جريدة الرؤية العمانية:
2025-08-03@04:31:39 GMT

ماذا يعني الفشل في إدارة السمعة؟!

تاريخ النشر: 6th, April 2024 GMT

ماذا يعني الفشل في إدارة السمعة؟!

 

 

د. محمد بن عوض المشيخي **

 

السمعة الحسنة هي أحمل وأفضل ما يملكه الإنسان في هذه الحياة القصيرة، بل تعد رأس المال الحقيقي لمختلف المؤسسات والأجهزة الرسمية والخاصة؛ بداية بالحكومة التي تعتبر العقل المدبر لأمور الدولة والشأن العام للمجتمع، ومرورا بالوزارات والهيئات الحكومية التي تقدم خدماتها للمواطنين، وانتهاءً بالشركات والمؤسسات الخاصة التي تعتمد بالكامل في وجودها واستمراريتها على رضا عملائها عن منتجاتها وخدماتها المختلفة؛ ذلك لكونها من تصنع الصورة الذهنية الإيجابية لتلك الأجهزة والمؤسسات.

بل هي من ترسم انطباعات ومشاعر عامة عن كل مشروع أو منجز فهذه الصورة الذهنية سوف تتشكل لتكون سمعة الحكومة التي نفذت المشروع أو المنجز.

والسمعة هي إدارة معاصرة تعمل على الجمع بين تطوير هيكلة المؤسسة من الداخل، وتفعيل قنوات الاتصال باستخدام سياسات ممنهجة سليمة لا تخالف الواقع؛ بل تساعد على تعظيم دور صناع القرار الذين هم في الميدان ويتولون دفة العمل بهدف بناء مشاعر إيجابية لدى الجمهور المستفيد من خدماتها وذلك من خلال سياسة فتح الأبواب بين الأطراف ذات العلاقة. وبشكل عام، إدارة السمعة تنفذ عبر الخطوات الآتية:

إما أن ترسم الجهة أو المؤسسة صورتها الذهنية بنفسها وتتولى إدارتها وتقديمها للجمهور عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي، وذلك من خلال مجموعة من المختصين في الإعلام والعلاقات العامة الذين يعتمدون بالدرجة الأولى على دراسة انطباعات الناس وآرائهم باستمرار؛ وبالطبع هذا هو المتبع في معظم دول العالم. وفي حالة تعذر القيام بذلك من قبل أصحاب العلاقة، سوف تبنى الصورة والانطباع العام للمؤسسة من قبل الآخرين كالخصوم- مثلًا- الذين قد يتحاملون عليها ويظلموها في حال كان أداؤها متميزًا أو جيدًا وحتى إن كان مقبولًا؛ فالسمعة الطيبة أصبحت اليوم عنوانًا بارزًا للفوز والنجاح في مختلف الميادين التي تتنافس في رحابها العقول المبدعة لتسجيل مزيد من الإنجازات في سماء التفوق والإبداع لحجز مكان متقدم بين الأمم.

ويمكن تعريف السمعة باعتبارها الانطباع العام عن الشخص أو المؤسسة، في نظر الآخرين، بينما إدارة السمعة بمعناها العام تشمل العديد من العناصر والمفاهيم؛ كالصورة الذهنية التي تراكمت في ذهن الفرد عبر مجموعة من الانطباعات؛ وكذلك هوية المؤسسة التي تشمل مختلف التصاميم والشعارات المرئية، والعلامة التجارية (Brand) والتي تظهر بها المؤسسة أمام الآخرين والتي تعني الشعار المعتمد، فيمكن هنا أن نفرق بين السمعة التي تنطلق من التجربة الحقيقية للاشخاص، بينما الصورة الذهنية المكملة والتي قد تكون مجرد توقعات ذهنية لم تنعكس عن تجارب وممارسات في الواقع الفعلي في عقول الناس.

لا شك أن بناء السمعة يحتاج إلى جهود جبارة من القائمين على المؤسسة أو الشركة وليس فقط وجود طاقم إعلامي يروج للمنتج أو الخدمة التي قد تكون غير مرضية وما دون المستوى من الجودة؛ سواء كان ذلك في الأسعار أو جودة الخدمة، كما هو الحال هنا في سلطنة عُمان أسلوب المقاطعة، والذي يتمثل في قيام المواطنين بمقاطعة شركات الاتصالات وكذلك الشركات الحكومية بين وقت وآخر؛ والتي تقدم خدمات الكهرباء والتي في واقع الأمر خسرت القلوب والعقول لكونها تبحث عن الربح فقط، ولكنها في نفس الوقت موجودة بقوة في المنصات ووسائل الإعلام من خلال الإعلانات التجارية التي لم تستقبل بالقبول الحسن من الرأي العام العُماني منذ سنوات طويلة.

