منذ اللحظات الأولى لتنفيذ حركة حماس الفلسطينية هجومها على المستوطنات الإسرائيلية المتاخمة لقطاع غزة، لعبت  مواقع التواصل الاجتماعي دورا أساسيا في المعركة المستمرة منذ قرابة ستة شهور بين إسرائيل وفصائل فلسطينية مسلحة أبرزها "كتائب القسام" التابعة لحركة حماس.

وعبر تطبيق "تليغرام"، أعلنت "كتائب القسام" لأول مرة عن بداية الهجوم ضد إسرائيل أعقبته نشر فيديوهات دعائية تستعرض آثار الهجمات داخل مستوطنات غلاف غزة.

هذه المنشورات كانت بداية لانفجار موجة تفاعل هائلة بين مؤيدٍ ومعارض للعملية، ليس بين مواطني الشرق الأوسط فقط ولكن حول العالم بأسره، وخلال ساعات قليلة زاد عدد متابعي حساب "القسام" بأكثر من 50 في المئة عما كان قبل الهجوم، وفي غضون أيام زادت أعداد المتابعين إلى أضعاف ما كانت عليه.

ورغم أن مواقع التواصل الاجتماعي لعبت دورا أساسيا في نشر أبعاد الصراع وتفاصيله بين مستخدميها حول العالم بأسره، إلا أنه في حمى هذه الحرب كانت تلك المنصات هي الميدان الخصب لحرب تدفق المعلومات عن إنجازات كل طرف ووحشية وإخفاقات الجانب المعادي له، في بعض الحالات كانت تتم الاستعانة بصور مفبركة أو مشاهد قديمة أو مقتطعة من حروبٍ أخرى.

حماس.. "تليغرام" واجهة رئيسة

في 2016 عقدت شركة "ميتا" اجتماعاً مع مسؤولين إسرائيليين وفلسطينيين لمناقشة كيفية ضمان حرية التعبير بما لا يؤدي إلى التحريض على العنف، ظلّت هذه الاجتماعات متواصلة حتى 2021، حين زار مسؤولو "ميتا" فلسطين والتقوا بعددٍ من المسؤولين الحكوميين على رأسهم رئيس الوزراء السابق، محمد اشتية، إلا أن منظمات رقمية فلسطينية حافظت على اتهامها للشركة بممارسة "سياسات تقييدية" ضد الفلسطينيين.

هذا الأمر أكده تقرير لمؤسسة "BSR" الأميركية المهتمة برصد المسؤولية الاجتماعية للشركات الكبرى، حيث كشف أن "المحتوى العربي شهد إجراءات مراجعة مبالغ فيها، ما أحدث تأثيراً على قُدرة الفلسطينيين على تبادل المعلومات في ما بينهم"، كما قدم   إلى "ميتا" 21 توصية نفّذت الشركة 10 منها قبل أسابيع من وقوع هجمات أكتوبر.

ومنذ بداية العام الحالي، حُظرت الحسابات الرسمية لحركة حماس على "فيسبوك" و"إنستغرام" و"تويتر" بسبب تصنيفها كجماعة إرهابية، ما جعل الحركة تركز منشوراتها في "تيلغرام"، باعتباره تطبيق المراسلة الأقل تقييداً من باقي نظائره.

وخلال ثلاثة أيام فقط من تنفيذ هجمات أكتوبر نشرت حماس نحو ستة آلاف منشور لعرض تفاصيل العمليات في العُمق الإسرائيلي، أبرزها خطاب محمد الضيف قائد "كتائب القسام" المُلاحق إسرائيلياً منذ سنوات، الذي أعلن عبر التطبيق انطلاق عملية "طوفان الأقصى".

وفق تقرير لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية، استغلت حركة حماس حسابات أربع قتلى إسرائيليين على "فيسبوك" لبثِّ مقاطع فيديو للهجمات.

وفي 12 أكتوبر أعلنت المديرة التنفيذية لموقع "أكس" ليندا ياكارينو، حذف "مئات الحسابات التابعة لحماس" من المنصة.

