مليون يمني يتخرجون من ميادين التدريب إلى ساحات الجهاد .. التعبئة اليمنية تكتب التاريخ
تاريخ النشر: 3rd, August 2025 GMT
في ظاهرة لافتة ونادرة الحدوث في أي بلد يعيش ظروف عدوان وحصار عالمي، تشهد اليمن تحوّلًا عميقًا في بنية المجتمع وموقعه من القضايا الكبرى، وفي مقدمتها فلسطين، من خلال انخراط غير مسبوق لأكثر من مليون مواطن يمني في الدورات القتالية ضمن مسار التعبئة العامة خلال أقل من عامين، هذه الظاهرة، التي يصفها مراقبون بأنها تعبئة شاملة بطابع شعبي، تتجاوز كونها مجرد استجابة ظرفية للحرب، لتشكل ملمحًا اجتماعيًا وسياسيًا جديدًا في البلاد.
يمانيون/ تقرير/ طارق الحمامي
التعبئة العامة .. من التدريب إلى التحول المجتمعي
منذ إعلان مسار التعبئة العامة، الذي انطلق على نحو واسع في العام 2023، تتواصل الدورات التدريبية في المحافظات الحرة، بوتيرة لم تشهد لها البلاد مثيلًا، المتدربون لا ينتمون فقط إلى فئات عمرية شابة، بل يشملون كبار السن، والطلاب، وحتى المهنيين، بما في ذلك أطباء ومهندسون ومعلمون، في مؤشر على عمق التحول الشعبي.
ولا تقتصر هذه الدورات على التدريب العسكري البحت، بل تتضمن أيضًا محاضرات فكرية وثقافية وتوعوية، تركز على القضية الفلسطينية، والاستقلال الوطني، ومواجهة الاستكبار والهيمنة الصهيوأمريكية، ما يضفي عليها طابعًا استراتيجيًا يتجاوز البعد الأمني أو الدفاعي التقليدي،
فلسطين .. الحاضر الدائم في وعي الشارع اليمني
اللافت في هذه الظاهرة هو الحضور اليومي للقضية الفلسطينية في وجدان الشارع اليمني، ليس فقط في التصريحات والشعارات، بل في الفعل والسلوك، ففي الوقت الذي تتراجع فيه قضايا الأمة في العديد من البلدان العربية إلى الهامش، تبرز فلسطين في اليمن كقضية محورية، تتصدر الشعارات في المسيرات، وتحتل مكانة ثابتة في الإعلام، وخطب الجمعة، والمناهج الثقافية، وحتى في التدريب القتالي.
وتشهد العاصمة صنعاء ومحافظات أخرى تظاهرات مليونية أسبوعيًا، تخرج تأييدًا لفلسطين، ورفضًا للسياسات الاستعمارية الغربية، وخصوصًا الأمريكية والإسرائيلية، في مشهد يعكس انسجامًا نادرًا بين القاعدة الشعبية والقيادة الثورية والسياسية .
انسجام القائد والشعب .. من الشعارات إلى ميادين الفعل
تتحدث الحشود، ويشهد الميدان، عن حالة من الانسجام والتقارب غير المسبوق بين قيادة المسيرة القرآنية المباركة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدر الدين الحوثي يحفظه الله ، والشعب، في رؤية موحدة للهوية السياسية والدينية والاجتماعية، ترتكز على العداء لإسرائيل وأمريكا، ومواجهة مشاريع الهيمنة والاستعمار، وهو ما يظهر جليًا في خطابات السيد القائد الذي يراه الشارع اليمني قائدًا ومرجعية تتطابق أقواله مع الأفعال على الأرض.
ويصف باحثون اجتماعيون هذه الحالة بأنها نموذج نادر لتوحّد السياسي والشعبي حول قضية واحدة، في وقت يعاني فيه العالم العربي من تشرذم وفقدان البوصلة.
ظاهرة شعبية جديرة بالدراسة
يرى محللون أن انخراط أكثر من مليون متدرب يمني في التعبئة القتالية، إضافة إلى استمرار الزخم الشعبي في دعم فلسطين، يشير إلى تكوّن ظاهرة سياسية واجتماعية جديدة في اليمن، تستحق القراءة والتحليل العميق.
فهي لا تمثل فقط استجابة لحرب مفروضة، بل تشكل نوعًا من إعادة تعريف الهوية اليمنية الحديثة، كهوية مقاومة، متضامنة، وفاعلة في قضايا الأمة، كما أن هذا التوجه الجماهيري لا يمكن فصله عن الاستقلال النفسي والسياسي الذي بدأ يتشكل في اليمن بفضل المسيرة المباركة والقيادة الربانية ، خارج مظلة الهيمنة الخليجية والغربية.