ومن المُفارقات العجيبة أنَّ كبار المسؤولين في هذه الشركات يلتزموت الصمت ولا يستطيعون المواجهة والرد على امتعاض الناس وعدم رضاهم عن تلك الشركات. ولم تكن بعض الوزارات الخدمية أفضل حالًا من الشركات؛ إذ يتم تجاهل استفسارات الرأي العام المحلي وتظلماتهم من تلك الجهات الرسمية التي في الأساس وجدت لخدمة المواطنين والتعرف عن قرب على حاجاتهم الأساسية.

لا شك أنَّ إدارة السمعة تحتاج إلى تطبيق وتفعيل العديد من المعايير لكسب الزبائن ونجاح المؤسسة واستمراريتها في السوق؛ كالحوكمة المؤسسية، والمصداقية مع العملاء، وقبل ذلك كله بناء جسور الثقة بين الطرفين من خلال إنجاز العمل اليومي؛ والتسعيرة العادلة والمناسبة للبضاعة المقدمة للجمهور، فلا ينفع هنا الترويج لقيم غير دقيقة وليس مطبقة على أرض الواقع، وإن كانت مكتوبة بطريقة جذابة ومقنعة؛ مثل (رؤية المؤسسة ورسالتها وأهدافها)، ولكن عند الممارسة الفعلية نجدها عكس، ذلك فهي لا تطبق إلّا القليل من تلك الديباجات المكتوبة وتفضل مصلحتها على حساب المجتمع الذي يفترض أن يكون الرصيد الحقيقي لجميع العاملين والمكلفين بخدمة الناس.

صحيحٌ أن هناك بعض المؤسسات متميزة في إدائها، وكذلك تحقق جودة في منتجاتها وخدماتها المختلفة مع جمهورها، لكن عاجزة عن إبرازها للمجتمع، فهي تفتقد القدرة على بناء جسور التواصل وقنوات الاتصال مع عملائها، والتي يمكن تساعدها في بناء الميزة التنافسية التي لن تتحقق إلا من خلال إدارة السمعة المؤسسية التي بالفعل تحتاج إلى فريق إعلامي متخصص ينتج لها مضمون يعبر عن تلك النجاحات والإنجازات التي لم تر النور بعد.

يجب التأكيد هنا أن بناء السمعة الجيدة من أصعب الأعمال؛ فذلك يقوم على جهود جبارة ونوايا صادقة ومخلصة، لكونه يتطلب سنوات طويلة قد تمتد من خمس إلى عشر سنوات لكي يتم ترسيخ تلك المبادئ في اذهان الجمهور. وتشير الدراسات العلمية إلى أهمية السمعة في زيادة قيمة المؤسسة وتكوين الميزة التنافسية لها؛ إذ تشكل الأصول غير الملموسة المتمثلة بالسمعة الإيجابية أكثر من 80% من القيمة السوقية للمؤسسة. لكن في نفس الوقت يمكن خسارة ما تم بناؤه عبر الأعوام في ساعات معدود، وذلك بسبب قرارات غير صائبة تضُر بسمة بالمؤسسة والعاملين فيها بل وأيضًا بموقعها في السوق؛ وهنا اقتبس ما أشار إليه أحد رؤساء أمريكا المشهورين وهو بنجامين فرانكلين الذي قال "هناك حاجة إلى العديد من الأعمال الصالحة لكسب سمعة جيدة، لكن فعلًا سيئًا واحدًا يكفي لفقدانها".

وفي الختام.. نوجه دعوة عبر هذه النافذة لكل المنخرطين في الأعمال التجارية والحكومية بمختلف قطاعات العمل الخاص والعام في هذا البلد العزيز، إلى تجويد الأداء وتحسينه، وقبل ذلك دراسة الجمهور المستفيد، ثم العمل على إعادة وضع خارطة واضحة المعالم، وقائمة على منهجية جديدة تعتمد على الشفافية والصراحة وعدم التردد في إعطاء كل ذي حق حقه؛ وذلك من خلال فتح قنوات التواصل مع الجميع؛ فالسمعة الحسنة هي جواز سفر لكل مؤسسة تطمح لتحقيق النجاح وبناء الثقة المستدامة التي لا تُقدَّر بثمن فكسب القلوب عملة نادرة في هذا الزمن.