ورغم أن حماس تمتلك حضوراً قليلاً على منصات التواصل الاجتماعي مقارنةً بما تملكه إسرائيل، فإنها تراهن على تعاطف عدد هائل من الفلسطينيين المنتشرين حول العالم بجانب الحركة السياسية الضخمة المؤيدة للحق الفلسطيني في ظل تآكل قُدرة أهل غزة بشكلٍ عام على استخدام مواقع التواصل، على أثر الحرب التي حوّلت أغلبهم إلى لاجئين في رفح وقطعت عنهم الإنترنت.

إسرائيل.. ملاحقات مستمرة

بعد ساعتين فقط من خطاب محمد الضيف، ردَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بمقطع فيديو قصير بثّه عبر حسابه في "إكس" و"فيسبوك"، معلناً أن إسرائيل تعيش حالة حرب.

وبجانب منصات التواصل الأخرى، أظهر الإسرائيليون اهتماماً مماثلاً بتطبيق تيلغرام. في ذات يوم وقوع الهجمات نشر الجيش الإسرائيلي عبر قناته الرسمية فيديو لغارة جوية انتقامية نفذها داخل القطاع، بعدها استعرض عدة فيديوهات لعملياته البرية ضده.

كذلك تعدّدت شهادات منظمات مؤيدة لإسرائيل نشرت العشرات من مقاطع الفيديو القصيرة التي كشفت بعض تفاصيل ما جرى خلال الهجوم على مهرجان الموسيقى ونشر شهادات المدنيين الذين نجوا من الهجوم، لاحقاً تحولت هذه الفيديوهات إلى مصدر أساسي للمعلومات حول تحديد هوية مقاتلي حماس الذين شاركوا في الاعتداءات.

وعقب بدء إسرائيل عملياتها العسكرية ضد قطاع غزة، ازدحم التطبيق بعشرات القنوات التي نقلت تدفقاً هائلاً من الفيديوهات والأخبار المنقولة من قلب مناطق الصراع، أمكن للعالم مشاهدتها بعد ثوانٍ من حدوثها.

ذات الزخم شهده تطبيق "تيك توك" المملوك لشركة صينية محل انتقاداتٍ كبيرة من الحكومة الأميركية.

وتمتلك الحكومة الإسرائيلية حساباً خاصاً على "تيك توك" تشارك عبره لقطات قتالية ومقابلات مع الجنود الإسرائيليين سعياً منها لتحسين سُمعة عملياتها القتالية عند جمهور هذا التطبيق.

ومنذ اشتعال الحرب، أظهرت إسرائيل استعداداً كبيراً لخوض هذه الجبهة الافتراضية بالتوازي مع المعارك على الأرض، ظهرت بوادرها في تمويل إعلانات لصور "عاطفية" لضحايا هجمات السابع أكتوبر الإسرائيليين؛ ومنازل متهدمة، وأطفال قتلى، وسيارات محترقة لإحداث أكبر أثر ممكن في نفوس رواد تلك المنصات وإقناعهم أن حماس لا تختلف كثيراً عن تنظيم داعش.

لم تكتفِ إسرائيل ببذل جهودٍ كبيرة لنشر روايتها إنما سعت أيضاً لمنع الفلسطينيين من نشر روايتهم أو إعاقة تمددها في أقل الأحوال. وحتى منتصف فبراير 2023 طلبت إسرائيل من مسؤولي "ميتا" و"تيك توك" إزالة ما يقرب من 8 آلاف منشور، في 94% من هذه الحالات استجابت الشركات لطلب تل أبيب. خلال الفترة اللاحقة زاد معدل هذه الطلبات بعشرات المرات، بحسب ما نشرته مجلة "فوربس".

توسّعت إسرائيل في هذه السياسة بعدما اعتقلت آلاف الفلسطينيين والمواطنين العرب الذين يعيشون داخل أراضيها في أعقاب هجمات أكتوبر، المئات منهم لم يتورطوا في أفعال جنائية تستحقُّ العقاب والملاحقة إنما حُقق معهم بسبب ما يكتبونه على مواقع التواصل الاجتماعي أو اشتراكهم في مجموعات "واتساب" تداولت أخباراً عن هجمات 7 أكتوبر.

