دفاعاتنا
  • تايوان: سائق يدهس مجموعة من المارة في نيو تايبيه ويوقع قتلى وجرحى
  • السعودية تجدد رفضها القاطع لأي محاولات للتهجير القسري
  • الصين تؤكد انفتاحها للحوار مع تايوان بشروط
  • إصابة عدد من الأشخاص فى حادثين بأوسيم
  • رئيس تايوان يبدي استعداده للتباحث مع الصين بشأن الصراع حول سيادة الأرخبيل
  • رئيس تايوان: مستعدون للدخول في مفاوضات مع الصين
  • عاجل .. زلزال قوي يضرب سواحل نيوزيلندا