كتبت دوللي بشعلاني في" الديار": ليس خافياً على أحد أنّ "حلّ أزمة المهاجرين السوريين الى الجزيرة"، كان العنوان الرئيس لمحادثات الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس الذي زار لبنان أمس الاثنين ليوم واحد، وأجرى سلسلة محادثات مع المسؤولين اللبنانيين، في ظلّ غياب نظيره اللبناني. ويبدو أنّه بعد أن وصل "الموس" من هجرة النازحين السوريين الى "ذقن" قبرص، وباتت الهجرة غير الشرعية تقرع أبواب الدول الأوروبية بكلّ جدية، مع تدفّق أعداد المهاجرين غير الشرعيين اليها، تحرّك الرئيس القبرصي في اتجاه لبنان للاتفاق على وضع حدّ لهذه الهجرة عبر البحر من لبنان الى الجزيرة.


مصادر سياسية مطّلعة أكّدت أنّ الرئيس القبرصي سارع للمجيء الى لبنان، بعد أن باتت أزمة الهجرة غير الشرعية من لبنان الى بلاده تُشكّل أزمة فعلية بالنسبة لبلاده، التي لم يعد بوسعها استيعاب الأعداد الكبيرة من المهاجرين غير الشرعيين. وجرى التوافق مع كلّ من رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، على أهمية إيجاد حلّ شامل ومستدام لأزمة النازحين السوريين، وما تتركه من انعكاسات على دول المنطقة وفي مقدّمها لبنان وقبرص. كما جرى التطرّق الى ملفات عدّة منها الحرب على غزّة وفي جنوب لبنان وحلّ القضية الفلسطينية، فضلاً عن مسألة الترسيم البحري النهائي بين لبنان والجزيرة.
وإذ جرى التوافق نتيجة هذه المحادثات على أن تقوم قبرص بمسعى لدى الإتحاد الأوروبي لوضع "إطار عملي"، على غرار ما حصل بين الإتحاد وكلّ من مصر وتونس، ما من شأنه منح الحكومة اللبنانية المزيد من المساعدات الضرورية، وإعطاء النازحين السوريين حوافز للعودة الى بلدهم، أكّدت المصادر أنّه على قبرص كما اليونان، نقل امتعاضهما من أزمة الهجرة غير الشرعية الى الدول الأوروبية بالدرجة الأولى. فهذه الأخيرة التي تستقبلهم، كونها دول هجرة مصدّقة وموقّعة على اتفاقية فيينا للجوء، عليها معاملتهم وفق ما تنصّ عليه هذه الاتفاقية، بدلاً من الإكتفاء برفض عودتهم، ورمي أزمتهم على كلّ من الدول الأوروبية الأقلّ نفوذاً مثل اليونان وقبرص ودول المنطقة وعلى رأسها لبنان.
فالمشكلة الرئيسية، بحسب المصادر نفسها، ليست في لبنان الذي لم يتمكّن حتى الساعة من حلّ أزمة النازحين السوريين وإعادتهم الى بلدهم، رغم كلّ المحاولات التي قام ولا يزال يقوم بها لدى المجتمع الدولي والأوروبي، لتوضيح عدم قدرة لبنان على استيعاب أكثر من مليوني نازح على أراضيه، في ظلّ معاناته من أزمة مالية واقتصادية غير مسبوقة. غير أنّ المجتمع الدولي وكذلك الأوروبي، بدلاً من مساعدة لبنان على حلّ هذه المشكلة، أبقاها في لبنان تحت عنوان "دمج النازحين السوريين في المجتمعات المضيفة"، رغم علمه بأنّ لبنان ليس بلد لجوء، ويرفض "التوطين" في دستوره.
القبرصي الذي رفع الصوت مُعاتباً قبل زيارته الى لبنان، معلناً أنّ الجزيرة سوف تنهار جرّاء الهجرة غير الشرعية من لبنان اليها، بدا أكثر تعاوناً خلال محادثاته مع المسؤولين اللبنانيين، وفق المصادر، سيما وأنّه يعلم بأنّ أزمة النازحين السوريين عمرها أكثر من 13 عاماً، أي أنّها أزمة مزمنة، لا يُمكن حلّها في زيارة. كما أنّ المجتمع الدولي ومن ضمنه الأوروبي، لم يتحرّك فعلياً طوال السنوات الماضية لإيجاد حلّ نهائي لها يقضي بإعادة السوريين الى بلادهم وتحفيزهم على هذه العود،ة من خلال تقديم المساعدات المالية لهم في مناطقهم، أو بقبول طلبات هجرتهم في بلد ثالث.
وما يبدو إيجابياً في زيارة القبرصي، على ما لفتت المصادر، هو أنّ قبرص بدأت ترفع الصوت في الإتجاه نفسه مع لبنان، على أمل أن ترفعه اليونان أيضاً التي تعاني من أزمة الهجرة غير الشرعية أيضاً، الأمر الذي من شأنه أن يُساعد في إيصال الأزمة الفعلية الى المحافل الدولية. وقد وعد الرئيس القبرصي بأنّ بلاده ستُعلي الصوت، وستساعد لبنان على إقناع المجتمع الأوروبي والدولي بتأمين حزمة مساعدات الى لبنان جرّاء استضافة النازحين السوريين، فضلاً عن ضرورة تأمين مشاريع إنمائية في سورية، لإعادتهم سريعاً الى المناطق الآمنة في بلادهم، بعد أن باتوا يشكّلون قنبلة موقوتة بالنسبة للدول الأوروبية.

