إثيوبيا تراوغ لكسب الوقت.. ماذا يحدث خلف أسوار سد النهضة ؟
تاريخ النشر: 7th, April 2024 GMT
تحظى قضية سد النهضة بأهمية كبيرة بالنسبة لمصر التي طرقت كل الأبواب على مدار السنوات الماضية لإيجاد حل دبلوماسي لهذه القضية التي تعد من أشهر القضايا التي شهدتها مصر خلال العقد الماضي.
وأصرت على أن يتم حل هذه القضية الشائكة التي تمس حياة الشعب المصري سلمياً وفقاً للاتفاقيات الدولية والقانون الدولي، ورفضت كل الإجراءات الأحادية الجانب من جانب إثيوبيا.
وذكرت حسابات إثيوبية رسمية، الجمعة، أن إعادة تنفيذ خطة انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء مصر، بدءًا من 15 أبريل الجاري وتخفيف الأحمال، في إطار استراتيجية تهدف إلى إدارة أزمة الطاقة في البلاد، والتي شهدت انقطاع التيار الكهربائي في 24 محافظة من أصل 27 محافظة، بحسب "العربية".
وقالت إن الحكومة المصرية ستستأنف خطتها لخفض الأحمال بعد توقف قصير خلال شهر رمضان وعطلة عيد الفطر، ومع توقع زيادة استهلاك الكهرباء بسبب ارتفاع درجات الحرارة في الصيف، تخطط الحكومة لتمديد فترات الانقطاع من ساعتين إلى أربع ساعات يوميًا في معظم المناطق بحلول يوليو، معربة عن أملها في أن تتعاون مصر معها لمواجهة تحديات الطاقة.
وأضافت أن سد النضهة يقدم حلاً رائداً لنقص الكهرباء في مصر، ومن المتوقع أن يُحدث السد والذي اكتمل بناؤه الآن أكثر من 95%، ويحتوي على 42 مليار متر مكعب من المياه، ثورة في توليد الطاقة في المنطقة، حسب زعمها.
وأشارت الحسابات الرسمية الإثيوبية إلى أنه ومع تجهيز خمسة من توربينات السد لإنتاج قدرة مركبة تبلغ 1950 ميغاوات من الطاقة في الأشهر المقبلة، يعد السد بمثابة بارقة أمل لتخفيف مشاكل الكهرباء في مصر بشكل كبير، ومن المقرر أن يفوق إنتاج سد أسوان في مصر، مضيفة أنه وبعد تفعيل توربيناته الستة المتبقية تدريجياً خلال الأشهر السبعة المقبلة، سيحقق السد القدرة التشغيلية الإجمالية، حيث سيولد طاقة كهربائية لا مثيل لها تبلغ 5150 ميغاوات من خلال توربيناته الثلاثة عشر.
وكانت أعلنت إثيوبيا اكتمال بناء سد النهضة بنسبة بلغت 95%، في الذكرى السنوية الـ13 لوضع حجر أساس المشروع، والذي تسبب في أزمة كبرى بين القاهرة وأديس أبابا.
وفي بيان على منصة إكس"تويتر" سابقا قالت وزارة الخارجية الإثيوبية "هذا العام الذكرى الـ13 لوضع حجر أساس لمشروع سد النهضة، والذي بدأ في الثاني من أبريل 2011.
وأضافت الخارجية الإثيوبية: "مع اكتمال 95% من بناء السد أصبح مشروعنا الرائد على وشك أن يصبح حقيقة واقعة".
وأجرت مصر والسودان وإثيوبيا عدة جولات من المفاوضات لتقليص الفجوة بينها بشأن الخلافات حول مشروع سد النهضة، آخرها بالعاصمة الإثيوبية أديس أبابا بين 17 و19 ديسمبر 2023.