أشهر هذه الحالات بيان الخطيب، وهي طالبة الهندسة التي فُصلت من معهد التخنيون وسُجنت ولُوحقت قضائياً بسبب منشور لها مجّدت فيه "الشكشوكة الفلسطينية" فسّره المحققون الإسرائيليون على أنه دعم للإرهاب، وكذلك الفتاة الفلسطينية عهد التميمي التي راج لها منشور تتوعّد فيه الإسرائيليون بالذبح فلُوحقت قضائياً رغم تأكيدها أن المنشور مفبرك ولم تكتبه.

مطالبات برقابة أكثر صرامة

ألقت الحرب بتحديات هائلة على منصات التواصل الاجتماعي بسبب المطالبات المتزايدة بضرورة فرض رقابة دقيقة على المحتوى الذي تنشره عشرات الآلاف من الحسابات، اتضح لاحقاً أن بعضها جرت صناعته خصيصاً لأداء مثل هذه المهمات.

إخضاع "محتوى الحرب" للرقابة مثّل تحدياً هائلاً إذا علمنا أن منصة "إكس" وحدها استقبلت 342 مليون منشور خلال الشهر الأول منذ اشتعال المعركة.

في 14 نوفمبر الماضي، أعلن موقع "إكس" إزالة قرابة 25 ألف منشور متعلق بالحرب فُبركت بالذكاء الصناعي.

أما "تيك توك" فقد أعلن أنها حتى 15 أكتوبر فقط، أنه أزال 1.5 مليون مقطع فيديو وعلّق 46 ألف بثٍّ مباشر للحرب الدائرة بسبب "انتهاك الإرشادات".

الأمر ذاته مرّت به "ميتا"؛ فعقب ثلاثة أيام من هجمات أكتوبر، أعلنت الشركة إزالة 795 ألف منشور على منصاتها، شملت هذه الإجراءات غلق حسابات فلسطينية نشطة على المنصة منها حساب الصحافي الفلسطيني معتز عزايزة الذي اشتهر ببث فيديوهات لحظة لتداعيات الغارات الإسرائيلية ضد القطاع، لاحقاً أعيد تشغيل بعض هذه الحسابات بعد إجراء عمليات مراجعة أمنية دقيقة لها، حسبما ذكرت الشركة. وحوّلت هذه التغطية المستمرة للحرب، معتز،  إلى أيقونة صحافية يتابعه عشرات الملايين حول العالم، خصوصاً أنه ينشر باللغتين العربية والإنجليزية.

بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن "ميتا" فعّلت نظاماً لمراقبة المحتوى الإلكتروني العربي وتأخرت في الإقدام على نفس الخطوة بالنسبة للمحتوى العبري بسبب "نقص في البيانات"، كما قالت، الأمر الذي عزّز انطباعاً بأن الشركة تتحيّز ضد الفلسطينيين في تلك المعركة.

ومنذ اشتعال الأزمة تزايدت شكاوى الصحافيين المؤيدين للقضية الفلسطينية بأن "ميتا" فرضت تقييدات على منشوراتهم وخفّضت كثيراً من نسبة وصول المنشورات للمتابعين، لذا شاع بين النشطاء العرب اتباع أساليب لخداع خوارزميات "ميتا" مثل كتابة الأحرف العربية بدون نقاط أو الإشارة لفلسطين برمز "البطيخ" الذي يحمل نفس ألوان علم فلسطين أو كتابة إسرائيل بشكلٍ متقطع.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التواصل الاجتماعی مواقع التواصل هجمات أکتوبر حول العالم تیک توک

إقرأ أيضاً:

ضربات أميركية بريطانية مشتركة ضد مواقع للحوثيين في اليمن

قال الجيشان الأميركي والبريطاني إنهما شنا ضربات ضد أهداف للحوثيين في اليمن الخميس في إطار جهود ردع الجماعة عن مواصلة استهداف الملاحة في البحر الأحمر، فيما أفادت وسائل إعلام تابعة للحوثيين بمقتل شخصين على الأقل.

