لا شك أنّ مقتل ميسر بن علي عبد الله الجبوري والملقب بأبو ماريا القحطاني، سوف ينعكس على وضع هيئة تحرير الشام العسكري، والتي تُسيطر على محافظة إدلب السورية، فضلًا على أنها تقود المشهد الجهادي الحالي في سوريا، بعد سقوط داعش في العام 2019.

هناك أزمات داخل هيئة تحرير الشام وانقسامات ربما تُهدد بقاء الهيئة أو على الأقل تُوثر على وجودها العسكري؛ وهو ما دفع أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، لإلقاء القبض على الرجل الثاني في الهيئة وأحد أهم المقربين له والمرشح لخلافته، أبو ماريا القحطاني، والذي بقى في السجن مدة 7 أشهر ولم يخرج منه إلا قبل 28 يوما من مقتله.

التهمة التي وجهت إلى القحطاني هي العمالة للخارج أو التعاون مع التحالف الدولي؛ هذه التهمة قد تكون تهمة فضفاضة ولكن تم تبرئة الرجل أو خرج بضغوط من سجنه، بعد أنّ نظمت عددًا من المظاهرات التي طالبت بالإفراج عنه، خرج الرجل بدعوى ثبوت براءته من التهمة ولكن تم التخلص منه قبل أقل من شهر على خروجه من السجن.

فهناك احتمالات أنه قتل من قبل رجال أبو محمد الجولاني بتهمة الخيانة، خاصة وأنّ الرجل يُزاحم الجولاني ويُنافسه على حكم المحافظة السورية وقيادة المجموعات الجهادية فيها، فضلًا عن شعبيته الجارفة، وهو ما أزعج الجولاني، وقد يكون الدافع وراء مقتله، لو ثبت ذلك.

السيناريو الثاني، أنّ تكون داعش هي مَن قتلته، وبظل احتمالًا ضعيفًا، فالتنظيم لم يُعلن مسؤوليته حتى كتابة هذه السطور، بما يُعني أنه لم يكن المدبر لهذه العملية، وهناك احتمال آخر، أنّ تكون داعش هي مَن نفذت العملية ولكن ترفض إعلان المسؤولية حتى يظل الجولاني متهمًا بمقتله، فيُعزز ذلك فرص الانقسام داخل الهيئة.

لا يوجد مستقبل لهيئة تحرير الشام ولا لتنظيم داعش داخل إدلب والمناطق المحيطة بها، صحيح هذه التنظيمات يتم دعمها دوليًا، وهناك مصالح سياسية تدفع دول بعينها لدعم هذه المجموعات المتطرفة، لكن الظروف السياسية تتغير وتتبدل، وهو ما يُوثر على قوة الهيئة والتنظيمات التي تنطوي تحت لوائها.

سقطت داعش في العام 2019 كما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في 22 مارس من هذا العام، ولكن هذا السقوط كان يُعني هزيمة محدودة للتنظيم أو لعلها هزيمة التنظيم على الأرض، بينما التنظيم ما زال يُحلق بخلاياه في بقعة جغرافية أكبر مما كان يُقيم دولته فيها في العام 2014، وهنا يبدو تقصير المجتمع الدولي.

من الأخطاء الشنيعة التي وقع فيها المجتمع الدولي وتحديدًا واشنطن أنها أنشأت تحالفًا دوليًا في العام 2014، كانت مهمته القضاء على داعش في الرقة والموصل، وهذا التحالف لم يكن معنيًا بالقضاء على باقي التنظيمات المتطرفة في باقي المحافظات السورية أو العرقية، والإعلان عن سقوط داعش قبل 5 سنوات كان بمثابة نجاح للتحالف، أو إنّ شئنا أنّ نقول إنه بمثابة تحقيق الهدف المنشود والمرتبط بالقضاء على داعش وليس هيئة تحرير الشام ولا باقي المجموعات المتطرفة.