ولم تسفر تلك الجولات، عن اتفاق يرضي كافة الأطراف، حيث أعلنت مصر بعد ذلك في بيان انتهاء مسار مفاوضات سد النهضة، في حين واصلت أديس أبابا أعمال البناء وملء السد، وتستعد هذا الصيف للملء السنوي الخامس.وتتمسك مصر والسودان بالتوصل أولا إلى اتفاق ملزم مع إثيوبيا بشأن ملء وتشغيل السد، ولا سيما في أوقات الجفاف، لضمان استمرار تدفق حصتيهما من مياه نهر النيل.
من جانبه كشف الدكتور عباس شراقي مفاجآت عن المزاعم الإثيوبية وبالأرقام، وقال إن عدد سكان إثيوبيا بلغ في العام الحالي 130 مليون نسمة، وإجمالي إنتاج الكهرباء حاليا يبلغ 5200 ميجاوات، 90% منها من خلال الطاقة المائية وهي: السدود، و8% من الرياح، 2% حرارية، وتأمل إثيوبيا فى زيادتها إلى 17 ألف ميغاوات خلال العشر سنوات القادمة، موضحا أن الألف ميغاوات تكفي احتياجات نحو 3,5 مليون نسمة كما هو الحال في مصر، وبذلك، وفقا للأرقام، فإن الكهرباء الإثيوبية الحالية تكفي أقل من 20 مليون نسمة، أو 40 مليون نسمة لمدة 12 ساعة يوميا.
أزمة سد النهضةوأشار "شراقي" إلى أنه طبقا للتصريحات الإثيوبية، فإن أكثر من 60 مليون إثيوبي ليس لديهم كهرباء، وتحتاج البلاد حوالي 37 ألف ميغاوات لكي تغطي احتياجات جميع السكان، وهذا يعني أن لدى إثيوبيا عجزا يصل إلى 32 ألف ميغاوات، مشيرا إلى أن سد النهضة يحتوي على توربينين، قدرة كل منهما 375 ميغاوات، وعند انتهاء بناء السد يكون لديهم 11 توربينا بقدرة 400 ميغاوات لكل توربين، وبذلك يبلغ إنتاج سد النهضة الكهربائي الإجمالي 5150 ميغاوات.
وأكد أن كفاءة السد حاليا أقل من 30% طبقا للدراسات العلمية، وبالتالي إنتاجه سوف يكون في المتوسط حوالي 1500 ميجاوات فقط، وهذا يكفي لحوالي 10 مليون نسمة لمدة 12 ساعة يوميا، وفي حالة عدم تصديرها، سوف يظل أكثر من 50 مليون إثيوبي بدون كهرباء، متسائلا: كيف يدعي المسؤولون في إثيوبيا أن كهرباء سد النهضة سوف تنتشل الشعب الإثيوبي من الظلام، والباقي منها سوف يُصدر للدول المجاورة، ويحل مشكلة تخفيف الأحمال الكهربائية في مصر.
واوضح أنه بالنظر لحالة مصر وقدرتها الانتاجية من الكهرباء، يبلغ إجمالي قدره محطات الكهرباء المصرية حوالي 50 ألف ميغاوات، موضحا أن هناك بعض المشاكل الداخلية أدت إلى ترشيد استهلاك الوقود وتوقف بعض المحطات لبعض الوقت، ما أدى لظهور الأزمة.
وذكر أن قدرة المحطة الواحدة من محطات كهرباء سيمينز في بني سويف أو البرلس أو العاصمة الإدارية الجديدة تبلغ نحو 4800 ميغاوات، وبالتالي فكل محطة تعادل في إنتاجها سد النهضة في حالة التشغيل كاملًا.
وكانت إثيوبيا قد احتفلت الأربعاء الماضي بمرور 13 عاما على بدء تنفيذ إنشاءات السد، فيما زعمت وكالة الأنباء الإثيوبية أن السد سيحل أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر لو قررت الحكومة المصرية التعاون معها.
في هذا الصدد، قال وزير الري الأسبق، الدكتور محمد نصر علام، إن إثيوبيا نجحت في فرض الأمر الواقع بمشروع سد النهضة، مضيفًا: "جميع الوسائل استخدمناها، ولم تنجح في التوصل إلى اتفاق".