وقالت القيادة المركزية الأميركية في بيان إن القوات الأميركية والبريطانية شنت ضربات على 13 هدفا في مناطق يسيطر عليها الحوثيون باليمن.

تحديث من القيادة المركزية الأمريكية ليوم 30 مايو/آيار

في يوم 30 مايو/آيار، بين الساعة 3:15 و 5 مساءً تقريباً (بتوقيت صنعاء), نجحت قوات القيادة المركزية الأمريكية من تدمير ثماني طائرات بدون طيار في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن وفوق البحر الأحمر.… pic.twitter.com/QeWftHBTtU

— U.S. Central Command (@CENTCOMArabic) May 30, 2024

وقالت وزارة الدفاع البريطانية في بيان مقتضب إن "القوات البريطانية شاركت في عملية مشتركة مع القوات الأميركية بهدف تقويض القدرات العسكرية للحوثيين الذين يواصلون تنفيذ هجمات على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن".

وأضاف البيان أن معلومات استخبارية "أكدت" ضلوع موقعين في منطقة الحديدة في هجمات استهدفت حركة الملاحة البحرية، مشيرا إلى أن الحوثيين استخدموا منازل في هذه المنطقة لتخزين مسيرات مفخخة والتحكم بها عن بعد.

كما استهدفت الغارات، وفقا للبيان، موقعا آخر يقع غرب الحديدة واستخدمه الحوثيون لتنفيذ هجمات بطائرات بدون طيار.

وأتى البيان البريطاني بعيد إعلان قناة "المسيرة" التلفزيونية التابعة للحوثيين سقوط قتيلين وعشرة جرحى في غارات أميركية-بريطانية استهدفت محافظة الحديدة.

وأشارت القناة إلى ضربات أخرى استهدفت العاصمة صنعاء ومناطق أخرى.

ومنذ نوفمبر، شن الحوثيون عشرات الهجمات بالصواريخ والمسيرات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يعتبرون أنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما للفلسطينيين في قطاع غزة في ظل الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وتقود واشنطن تحالفا بحريا دوليا بهدف "حماية" الملاحة البحرية في هذه المنطقة الاستراتيجية التي تمر عبرها 12 في المئة من التجارة العالمية.

ولمحاولة ردعهم، تشن القوات الأميركية والبريطانية منذ 12 يناير ضربات على مواقع للحوثيين.

وينفذ الجيش الأميركي وحده بين حين وآخر ضربات على صواريخ ومسيرات يقول إنها معدة للإطلاق.

مقالات مشابهة

  • عمرو موسى: 7 أكتوبر نسفت محاولات تصفية القضية.. وحماس حركة مقاومة
  • حزب الله وتكتيكات جديدة في حربه مع إسرائيل: عمليات نوعية ونمط قتالي جديد وزيادة هجمات بشكل لافت
  • بيان مشترك: قطر ومصر والولايات المتحدة تدعو إسرائيل وحماس لإبرام اتفاق هدنة في غزة
  •  قطر ومصر والولايات المتحدة تدعو إسرائيل وحماس لإبرام اتفاق هدنة في غزة
  • أمريكا وقطر ومصر تدعو الإحتلال الإسرائيلي وحماس لإبرام اتفاق هدنة
  • الرئيس الأمريكي يعرض خطة لوقف الحرب على غزة ويضغط على إسرائيل وحماس لقبولها
  • شاهد أول تعليق من فيفي عبده بعد الهجوم عليها بسبب فيديوهات الرقص
  • «بايدن»: إسرائيل تريد ضمان عدم قدرة حماس على تنفيذ هجوم آخر مثل 7 أكتوبر
  • ايلون ماسك يثير الجدل على ساحات التواصل الاجتماعى عقب عرض اقتراح اعادة تسمية اكس بـ"تويتر"
  • ضربات أميركية بريطانية مشتركة ضد مواقع للحوثيين في اليمن