تم القضاء على داعش جزئيًا بينما بقت جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام؛ وهذه مفارقة عجيبة تتعلق بازدواجية المواجهة التي تتبناها واشنطن، وبالتالي هذا الوضع يُسهم في انتشار جماعات العنف والتطرف؛ فهذه التنظيمات لا بد أن يتم مواجهتها بشكل منظم واستراتيجي، صحيح قد يكون بينها خلافات وصراع ومنافسة، ولكنها تدعم بعضها البعض لتحقيق مشروعها في السيطرة والتمكين.

وضع هيئة تحرير الشام الداخلي قد يصب في صالح تنظيم داعش، فالهيئة المنافس الوحيد والشرس لتنظيم داعش في سوريا، ولذلك أي ضعف يمر به التنظيم قد يصب في خانة داعش، إن لم تكن هناك خطة مواجهة منظمة ومدروسة، وهو يُوكد ما ذهبنا إليه من أن هذه التنظيمات متصلة في مصالحها ومواجهتها لا بد أن يكون وفق استراتيجية شاملة.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني جبهة النصرة داعش سوريا هیئة تحریر الشام فی العام داعش فی

إقرأ أيضاً:

مقتل 3 من عناصر الأمن العام بانفجار سيارة مفخخة في الميادين بدير الزور

قُتل عنصران من الأمن العام التابع لـ وزارة الداخلية السورية، إثر هجمات متفرقة نفذها مسلحون مجهولون استهدفت حواجز ومقرات أمنية في ريف دير الزور الشرقي.

وأفاد مصدر أمني لـ"نورث برس" بأن الهجوم الأول وقع عند حاجز البلعوم، مدخل مدينة الميادين، حيث أطلق مسلحون يستقلون دراجات نارية النار على الحاجز، ما أسفر عن مقتل العنصر في الأمن العام عبد العزيز الرفاعي.

وأضاف المصدر أن هجومًا ثانيًا استهدف حاجز الفاطسة، حيث استخدم المسلحون مسدسات كاتمة للصوت، مما أدى إلى مقتل العنصر إبراهيم الحويلي.

وأشار المصدر إلى أن هجومين آخرين استهدفا مقرًا للأمن العام في بلدة بقرص ومقرًا آخر في بلدة العشارة، وأسفرا عن أضرار مادية فقط دون وقوع إصابات بشرية.

المغرب يفتح سفارته في دمشق بعد استعادة العلاقات مع سورياسوريا تعلن عن تشكيل لجنة وطنية للعدالة الانتقالية

تأتي هذه الهجمات في ظل تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة، حيث تشهد دير الزور نشاطًا متزايدًا لخلايا مسلحة تستهدف القوات الحكومية والمجموعات الموالية لها.

يُذكر أن المنطقة شهدت في السابق هجمات مماثلة، مما يثير التساؤلات حول الإجراءات الأمنية المتبعة وقدرة الأجهزة الأمنية على التصدي لهذه التهديدات المتكررة.

تواصل السلطات التحقيق في هذه الحوادث لتحديد هوية المهاجمين ودوافعهم، وسط دعوات لتعزيز الإجراءات الأمنية وحماية العناصر الأمنية في المنطقة.

طباعة شارك الأمن العام وزارة الداخلية السورية مسلحون مجهولون ريف دير الزور حاجز البلعوم الأمن العام عبد العزيز الرفاعي بلدة العشارة

مقالات مشابهة

  • هيئة الاستثمار تشارك في المنتدى الثاني لريادة الأعمال بتجمع بريكس
  • البدري: الأمن منهار والاقتصاد في مقتل.. والدبيبة لن يسلم السلطة طوعًا
  • ماذا يعني نزع القانونية عن جبهة تحرير تيغراي؟
  • حسن إسماعيل يكتب:: تعيين كامل إدريس
  • جانين فارس بيرو المدعية العامة التي حققت حلم طفولتها في واشنطن
  • ورشة عمل حول التواصل أثناء المخاطر والمشاركة المجتمعية في بصرى الشام
  • مقتل مواطن وإصابة أخر بانفجار عبوة ناسفة في أبين
  • د.حماد عبدالله يكتب: العمل العام "والمصالح" !!
  • د. المسّاد يكتب ..ماذا لو أصرّت المناهج على جمودها؟!
  • مقتل 3 من عناصر الأمن العام بانفجار سيارة مفخخة في الميادين بدير الزور