وأضاف علام، أن إثيوبيا لم تكن جادة في مفاوضات سد النهضة، واستخدمتها كوسيلة لإهدار الوقت وبناء السد.
وأوضح أن مصر توجهت إلى مجلس الأمن، وذهبت للاتحاد الأفريقي، وكذلك الولايات المتحدة والبنك الدولي توسطا ورفضت إثيوبيا التوقيع على اتفاق سد النهضة
ويرى وزير الري الأسبق أن سد النهضة ليس لتوليد الكهرباء بكفائته المتدنية ولكنه ضمن مخطط للتحكم في مياه النيل الأزرق (الرافد الرئيسي لنهر النيل)، وإلغاء السد العالي؛ بدعم من قوى دولية وإقليمية لم يسمها.
ويشير علام إلى أن تكاليف السد ستكون أعلى من مقابل بيع الكهرباء، متوقعا أن تواجه أديس أبابا صعوبات في سداد أقساط قروضه.
ونوّه بأن إثيوبيا شغلت توربينتين فقط لتوليد الكهرباء بينما لم تنتهي من تركيب توربينات أخرى لصعوبات فنية وفساد داخلي.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: سد النهضة قضية سد النهضة النهضة اثيوبيا أزمة سد النهضة ألف میغاوات ملیون نسمة سد النهضة فی مصر إلى أن
إقرأ أيضاً:
غزة بين أنياب الحرب| ماذا يحدث بين ترامب ونتنياهو؟.. خبراء يجيبون
بينما يحبس العالم أنفاسه، تتصاعد العمليات البرية الإسرائيلية داخل قطاع غزة بشكل غير مسبوق، في ظل تصعيد عسكري متزامن مع صراع سياسي خفي بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأميركي دونالد ترامب.
تقسيم القطاع إلى ثلاث مناطقوعلى وقع هذا الزحف العسكري المتسارع شمالا وجنوبا، بدأت تتضح ملامح مشروع لتقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق معزولة، في محاولة لتحويله إلى جغرافيا مفككة يسهل التحكم بها لاحقا على المستويين الأمني والسياسي.
وفي هذا الصدد، قال الدكتور أيمن الرقب أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، إنه لا يوجد أي خلاف حقيقي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وكل ما يتم ترويجه في هذا السياق ليس سوى خداع إعلامي ممنهج، يهدف إلى تمرير مخططات التهجير والقتل بحق الشعب الفلسطيني.
وأضاف الرقب- خلال تصريحات لـ "صدى البلد"، أن في الواقع، الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة الوحيدة القادرة فعليا على ممارسة الضغط على الاحتلال الإسرائيلي لتنفيذ ما تريده، أما الحديث عن مواقف دولية أخرى مؤثرة فهو مجرد وهم، ومن هنا فإن الادعاء بوجود خلاف بين واشنطن وتل أبيب ليس إلا محاولة لتضليل الشعوب الفلسطينية والعربية.
وأشار الرقب، إلى أنه حتى في ما يتعلق بملف إدخال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، لا يوجد اختلاف في الموقف بين ترامب ونتنياهو، فكلاهما يسهم في تضليل الرأي العام العالمي بشأن حقيقة الأوضاع، ويعيش قطاع غزة حالة مجاعة حقيقية، والناس يموتون يوميا نتيجة نقص الغذاء والدواء والظروف الإنسانية القاسية.
وأطلقت إسرائيل عمليتها البرية تحت اسم "عربات جدعون"، وبدأت باجتياح شمالي نحو جباليا، بالتوازي مع توغلات عسكرية في محيط رفح جنوبا.
ووفقا لمصادر إسرائيلية، فإن الخطة تقوم على تقسيم القطاع إلى ثلاث مناطق منفصلة، مفصولة بممرات أمنية خاضعة لرقابة عسكرية مشددة.