اليمن الجديد
قد لا يكون الحديث عن يمن جديد ضربًا من المبالغة، إذا ما استمرت هذه التعبئة الشعبية وهذا الوعي الجمعي على ذات المنوال، فبلد أنهكته الحرب والحصار لعقد كامل، يبدو اليوم وكأنه يعيد تشكيل ذاته، عبر ’’معركة كبرى’’ لا تخصه وحده، بل تخص الأمة كلها، وعلى رأسها فلسطين.
وإذا كانت الأوطان تُبنى بالإرادة، فاليمن يبدو اليوم أكثر تصميمًا على رسم ملامح سيادته، بوعي مقاوم وسلاح، وبشعب لا يزال يحتشد كل أسبوع، لا لأجل رغيف الخبز فقط، بل لأجل قضيته الكبرى.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
مها أبو الوفا رشوان.. شابة من صعيد مصر تقتحم ميادين السياسة على خطى والدها
في وقت تتجه فيه الأنظار نحو تمكين الشباب والمرأة داخل العمل العام، تبرز مها أبو الوفا رشوان كأحد الوجوه الجديدة التي تجمع بين الإرث العائلي العريق، والكفاءة المهنية العالية، والطموح السياسي الصاعد، في مشهد متجدد يعبّر عن تحوّلات حقيقية داخل المجتمع المصري.
تنتمي مها إلى واحدة من العائلات المعروفة في صعيد مصر، فهي الابنة الوسطى للواء أبو الوفا رشوان، أحد أبطال حرب أكتوبر، والرئيس السابق للسكرتارية الخاصة للرئيس الأسبق حسني مبارك، وهو ما منحها خلفية قوية عن معنى الانتماء الوطني والعمل العام من موقع المسؤولية، لكنها لم تتكئ على هذا الإرث فقط، بل اختارت أن تخط لنفسها مسارًا مختلفًا يعتمد على الاجتهاد والتعليم والعمل الميداني.
درست مها في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، وتخصصت في الإعلام – قسم التسويق والاتصال المؤسسي، ثم أكملت دراساتها بمجال إدارة الأعمال والأنثروبولوجيا، وهو ما مكّنها من تطوير نظرة عميقة ومختلفة لإدارة العلاقات المؤسسية والسلوك البشري داخل سوق العمل، خاصة في مجالات الضيافة والسياحة.
اقتحمت التسويق بخطى واثقةبدأت مسيرتها العملية في قطاع التسويق بإحدى الشركات القابضة، قبل أن تلتحق بشبكة فنادق ومنتجعات "روتانا"، حيث أثبتت نفسها كواحدة من الكفاءات الصاعدة، لتتدرج سريعًا حتى شغلت منصب مديرة التسويق الإقليمي. وفي وقت لاحق، انتقلت إلى سلسلة "ريستا" الفندقية لتقود حملاتها داخل مصر ولبنان، وتساهم في تطوير صورة العلامة التجارية وتعزيز حضورها عبر المنصات الرقمية.
لم يكن نجاح مها في القطاع السياحي عاديًا، بل حصدت عدة إشادات دولية، كان أبرزها اختيارها ضمن قائمة أفضل 100 قائد تسويق في الشرق الأوسط لعام 2023، وفقًا لتصنيف Hotelier Middle East، تقديرًا لدورها الريادي في تحويل حسابات الفنادق المصرية إلى منصات جذب إلكتروني ومجتمعي.
امتداد النجاح المهني لعالم السياسةوبالتوازي مع هذا النجاح المهني، قررت مها أن تمتد بخبراتها إلى ساحة العمل السياسي، لتضع بصمتها في مجال طالما هيمنت عليه الوجوه التقليدية، فانضمت إلى أمانة الشباب المركزية بحزب الجبهة الوطنية، كخطوة تعكس إيمانها العميق بدور الشباب في صنع القرار، وقدرتهم على صياغة واقع جديد يعبّر عن أحلام الناس، وخاصة في الصعيد.
وترى مها أن ما تعلمته من عالم التسويق – من استماع للناس، وفهم للمتغيرات، وصناعة حلول حقيقية – يمكن نقله إلى السياسة من أجل بناء خطاب جديد يتصل مباشرة بالمواطن، ويؤسس لحالة من التفاعل بين ممثلي الشعب والناس في الشارع.
رحلة مها أبو الوفا رشوان ليست مجرد قصة نجاح شخصي، بل نموذج مصري لامرأة طموحة، بدأت من التعليم والعمل، وتمددت إلى السياسة والمجتمع، لتؤكد أن التغيير يبدأ حين تمتلك القدرة على ربط المسارات المختلفة في مشروع وطني شامل.