** أكاديمي وباحث مختص في الرأي العام والاتصال الجماهيري

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

إدارة نادي حسان الرياضي تعقد اجتماعًا لتقييم نشاط يونيو والعمل على تجاوز التحديات

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / زنجبار _إيهاب المرقشي إعلام النادي


عقدت إدارة نادي حسان الرياضي اجتماعًا موسعًا برئاسة الأمين العام للنادي الأستاذ علي ماطر، لمناقشة تقييم النشاط الرياضي لشهر يونيو وعلى رأسها لعبتي كرة القدم والكرة الطائرة، والعمل على وضع الحلول المناسبة لتجاوز التحديات التي تواجه النادي في مختلف الألعاب الرياضية.

وفي مستهل الاجتماع وجه ماطر رسالة شكر وامتنان نيابة عن أعضاء المجلس الإداري إلى العميد علي ناصر الذيب المعروف بأبو مشعل الكازمي مدير عام أمن محافظة أبين رئيس نادي حسان الرياضي نظير دعمه واهتمامه وتسخير كل الإمكانيات لانتشال نادي حسان الرياضي


مجدداً الأمين العام الترحيب  بأعضاء المجلس الإداري مؤكدًا أهمية اللقاء في مراجعة النشاط الرياضي خلال الشهر الماضي والتأسيس لمرحلة جديدة تُسهم في انتشال نادي حسان وإعادة وهجه التاريخي كواحد من أعرق الأندية اليمنية.

واستعرض مدرب كرة الطائرة أبرز المتطلبات الفنية واللوجستية لمزاولة نشاط اللعبة مشددًا على ضرورة توفير المستلزمات الرياضية الحديثة بما يتناسب مع مستوى اللعبة وتاريخها العريق ومؤكدًا جاهزيته لقيادة الفريق نحو العودة إلى منصات التتويج والمنافسة بقوة في البطولات المحلية.

من جانبه وجّه الأمين العام الأستاذ علي ماطر المسؤول المالي للنادي الأستاذ سالم ناجي بسرعة توفير الاحتياجات الضرورية للاعبي الكرة الطائرة مشددًا في الوقت ذاته على أهمية تحسين الوضع المعيشي للاعبين وفقًا للإمكانات المتاحة لما له من دور في رفع معنوياتهم وتحفيزهم على العطاء.

وفي السياق ذاته قدّم الكابتن حلمي مهدي مسؤول النشاط والمشرف على مهام كرة القدم – تقريرًا مفصلًا عن سير تدريبات الفريق الأول بقيادة المدرب الوطني حيدرة فضل والتي تسير بوتيرة متصاعدة استعدادًا لخوض مباريات ودية في الأيام المقبلة.

وشدد الأستاذ إيهاب فرج الأمين العام المساعد والدكتور ابومازن على ضرورة تكاتف الجهود في هذه المرحلة الصعبة مطالبًا أعضاء المجلس الإداري بمضاعفة العمل وتكثيف الدعم بهدف إعادة نادي حسان الرياضي إلى مكانته الطبيعية كواجهة رياضية بارزة لمحافظة أبين

واختُتم الاجتماع بعدد من التوصيات والمقترحات الرامية إلى تحسين الأداء العام في مختلف الألعاب الرياضية وتفعيل النشاط داخل النادي مع التأكيد على التخصص وتوزيع المهام لضمان تحقيق أفضل النتائج.

وقد حضر الاجتماع الجهاز الفني للفريق الأول لكرة القدم بقيادة المدرب الوطني الكابتن حيدرة فضل

مقالات مشابهة

  • مواطن شاب يتبرع بكليته لصديقه دون أن يخبره.. فيديو
  • حماة الوطن: دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية بالخارج مصيرها الفشل
  • إدارة الإعلام في وزارة الخارجية السورية: بناءً على توجيهات وزير الخارجية والمغتربين أسعد حسن الشيباني يزور وفد رسمي تقني جمهورية السودان لبحث عدد من القضايا المشتركة بين البلدين الشقيقين، وفي مقدمتها معالجة أوضاع الجالية السورية وتسوية مشكلاتها
  • بناء الكفاءات الوطنية في قطاع النفط.. إنهاء أولى مراحل برنامج تدريبي رائد
  • إدارة نادي حسان الرياضي تعقد اجتماعًا لتقييم نشاط يونيو والعمل على تجاوز التحديات
  • هشام نصر: مستمرون في بناء فرق الزمالك رغم الصعوبات
  • «الشارقة للفنون» تفتح باب التقديم لبرنامج «الفنان المقيم 2025 - 2026»
  • سوسان: لتبقى المؤسسات التربوية قلاع بناء وطني وانساني
  • الأرض تدور بشكل أسرع هذا الصيف.. ماذا يعني ذلك؟
  • ماذا ينتظر الأقصى فيما يسمى يوم خراب الهيكل؟