ويرى المحلل الميداني محمود عليان ، أن هذه العملية "ليست حملة ردع كما تدعي إسرائيل، بل مشروع تفكيك جغرافي وسياسي"، مشيرا إلى مساع إسرائيلية لعزل شمال غزة عن الوسط والجنوب، وخلق واقع ميداني جديد يمكن إسرائيل من المشاركة في إعادة صياغة مستقبل القطاع.
تصعيد ميداني وظلال سياسيةفي جنوب القطاع، وتحديدا في منطقة رفح المحاذية للحدود المصرية، تتزايد وتيرة القصف والتهجير وهدم المنازل، مما يعكس صورة أكثر قتامة للوضع الإنساني.
وتتزامن هذه العمليات مع مؤشرات على تصعيد محتمل يمتد تأثيره إلى القاهرة، في ظل اقتراب القوات الإسرائيلية من معبر رفح، وهو ما يثير قلقا مصريا متناميا بشأن أمنها الحدودي.
ووصف الصحفي نضال كناعنة من سكاي نيوز عربية، العملية البرية بأنها "حملة سياسية ميدانية تهدف إلى تعزيز أوراق التفاوض"، موضحا أن إسرائيل تستخدم القوة العسكرية كأداة ضغط لفرض شروطها في المفاوضات المستقبلية، سواء فيما يتعلق بالأسرى، أو بمصير حركة حماس، أو بترتيبات ما بعد الحرب.
غزة تحت الإبادةفي تناقض واضح مع الرواية الإسرائيلية الرسمية التي تؤكد أن الهدف هو تحرير الأسرى ومحاربة "حماس"، يرى كثيرون أن الواقع الميداني يعكس عملية تطهير منهجية وإعادة تشكيل ديموغرافي محتمل.
من جانبه، اعتبر إبراهيم المدهون، مدير مؤسسة "فيميد" الإعلامية، أن ما يحدث في القطاع هو "إبادة ممنهجة، لا مجرد حملة عسكرية".
وقال في تصريحات له: "إسرائيل تسعى إلى تفريغ غزة من سكانها، وتدمير نسيجها المجتمعي، مستفيدة من تواطؤ دولي وصمت عربي".
وأشار المدهون إلى أن هذه الحرب لم تعد موجهة ضد حماس فقط، بل باتت تستهدف الوجود الفلسطيني برمته، في إطار رؤية تتبناها حكومة إسرائيلية يمينية متطرفة تؤمن بأن الحل لا يمر عبر التسويات، بل من خلال القوة الشاملة.
توتر خفي بين نتنياهو وترامبورغم التوقعات بتنسيق وثيق بين نتنياهو وترامب، خاصة بعد عودة الأخير إلى البيت الأبيض، إلا أن مؤشرات التوتر بدأت تظهر سريعا.
ففي حين تسعى واشنطن إلى استعادة التهدئة وتفعيل آلية دولية لإعادة إعمار غزة، يصر نتنياهو على استمرار التصعيد، غير مكترث بالضغوط الأميركية.
ويرى المدهون أن ما يحدث قد يكون بداية "تمرد دبلوماسي" من جانب نتنياهو، الذي "يسعى إلى فرض أمر واقع على الأرض، حتى لو أدى ذلك إلى خلاف مع واشنطن"، في محاولة لكسب تأييد اليمين الإسرائيلي الذي يرفض التهدئة أو التفاوض.
والجدير بالذكر، أنه مع استمرار العمليات العسكرية الإسرائيلية واقترابها من معبر رفح، تزداد المخاوف في القاهرة من تداعيات أمنية قد تدفعها إلى إعادة النظر في دورها كوسيط، وربما اتخاذ خطوات ميدانية لحماية حدودها.
في المقابل، تتصاعد الأصوات الأوروبية المطالبة بوقف فوري للعمليات العسكرية، وسط تخوف من موجات لجوء جديدة وانهيار البنية الإنسانية في قطاع غزة، في ظل تعثر فتح المعابر وتراجع قدرة المؤسسات الإغاثية على التدخل.