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الهجرة غیر الشرعیة النازحین السوریین الرئیس القبرصی أزمة النازحین

إقرأ أيضاً:

إرشادات أوروبية جديدة تعيد رسم معايير لجوء السوريين بعد سقوط الأسد

نشرت وكالة اللجوء التابعة للاتحاد الأوروبي (EUAA) تحديثا شاملا لإرشاداتها الخاصة بسوريا، بعد موافقة مجلس إدارة الوكالة عليه، ليشكل تقييما جديدا لاحتياجات الحماية الدولية في ضوء التطورات داخل البلاد.

ومع استئناف معظم دول الاتحاد الأوروبي مراجعة طلبات اللجوء المقدمة من السوريين، تهدف هذه الإرشادات إلى مساعدة السلطات الوطنية على تقييم تلك الطلبات بما يعزز التقارب في القرارات داخل دول الاتحاد.

ويستند التحديث الجديد إلى الإرشادات المؤقتة التي أصدرتها الوكالة في حزيران/ يونيو 2025، وإلى أحدث تقارير معلومات بلد المنشأ.



ويقدم مراجعة شاملة لاحتياجات الحماية الدولية المتغيرة نتيجة سقوط نظام المخلوع بشار الأسد، كما يدعم عملية فحص آلاف الطلبات المعلقة التي تقدم بها سوريون قبل سقوط النظام، إضافة إلى الطلبات الجديدة.

وتوضح إحدى النتائج الأساسية في إرشادات EUAA أن الفئات المرتبطة بالخدمة العسكرية، مثل المتخلفين عن التجنيد والمنشقين عن الجيش، إلى جانب المعارضين للنظام السوري السابق، لم يعودوا معرضين لخطر الاضطهاد.

في المقابل، تلفت الإرشادات إلى وجود فئات لا تزال مؤهّلة للحصول على صفة لاجئ، بينها الأشخاص ذوو التوجه الجنسي والهوية الجندرية والتعبير الجندري والخصائص الجنسية المتنوعة (SOGIESC)، إضافة إلى فئات جديدة قد تتطلب حماية دولية في سوريا ما بعد الأسد.



وتشمل هذه الفئات، وفقا للظروف الشخصية، الأشخاص المرتبطين بالحكومة السورية السابقة، وأفراد المجموعات الإثنية الدينية مثل العلويين والمسيحيين والدروز، كما تؤكد الإرشادات ضرورة الاستمرار في منح الفلسطينيين الذين توقفوا عن الاستفادة من خدمات الأونروا في سوريا صفة اللاجئ بحكم الواقع.

وتضمن المستند المحدث تقييما للوضع الأمني في سوريا، واصفا إياه بأنه "محسن لكن غير مستقر".

وتوضح الإرشادات أن العنف العشوائي ما يزال قائما، لكنه يحدث "ليس بمستوى عال" في معظم المحافظات، وتشير كذلك إلى عدم وجود خطر حقيقي لضرر جسيم في محافظة دمشق، بل إن العاصمة قد تشكل لبعض المتقدمين خيارا بديلا للحماية الداخلية.



وتراجعت طلبات اللجوء الشهرية للمواطنين السوريين بشكل كبير منذ سقوط نظام الأسد في كانون الأول/ ديسمبر 2024، إذ انخفضت من أكثر من 16 ألف طلب في تشرين الأول/ أكتوبر 2024 إلى 3,500 طلب فقط في أيلول/ سبتمبر 2025.

ومع ذلك، ما يزال السوريون يشكلون أكبر عدد من القضايا المعلقة على مستوى الدرجة الأولى داخل الاتحاد الأوروبي، حيث بلغ عدد الملفات بانتظار القرار 110,000 قضية حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2025.


مقالات مشابهة

  • الاتحاد الأوروبي يبحث خيارات لتعزيز قوى الأمن الداخلي وتخفيف العبء على الجيش اللبناني
  • دول الاتحاد الأوروبي توافق على تشدد كبير في سياسة الهجرة
  • كم يبلغ عدد اللاجئين السوريين العائدين بعد سقوط الأسد؟
  • الاتحاد الأوروبي يوافق على تشدد كبير في سياسة الهجرة
  • عاجل. دول الاتحاد الأوروبي توافق على تشدد كبير في سياسة الهجرة
  • عودة النازحين السوريين بعد عام على سقوط الأسد: الفرحة لا تُخفي مرارة الواقع
  • عن خروج آلاف النازحين السوريين في تظاهرات... هذا ما قاله الخولي
  • الهجرة الدولية: ازدياد عدد النازحين من كردفان جراء انتهاكات الدعم السريع
  • النائب الأول لرئيس الأوروبي لإعادة الإعمار يبدأ اليوم زيارة لمصر
  • إرشادات أوروبية جديدة تعيد رسم معايير لجوء السوريين بعد سقوط الأسد